15 مايو 2012
منذ صدور كتابها “الأزرق والهدهد- عشق في الفيسبوك” وبعد احتلاله المرتبة الأولى في مبيعات كتب الأدب ضمن معرض بيروت الدولي، والمبدعة جاهدة وهبة، مؤلّفة الكتاب والفنانة الدرامية الملحّنة التي قدّمت روائع في الغناء الرّاقي والأصيل، لا تهدأ، وتجول لبنان والعالم العربي والأوروبي لتلتقي بمحبيها وتوقّع كتابها الذي استقطب الآلاف في فترة قصيرة جداً وقيل عنه إنه يؤسس لجنس أدبي جديد سيبدأ بالظهور مع الثورة التكنولوجية والرّقمية لهذا العصر..
ميراي برق (بيروت) – بعد حفل التوقيع الأكبر والأهم في معرض بيروت لهذا العام، وقّعت المؤلفة والمطربة جاهدة وهبي رئيسة لجنة الثقافة والبرامج في مجلس المؤلفين والملحنين الّلبناني وعضو نقابة الموسيقيين المحترفين اللبنانية وجمعية الساسيم الفرنسية، كتابها في المغرب ضمن معرض الدار البيضاء للكتاب حيث نفدت جميع النسخ على مرحلتين، من ثم وقّعته في العاصمة الباريسية ضمن أمسية شعرية غنائية تمازج فيها صوتها مع قوافيها وقوافي كبار شعراء العرب والعالم لتتوجّه بعدها إلى بلجيكا حيث أحيت حفلة كاملة عن المتصوّفة رابعة العدوية مع فرقة “أسامة عبد الرسول”، من ثمّ عادت إلى لبنان لتوقّع كتابها ضمن معرض انطلياس في مدينة زحلة الكبرى حيث كرّمتها بلدية المدينة على نجاح الكتاب الباهر وعلى مسيرتها الفنية الإبداعية .. وكانت آخر محطات الكتاب في 28 و29 مارس الماضي، ضمن معرض أبوظبي الدولي للكتاب حيث وقّعت وهبه لمحبّيها كتابها وألبوماتها على مدى يومين متتاليين.
الحب عبر الفيسبوك
وحول “الأزرق والهدهد” عنوان كتابها الجديد. الذي يتحدث عن الحب عبر الفيسبوك وفي التفاصيل تتحدث الكاتبة قائلةً: الحب يحدث كما يريد هو لا كما نريد نحن.. إنه يفاجئنا من حيث لا نتوقعه لذلك ليس غريباً أن يحدث في لقاء عبر الفيسبوك كما يحدث في لقاء في قطار.. الفيسبوك وسيلة عصرية للتعارف.. ومكان شاسع ورحب لذرف دواخلنا ومشاركة آخر كأنه مرآتنا.. والحب يمكنه أن ينشأ عبره وبكثير من الشغف والمشاعر الجيّاشة خاصة وأنه يسبح في عالم افتراضي بين الخيال والواقع ويتغذى من الّلغة ومن التعبير الذي ينحو إلى أبلغه وأجمله ومن غياب المادية التي ترهق الحب في العلاقة الواقعية في كثير من الأحيان.. وهذا الحب يمكنه بالطبع أن يتطور وأن يخرج من إطاره الرّقمي الإلكتروني إلى فضاء الواقع والحياة.. لكن إذا ما استمرّ عبر الفيسبوك، لا أجد لديمومته وجوهره ركائز صلبة.
«خوابي النغم»
يذكر أن جاهدة وهبة أحيت مساء السبت 5 مايو الجاري، أمسية شعرية غنائية بعنوان “خوابي النغم” بمشاركة فرقتها الموسيقية والفنان جهاد الأندري في مدينة عالية بدعوة من اللجنة الثقافية الاجتماعية للمدينة، حيث أطربت الجمهور بباقة متنوعة من أغنياتها الخاصة وأغنيات من الطرب الأصيل وتؤكد: سأتوجه هذا الأسبوع إلى بلجيكا لاستكمال التحضيرات والتسجيلات لألبومي الجديد المتوقّع صدوره مع نهاية العام.
وتقول جاهدة: جمعية الساسيم الفرنسية، تتواجد بفاعلية على الساحة الموسيقية اللبنانية، وخلقت على مدى السنين علاقات وطيدة مع الفنانين من الموسيقيين والمبتكرين التي تمثلهم في أنحاء البلاد وجميع وسائل البث العامة سواء كان ذلك في المقاهي والنوادي الليلية، أو في الحفلات الموسيقية وفي الإذاعات والتلفزيونات وعملت على حماية حقوق المؤلفين والمبدعين وحافظت عليها قدر الإمكان وقامت بجباية الكثير من حقوقهم ومستحقاتهم، لكن بالطبع دورها كان يتأرجح من ناحية الفعالية تبعاً للمناخ السياسي والفني والاجتماعي السائد، وأستطيع القول إنه تراجع نسبياً في السنين الأخيرة جرّاء التشرذمات التي حصلت بين الفنانين وجراء غياب الدولة عملياً على الأرض في مساندة الجمعية لتحقيق كامل دورها وتنامي المحسوبيات وعامل القرصنة الذي ازدهر ليس فقط في لبنان بل في العالم العربي كلّه.
ألبوم غنائي جديد
وعن أعمالها الجديدة تصرح وهبة عن تحضير ألبوم غنائي جديد من كتابة شعراء عرب كبار من ضمنهم محمود درويش، أدونيس، أنسي الحاج، سعاد الصباح وغيرهم، وسيكون مختلفاً من ناحية الطرح والموضوع والأسلوب وتتابع: كما أن هناك تحضيرات لتسجيل عمل موسيقي إنشادي كامل حول المتصوّفة “رابعة العدوية”، كنت قد قدمته في أوروبا مع فرقة “عارفة” وهو من تأليف الموسيقي العراقي أسامة عبد الرسول.
وفي تقييمها للوضع الفني تقول جاهدة وهبي: نحن نعيش في حالة من الهستيريا الجماعية الفنية وتداخل كل الأفكار الثورية والرجعية والتحررية والسلفية وكل الموضات العصرية واللاعصرية مع بعضها البعض وأنا على يقين أننا بتنا بحاجة إلى إرساء سبل تثقيفية وتعليمية أشمل وإلى تعميم حال من التربية على الجمال والموسيقى والسعي إلى خلق وضع من الثقافة المستدامة التي قد تحمي مجتمعاتنا فتدرأ عنها خطر الإصابة بعمى الألوان الغنائية الهابطة.
هناك موجة تسود العالم العربي منذ سنين وهي موجة الغناء الاستهلاكي حيث أصبح الغناء في أغلبه سلعة تحضّر وتعدّ للبيع والإتجار وتُحمّل بكافة الممكن للحصول على أكبر عدد من المشترين، والمُشترين ليسوا بالضرورة من يشتري المنتج بقدر من هم مسوّقوه بدءا منا إلى الأهل فالمؤسسات التربوية والعامة إلى وسائل الإعلام والفضائيات ثم إلى شركات الإنتاج التي تتحكم بالذائقة الفنية اليوم خاصة تلك العنكبوتية والتي تسعى إلى سحق الشركات الصغرى من حيث تسعير الألبومات بأسعار متدنية جدا، واستقطاب أكثر المغنين شهرة عبر إغرائهم بالمال الوفير، والسيطرة على برامج إهم المهرجانات العربية والفضائيات العربية وإقحام أضخم وأغلى تقنيات التصوير والإخراج في الفيديو كليبات وذلك للتغطية على ضعف الأغنيات البنيوي.
أغنية مسلوقة
وتوضح جاهدة: مع ذلك أرى أن هناك أعمالاً فنية جميلة، وحتى فيديو كليبات ناجحة ولكن بندرة وبشكل ضبابي.. للأسف بتنا نستنسخ عن الغرب ونلجأ إلى أسهل الطرق وأسرعها لصنع أغنية، ولكن كيف ستعيش أغنية مسلوقة الطبخ؟! في حين نجد أن أغاني الزمن الجميل ما زالت حاضرة في ذاكرتنا وفي أسماعنا ودندناتنا ونسترجعها كل يوم، لأنها أغاني جيدة والأغنية الجيدة تحمل مفردات خلودها في خلاياها، وهناك طبعا حسنات لهذا العصر وهي الثورة التكنولوجية والتقدم السمعي والمرئي ولكن من سيئاته أيضاً أنه ربط الأغنية بالصورة وأصبحت المفردة أو المنظومة المشهدية لأي أغنية هي الأهم أي أن المعادل الصوري بات العامل الأبرز في نجاح الأغنية.
أما عن أعمال الفنانة جاهدة وهبة الجديدة وأهم التحضيرات للحفلات والمهرجانات المستقبلية فتجيب: هناك عمل مسرحي غنائي يجري الإعداد له مع السيدة نضال الأشقر كما لدي سفر قريب إلى تركيا وبلجيكا لتسجيل بعض الأعمال الغنائية.
القصيدة تحرضني
وحول اختيارها للقصائد بعناية فائقة ورويّة وبرؤية مثقفة، تقول: أشعر بمسؤوليته تجاه النص، وأي قصيدة جميلة تحرّضني على غنائها وتستفزني لإعطائها بعدا موسيقيا بصوتي..
ومن عادتي أن أمرض بالقصائد الجميلة ولا أشفى منها إلا عندما أغنيها.. لعلّ إحساس المسؤولية بالنص يتولّد من شغف الفنان ومن حرصه على سبغ أبعاد جديدة للمفردات.. ربما عليه أن يعامل الّلغة كآخَر مرغوب ومحبوب ومشتهى كأنثى حسناء.. إضافة إلى تلمّسه لمزاج المشهد الغنائي وتذوّقه نكهات الأدب والجمال والإبداع. وعن القضايا الكبرى التي يجب أن يغنّى لها هي التي تمسّ وجود الإنسان وإنسانيته، الجنون، العشق، الثورة، الزمن، الوطن، دمعة طفل، إننا بحاجة لطرح مثل هذه الأسئلة في الفن والأدب لنعيد التصالح مع هويتنا وذواتنا والنهوض من جديد بهذا العالم الذي تمعدنت ثقافته. ليس أجمل من أن تعبّر “أناي” الفنية عن الذات الجماعية..
وأن تكون الأغنيات منافٍ طازجة كالأوطان أن تهجس بالسلام وبالقمر ظلّا وارفاً لكل إنسان.
بساط ريح يحملني خارج زماني
تقول الممثلة والملحنة والمطربة والكاتبة جاهدة وهبة: الفن ضمائري المتّصلة والمنفصلة وأدواتي لاكتشاف نفسي.. واهتمامي بالفن بكل وجوهه عتيق فيَّ عتق وعيي وهو ميل غريزي حاد سعيدة به، كونه يوسّع أفقي ويجعلني على تماس مع كينونتي.. وهو بساط ريح يحملني خارج زماني ومكاني يسرقني إلى منفاي وينتشلني من العادي ويرفعني إلى هواء صحّي. وأتنافس مع نفسي أوّلاً وأخيراً وأسعى دائماً إلى التفوّق على ذاتي من خلال سبر واكتشاف آليات وطرق وأساليب جديدة لتقديم الأجمل الذي يمتعني قبل أن يمتع الجمهور.