محمود إسماعيل بدر (الاتحاد)
أطلق «المتحف الفلسطيني» في مدينة «بير زيت»، مؤخراً، مشروعاً وطنياً نوعياً لفت إليه أنظار العالم والمهتمين، وتمثل في «الأرشفة الرقمية» لنحو 70 ألف وثيقة، تؤرشف حياة قطاعات فلسطينية تتعرض مجموعاتها من الصور والوثائق الورقية والمخطوطات والكتب والأفلام والتسجيلات الصوتية، للتلف أو الضياع، بسبب الراهن في الداخل الفلسطيني، وجميعها توثق تاريخ الحياة والمجتمع الفلسطيني منذ بدايات القرن 19، وحتى العام 2006، بما ذلك التوثيق لشتات الفلسطينيين بعد النّكبة، وتاريخ الحركة الثقافية في العشرينيات من القرن الماضي.
في تصريحات صحفية، أوضحت مديرة المتحف الفلسطيني «عادلة العايدي» أن هذا المشروع يهدف إلى حماية الموروث التاريخي الفلسطيني، واعتماد التوثيق الرقمي أداة لمواجهة أي مخاطر أو تهديدات، قد تتعرض لها الوثائق أو القطع الأثرية المختلفة، وقالت: «إن مشروع الأرشفة الرقمية سيشارك محطات مهمة ومنسية من حياة الفلسطينيين وتاريخهم الاجتماعي والثقافي والسياسي مع كل العالم، ليصبح هذا التاريخ الشخصي والجمعي عابراً للحدود».
يعرض الأرشيف صوراً غير ملونة لأسرة فلسطينية من قرية برهام في باحات المسجد الأقصى إثر حصولها على لم شمل عام 1973، وكذلك وثائق تاريخية، مثل لفيفة ورقية لإحدى وقفيات البلدة القديمة في القدس، حررت في 20 أكتوبر 1934، كما يضم مجموعات مميزة ينفرد بأرشفتها، مثل أرشيف المصور سمعان السحار الذي يعد واحداً من أبرز المصورين قبل النكبة وبعدها، وهو يغطّي مناطق فلسطين التاريخية كافة، إضافة إلى الأردن ولبنان، ويطمح للوصول إلى أرشيفات الفلسطينيين في مراكز تجمعهم حول العالم، مثل أميركا اللاتينية.
هذا المشروع الوطني، لا يسعى لتوثيق مادة نخبوية تنتجها النخب فقط، وإنما أيضاً ممارسات الفلسطيني في حياته اليومية، ولذا ينشط في توعية الناس بأن كل مادة في أي بيت فلسطيني يمكن أن تكون جزءاً من ثقافة الشعب الفلسطيني، وأن الحفاظ عليها، يشكّل حائط صدّ ثقافياً، في مواجهة التحديات على المستويات كافة، كما يعمل على حفظ الشخصية والهوية الفلسطينية، وأن من أهم إنجازات هذه المبادرة التي يقوم بها المتحف الفلسطيني، ليس جمع الوثائق وعرضها فقط، وإنما تحويلها من مادة صماء إلى رواية ناطقة من خلال شرح محتواها وشخوصها وتاريخها.