17 نوفمبر 2008 00:59
توقع مسؤولون واقتصاديون في الإمارات والمنطقة قدرة اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي على تجاوز مرحلة الركود التي يتوقع أن يمر بها الاقتصاد العالمي نتيجة تداعيات الأزمة المالية العالمية، بالإضافة إلى مواصلة المنطقة تحقيق معدلات نمو جيدة تصل إلى 4,3% خلال العام المقبل·
وأعرب مشاركون في منتدى قادة الأعمال في دبي الذي بدأ أعماله أمس عن تفاؤلهم الحذر بمستقبل النمو في المنطقة، لافتين إلى أن المؤشرات تؤكد استمرار الطلب المحلي والإنفاق الحكومي بالرغم من تراجع أسعار النفط إلى مستويات فترة الازدهار الاقتصادي خلال العام ·2006
واعتبر المشاركون في المنتدى الذي افتتحه معالي الدكتور عمر بن سليمان محافظ مركز دبي المالي العالمي بحضور حشد من قادة الاقتصاد والأعمال في المنطقة والعالم، أن الأزمة المالية أتاحت لمنطقة مجلس التعاون لدول الخليج العربية العديد من الفرص لتعزيز دورها الاقتصادي على مستوى العالم خاصة فيما يتعلق بعمليات الاستحواذ والدمج أو فيما يتعلق بالدور الذي يمكن ان تلعبه في صياغة نظام اقتصادي عالمي جديد·
وأكد معالي الدكتور عمر بن سليمان ان مركز دبي المالي العالمي يعمل بنشاط للقيام بدور أكبر في ظل التغيرات الحاصلة في الاقتصاد العالمي من خلال تعزيز مكانته كبوابة رئيسية لتدفق رؤوس الأموال بين الاقتصادات الناشئة·
وأوضح في الكلمة التي ألقاها في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر ''نحن الآن في مرحلة تتيح توجيه تدفق رؤوس الأموال بين الأسواق الناشئة مباشرة دون وساطة المراكز المالية في الدول المتقدمة''·
وأضاف: ''تتمحور جهود مركز دبي المالي العالمي حول تطوير منصة رئيسية تتيح للشركات من دول مثل مصر والهند وأذربيجان، وعموماً من جميع أنحاء الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وجنوب آسيا، الحصول على رأس المال عبر عمليات الإدراج، أو صفقات الاستثمار في الملكية الخاصة، أو من خلال أي إداة ملائمة أخرى، دون الحاجة إلى التقيد بالقنوات التقليدية''·
وأكد الدكتور عمر بن سليمان أن الأزمة المالية الحالية تعد بداية لتحولات جديدة في الهيكلية الاقتصادية العالمية، مشيراً إلى انه خلال السنوات القليلة الماضية، حدث تغير في اتجاه تدفق رؤوس الأموال، لاسيما من الأسواق الناشئة نحو الولايات المتحدة الأميركية· فالصين والهند واليابان ودول الخليج هي الآن المصدر الأساسي لرؤوس الأموال بالنسبة للاقتصاد العالمي وذلك نظراً للفائض الكبير في حساباتها الجارية''·
وأوضح أن الأسواق الناشئة لم تعد خاضعة للتقلبات التي تشهدها الدول المتقدمة، فالإصلاحات الهيكلية وتحسين سياسات الاقتصاد الكلي ومعدلات النمو الكبيرة، أتاحت للاقتصادات الناشئة في الصين والهند ومجلس التعاون لدول الخليج العربية حماية نفسها من تداعيات الأزمة المالية في الاقتصادات الغربية·
ويعد مؤتمر ''القادة في دبي'' من أبرز الأحداث العالمية حيث يستقطب صناع القرار في قطاعات السياسة والفكر ليجتمعوا في دبي ويناقشوا أهم التحديات والفرص السياسية والاقتصادية· وإلى جانب الدكتور عمر محمد أحمد بن سليمان، تضم قائمة المتحدثين رودي جولياني، عمدة نيويورك السابق؛ وجيمس ولفينسون، الرئيس السابق للبنك الدولي؛ ومحمد البرادعي مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية والحائز على جائزة نوبل؛ وتوم بيترز، المخطط الاستراتيجي والمفكر المعروف؛ والسير وينفريد بيشوف، رئيس مجلس إدارة ''سيتي'' الذي يعد أكبر بنك في العالم·
وأوضح الدكتور عمر بن سليمان أن الأزمة المالية أتاحت لمنطقة مجلس التعاون لدول الخليج العربية العديد من الفرص لتعزيز دورها الاقتصادي على مستوى العالم· وقال : ''المجال متاح أمامنا الآن لترسيخ مكانتنا على الساحة الدولية والمشاركة في عملية صنع القرار على أعلى مستوى· ومن المرجح أن يتعاظم دور دول المنطقة في الشؤون الدولية، وخاصة في المؤسسات المالية الدولية مثل مؤسسة النقد الدولية، والبنك الدولي، وبنك التسويات الدولية، وربما في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية وغيرها''·
من جهته قال احمد عبدالكريم جلفار الرئيس التنفيذي للعمليات في شركة الإمارات للاتصالات ''اتصالات'' إنه في الوقت الذي لا يمتلك فيه احد مناعة ضد الأزمة المالية العالمية، إلا انه لا يجب التخاذل في اقتناص الفرص المتولدة عن هذه الأزمة مع التفكير بعقلانية في اتخاذ القرارات الاستثمارية·
وأوضح جلفار انه بالنسبة لشركة اتصالات التي تقوم باستثمار 11 مليار دولار ''40 مليار درهم'' في 16 دولة تعمل بها تواصل البحث عن فرص للاستحواذ والاندماج بلا خوف خاصة وان قطاع الاتصالات يعتمد في توسعاته على السيولة النقدية المتوفرة لديه·
بدوره اعتبر فادي غندور المؤسس والمدير التنفيذي لشركة أرامكس انترناشونال ان الأزمة المالية العالمية اتاحت فرصاً طيبة للاستحواذ خاصة في الأسواق الناشئة مثل الهند والصين، لافتا إلى ان أرمكس التى تعمل في مجال خدمات النقل والبريد السريع وشحن البضائع تقترب من عدة عمليات استحواذ استراتيجية في الصين أو جنوب شرق آسيا، حيث يجعل تراجع الأسعار عمليات الشراء أكثر إغراء·
واستبعد غندور أن يكون للأزمة المالية والتباطؤ الاقتصادي العالميين تأثير كبير على النمو في المنطقة الذى يرجح ان يكون في حدود 4% سنويا، خاصة أن الميزانيات تبدو جيدة، والإنفاق الحكومي والمنطقة لا يزالان مزدهرين·
وتوافق هذا الرأي مع ما ذهب اليه جون اسفكياناكيس كبير الاقتصاديين في مجموعة ساب السعودية، الذى اكد قدرة اقتصادات دول مجلس التعاون على تجاوز تداعيات الأزمة المالية ومرحلة الركود المحتملة للاقتصاد العالمي·
وتوقع اسفكياناكيس ان تواصل الاقتصادات نموها بنسبة 4,3% خلال العام ،2009 بالرغم من التحديات التي سيواجهها الاقتصاد العالمي بسبب الأزمة المالية واحتمالات الركود العميق·
من جهته، ألقى ''دافيد أولريك'' المتخصص في مجال إدارة الموارد البشرية الضوء على عدد من المسائل المتعلقة بعائدات الاستثمار من الأعمال التجارية والصفات القيادية وإدارة الموارد البشرية، وعلى عكس المتداول بأن سعر السهم في أي شركة يتأثر بالأرباح، أشار ''اولريك'' الى أن 50 بالمئة من سعر الاسهم يتأثر في إداء كل من الموظفين وطريقة القيادة والحكم والصورة التي تخلقها الشركة لنفسها·
فيما استعرض السير رانولف فينيس، والذي يعتبر من أعظم المستكشفين في العالم كيفية التغلب على الصعاب عندما تكون المخاطر كبيرة بالنسبة للشركات التجارية، مشيراً إلى أن ''المخاطرة جزء من الحياة اليومية وأن القرارات الصحيحة والتنفيذ الناجح للقرارات يعود بعوائد ايجابية كبيرة سواء على الصعيد الشخصي أو على صعيد تحقيق مكاسب مالية للآخرين، غير أن الفشل في حالة ''فينيس'' فهو يعني فقدان حياته·
إلى ذلك تحدث رئيس البنك الدولي السابق ورئيس مجلس إدارة شركة ''ولفنسون أند كومباني''، ''جيمس ولفنسون'' عن ''مسؤولية الأعمال'' وكيف يجب على الشركات أن تكون مسؤولة مجتمعياً، مشيراً إلى أن التطوير المجتمعي والاجتماعي من شأنه أن يساعد بتنمية المواهب ويكفل الاستدامة والنمو والنجاح المستمر للشركات·
أما رودولف جولياني، العمدة السابق لمدينة نيويورك، فقد أنهى اليوم الأول من منتدى قادة الأعمال بدبي بمناقشة القضايا ذات الصلة بكيفية تمكين وتعزيز دور قادة الأعمال التجارية في العالم في الأوقات المضطربة وتأثير ذلك على الربحية كما تطرق خلال حديثة للأزمة الاقتصادية التي تجتاح العالم اليوم مع التركيز على الأمن العالمي·
من جانبه قال سمير الأنصاري الرئيس التنفيذي لصندوق ''دبي انترناشيونال كابيتال'' التابع لـ''دبي القابضة'' إن الوضع المالي العالمي مرشح للمزيد من التأزم بسبب ممارسات السنوات السابقة، مشيراً إلى أن ذلك لعب دوراً كبيراً في قرار الصندوق الذي يديره الابتعاد عن الصفقات الكبرى والاحتفاظ بسيولة عالية في هذه الفترة·
وأشار الأنصاري خلال مشاركته في الجلسة النقاشية بمنتدى القادة، إلى أن ''دبي انترناشيونال كابيتال'' ما تزال تبحث عن استثمارات، لكن الأمر بات بحاجة إلى مضاعفة الجهود للعثور على فرص مناسبة والتريث في اتخاذ القرارات الاستثمارية خاصة في الولايات المتحدة واوروبا حيث يعتبر الوقت غير مناسب للاستثمار في هذه البلدان حاليا·
ووصف الأنصاري الظروف العالمية الحالية بأنها ''صعبة للغاية'' مشيراً إلى أنه كان قد استبق التطورات على هذا الصعيد منذ قرابة نهاية العام الماضي، وهو ما دفعه إلى عدم القيام بأي صفقة على صعيد الأصول الخاصة وعمليات الاستحواذ·
المصدر: دبي