13 يناير 2013 20:16
حمد الكعبي، وصفي الخشمان، سعيد هلال (أبوظبي، أم القيوين) - لم يفلح تطور الطب والعلم واتساع مدارك البشر وحملات الأمن ومحاضرات المشايخ في اختفاء مدعي السحر والشعوذة، في ضوء خلط الدين بالخرافة، والعلم بالأسطورة، وفق مراقبين.
وتتعدد مقاصد من يلجأون إلى المشعوذين والسحرة، لكنها تتراوح بين الرغبة في تغيير واقع أو الطمع في الحصول على منصب أو ثراء، أو معرفة الغيب وما يخبئه المستقبل من أحداث مفرحة أو محزنة، بحسب ما يشير ضحايا ومتخصصون.
ودأبت وزارة الداخلية، ممثلة بمديريات الشرطة، على تحذير المواطنين والمقيمين من مخاطر التعامل مع مدعي السحر والشعوذة، مدعمة موقفها بالآراء الشرعية المحرمة للسحر والتعامل به، إضافة إلى رأي القانون الذي يجرم المشعوذ ولا يحمي المغفل.
وبحسب مراقبين، فإن الشبكة العنكبوتية، البالغ عدد مشتركيها في الدولة زهاء المليون مشترك، تزدحم بمواقع تعليم السحر والشعوذة وتحميل الكتب المتخصصة بذلك، وسط مطالبات بفرض مزيد من الرقابة عليها أسوة بالمواقع الإباحية والمواقع الحاضة على كراهية الأديان وغيرها من المواقع المحظورة، معتبرين أن خطر مواقع الشعوذة لا يقل عن خطر تلك المواقع.
وأكدت الهيئة العامة لتنظيم قطاع الاتصالات أن مواقع السحر والشعوذة تقع ضمن فئات المحتوى المحظور، وبالتحديد فئة الإساءة إلى الأديان، مشيرة إلى أن حجبها من اختصاص مزودي خدمات الانترنت في الدولة، داعية في الوقت نفسه الجمهور إلى المسارعة في الإبلاغ عن أي محتوى مشبوه.
وعلى الرغم من عدم وجود إحصائيات رسمية مفصلة بأعداد قضايا الشعوذة ومستويات الضحايا علمياً واجتماعياً، إلا أن مسؤولين ومراقبين وأكاديميين اتفقوا على أن من يقصدون السحرة والمشعوذين لا ينحصرون بطبقة اجتماعية معينة أو مستوى أكاديمي محدد، فقد يكونون أغنياء أو فقراء، ذوي شهادات عليا أو أميين.
ويفسر الدكتور محمد أبو العينين الأستاذ المشارك في قسم علم الاجتماع بجامعة الإمارات العربية المتحدة لجوء كثيرين إلى السحر والشعوذة على الرغم من انتشار التعليم واضمحلال الأمية والتعمق في أمور الدين وارتفاع مستوى الدخل، فضلاً عن تحذيرات الشرطة وتطور وسائل الاتصال، بأنه نتاج “رواسب اجتماعية” كون المجتمعات العربية ما تزال تعد مجتمعات انتقالية بين مرحلتي التقليدية والحداثة، قائلاً إن “مجتمعاتنا ما تزال متأرجحة بين تقاليد الماضي ومعطيات الحاضر”.
ويستدرك الدكتور أبو العينين بقوله إن اللجوء إلى السحر لا يقتصر على المجتمعات العربية أو الشرقية فحسب، بل هو موجود في المجتمعات المتقدمة، لكن نسبته تقل كثيراً عن تلك المتوفرة في بلدان عربية أو شرقية.
ويضيف الدكتور أبو العينين أن اليأس من الحلول المنطقية يدفع الشخص إلى اللجوء إلى السحر والشعوذة؛ فحين يعجز الطب عن علاج حالة مرضية، فإن صاحبها يحاول البحث عن حلول أخرى رغم أنه يعلم خطرها وعدم صدقها، إضافة إلى دور المحيط الاجتماعي في تشجيع الشخص على اللجوء إلى هؤلاء المشعوذين، بتزيين شرورهم وإظهارهم قادرين على الشفاء أو إيجاد حلول للمشكلات التي يعانيها أي شخص.
إبطال سحر غير موجود
وتمتلئ صفحات الجرائد بقصص السحر والشعوذة، وتتداول المجالس على امتداد تراب الدولة روايات الاحتيال والمشكلات الاجتماعية والصحية والنفسية التي قد يتسبب بها السحرة والمشعوذون.
يقول المواطن (ن. ع)، أحد ضحايا المشعوذين، إنه دفع حوالي 148 ألف درهم مقابل إبطال عمل سحري، تبين فيما بعد، أنه لم يكن إلا خدعة من مشعوذة عربية الجنسية أوهمته بأن أشخاصاً عملوا له عملاً سحرياً، وأنه يعاني مشكلات بسبب هذا “العمل”.
ويروي (ن.ع) قصته قائلاً، إنه مر بظروف صعبة وشعر بضيق نفسي كبير بعد زواجه من فتاة كان يحبها، ولم يكن الطبيب النفسي خياراً له، حيث لجأ إلى بعض المشايخ “المطاوعة” ليقرأوا عليه آيات قرانية كريمة، ولكن دون فائدة، لافتاً إلى أنه كان يظن أن عيناً حاسدة أصابته.
ويضيف أنه بعد مرور أيام على حالته تلك، عرض عليه صديقه رقماً لسيدة في دولة عربية، وطلب منه الاتصال وشرح قصته للسيدة، عله يجد عندها الحل المناسب للمشكلات التي يعانيها.
ويشير (ن.ع) إلى أنه اتصل بها وشرح لها ما يشعر به من ضيق حال ونفس، لتطلب منه السيدة الانتظار لتخلو بنفسها حتى تتمكن من معرفة سبب انزعاجه وإحساسه بالضيق.
ويتابع أنه عاود الاتصال بالسيدة التي أبلغته بأن هناك أشخاصاً عملوا له سحراً ووضعوه قرب منزله، وهي الوحيدة التي تستطيع أن تكشف عن مكانه.
ويتابع أنه تكفل بإحضارها مع زوجها إلى الدولة، وحجز لهما في الفندق، ومن ثم جاءت إلى منزله للبحث عن السحر، وقامت بالحفر بالقرب من الباب الخارجي، ثم أخرجت ورقة تحتوي على طلاسم، وقالت “هذا هو العمل”، دون أن يدرك أنها غافلته بخفة يدها.
ويؤكد أنها كانت في كل مرة تماطل، وتقول إن هناك عملاً آخر مدفون في مكان ما، وتعيد الخدعة نفسها، وكان هو يدفع لها عند إخراج كل ورقة أكثر من 10 آلاف درهم، مؤكداً أن طريقتها وأسلوبها في الحديث كان مقنعاً للغاية ولم يشك للحظة أنها تخدعه.
ويلفت إلى أن المشعوذة أوقعت بينه وبين والده، بعد أن أوهمته أن أباه صاحب السحر لمنعه من الزواج بالفتاة التي يحبها، كما أنها تسببت بخلافات بينه وبين زوجته، ومشكلات مع أقاربه، فضلاً عن سوء حالته النفسية، وتكبده خسائر مالية باهظة.
ورغم اكتشافه كذبها واقتناعه باحتيالها، وأن ما مر به كان عبارة عن حالة نفسية تتطلب علاجاً، إلا أنه أحجم عن إبلاغ الأجهزة الأمنية عنها، “خشية أن تضره بسحرها”، رغم وجودها خارج الدولة حالياً.
معرفة المستقبل
وتقول المواطنة (خ. ع)، إنها انجرفت خلف الأوهام حينما عرض عليها أحد أقاربها تجربة التعامل مع المشعوذين والسحرة، وذلك من باب الفضول من أجل معرفة المستقبل وما يخبئه لهم من فرح وحزن، والبحث عن الثراء والمنصب.
وتضيف أنها بعد إلحاح وتشجيع من القريب، ذهبت إلى مشعوذة من الجنسية العربية تقطن في إحدى مناطق الدولة، وعندما جلست معها، فوجئت بأن لديها معلومات عن حياتها، متسائلة في نفسها كيف حصلت على هذه المعلومات الخاصة؟
وتشير إلى أنه في كل زيارة إلى المشعوذة كانت تدفع مبلغاً مالياً، مقابل الحصول على معلومات عن مستقبلها، مشيرة إلى أنها كانت تعدها بأنها ستحصل على مبالغ كبيرة وترقية في الوظيفة، وستتغير حياتها إلى الأفضل، ولكن هذه الأمور تحتاج إلى فترة طويلة تمتد إلى شهرين أو أكثر حتى تتحقق الرؤية، وأحياناً كانت تبلغها بأخبار محزنة.
وتقول إنها دفعت أكثر من 25 ألف درهم خلال سنوات عدة، اكتشفت بأن المشعوذة تحتال وتكذب عليها، وأنها جمعت المعلومات عن طريق صديقاتها وأقاربها الذين يزورونها، حيث أوهمتها بأنها تستطيع معرفة تفاصيل حياتها.
أوهام كاذبة
ويقول المواطن (ط. م)، إن والدته كانت تعاني ضيقاً وتعباً، وأجريت لها فحوص طبية، لم تظهر أي أعراض مرضية، وأكد الأطباء أنها مجرد حالة نفسية، ما دفعه إلى اللجوء إلى مشعوذة من الجنسية العربية لمعرفة أسباب ما تمر به والدته من حالة نفسية وصحية.
ويضيف أن المشعوذة أوهمته بأن والده وزوجته الثانية (ضرة والدته) هما وراء ما تشعر به والدته، وأنهما عملاً سحراً لها، وبدأت المشعوذة باستنزاف الأموال منه من أجل الكشف عن مكان العمل وإبطاله، لافتاً إلى أن المشعوذة كانت في كل مرة تقول إن هناك عملاً سحرياً آخر مخبأ في مكان لن تدلنا عليه إلا بعد الدفع.
وهكذا دفع (ط. م) أكثر من 35 ألف درهم نظير عمل سحري غير موجود، وعندما شعر أن المشعوذة محتالة، اتفق مع أحد أصدقائه للإيقاع بها، حيث أحضروا لها حالة تحتاج للمساعدة، وقدموا لها معلومات خاطئة عن هذه الحالة، ليكتشفوا دجل المشعوذة وكذبها. إلا أن الوالدة ما تزال مؤمنة بأن زوجها وضرتها هما وراء ما تشعر به من آلام وضيق، بحسب ما يقول (ط. م).
«الداخلية»: جرائم السحر والشعوذة لا تشكّل ظاهرة
13 قضية شعوذة في الإمارات عام 2012
أبوظبي (الاتحاد) - علمت «الاتحاد» من مصادر في وزارة الداخلية أن مديريات الشرطة في الدولة تعاملت مع 13 قضية شعوذة خلال العام الماضي 2012، إلا أن تلك المصادر لم توضح جنسيات مرتكبيها أو جنسيات ضحاياها أو مستوياتهم العلمية والاجتماعية أو أية تفاصيل بتلك الجرائم.
واكتفت «الداخلية» لدى تواصل «الاتحاد» معها رسمياً بالتأكيد على لسان العميد محمد غدير الكتبي مدير إدارة التحقيق الاتحادي في وزارة الداخلية أن جرائم السحر والشعوذة في الدولة لا تشكّل ظاهرة، معتبراً أنها دخيلة على مجتمع الإمارات. وقال العميد الكتبي إن الوزارة تتصدى لتلك الجرائم من خلال الفرق الأمنية على مستوى الدولة، ما أسهم في الحد منها، مقابل توعية أفراد المجتمع وحثهم على ضرورة إبلاغ أقرب مركز شرطة عن هؤلاء المشعوذين؛ في حال تعرضهم لمثل هذه الأعمال. وذكر أن هذا النوع من الجرائم يندرج تحت عمليات النصب والاحتيال، للاستيلاء على مال الغير، كون المتهم يقوم بهذا الجرم ابتغاء الحصول على أموال دون وجه حق للكسب السريع. ودعا المواطنين والمقيمين إلى أخذ الحيطة والحذر، وعدم الانسياق وراء هذه الأوهام الكاذبة؛ والتعاون مع الأجهزة الأمنية بعدم التردد في الإبلاغ عن المشعوذين، حاثاً إياهم على عدم الجري وراء هذه الفئة، تجنباً لمخاطرها. وعزا وجود تلك الفئة، وقيامها بأعمال السحر والشعوذة واتخاذها سبيلاً لمعيشتها، إلى ضعف أواصر الترابط الاجتماعي لديهم، مضيفاً أنها تستغل الناس وكسب ثقتهم؛ للاستيلاء على أموالهم بطريقة الخداع. وتابع: أن السحر والشعوذة والدجل لا يخفى على العاقل ما فيها من مخاطر أمنية واجتماعية، إذ يسعى بعضهم إلى الوصول إلى مبتغاه، وتحصيل مراده عن طريق السحر.
«تنظيم الاتصالات»: الشعوذة من فئة الإساءة إلى الأديان
أبوظبي (الاتحاد) - قالت الهيئة العامة لتنظيم قطاع الاتصالات في رد كتابي على استفسارات «الاتحاد» إن مواقع السحر والشعوذة تقع ضمن فئات المحتوى المحظور، وبالتحديد فئة الإساءة إلى الأديان.
وتضم قائمة فئات المحتوى المحظور المعتمدة في كل من شركتي «اتصالات» و»دو» ثلاثة عشر بنداً تتمثل في المواقع الالكترونية التي تساعد على اختراق المواقع المحظورة، والمواقع المتعلقة بتعلم المهارات الجنائية أو القمار أو القرصنة أو التجسس أو الاحتيال والنصب والإرهاب، وتلك التي تقدم خدمات المواعيد غير الأخلاقية وخدمات المكالمات غير المرخصة وتعرض موضوعات إباحية وتتعامل مع المخدرات وتسيء للأديان وتخل بالأمن الاجتماعي والوطني.
ولفتت الهيئة إلى أن دورها لا يتعلق بحجب المواقع الالكترونية، بل يقتصر على سن القوانين والتأكد من اتباع مزودي خدمات الإنترنت في الدولة للإجراءات والأنظمة والتنسيق معهم بهذا الشأن. وشددت الهيئة على الدور الحيوي الذي يلعبه الجمهور في هذا السياق من خلال إبلاغ المزودين عن أي محتوى مشبوه ليتسنى لهم اتخاذ الإجراءات اللازمة، وذلك عبر الرابطين التاليين: اتصالات: http://www.etisalat.ae/eportal/en/generic/contactus.html ودو: http://www.du.ae/en/surfsafely . وتظهر إحصائيات الهيئة العامة لتنظيم قطاع الاتصالات المنشورة على موقعها الالكتروني أن 81? من المواقع الالكترونية المحظورة خلال الفترة من يناير وحتى أكتوبر 2012 هي مواقع متعلقة بالإباحية والتعري، في حين استحوذ محتوى الإنترنت الذي يحتوي على المواد التي تعبر عن الكراهية للأديان على 6?، وحظيت مواقع التجسس والقرصنة التي تشكل خطراً مباشراً أو غير مباشر على المستخدمي بنسبة 10?، وتوزعت النسبة الباقية بين المواقع التي لا تتوافق مع قوانين دولة الإمارات أو توفر معلومات حول شراء أو تصنيع أو ترويج أو استخدام الأدوية غير المشروعة.
«من أتى عرافاً فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة»
رأي الدين: التعامل بالسحر من السبع الموبقات وقد يخرج من الملة
أبوظبي (الاتحاد) - حذر فضيلة الشيخ طالب الشحي مدير إدارة الوعظ بالهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف، الجمهور من المشعوذين والسحرة، وإن ظهر بصورة العابد الناصح، فهو وغيره من المشعوذين الذين يدعون القدرة على الشفاء أو رد المفقود أو كثرة المال أو إصلاح الحال لا همّ لهم إلا سلب الأموال وزرع الضر والشر، فلا يذهب الواحد، إلا إلى من عرف إيمانه وتقواه وأنه لا يعالج إلا بالقرآن والأدعية المأثورة فقط.
وأشار الشيخ الشحي إلى أن هناك مصيبة عظمى عندما يلجأ الشخص إلى مشعوذ أو ساحر لا يعرف حاله من دين وتقوى، حيث يطلب منه اسم أمه أو وضع شيء معين في مكان ما أو ذبح حيوان بأوصاف مخصوصة أو غير ذلك.
وقال إن من رحمة الله تعالى بالناس ورأفته بهم أنه أبان لهم سبيل الارتقاء بالنفس والحفاظ عليها، قال تعالى: “إن الله كان بكم رحيماً”. كما أبان لهم كل السبل المؤدية للإضرار بالنفس الظاهرية والباطنة، ومنها تلكم الظاهرة الخطيرة التي تفتك بالأفراد والمجتمعات، فكم مزقت أواصر المحبة وروابط الأخوة وأضرمت نار الشقاق والعداء بين الأرحام والخلان والناس أجمع، إنه السحر والشعوذة والدجل أمراض تنخر بالجسد فتمزقه.
وأضاف أن التحذير جاء في كتاب الله تعالى وفي سنة رسول الله، صلى الله عليه وسلم، من تعلم السحر وتعليمه أو الذهاب إلى السحرة والمشعوذين والكهنة والعرافين لسؤالهم وتصديقهم، حيث قال الله تعالى: “وَاتَّبَعُواْ مَا تَتْلُواْ الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيْاطِينَ كَفَرُواْ يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ”، (الآية 89 سورة البقرة)، ويقول الله تعالى: “فَلَمَّا أَلْقَوْا قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُم بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ” (81 سورة يونس).
وفي الحديث المتفق عليه، يقول صلى الله عليه وسلم: (اجتنبوا السبع الموبقات، قالوا: يا رسول الله وما هن؟ قال: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات).
وقال فضيلة الشيخ طالب الشحي: فمن ابتلي بشيء من عوارض الحياة من مرض أو تغير حال أو هم أو ضيق أو فقر أو فقد مال، أن يبذل الأسباب المأذون بها شرعاً مع حسن التوكل على الله، قال سبحانه وتعالى: (وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّه فَهُوَ حَسْبُهُ)، فكل ما تعلق بالسحر من تعلم أو تعليم أو ذهاب لسؤال أو تصديق لمتعاطيه محرم من اكبر الكبائر.
وقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: “من أتى عرَّافاً فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة” رواه أحمد، كما يقول الإمام النووي رحمه الله: “وعمل السحر حرام، وهو من الكبائر بالإجماع، وقد عده النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - من السبع الموبقات وتعلمه وتعليمه حرام، فإن تضمن ما يقتضي الكفر كفر”.
وأكد أنه لا يشترط أن تكون الرقية من شخص معين، فمن الإمكان أن يرقي المسلم نفسه أو زوجته أو أولاده، فهو أفضل متى ما صاحب ذلك التقوى وحسن التوكل على الله تعالى، مؤكداً أن قراءة سورة البقرة فيها علاج وبركة، ولا يقدر عليها السحرة، إضافة إلى قراءة آية الكرسي والمعوذات، والمحافظة على أذكار الصباح والمساء، فإنها حصن حصين للجميع.
دجال بهيبة العلماء وهالة العالمين
أبوظبي (الاتحاد) - يجلس في أحد شقق أبوظبي، متقمصاً هيبة العلماء ومحيطاً نفسه بهالة العالمين بخفايا الأمور. تتناثر أمامه وحوله مواد ملونة وأعشاب وطلاسم وبقايا حيوانات كقرون ثور وجلود وغيرها.
ذاك هو المشعوذ (..) الذي كان يوقع ضحاياه عبر مروجين ومروجات كذباً لقدراته “الخارقة” على السحر، أسوده وأبيضه، قبل أن يقع في قبضة الأمن.
قصة المشعوذ بدأت مع مريم التي اعتادت الذهاب إلى صالون التجميل مرة كل شهر. في زيارتها الأخيرة إلى الصالون وردها هاتف من زوجها، احتد النقاش بينهما، وتشاجرا بصوت عالٍ، قبل أن يطالبها زوجها بالعودة إلى المنزل بسرعة لرعاية الأبناء، وعدم الاتكال على الخادمة في متابعة شؤون فلذات الأكباد.
أغلقت مريم الهاتف، لتستغل مصففة الشعر غضبها واستياءها من زوجها لتعرض عليها “حلاً سحرياً”، تتمكن عبره من السيطرة على زوجها والتحكم بتصرفاته، وجعله “خاتماً في أصبعها، وخادماً مطيعاً ومنصتاً لها، ملبياً لمطالبها دون أي اعتراض”.
أصغت مريم لمصففة الشعر باهتمام، وتلاعبت الأفكار في رأسها. “لم لا أستمع لنصيحة هذه المصففة؟، لقد تعبت من اتصالات زوجي وانتقاداته ورفضه خروجي واعتراضاته على تصرفاتي، وقد يكون لدى هذه المصففة الحل السحري، ولن أخسر شيئاً بأن أستمع لها”.
لاحظت المصففة استكانة مريم وحسن إصغائها، فبادرت بالخطوة التالية. “أعرف رجلاً مبروكاً وعالماً بأمور الغيب وقادراً على معرفة ما يخبئه القدر، وكثيرات من قصدنه طلباً لحل المشكلات، ولم يخرجن إلا وهن راضيات مرضيات”.
التقطت مريم الطعم، ومنّت نفسها بزوج مطواع “لا يعرف كلمة لا”، واستفسرت عن سبيل هذا الرجل “المبروك” الذي يسر الله سبحانه وتعالى على يديه علاج وحل كثير من المشكلات والأمراض.
رد عليها المصففة: إنه موجود في العنوان كذا وكذا، لكنه يتقاضى مبالغ مالية باهظة، “وأنت تعلمين أن الغالي سعره فيه”، قالتها المصففة وهي تمني النفس بحصة من هذا المبلغ.
كانت المصففة قد عقدت صفقة مع المشعوذ. فمقابل كل حالة تستغفلها المصففة وتقنعها باللجوء إليه يكون نصيبها ألف درهم تزيد ولا تنقص. كانت تتبع مختلف الأساليب لإقناع زبوناتها باللجوء إلى هذا الرجل “المبروك”، عبر فتح الحديث حول الأزواج ومعاملتهم، وأحياناً كانت تستعين ببعض صديقاتها لاختلاق حديث عن السحرة والمشعوذين وقدراتهم “الخارقة”، للإيقاع بضعيفات النفوس واستدراجهن للوقوع ببراثن شريكها المشعوذ.
بعد حصولها على العنوان، حددت مريم موعداً مع المشعوذ، وطلب منها الأخير في اتصال هاتفي جلب قطع من ملابس زوجها ومستلزماته الخاصة، لكي يتمكن من تحضير عمل سحري ليس له حل، لتبقى الزوجة سعيدة طيلة ما تبقى لها من سنوات زواج.
عقب انتهاء المكالمة الهاتفية مع المشعوذ، نشب في نفس مريم، كما تقول، صراع بين العقل والخرافة، وبين الحلال والحرام، ليتغلب عقلها وإيمانها في النهاية، وتبادر إلى إبلاغ الشرطة بقصتها من ألفها إلى يائها.
أشار عليها رجال التحريات بالاستمرار في تأدية دورها، وبدأوا يعدون خطة احترازية تتيح لهم الإيقاع بالمشعوذ، دون إيذاء مريم. وعمل المشعوذ على تغيير الموعد مرات عديدة، قبل أن يستقر على موعد حدده منتصف الليل، وما أن دخلت مريم وكره، حتى داهمه رجال التحريات، وقبضوا على المشعوذ متلبساً بممارسة سحره ودجله.
ثلاث قضايا منتقاة من 2012
احتيال بالسحر بالشارقة
أبوظبي (الاتحاد) - تمكن رجال التحريات والمباحث الجنائية بإدارة شرطة المنطقة الشرقية التابعة للقيادة العامة لشرطة الشارقة في أكتوبر الماضي من القبض على شخصين من الجنسية الآسيوية اعتادا على ممارسة أعمال الشعوذة والدجل عن طريق الاحتيال على الناس من خلال إيهام ضحاياهم بمقدرتهم على إعداد السحر وفك طلاسمه وإبطاله.
وذكرت الشرطة أن كل واحد من الشخصين كان يمارس أعمال الشعوذة بصورة مستقلة عن الآخر، وأنه تم القبض عليهما متلبسين والفارق بين عملية ضبطهما كان ساعتين.
وتعود تفاصيل القضيتين إلى ورود معلومات لرجال التحريات والمباحث الجنائية بإدارة شرطة المنطقة الشرقية تفيد بممارسة شخصين لأعمال الشعوذة والدجل في مدينة كلباء والمدن المجاورة لها مقابل مبلغ مالي.
وأفادت تفاصيل القضية الأولى عن قيام شخص من الجنسية الآسيوية بالتعامل مع السحر والشعوذة وإيهام ضحاياه بمقدرته على إعداد السحر عن طريق طلب استخدام ملابس الضحية وصورته الشخصية لإنجاز السحر المطلوب.
وتم تشكيل فريق عمل من رجال التحريات والمباحث الجنائية لمتابعة المشتبه به والتحقق من المعلومات، وبعد التيقن مما ورد، تم إعداد كمين للمشعوذ ووقع في قبضة رجال الشرطة متلبساً وبحوزته ملابس وصور شخصية والمبلغ المدفوع لإعداد السحر.
وأضافت الشرطة أنه تم إعداد كمين آخر للقضية الثانية، وهي مماثلة للأولى وبعد ساعتين تمكن رجال التحريات والمباحث الجنائية من القبض على المشعوذ الثاني، وهو آسيوي الجنسية اعتمد على استخدام عدد من الأسياخ الحديدية بطول خمسة سنتمترات، وزرعها في مناطق متفرقة في المدينة لإعداد السحر المطلوب، إلا أنه هو الآخر وقع في قبضة رجال الأمن بعد إعداد كمين له وضبطه متلبساً بالقضية.
ونبهت القيادة العامة لشرطة الشارقة دائماً أفراد المجتمع بضرورة الحذر من التورط في هذا النوع من القضايا التي تخالف تعاليم الدين الإسلامي وتسبب دمار المجتمع، وألا ينصاع الجمهور لإغراءات هؤلاء المشعوذين. كما يجب على أفراد المجتمع أن يبدوا تعاونهم مع الجهات الأمنية من خلال عدم التردد والإبلاغ المباشر في حال اشتباههم بأي شخص يمارس هذه “الأعمال الشيطانية”.
مشعوذة أفريقية في عجمان
أبوظبي (الاتحاد) - تعج سجلات المحاكم ومراكز الشرطة بقضايا الشعوذة والسحر، حيث تمكنت إدارة التحريات والمباحث الجنائية في القيادة العامة لشرطة عجمان في شهر سبتمبر الماضي من القبض على المتهمة (ع. م. ن) من جنسية أفريقية تقوم بأعمال السحر والدجل والشعوذة في إحدى مناطق الإمارة.
وتعود تفاصيل هذه القضية إلى ورود معلومات من أحد المصادر تفيد بوجود سيدة من جنسية أفريقية تقوم بأعمال السحر والشعوذة، وتتخذ من منزلها مكاناً لممارسة هذه الأعمال، وتدعي قدرتها على حل المشاكل العائلية، والعاطفية، ومعالجة الأمراض النفسية والاجتماعية من زواج وطلاق والإصلاح بين الأزواج وجلب السعادة الزوجية، وذلك من خلال عمل أحراز وأوراق وطلاسم ووصفات وكتابات غير مفهومة مقابل مبالغ مالية.
وبعد اتخاذ كل الإجراءات القانونية والتأكد من صحة المعلومات تم تشكيل فريق عمل لضبط المذكورة ومداهمتها وهي متلبسة بهذه الأعمال وبتفتيش منزلها عثر على مجموعة من الأحراز والعلب، ومجموعة من الطلاسم والمصاحف القرآنية، وصور لأشخاص غير معروفين، إضافة إلى مجموعة من المسابيح والأقفال مختلفة الأحجام والأشكال ومغطاة بجلد غريب الشكل.
وأكدت شرطة عجمان أن حملاتها التفتيشية مستمرة في ملاحقة السحرة والمشعوذين الذين يهدفون من وراء هذه الأعمال الحصول على مبالغ مالية، محذرة أفراد المجتمع من السحرة والمشعوذين، وعدم الانجراف خلفهم، كما ناشدت المواطنين والوافدين بأخذ الحيطة والحذر من الوقوع كضحايا لهؤلاء الدجالين والمشعوذين، وعلى الأسر توعية أبنائهم بمخاطر هذه الأعمال السيئة.
وطالبت الشرطة الجمهور إلى التعاون البناء مع الأجهزة الأمنية في عملية محاربة الدجل والشعوذة، والإبلاغ عن أي شخص يمارس هذه الأعمال، حيث إن الأمن مسؤولية الجميع فلا بد من تكاتف الجمهور مع الشرطة من أجل الوصول إلى الهدف المطلوب.
وسبق أن ألقت شرطة عجمان القبض على عدد من المشعوذين خلال الفترة الماضية في مناطق مختلفة من الإمارة، وذلك بعد بلاغات وردت إليها تفيد ممارستهم لأعمال السحر والشعوذة والنصب على سكان عجمان، وتمت إحالتهم إلى القضاء لمحاكمتهم.
أزواج مسحورون برأس الخيمة
أبوظبي (الاتحاد) - تمكنت إدارة التحريات والمباحث الجنائية بالإدارة العامة للعمليات الشرطية بشرطة رأس الخيمة من إلقاء القبض على 4 نساء من الجنسية العربية، يقمن بأعمال السحر والشعوذة للإيقاع بالرجال واستغلالهم مادياً.
وتعود تفاصيل القضية إلى ورود بلاغ من إحدى السيدات العربيات يفيد بوجود سيدة من جنسيتها نفسها تقوم بأعمال السحرة والشعوذة واستغلال الرجال مادياً، وأنها مخالفة لقانون الإقامة، كما أنها تقوم بهذه العمليات في شقتها الكائنة في إحدى البنايات بمنطقة رأس الخيمة.
وبناءً على تلك المعلومات، قامت الشرطة بالتنسيق مع مقدمة المعلومة لتحديد موعد مع المتهمة وإعداد كمين لضبطها متلبسة، كما تم اتخاذ الإجراءات القانونية كافة لذلك.
وتم تحديد الموعد حيث قامت مقدمة البلاغ بالاتصال بالمتهمة وإعلامها برغبتها في عمل سحر لزوجها، فوافقت واتفقت معها على الحضور لشقتها لإتمام العملية، وفي الزمان والمكان المحددين تمت مداهمة الشقة وإلقاء القبض على الموجودين بها متلبسين، وتبين وجود 3 نساء عربيات، بالإضافة إلى السيدة المصدر وجميعهن من الجنسية نفسها، فضلاً عن وجود شخص مواطن الجنسية تصادف وجوده معهن في الشقة أثناء المداهمة.
وبعد إجراء التحقيقات معهن اتضح أن مقدمة المعلومة كانت على معرفة مسبقة بالمتهمات وبنشاطهن، ولكن لوجود خلاف بينها وبين المتهمة الرئيسية قامت بالإبلاغ عنها، وقد اعترفن بممارستهن أعمال السحر والشعوذة منذ فترة طويلة بغرض الزواج أو الحصول على مبالغ مالية كبيرة من ضحاياهن والسيطرة عليهم.
وناشدت شرطة رأس الخيمة الشباب كافة ضرورة أخذ الحذر، وعدم الانسياق خلف رغباتهم وشهواتهم الدنيوية، ما يعرضهم للوقوع ضحايا لمثل تلك الفئة من النساء اللواتي يستغللن الشباب ويستنزفن أموالهم ويهدمن أسراً بأكملها لتحقيق غاياتهن ومآربهن الدنيئة.