إبراهيم الملا (الشارقة)
يحضر اسم السيناريست الإماراتي يوسف إبراهيم في الدورة القادمة من مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي، في الفترة من 27 أغسطس إلى 7 سبتمبر، وذلك من خلال كتابته لسيناريو الفيلم الروائي الطويل: «ستموت في العشرين» للمخرج السوداني أمجد أبو العلاء المقيم في الإمارات والذي يقدم هنا العمل الروائي الطويل السابع في تاريخ السينما السودانية بعد توقف دام 20 عاماً، وسينافس الفيلم على جوائز قسم «أيام فينيسيا» في النسخة الـ76 من المهرجان الإيطالي العريق الذي يعدّ مع مهرجاني «كان» و«برلين» الضلع الثلاثي الأبرز عالمياً في استقطاب أهم الأفلام الدولية ذات الحمولة الفنية العالية، والراصدة للتحولات الثقافية والإبداعية والاجتماعية، في فضاء متخم بالجماليات البصرية والمضامين الإنسانية.
فيلم «ستموت في العشرين» هو العمل الروائي الطويل الثالث الذي يكتبه يوسف إبراهيم للسينما بعد فيلمي: «حلم» للمخرج الإماراتي هاني الشيباني، وفيلم «ولادة» للمخرج الإماراتي عبدالله حسن أحمد، إضافة للعديد من الأفلام القصيرة التي كتبها لمخرجين إماراتيين، وساهم من خلالها في تطوير الحراك السينمائي المحلي، منذ انطلاقته الحقيقية أواسط التسعينيات، وتشكّل ملامحه بصورة واضحة وزاهية في الدورات المتعاقبة لمسابقة أفلام من الإمارات بالمجمع الثقافي بأبوظبي.
وعن حيثيات وظروف هذا التعاون السينمائي المثمر الذي أنتج حضوراً مبهراً ومؤثراً للمبدعين الإماراتيين والعرب، في تظاهرة فنية عالمية كبرى، تحدث يوسف إبراهيم لـ«الاتحاد» عن تعاون سابق جمعه مع المخرج أمجد أبو العلاء في الفيلم الروائي القصير «تينا» الذي حصد جوائز وإشادات نقدية عند عرضه في العام 2009، وأضاف أن المرجع الأساس الذي استند عليه في كتابة سيناريو فيلم «ستموت في العشرين» هو قصة قصيرة بعنوان: «النوم عند قدمي الجبل» للقاص والروائي السوداني حمور زيادة، مشيراً إلى أن القصة تدخل في سياق بحث الكاتب عن جذور وملامح التصوف الإسلامي في السودان، وهو المبحث الذي برز حضوره بقوّة في روايته الأهم والأشهر: «شوق الدرويش» الحائزة جائزة نجيب محفوظ للأدب عام 2014 والتي دخلت في القائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية «البوكر» في عام 2015.
وأشار يوسف إبراهيم إلى أن ثيمة التجاذب والتداخل والانصهار بين الحياة والموت، هي التي حفزّته على التعاطي مع القصة، كبناء بصري يمكن الاسترسال في أجوائه الصوفية، وتحويله إلى سيناريو لفيلم طويل، مضيفاً أن مشروع الكتابة استغرق منه ثلاث سنوات من البحث والمتابعة والرصد والقراءة المعمقة لتاريخ التصوّف في السودان، والطقوس والشعائر والتجليات الروحية المتعالقة معه، ولفت إلى أن النص تمت معالجته وتعديله من خلال ورش ومختبرات عدة شارك بها، حيث حصل النص على منح للتطوير من الأردن وفرنسا ومصر وألمانيا، كما حصل الفيلم على منح من مهرجان برلين السينمائي، ومنحة من بيروت، إضافة إلى منحة «سور فاند» النرويجية.
وقال يوسف إبراهيم، إن قصة الفيلم تتناول حكاية الفتى: «مزّمل» الذي يولد في قرية سودانية محاطة بالمناخات العرفانية لإحدى الطرق الصوفية، حيث تصله نبوءة تفيد بأنه سيموت في سن العشرين، فيقضي أيامه في خوف وقلق إلى أن يظهر في حياته سليمان، وهو مصور سينمائي، يقوده إلى رحلة ذاتية وخيالية جامحة وساحرة، منوهاً بأن أجواء القصة تنبع من البيئة السودانية الصرفة ولكنها تتقاطع مع الأبعاد الإنسانية؛ لأن رحلة الشخصية الرئيسة تتشابه مع رحلاتنا كبشر في مسارات الحياة المتشعبة التي يزاحمها هاجس الموت ويفرض علينا مجابهة أسئلته الصعبة والمخيفة، ومآلاته المبهمة والغامضة، ولذلك -كما أشار- لم يشأ أن يكون النص مغرقاً في الفلكلور، حتى لا يطغى المكان على الثيمة الأساسية للفيلم.
وحول انطباعه الشخصي بعد اختيار الفيلم للمشاركة في واحد من أهم المهرجانات العالمية، قال يوسف إبراهيم: إن الخبر أشاع جوّاً مفعماً بالبهجة في أوساط الفريق المشارك بالفيلم، ووصف هذا الاختيار بأنه إنجاز شخصي يتقاطع مع الإنجاز الجماعي، وسيكون له مردود إيجابي مستقبلاً لتقديم أعمال أخرى تقوم على التعاون المشترك بين المخرجين وكتاب السيناريو الإماراتيين والخليجيين والعرب، لأن هذا التنوع الثقافي -كما أوضح- يثري الأعمال السينمائية، لما فيه من تبادل للخبرات النوعية وتداخل للرؤى المبتكرة، والتي تساهم في تقديم أعمال قادرة ومؤهلة للمنافسة في أقوى مهرجانات السينما حول العالم.