10 نوفمبر 2008 00:31
في رده على مقال ''هات وخذ'' الذي صدر يوم 2-11-2008 تحت عنوان ''النموذج'' حرص أحمد عيسى على تقديم مداخلة جديدة على الموضوع تناول من خلالها ابعاداً جديدة حيث قال:
في البداية، أود أن أعبر عن اعتزازي بالمناسبة التي جمعتني بالأخ والصديق محمود الربيعي من خلال الندوة الرياضية التي دعا إليها نادي دبي للصحافة، وسررت كثيراً بالأجواء الحوارية الإيجابية الناضجة التي ساهم فيها كافة المشاركين في الندوة من متحدثين ومتداخلين وحضور، وكانت فرصة ثمينة للاستفادة من آراء الإخوة وتشخيصاتهم لواقع كرة القدم على وجه التحديد!
ولأنني من المتابعين الدائمين لزاوية ''هات وخذ''، فقد سررت كثيراً بما تناوله الأخ العزيز ''أبوكريم''، وأشكره جزيلاً على الموضوعية التي تناول فيها فاصلاً قصيراً من الحوار والتجاذب دار بيننا على منصة الحوار، وحمل خلاف موضوعي ومنطقي لتشخيصي واقع الحال فيما يتعلق بتطبيق الاحتراف في كرة القدم·
ومن أجل أن تكتمل الصورة التي أشار إليها الصديق محمود في زاويته، أجد من المناسب - وعلى مرجعية ما ذكره فيها والتي كانت بعنوان ''النموذج''- أن أتشرف بمداخلة متواضعة تقديراً لما تناوله وحرصاً على تحديد ''برواز'' سليم للاحتراف الذي كان محل تجاذب·
وفي ضوء ما تناوله، أود توضيح بعض الجوانب التي أراها مهمة حتى نستكمل الصورة من أجل أن نقدم للمجتمع وللمتابعين أكثر تحديداً وأكثر وضوحاً، وفي سبيل ذلك سأجمل ما أود الانتباه له في الآتي:
أولاً: بالتأكيد، أمر يدعو للسرور أن يشيد السمنار الآسيوي بالتجربة الإماراتية في التحول من الهواية إلى الاحتراف، وأن يعتبرها نموذجاً يجب أن يحتذى به في دول غرب القارة المهتمة بالدخول إلى عالم الاحتراف، وفي هذا الإطار علينا أن نقدر أن هذه الإشادة جاءت نتيجة لاستفادة الأندية للشروط والمعايير التي حددها الآسيوي، والذي لا يخفى على أحد أن الأندية، وبفضل دعم الحكومات المحلية وسعي المجالس الرياضية لتوفير المستلزمات والبنى الأساسية المتعلقة بأسس التحول إلى الاحتراف، حققت هذا الإنجاز ولا نذيع سراً عندما نذكر أن هناك ملايين صرفتها الحكومات على هذا التأسيس وأموالاً كثيرة وفرت للأندية حتى تحسن مستوى منشآتها ومرافقها· والذي تم إنجازه وعلى ضوئه تحققت الإشادة وعلى ضوئه حصلت الأندية على أعلى معدل من التقدير ومن مشاركة الأندية الإماراتية في أول دوري للمحترفين في القارة، يعود الفضل فيه بالكامل إلى سخاء المال العام في دعم متطلبات التحول، وعند هذا المدخل تحديداً لابد أن نُذكّر بأن التجربة اليابانية التي أصبحت راسخة ومعلماً احترافياً من معالم كرة القدم -كما جاء في الزاوية- علينا أن نوضح أن ما حدث من نقلة احترافية في كرة القدم اليابانية جاء بدعم من القطاع الخاص وبرغبة منه في ضخ أموال للاستثمار في اللعبة، بمعنى أن هذا التحول لم تتدخل فيه الحكومة ولم تصرف عليه، وهو يأتي نتيجة لتوفر بيئة اقتصادية استثمارية أحسن التخطيط والترتيب لها عبر سنوات، ومن خلال مراحل دراستها بعناية والانتقال فيها من رحلة إلى أخرى كان يتم وفق رؤية شديدة الوضوح محددة الأهداف مشخصة الوسائل ووفق برنامج زمني محكم·· كانت نتيجته أن تحولت اللعبة إلى منتج قابل للتسويق تتسابق الأيدي الاستثمارية عليه!
ثانياً: في تقديري، من الطبيعي جداً أن يعتبرنا الاتحاد الآسيوي نموذجاً يحتذى به، لأن لجنة الاحتراف الآسيوي المكلفة بتشريع وتطبيق الاحتراف وفق معايير التحول التي حددتها لم تجد في كل الدول التي زارتها وعند كل الاتحادات الوطنية التي فتشت على المعايير فيها دعماً حكومياً يماثل ما وجدته في الإمارات، ولم تجد في أي مكان آخر ما وجدته من سرعة ورغبة في توفير المتطلبات التي ترى اللجنة ضرورة استكمالها، وفي سبيل ذلك تكبدت الحكومة كثيراً من المصاريف والتكاليف الطائلة لاستيفاء الشروط·
لذلك، الإمارات نموذج في دعم أنديتها بالسرعة الفائقة التي حازت بموجبها على إعجاب اللجنة، لذلك في هذا الإطار يجب أن نفهم ونقرأ ونستوعب حالة الإعجاب!
ثالثاً: لا أعتقد يا ''أبا كريم'' أنه إذا كانت هناك فئة أو جماعة تريد أن تضع طبيعة هذا التحول للاحتراف في إطاره الصحيح، وفي بعده الواقعي وأن ترى الصورة ''بلا رتوش'' وبدون ''تلوين'' إضافي، أن هذا ليس معناه أنها تهاجم نفسها بشدة أو تتجاوز الرحمة، كل ما في الأمر أن من في الخارج لهم الظاهر يحكمون من خلاله، والظاهر بالنسبة لهم أن الأندية في الإمارات نفذت المطلوب منها أو أغلب هذا المطلوب في زمن قياسي، وأن هذا الوضع الإماراتي لم يوجد شبيهاً أو مماثلاً له في الدول الأخرى التي كانت في دائرة المتابعة، هكذا الصورة من الخارج·· بينما الرؤية من الداخل تعتمد على معرفة ودراية بمصدر الأموال التي حققت إنجاز متطلبات الاتحاد الآسيوي في هذه الأندية وفي زمن قياسي لم تلحقه الدول الأخرى·
إذاً، من الطبيعي أن تضع هذه الفئة المسائل في حجمها الواقعي والحقيقي عندما يأتي ذلك في إطار ربطه بالنقلة الاحترافية وتطبيقها وحصد ثمارها!!
رابعاً: رغم أن الاحتراف كموضوع لم يكن مطروحاً كمحور في الندوة وتم تناوله بناء على مداخلة من الحضور، وشخصياً وصفت الحال بوهم الاحتراف، وفي هذا الجانب أعتقد أن هناك ثوابت محددة يمكن من خلالها التيقن من طبيعة هذا الاحتراف إن كان وهماً أم حقيقة؟
1 - مصدر الأموال التي تنفق على العملية الاحترافية إن كان مالاً عاماً أم أنه من مال خاص، ولا أعتقد أن هناك احترافاً لكرة القدم في أي بقعة في العالم يصرف عليه وعلى متطلباته ومستلزماته من المال العام (!) ويقال عنه احتراف·
2 - اللاعب محور التحول الاحترافي، كيف يتعامل مع احترافه حتى يمتهن اللعبة، أم أنها تمثل مجرد مصدر لدخل إضافي بجانب مهنته الأصلية، ولا أعلم في الأولى هل هو صاحب قرار يتحمل مسؤوليته، أم في الثانية، فهو أسير مهنته الأصلية وتتحكم فيها أطراف أخرى تملي عليه القرار؟!
3 - إدارات الأندية التي تمثل قاعدة العملية الاحترافية والمشغل الرئيسي لها، هل هي إدارات مستقلة وفق قوانين وأنظمة ولوائح وهي التي تتحكم في مواردها المالية وتنفرد باتخاذ قراراتها وفق مصالحها أم أنها غير ذلك؟!
لا أريد أن أغوص أكثر في كثير من التفاصيل ذات العلاقة المباشرة بصناعة الاحتراف·
من هنا، أرى من الأهمية ومن الواجب ومن أجل مصلحة الهدف الذي ننشده ونسعى له بتطبيق احتراف حقيقي بكل أبعاده وتفاصيله، أن نختار الوصف المناسب للحالة التي نمر بها الآن، فالكلام أننا دخلنا مرحلة الاحتراف أرى أنه سابق لأوانه، لأن الدعم الحكومي بالصورة القائمة لن يستمر، واللاعب يجب أن يدخل في يقينه أن الجمع بين المهنة التي يعمل فيها والمفرغ منها واحتراف اللعبة مسألة مؤقتة وليست دائمة، لأن الجمع بينهما لا يمثل الاحتراف الحقيقي·
كما أن إدارات الأندية بشكلها القائم بدون تشريعات محددة عبر قوانين ونظم ولوائح تضبط وتحدد عملها ومسؤولياتها وصلاحياتها وحدود نفوذها لا تعبر عن مرحلة احترافية ولا يخلق رؤية صائبة للاحتراف من أساسها·
لذلك، وتقديراً لكل الجهود القائمة في الميدان وتثميناً للرجال المخلصين الذين ساهموا وأسسوا وسعوا للاحتراف سواء الجمعية العمومية للاتحاد ومجلس الإدارة ومعهما الرابطة التي حثت الخطى وبذلت الجهود، وسهرت من أجل مواكبة المتطلبات الآسيوية، فهم جميعاً -وبفضل الدعم الحكومي السخي- وضعوا اللعبة في البلاد في دائرة التحول للاحتراف·
لذلك، أعتقد أن علينا أن نصف المرحلة التي وصلنا إليها وصفاً دقيقاً حتى يمكننا أن نصل إلى الهدف بالمقاييس الحقيقية له، فنحن في مرحلة انتقالية نحو تطبيق الاحتراف قد حققنا الحد المعقول من البيئة الاحترافية، وأمامنا مشوار ليس سهلاً يجب إنجازه، لأنه يتعلق بصميم وعمق العملية الاحترافية وتطبيقها·
أما إذا اعتبرنا أن ما وصلنا إليه هو الاحتراف بعينه، فأقول إن هذا معناه أننا نعيش الوهم بذاته·
لك التحية ''أبوكريم'' ليس هناك خلاف قائم·· هناك دائماً مصلحة نسعى ونجتهد للوصول إليها!
المصدر: دبي