13 يناير 2011 20:11
سئم بيلي بوول، البالغ 37 عاماً، من طلب مساعدة أبيه المسن البالغ 72 سنة لربط خيوط زوج حذائه صباح كل يوم، فقرر استشارة طبيب. وكشفت الأشعة السينية، التي أجراها له الطبيب عن تكون نسيج ميت حول عظام وركيه، فقد تعرضت عظام أعلى فخذيه للتلف بسبب تعطُل وصول الدم إلى العظام، وعلى الرغم من ذلك، فإن طبيبه فضل عدم اللجوء إلى حُقن سيترويد أو أي من العلاجات التخفيفية المؤقتة. وهكذا، وكما يفعل عدد متنام من المرضى الشباب، الذين يعانون مشكلات عظام ومفاصل من هذا النوع، لم يتردد بوول في إجراء عملية استبدال مفاصل وركيه بآخرين صناعيين.
أتم بوول علاجه الطبيعي وذاق طعم التحرك دون الشعور بالألم لأول مرة منذ خمس سنوات، فقرر الذهاب أبعد من ذلك وخصص جزءاً من مرآب منزله صالة رياضية. ويبدو من الإحصاءات، التي تضمها سجلات المستشفيات والعيادات الطبية أن هناك مئات من الأميركيين، الذين أصبحوا يُجرون عمليات استبدال المفاصل، وقد سجلت سنة 2008، حسب إحصاءات الأكاديمية الأميركية لجراحة العظام، إجراء أكثر من 277,000 عملية تعويض أوراك، أي بزيادة تفوق نسبة 78% عما كانت عليه الحال سنة 1998. وفي الوقت الذي ما تزال فيه غالبية هذه العمليات تُجرى لكبار السن، الذين تفوق أعمارهم 65 سنة، فإن الشريحة العمرية ما بين 45 و65 عاماً شهدت تزايُداً مهماً تراوح ما بين 27% و40% ما بين 1998 و2008. وتقول ماري أوكونور، جَراحة عظام بعيادة "مايو كلينيك" في مدينة جاكسون فيل في فلوريدا ورئيسة الجمعية الأميركية لجراحي الأوراك والرُكب "غالبية الأشخاص في مرحلة الشباب أو الكهولة هم أقل تقبُلاً للعاهات البدنية من المسنين وأفراد الجيل القديم". وأضافت "هم يرغبون ببساطة في أن يظلوا نشطين. لا يريدون أن يتردد لأسماعهم أن عليهم استخدام عصا يتكئون عليها أو أنهم لا يستطيعون المشي أو لعب الجولف أو ممارسة ما يهوونه من أنشطة".
مخاطر ومكافآت
من أبرز المخاطر التي يخشاها المرضى الشبان مقابل الحركية المتزايدة احتمال حاجة المفاصل التي استبدلوها إلى إصلاح أو تعويض في يوم من الأيام، وهو إجراء طبيعي بالنسبة لمن خضعوا لعمليات استبدال المفاصل وتركيب أيدٍ أو أرجل اصطناعية أو غيرها يُطلق عليه "مراجعة". ووفق المعهد الوطني لأمراض التهاب المفاصل والجهاز العضلي والهيكلي والجلد، فإن العمر الافتراضي المتوقع لمعظم المفاصل المستبدلة يتراوح بين 15 و20 سنة. وهذا يعني أن المرضى غير المسنين يستطيعون الاستمرار في العيش بمفاصل أوراك اصطناعية لفترات طويلة دون آلام، غير أن تجدُد الحاجة إلى إجراء عملية ثانية قد تكون حرجة وأصعب من الأولى، كما يقول خبراء جراحة العظام. وفي هذا الصدد يقول الدكتور أوكونور، "عند الحاجة إلى عملية جديدة، فإن هذه الجراحة تكون أصعب إلى حد ما من الأولى. وعادة ما يكون مرد فشل عملية ما إلى رخاوة الأعضاء، ولذلك فإن مخاطر حدوث مضاعفات يزيد عند كل "مراجعة".
خطوات مؤلمة
يقول جيمس جريتر، مدير مركز استبدال المفاصل بمستشفى جورج واشنطن الجامعي، إن فرصة حصول مضاعفات تظل واردة بشكل دائم مع إجراء العملية، فقد تتزامن الجراحة مع حدوث تخثر في الدم أو عدوى، واحتمالات حدوث هذه المضاعفات يكون أقوى لدى المسنين. ويشير جريتر الذي قضى أكثر من ثلاثين عاماً في إجراء هذا النوع من العمليات "أحرص على إقناع مُراجعي من المرضى بألا يفكروا في إجراء عملية استبدال لمفاصل الوركين قدر الإمكان وإلى أن يصل بهم الأمر إلى وضع لا يُحتمل، مثل حالة من يُلازمه الألم طوال اليوم ويحرمه من النوم أو يوقظه منه كل ليلة. فلا مجال للحديث عن مثل هذه العمليات بالنسبة لمن يعانون آلاماً في الوركين بشكل غير منتظم ومتكرر بسبب المشي لمسافات طويلة أو ما شابه، بل فقط إذا كان المريض يشعر بالألم في كل خطوة يخطوها". وحسب المعهد الوطني لأمراض التهاب المفاصل والجهاز العضلي والهيكلي والجلد، فقد درج الأطباء الجراحون على الحرص على إقناع مرضاهم بتأجيل إجراء عمليات استبدال المفاصل إلى أن يصلوا 60 سنة فما فوق، وبعد أن يقل نشاطهم وتتراجع حركتهم، وذلك حتى لا يقع ضغط شديد على المفاصل الاصطناعية البديلة. لكن التطور الكبير الذي شهده مجال هندسة وتكنولوجية المعدات الطبية انعكس إيجاباً على عمليات جراحة العظام واستبدال المفاصل، إذ صارت المفاصل وأجزاء الجسم التعويضية التي تُزرع في الجسم أقوى وأطول عمراً وأكثر موثوقية من سابقاتها، وهو ما شجع المرضى غير المسنين على اللجوء إليها عند الضرورة.
أطول عمراً
لا يُخفي عدد كبير من الجراحين تفضيلهم استخدام مفاصل اصطناعية بديلة جديدة وكرات مفاصل متعددة الإيثيلين في الأوراك. ويُبرر هؤلاء الأطباء اختيارهم هذا بالقول إن المواد المصنوعة منها هذه المفاصل أقوى وأطول عمراً من المفاصل الاصطناعية السابقة المصنوعة من البلاستيك أو الحديثة المصنوعة من السيراميك، والتي اشتكى من استخدامهما الكثير من المرضى بسبب الصوت المُزعج، الذي تُحدثه لدى الشخص عند المشي. وحول هذا الموضوع يقول كيفن فريكا، جراح عظام في عيادة أنديرسون لجراحة العظام "لقد تطورت المفاصل الاصطناعية كثيراً عما كانت عليه قبل 12 سنة الماضية، فهي الآن لا تعتمد على البلاستيك بشكل كبير، كما أنه أصبح بإمكان المريض الاعتماد عليها طيلة 15 إلى 20 سنة أو أكثر".
إخفاق تكنولوجي
تجدُر الإشارة إلى أن بعض التطورات التكنولوجية في مجال صناعة المفاصل الاصطناعية أثبتت عدم نجاحها. فقد سبق أن تم توقيف بيع واستخدام مفاصل الأوراك "DePuy" الاصطناعية بعد زراعتها لأكثر من 93,000 مريض من مختلف أنحاء العالم، وذلك بعدما تبين أن 12% إلى 13% من هذه المفاصل تعطلت عن العمل لدى صاحبها بعد السنوات الخمس الأولى من زراعتها. وما زالت إدارة الوقاية ومراقبة الأدوية الأميركية بصدد مراجعة العمليات التي استخدمت هذه المفاصل، لا سيما بعد رفع عشرات المرضى لدعاوى قضائية ضد الأطباء الذين ركبوا لهم مفاصل اصطناعية فتعطل عملها في خمس سنوات أو أقل بدل 20 سنة التي وُعدوا بها. وتقول ليندا بيرجتهولد، محللة رعاية صحية في كاليفورنيا، "إن السؤال الأهم والأبرز من جهة المريض هو عدد الجراحات التعويضية، التي قام بها الطبيب الجراح وخبرات المستشفى في هذا النوع من العمليات وسجل نجاحاته فيها وعدد المراجعات التي قام بها الجراحون لمن يزرعون مفاصل اصطناعية. فكل مريض يحرص على معرفة عمر المفاصل، التي يزرعها بالضبط ويتساءل عن الأنجع فيها، ويطرح سيلاً من الأسئلة، التي تحتاج إلى إجابات دقيقة وصريحة".
عن "واشنطن بوست"
ترجمة هشام أحناش
قبل فوات الأوان
يرى ماثيو باركر، متسابق ركوب دراجات خضع لعملية زراعة مفاصل أوراك قبل بلوغه 55 سنة، أن القرار النهائي حول إجراء العملية الجراحية من عدمه يرجع إلى المريض بالدرجة الأولى وليس إلى الطبيب. وقال إنه لا يأبه كثيراً بمواعيد المراجعة الجراحية وإن أهم شيء بالنسبة إليه هو الحفاظ على لياقته والعيش دون آلام. ويضيف باركر “إذا انتظرت إلى أن يسوء حالك كثيراً، فإن خياراتك تقل وتصبح محدودة للغاية، وقد تصل إلى مرحلة يكون قد فات فيها الأوان. ومن خلال تجربتي، فأنا أشعر أفضل بكثير مما كان عليه حالي قبل زرع المفاصل الاصطناعية، كما أنني استمررت في ممارسة بعض هواياتي المفضلة”.
المصدر: أبوظبي