الجمعة 22 نوفمبر 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

قادة «الإخوان» خزّنوا الأسلحة بحرم المسجد وقتلوا الأبرياء

قادة «الإخوان» خزّنوا الأسلحة بحرم المسجد وقتلوا الأبرياء
4 أغسطس 2019 02:50

أحمد عاطف (القاهرة)

على الرغم من مرور 6 سنوات على فض اعتصام أعضاء جماعة الإخوان الإرهابية والموالين لهم بميداني رابعة والنهضة في مصر بعد عزل الرئيس الإخواني محمد مرسي، وبعد إفشال مخططهم في أخونة مفاصل الدولة، إلا أن جانباً لم يتطرق له الكثيرون وهو عناصر الإخوان أو المتعاطفون معهم ممن شاركوا في اعتصامي رابعة والنهضة، وانشقوا عن التنظيم فيما بعد لأسباب لا يعلمها سواهم، ولكن أبرزها أن قيادات الجماعة كانوا يتاجرون بدماء الآخرين، واكتشفوا زيفهم وكذبهم خلال تلك الأحداث.
«الاتحاد» تواصلت مع شهود عيان ومشاركين في الاعتصام، وبعضهم كان ينتمي لجماعة الإخوان وتركها بسبب ما كان يحدث داخل الاعتصام والصورة المغايرة تماماً عن كل ما كانت تروّجه قناة الجزيرة القطرية باعترافات لـ6 حالات واقعية، تحدثت لـ«الاتحاد».

1 عبدالله: تركونا نموت
أربعون يوماً كاملة قضاها عبد الله الشرقاوي في ميدان رابعة العدوية بالقاهرة معتصماً كعضو تنظيمي في جماعة الإخوان وأحد كوادر الشباب في محافظة الشرقية، لم يفصل بينها إلا زيارات قليلة لمنزله لتغيير الملابس المتسخة وأخذ قسط بسيط من الراحة. ودوافعه في المشاركة كانت كثيرة أهمها الدوافع التنظيمية التي تفرضها الجماعة على أعضائها، وبعض القناعات التي كانت تروجها الجماعة بينهم وأهمها أنهم يدافعون عن الشرعية.
وما بين التجول وسط الاعتصام والقيام بمهام الحراسة ليلاً للمعتصمين، وحضور بعض الدروس داخل الخيم والتي تحث على الثبات وتبين وتشرح الرؤية المستقبلية للأحداث والتي كانت تصب جميعها في إطار اهتزاز معسكر ما وصفوهم بالمعارضين وضعفه وحتمية انتصار شرعيتهم التي يزعمونها، كان الشرقاوي يقضي يومه كما يقول.
ليلة الفض 13 أغسطس كانت آخر ليلة له في الاعتصام، لم يكن يخطط لأن تكون آخر ليلة ولم يكن يعلم أن الفض سيحدث في اليوم التالي، ولكن تركه للاعتصام كان في إطار الزيارات الدورية التي يذهب فيها للاطمئنان على أسرته وتغيير ملابسه وأخذ قسط من الراحة.
يقول الشرقاوي لـ «الاتحاد» عدت صبيحة يوم الفض وشاركت في مسيرة تابعة للإخوان كانوا قد أعلنوا عنها من خلال صفحاتهم على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك»، كانت تستهدف الوصول إلى ميدان رابعة للمشاركة في الدفاع عن الميدان وعدم تمكين الدولة من فض الاعتصام، بالإضافة لتصدير صورة انتفاضة جماعية من عدد كبير من المصريين جميعهم كانوا متوجهين إلى الميدان للدفاع عن المعتصمين في رابعة.
أمام جامعة الأزهر كانت المنطقة محاطة بكردون أمني، شارك الشرقاوي في محاولات اقتحام هذا الكردون كما قال، ولكن لم ينجحوا فعادوا جميعا لأعلى كوبري أكتوبر للدفاع عن أنفسهم بقذف الحجارة.
لم ينقطع التواصل بينهم وبين المعتصمين داخل رابعة طوال هذه الساعات، أبلغوهم بأن هناك سيطرة كاملة من قوات الفض، وكان آخر اتصال بينه وبين أحد زملائه في الميدان في تمام السادسة مساءً أخبره فيها بأن قوات الفض استطاعت السيطرة على الميدان واستسلام بقية المعتصمين وأن هناك ممرات آمنة لخروج من يريد الخروج بالإضافة لحريق المستشفى الميداني، بعدها قرر الشرقاوي العودة إلى منزله فكل الآمال التي رسموها تحطمت على يد قوات الفض.
ثمانية أشهر وكان الشرقاوي في قبضة الأمن المصري بتهمة الانتماء لجماعة محظورة والتظاهر، وخلال فترة السجن الذي استمر لمدة عام تقريباً، تغيرت قناعاته كما يقول لأنه أخذ فرصة للتفكير ومراجعة وتقييم المواقف والتصريحات التي صدرت من قيادات الجماعة وقتها، فما حدث معه يشرحه المثل القائل «ابتعد قليلاً لكي ترى أفضل».
اتضحت الرؤية وأيقن الشرقاوي أنه كان بإمكان الجماعة تجنب كل ما أريق من دماء إذا كانت تحلت بالمرونة ورجعت للخلف خطوات ولكنها لم تكن ترغب في أي حلول أخرى سوى إثبات نفسها في جبهة المنتصر وعدم الاعتراف بالهزيمة أيا كان الثمن حتى ولو كان الثمن هو الدماء، ووجد أن مواقف الجماعة عبر تاريخها وتعاملها مع كل الأنظمة السابقة ومواقفها مع البلدان العربية والإسلامية مواقف مثيرة للدهشة، فتاريخ الجماعة كله مواءمات وتنازلات عكس موقفها في رابعة تماماً.
لم يكن هذا ما توصل إليه الشرقاوي في عزلته فقط، ولكن هناك ما مثل له صدمة، حيث أنه في ظل خطاب المنصة الذي كانوا يروجونه بأنه لا تفاوض ولا حوار ولا تراجع، اكتشف أنه كانت هناك لقاءات تتم بين قيادات الجماعة وقيادات أمنية من دون علم المعتصمين، اجتماعات في الغرف المغلقة لم يتم الإعلان عنها، ولكن عرفوها من خلال تصريحات بعض القيادات حينها ومنهم جمال حشمت. وأضاف «صدرت تصريحات بعد أشهر من عملية الفض من بعض قيادات الجماعة بأن الدولة كانت قد أخطرتهم بميعاد الفض، ولكنهم أخفوا هذا الميعاد عن المعتصمين وتركوهم يواجهون مصيرهم وتزهق أرواحهم دفاعا عن قضية خاسرة».
وبعد الخروج من السجن بدأ الشرقاوي في التعبير عن أفكاره وما كان يدور في ذهنه والنتائج التي وصلت إليه، فانهالت عليه الاتهامات بأنه مشروع «هلباوي» أو «خرباوي» جديد - نسبة للقيادات المنشقة كمال الهلباوي وثروت الخرباوي، وبأنه مريض نفسي وبأنه «أمنجي» وبأنه متساقط على طريق الدعوة ومن هذا الوقت اعتبروه في الجبهة المضادة لهم فهذا مبدأهم من لم يكن معنا فهو علينا.

2 أماني: الجماعة استغلت الأطباء والممرضين
لم يكن دافع أماني أبوزيد في الوجود داخل الاعتصام لما يزيد على 30 يوما مثل دوافع بقية المعتصمين، فبالإضافة للدوافع التنظيمية والدينية والدعوية كان لها دافع إنساني، خاصة أنها تعمل ممرضة في إحدى المستشفيات العامة. إحدى الأخوات التي تعمل طبيبة معها في نفس المستشفى كانت السبب في اتخاذها قرار المشاركة الدائمة في الاعتصام وحثتها على ذلك مناشدة أحد قيادات الإخوان من على منصة رابعة للأطباء والممرضين والصيادلة بضرورة التوجه إلى الاعتصام والمشاركة فيه تحسباً لحدوث أي إصابات بين المعتصمين نتيجة الزحام الشديد والتكدس أو تحسبا لحدوث مواجهات مع الأمن وسقوط جرحى أو مصابين.
في يوم الفض غيرت قناعاتها، حيث أدركت أن الجماعة استخدمت كل من كانوا في أماكن الاعتصام من أجل تحقيق أغراضها السياسية دون أي اعتبارات إنسانية، بل إنها ضللتهم بعدم إعلانهم عن ميعاد الفض رغم علمهم به.
بعد أحداث الفض أدركت أنه كان يمكن للجماعة إنقاذ قتلى رابعة لو أن خطابهم كان عقلانياً، ولكنه وللأسف كان خطاباً صفرياً لا يقبل بحلول وسط وكان خطاباً إقصائياً يتوعد كل المشاركين في ثورة يونيو حتى لو كان من المصريين المؤيدين للمجلس العسكري.
صراع نفسي قاس تعرضت له أماني جعلها تشعر بالذنب من مشاركتها في هذا المعسكر الذي رخص ثمن الإنسان من أجل تحقيق أهداف جماعة لا تعير لحياة المصريين أي أهمية، بل إنها يمكن أن تتآمر على أعضائها من أجل تحقيق أهدافها، وكان عزاءها أن دوافعها من المشاركة فيها جانب إنساني.

3 عصام: كفّروني وكفّروا كل المصريين
عصام إمام هو الصورة الحية لصيد الإخوان ودرسهم الأول في الجماعة «هات خمسة من صحابك»، لم يكن عصام إخوانياً يوماً، لكنه أتى إلى ميدان رابعة، عن طريق صديقه الإخواني الذي أقنعه بأن الدين يحتاج لنصرة، وأن مرسي قد تم عزله عن طريق الكفار، فلم يكن هنا بد لدى عصام سوى نصرة الدين والذهاب لرابعة العدوية.
عصام لم يكمل أياماً قليلة حتى أصبح متأثراً بكل ما هو إخواني قائلا: «تأثرت جداً بما كان يلقيه قيادات ورموز الجماعة على المشاركين في الاعتصام من أنهم ينصرون الدين والشرعية فقمت بإغلاق محل الملابس الخاص بي، وتوجهت إلى رابعة العدوية في النصف الأول من شهر رمضان».
وبعد قرار استمراره في الاعتصام وجد في البداية ترحيباً كبيراً من القيادات الإخوانية والقائمين على تنظيم الاعتصام وكان يقضي يومه ما بين قراءة القرآن وأداء الصلاة والاستماع إلى الخطب الدينية.
وعن السبب في تراجعه يكشف عصام عن أنه وجد أن الاعتصام لا علاقة له بنصرة الدين وكل ما يهم قيادات الإخوان الحكم والوصول إليه بأي طريقة حتى لو كانت المتاجرة بالدين والتلاعب بعقول الشباب فخلال عدة أيام كان يخرج علينا أحد المشايخ بتقليعة جديدة فمنهم من أشاع رؤية الرسول وآخر أقسم أنه شاهد مرسي يؤم المصلين بحضور الرسول الكريم، وكل تلك الأقاويل لا تعقل وبعيدة تماماً عن الدين، وما زاد الطين بلة هو تكفير كل معارضي الجماعة ووصفهم بالخوارج والكافرين.
فضلاً عن الشائعات التي كانت تروج داخل الاعتصام عن أجهزة الأمن وما تفعله بالمسلمين، وخصوصاً المشاركين في الاعتصام وما يتعرضون له من عذاب، وهو ما شاهدت عكسه تماماً أثناء دخولي وخروجي من الميدان، حيث كنت أتحرك بسهولة ويسر وأمام أعين رجال الأمن دون أن يعترض طريقي أحد، بل على العكس كان ضباط الجيش والشرطة يقدمون المساعدة لمن يطلبها، وهنا اكتشفت أن الأمر مجرد تجارة بالدين، ليس أكثر فنفدت بجلدي وتركت الاعتصام بحجة زيارة أسرتي ثم العودة ولكنها كانت خروجاً بلا عودة حتى شاهدت فض الاعتصام في وسائل الإعلام.

4 أحمد: تجارة بالدين
بلحية بيضاء، وسواك في اليد اليمنى، وحبات من كلمات الله في عقد «سبحة» يتحرك بين ثنايا أصابع اليد الأخرى، يحكي أحمد حسين من الفيوم أحد المعتصمين في ميدان رابعة العدوية، شهادته عن الاعتصام، جالسا قرب منصة كانت تدير الدولة التي تمناها الإخوان في مكان لم تتخط عدد أمتاره الكثير».
ويقول أحمد لـ«الاتحاد» أنا لست إخوانياً وأنتمي إلى التيار السلفي وشاركت في اعتصام رابعة نصرة للدين والوقوف بجانب الحق، ولكني صدمت بما كان يحدث في الميدان من ممارسة الفواحش والموبقات».
الصدمة لم تكن كافية على صاحب اللحية البيضاء، نصرة الدين ربما تكون مكلفة، إلا أن الأمر أصبح واضحا كالشمس في وضح النهار حينما رأى الفاحشة أمام عينيه خلف المنصة، قائلا «رأيت بعيني قيادات من جماعة الإخوان يوزعون أقراص الترامادول على عدد من الشباب المشارك في الاعتصام بحجة مساعدتهم علي مواصلة الجهاد وزيادة قدرتهم على العمل المكلفين به داخل الميدان، وكانت تلك الواقعة هي البداية التي جعلته يعيد تفكيره في حقيقة الغرض من هذا الاعتصام وما يفعله قيادات الجماعة».
حان وقت الفراق لأحمد حسين للميدان، وبينما يحمل حقائبه، قبل المغادرة بقليل اكتشف السر الذي لطالما كذّبه على شاشات التلفاز، صفا من الأزواج بشكل أفقي وغرفة مجهزة كان يعتقد أنها لغرض طبي أو أي شيء آخر غير الذي قال عنه الإعلام إنه ممارسة لـ«جهاد النكاح»، وحينما حاول الاستعلام عن الأمر علم أن بعض قيادات الصف الثاني من الجماعة يحضرون زوجاتهم ويمارسون الجنس داخل تلك الغرف بحجة أنه نكاح شرعي .

5 هناء: الشرطة أنقذتني من إرهاب الجماعة
هناء حسين السيد، 25 سنة، إحدى الإخوانيات المنشقات عن التنظيم مؤخراً، ولها قصة كبيرة مع ذلك، تروي رحلة من التجنيد للتبرؤ قائلة: «تم تجنيدي عام 2012 خلال دراستي بكلية العلوم جامعة الفيوم، حيث أقنعتني إحدى زميلاتي بالانضمام لإحدى الأسر الإخوانية، وهو ما تم بالفعل، ووجدت ترحيباً كبيراً من زميلاتي بتلك الأسرة، وكانت البداية لا تتعدى الدروس الدينية وحضور محاضرات لمجموعة من شيوخ وعضوات الجماعة، وكانت الأنشطة عادية جداً لا تتعدى أعمال الخير ومساعدة المحتاجين، وفي تلك الأثناء تعرفت إلى شاب من أعضاء الجماعة وتقدم لطلب الزواج مني، وذلك عبر مجموعة من قادة الجماعة الذين نصحوني بأن الزواج من الإخوة أمر أصيل وبه خير لإنشاء أسرة ملتزمة تنشأ داخل أروقة الجماعة، وهو ما حدث بالفعل وتزوجنا وذلك كان في بدايات 2013».
وأضافت : «في مارس 2013 علمت بحملي بعد أن أصبت بنوبة مرضية وإعياء شديد نتيجة الحمل، ولم يكن زوجي موجوداً، فساعدني أحد جيراننا «ج» وزوجته «ص»، رغم أنهم لا ينتمون للجماعة، لكنهم متدينون وعلى أخلاق عالية، فعلمت بحملي من الطبيبة، واصطحبوني للمنزل وظلوا معي حتى عاد زوجي وشكرهم وانصرفوا، لا أعلم أن هذا الرجل وزوجته سيكونون السبب الرئيسي في اكتشاف كذب وزيف جماعة الإخوان التي كنت أتباهى بالانضمام إليها.
وتضيف هناء «رغم حملي إلا أنني شاركت في اعتصام رابعة العدوية لنصرة مرسي، وذلك رغم إرهاق الحمل الأول، وشاهدت بعض عناصر الجماعة القائمين على تأمين الاعتصام يلقون القبض على بعض الأشخاص بحجة أنهم مدفوعون من الأمن للتجسس على المعتصمين وكانت المفاجأة أنه من ضمن المقبوض عليهم جاري «ج» الذي سبق وساعدني هو وزوجته، فحاولت إقناع الأخوة بإطلاق سراحه بأنني أعرفه وأنه لا علاقة له بالأمن لكنهم رفضوا الاستماع لي وطالبوني بالتوجه للمسؤول عن مكان الاعتصام للشكوى له، ففعلت وزجي فوعدوني بإطلاق سراحه بعد استجوابه دون المساس به، لنفاجأ بتعذيبه وتكبيله مع آخرين وحبسهم داخل إحدى الغرف، وبعد مناقشات ومحاولات من زوجي للتحدث مع الكوادر في الاعتصام تم إطلاق سراحه في اليوم التالي، وكانت تلك النقطة هي بداية إعادة التفكير في الارتباط بالجماعة وصدق ما يروج عنهم».
وأوضحت: «زوجي حاول تبرير الموقف بأنه خطأ غير مقصود، وأن الاعتصام مستهدف، لتكون نقطة التحول الكبرى بعد علمنا بقرب فض الاعتصام، وطلبت من زوجي الرحيل معاً نظراً لحملي، إلا أن القيادات أقنعونا بأن أحاديث الفض مجرد شائعات، وفوجئنا صباحاً بنداءات عبر مكبرات صوت ومنشورات أخرى تحدد لنا أماكن ومسارات آمنة للخروج من الاعتصام دون المساس، لكن كالعادة رفض القيادات رحيل أي منا، وطلبوا منا التمسك بموقفنا، وعدم ترك الاعتصام، وبعد إلحاح مني على زوجي بالرحيل نظراً لهلعي وحملي، فبدأنا في التحرك معاً بأحد المسارات للنجاة، وفجأة أصيب زوجي بطلقتين في ظهره وللأسف كانت الطلقات من عناصر إخوانية وليس أمنية، في محاولة منهم لمنع خروج أي معتصم من الميدان، ومات زوجي في لحظة أمامي، وفوجئت بكوادر إخوانية من الاعتصام حولها وصحبتهم شخص يحمل كاميرا يحاولون التسجيل معي لاتهام الشرطة بقتل زوجي، وتظاهرت بالإغماء حتى لا أفعل ذلك، وبعدها بقليل تمكنت من الخروج بمساعدة بعض الأشخاص ممن رأفوا بحالتي الصحية».
وعن موقفها بعد ذلك تقول «بمجرد خروجي شاهدني أحد الضباط والجنود في حالة إعياء شديدة فهرولوا نحوي، فشعرت برعب شديد، لكنهم ربتوا على كتفي وأحضروا لي ماء، وطلب أحد الضباط من الجنود مساعدتي واصطحابي لأحد النقاط الآمنة خارج المنطقة، وظل معي حتى استقليت سيارة لميدان رمسيس، وصلت الفيوم، وجمعت أسرتي ورويت لهم ما جرى، وقاموا بتحرير محضر بما حدث في الحقيقة بأن زوجي قتل على يد الإخوان، وبعدها فوجئت باتصالات من كوادر إخوانية تطلب مني، التسجيل مع إحدى القنوات واتهام أجهزة الأمن بإجباري وأسرة زوجي على التسجيل مع إحدى القنوات التابعة لهم واتهام الأمن بإجبارنا على اتهام الإخوان مقابل تسليمنا جثمان زوجي وتسهيل دفنه»، رفضت بحجة تعبي، وغيرت هاتفي لكن تلك الوقعة كانت محور تغيير كل اتجاهاتي الفكرية مع الجماعة، ولم أكن الوحيدة في ذلك بل كانت أسرتي وأسرة زوجي.

6 هشام: غرفة عمليات رابعة
هشام السيد هو أحد شباب الإخوان المنشقين كشف لـ «الاتحاد» العديد مما كان يحدث داخل الاعتصام من عمليات تعذيب ممنهجة ضد معارضي الجماعة.
وقال هشام، الحاصل على ليسانس آداب، إنه انضم لجماعة الإخوان في نهاية 2010 علي يد أحد جيرانه، وظل يتدرج في الجماعة حتى أصبح عضواً عاملاً في أحد الأسر الإخوانية، مشيراً إلى أنه فرح جدا بعد وصول مرسي لسدة الحكم، خصوصاً أن الوعود التي كانت تطلقها قيادات الجماعة تتحدث عن تطبيق الشريعة.
شارك هشام في اعتصام رابعة منذ بدايته وكان هذا الاعتصام بمثابة الاختبار الذي أعاده إلى رشده، بحسب قوله.
ويقول هشام إنه تولى تأمين أحد مداخل الميدان ضمن مجموعات التأمين حيث كان يقوم بالاطلاع على هوية من يدخل ويخرج من الميدان وتفتيش أي شخص يشتبه فيه، حتى جاء اليوم الذي اكتشف فيه حقيقة ما يحدث داخل ما يطلق عليه غرفة عمليات رابعة، حيث شاهد بعينيه قيادات الصف الأول من الجماعة يشرفون على عمليات تعذيب ممنهجة بحق بعض الشباب، بل والفتيات ممن يتم الاشتباه بهم، وأثناء عمليات التعذيب كان قيادات الجماعة يرددون على العناصر الإخوانية المسؤولة عن الاستجواب أن هؤلاء الأشخاص خوارج وكفرة وأعداء الدين رغم أنهم مسلمون، ومن هنا كانت بداية نهاية علاقتي بالجماعة، حيث اكتشفت أن ما يقال علنا على المنصة يتم فعل عكسه تماماً، فمن شعار نحن أقوى من الرصاص الذي أطلقه محمد بديع وجدت أن أعضاء الجماعة هم من يستخدمون الرصاص في قتل الأبرياء والتعدي على جميع معارضيهم. كما شاهد هشام ما كان يتم من تعذيب لكل إعلامي أو صحفي من خارج الجماعة يحاول الاقتراب من الاعتصام أو رصد ما يحدث به، وذلك على العكس مما كان يحدث مع صحفيي ومعدي ومصوري قناة الجزيرة وغيرها من القنوات ووسائل الإعلام الداعمة للجماعة.
وأقسم هشام بأنه شاهد شباباً - يعرف بعضهم - يتم تعذيبهم داخل غرفة عمليات رابعة بحجة أنهم مرشدون للأمن أو عملاء وجواسيس.
كما شاهد بنفسه كم السلاح الناري الكبير والمختلف من جميع أنواع الأسلحة يتم تخزينه داخل حرم المسجد، وهنا قرر ترك تلك الجماعة الدموية والعودة إلى الحق والصواب، فطلب من قياداته إجازة قصيرة يزور فيها أسرته على أن يعود في اليوم التالي وهو ما وافقت عليه القيادات ولكنها كانت نهاية علاقاته بالجماعة، حيث عاد إلى منزله وصلى ركعتي استخارة، واتخذ القرار بالبعد عن تلك الجماعة التي تفعل كل شيء من أجل مصالحها وليس مصلحة الدين.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©