مصطفى عبد العظيم (دبي)
ربع قرن مضى على الانطلاقة الأولى لـ«دبي للتسوق»، أشهر وأقدم مهرجانات التسوق في المنطقة وأكثرها جاذبية للسياح والزوار وأعلاها رواجاً في حركة المبيعات والصفقات التجارية، دون أن يخفت بريقه أو أن يضل طريقه نحو لعب دوره الذي انطلق من أجله في منتصف تسعينيات القرن الماضي.
ورغم التحولات الكبيرة التي شهدتها دبي خلال السنوات الماضية وتوسعها الذي ضاعف من مساحتها العمرانية لأكثر من مرة وتمددها في كل الاتجاهات، بقي مهرجان دبي للتسوق حدثاً «استثنائياً» يترقبه الجميع في يناير من كل عام، خاصة القطاع الخاص الذي يرتكز عليه في تعزيز مبيعاته وتسويق منتجاته أمام ملايين الزوار من الداخل والخارج.
وأكد مسؤولون في القطاع الخاص بالإمارة الدور المحوري الذي لعبه المهرجان خلال مسيرته في ترسيخ مكانة دبي كوجهة عالمية للتسوق عبر دوراته المختلفة ونجاحه في تحفيز القطاعات الاقتصادية المختلفة ودعم النمو، لافتين إلى أن الدورة الحالية لمهرجان دبي للتسوق هي احتفاء باليوبيل الفضي «للتفوق».
وطالبوا في الوقت ذاته بأهمية العمل على صياغة رؤية جديدة للمهرجان تواكب التحولات الضخمة والمتسارعة التي تشهدها دبي من أجل الحفاظ على علامة مهرجان دبي للتسوق نابضة كنبض دبي.
ومنذ انطلاقة الدورة الأولى لمهرجان دبي للتسوق في عام 1996، والتي استمرت لمدة 43 يومياً، استطاع المهرجان أن يغير مفاهيم مهرجانات التسوق التي كانت سائدة في العالم خلال تلك الفترة وأن يصنع لدبي نموذجاً مختلفاً يمزج بين عروض التسوق الاستثنائية والمفاجآت والسحوبات والترفيه وصنع المليونيرات وتحطيم الأرقام القياسية، الأمر الذي جذب إليه ملايين الزوار من مختلف أنحاء العالم وازدهرت مع الأنشطة الاقتصادية والتجارية بشكل سريع.
انتعاش مبيعات التجزئة
وأكد ماجد سيف الغرير رئيس مجلس إدارة مجموعة مراكز التسوق في دبي أن مهرجان دبي للتسوق شَكل منذ انطلاقته قبل 25 عاماً عاملاً رئيساً في دعم ازدهار قطاع التجزئة في دبي وبناء سمعة عالمية لهذا القطاع جعلت الإمارة عاصمة عالمية للتسوق، مشيراً إلى أن مبيعات مراكز التسوق والمحال التجارية ترتفع بشكل كبير خلال فترة المهرجان بفضل النمو الكبير في حركة السياحة الخارجية والطلب المرتفع من الداخل مع إقبال الأسر والعائلات على الشراء للاستفادة من التخفيضات والعروض الكبيرة التي تقدمها هذه المراكز خلال فترة المهرجان.
وقال رئيس مجموعة مراكز التسوق في دبي لـ«الاتحاد» بنجاح مهرجان دبي للتسوق في الحفاظ على سمعته كأحد أشهر مهرجانات التسوق في المنطقة والعالم عبر مسيرة امتدت لربع قرن، مشيراً إلى الدور الذي لعبه المهرجان في مواكبة التطور المتسارع لمدينة دبي والمشاريع الكبيرة التي شهدتها الإمارة خلال السنوات الماضية.
وشدد على أهمية أن يواصل المهرجان عمليات تطوير فعالياته بما يتواكب مع التوسع الذي تشهد دبي في جميع المجالات. وشهدت دبي خلال السنوات الماضية تطوّرات كبيرة على مختلف الصعد، وباتت واحدة من أرقى المدن العالمية التي تحتوي بنية تحتية تعتمد أعلى معايير الجودة والتميّز، والتي من بينها مراكز التسوق الكبيرة، والفنادق الفاخرة، والمرافق المتطوّرة، وأنظمة الاتصالات والنقل المبتكرة، كما شهدت إحدى الدورات افتتاح برج خليفة الذي أصبح معلماً سياحياً عالمياً، كما تم افتتاح العديد من الوجهات الجديدة والمتنزهات، وساهمت هذه النهضة في تعزيز تجربة الزائر للمدينة.
وفيما شكّل المهرجان منذ انطلاقته نقطة تحوّل لقطاع التجزئة، فقد نجح أيضا في ترسيخ مكانته كواحد من أكبر وأهم المهرجانات في المنطقة وساهم باستقطاب ملايين الزوّار من مختلف أنحاء العالم لزيارة دبي والاستمتاع بأجوائه الاحتفالية، واستطاع أن يقدّم تجارب تسوّق مميّزة لزوّاره مع ارتفاع عدد مراكز التسوّق التي تجاوز عددها اليوم 100 مركز.
بريق الذهب
وخلال فترة المهرجان، وعلى مدى ربع قرن يشهد قطاع الذهب والمجوهرات انتعاشاً استثنائياً يزداد معه بريق الذهب لمعاناً في مدينة الذهب التي منحت المتسوقين عبر مسيرة المهرجان جوائز ذهبية تصل قيمتها إلى أكثر 900 كيلو جرام من الذهب.
وأكد توحيد عبد الله، رئيس مجلس إدارة مجموعة دبي للذهب والمجوهرات، أن مهرجان دبي للتسوق يشكل بالنسبة لقطاع الذهب والمجوهرات أحد أهم مواسم الانتعاش في المبيعات على مدار العام، حيث تترفع خلال نسبة المبيعات، بما يتراوح بين 30 إلى 40% مقارنة بالأشهر الأخرى خلال العام.
وأوضح أن قطاع الذهب والمجوهرات يعد أحد أبرز القطاعات استفادة من الزخم الاستثنائي الذي يحدثه المهرجان بفضل الترويج الكبير الذي يستقطب معه ملايين الزوار الذين يسعون لاقتناص فرصة التخفيضات والعروض والجوائز الاستثنائية التي يقدمها تجار الذهب في الإمارة، والتي تصل إلى أكثر من 5 ملايين درهم. وأفاد عبد الله بأن الطلب على شراء الذهب خلال المهرجان يزيد بشكل كبير من السياح القادمين إلى دبي خاصة من الجنسيات الآسيوية التي تعتبر شراء الذهب من دبي عنصراً أساسياً من برنامج زيارتهم لمدينة الذهب، وأن منهم من يأتي محملاً بطلبات للشراء من للأقارب والأصدقاء في بلاده وذلك للاستفادة من فارق الأسعار والعروض الكبيرة التي تقدمها دبي بمناسبة المهرجان.
ويلفت رئيس مجلس إدارة مجموعة دبي للذهب والمجوهرات، إلى أنه رغم التوسع الكبير الذي شهدته دبي خلال الربع قرن الماضي على صعيد العمران والأعمال والأنشطة التجارية وتضاعف المراكز التجارية بشكل كبير، إلا أن الانعكاسات الإيجابية لمهرجان دبي للتسوق على بعض القطاعات ومنها قطاع الذهب والمجوهرات ظلت ملموسة بشكل بارز وهو الأمر الذي يعكسه الإقبال الفائق من تجار الذهب في الإمارة على المشاركة في عروض وجوائز المهرجان كل عام، مشيراً إلى أن نحو، أن نحو 200 تاجر تجزئة في قطاع الذهب والمجوهرات، يتبع لهم 500 متجر في مختلف أنحاء دبي، يشاركون في دورة هذا العام من المهرجان من خلال تقديم جوائز بقيمة أربعة ملايين درهم لمتسوّقي المشغولات الذهبية والمجوهرات. وقال إن مجموعة دبي للذهب والمجوهرات أطلقت 13.3 ألف عُملة ذهبية تم إصدارها بشعار «دبي مدينة الذهب»، تشمل 3300 عُملة يتم منحها للفائزين بالجوائز، فيما سيتم طرح الـ10 آلاف عُملة المتبقية للبيع كهدايا تذكارية في الأسواق.
نمو التحويلات
ولم تقتصر الجوانب الإيجابية لمهرجان دبي للتسوق خلال مسيرته على قطاعات التجزئة والسياحة والضيافة فحسب، بل امتدت بشكل مباشر أيضا إلى قطاع الصرافة والتحويلات المالية الذي يشهد بدوره نمواً في أعماله خلال فترة المهرجان يتراوح بين 10 إلى 15% مقارنة مع بقية اشهر العام، مستفيداً من الرواج الكبير في التدفقات السياحية لدبي خاصة من الأسواق الخليجية وما ينتج عنه من ارتفاع الطلب على التحويلات المالية.
وأشار أسامة حمزة آل رحمة، المدير العام للفردان للصرافة إلى نجاح مهرجان دبي للتسوق خلال مسيرته في تعزيز مكانة دبي على الخريطة السياحية العالمية، وأن يرسخ مكانته المهرجان من مكانته عاماً بعد عام كموسم جذب رئيس للسياح والزوار من مختلف أنحاء العالم، ولاسيما من الدول الخليجية، لما يتضمنه من فعاليات متنوعة، وما يقدمه من جوائز قيمة، فضلاً عن العروض الترويجية التي تتنافس مختلف القطاعات والمحال التجارية على طرحها لجذب جمهور المتسوقين والزوار، وعلاوة على كل ذلك بدء الإجازات المدرسية في دول مجلس التعاون الخليجي.
وأشار آل رحمة إلى أن الحراك السياحي والتجاري والترفيهي الذي يحدثه المهرجان ينعكس إيجاباً على حجم العمل والتبديل النقدي للعملات في ظل تدفق هذا العدد الكبير من الخليجيين والسياح الأجانب، حيث يزداد الطلب على الدرهم الإماراتي، معتبراً مهرجان دبي للتسوق أحد أهم وأضخم الأحداث التي تقام في دبي، ويسهم في توطيد سمعة دبي وجهة أولى للتسوق في المنطقة.
بوصلة للسائح
من جهته، قال غسان العريضي، الرئيس التنفيذي لألفا لإدارة الوجهات، إن الفعاليات التي تنظمها دبي منذ سنوات طويلة، وفي مقدمتها مهرجان دبي للتسوق ساعدت بشكل كبير على تدفق الحركة السياحية القادمة إلى الإمارة، مشيراً إلى أن مهرجان دبي للتسوق شكل عبر مسيرته بوصلة السائح الخليجي والعربي في بداية كل عام، حيث يحرص الجميع على زيارة دبي للاستمتاع بفعاليات المهرجان.
وأشاد العريضي بالدور الكبير لمهرجان دبي للتسوق في تعزيز مكانة دبي منذ سنوات طويلة لأن تصبح عاصمة للتسوق وأن تجذب إليها أعداداً سياحة كبيرة خلال موسم المهرجان، وأن يضع التسوق ضمن أدوات الترويج السياحي الرئيسة لدبي في مختلف الأسواق الخارجية، خاصة الخليجية.
ميشال عياط: تجارب تسوق فريدة
قال ميشال عياط، الرئيس التنفيذي للعربية للسيارات، إن مهرجان دبي للتسوق أسهم عبر مسيرته خلال 25 عاماً، في تعزيز مكانة دبي على مستوى العالم، وساعد في الترويج لها وإكسابها صورة متميزة، منوهاً بالشراكات الاستراتيجية التي أسستها مؤسسة دبي للمهرجانات والتجزئة منذ الانطلاقة الأولى للمهرجان مع العديد من الشركات الكبرى في القطاع الخاص والتي أسهمت من خلال دعمها بتقديم تجارب تسوق فريدة للمواطنين والمقيمين والزوار على حد سواء.
ولعب قطاع السيارات في دبي دوراً بارزاً في مهرجان دبي للتسوق خلال السنوات الماضية من خلال تقديم مئات السيارات جوائز للمتسوقين عبر السحوبات اليومية والأسبوعية والنهائية في المهرجان والتي كان لها أثر كبير في تعزيز وتحفيز مبيعات السيارات خلال موسم المهرجان بشكل ملحوظ مقارنة مع بقية اشهر العام.
وقال عياط إنه ومن خلال التعاون مع مؤسسة دبي للمهرجانات والتجزئة تم خلال دورة اليوبيل الفضي للمهرجان إطلاق حملات استثنائية، متوقعاً أن يواصل المهرجان وشركاؤه خلال دورته الحالية التي تتزامن مع انطلاقة عقد جديد العمل على ترك بصمة واضحة لتمهيد الطريق أمام دبي لتحقيق المزيد من النمو خلال العقد الجديد وبعده.
وأضاف: ارتكز نجاح المهرجان بشكل أساسي منذ انطلاقته على التعاون القائم بين مختلف الدوائر الحكومية ومؤسسات القطاع الخاص لتطوير خطط طموحة وفعاليات مبتكرة تسهم في دفع عجلة تطور الإمارة على مختلف الأصعدة وترسيخ مكانتها كواحدة من أكثر المدن تطوراً في العالم، حيث لعب الشركاء الاستراتيجيون والرعاة دوراً مهماً في تقديم الدعم الكبير لفعالياته المختلفة وتنظيم العديد من الأنشطة الترفيهية والعروض الترويجية.