فاطمة عطفة (أبوظبي)
تتبدى أهمية العرض المسرحي في كونه عملاً جماعياً يجعل المشاهد ينفعل مع أحداثه الدرامية ويندمج فيها دون أن يبقى متفرجاً حيادياً من بعيد، وهكذا يشارك الجمهور الممثلين في الأداء الفكري والثقافي للعمل.. هذا ما عبرت عنه مسرحية «واسيني» للمخرج صالح كرامة العامري التي جرى عرضها في مقر جمعية الصحفيين بأبوظبي أول أمس، موضحة من خلال تصاعد أحداثها أن وحدة الفريق مهمة في تحقيق الهدف بحيث لا يسمح لأي واحد بالخروج عن منظومة العمل التي تجمعه تحت أي ظرف ولا بأي إغراء، ولو كان مبلغاً كبيراً، أو ثروة خيالية.
وهذا العرض، وفق ما قال المخرج صالح كرامة العامري، في نهايته «نسخة جديدة من عرض كنت قد قدمته سنة 2014، لكنني في العرض الحالي اشتغلت على تطوير أداء التمثيل، كما أنني عدت بهذا العرض إلى الواقعية المسرحية، بحيث أترك مساحة لمخيلة الممثل ولمبادرته العفوية، لأن الأداء العفوي على المسرح قريب من الأداء السينمائي مما يرتقي بالممثل.
وفي لقاء مع«الاتحاد»، عقب العرض تحدث العامري عن تجربته في المسرح الإماراتي والعالمي، فقال: المسرح هو في جوهره ممارسة للديمقراطية من خلال الفن، وهو عنصر مهم جداً على صعيد الارتقاء بالفكر والثقافة، فهو يقوم على عملية المصارحة والبوح والمكاشفة، بل ويخلق لدى المتلقي نوعاً من الصدمة الفكرية، وعندما يخرج يجد أنه وقع تحت تأثيره وفي شراكه، وهذا ما حدث معي شخصياً حين ذهبت إلى أفينيون في فرنسا، فلقد وجدت أن المفكرين هم أول من يرتادون المسرح ولمست القرابة المتينة بين المسرح والفكر.
ورداً على سؤال حول الكيفية التي ينظر بها إلى المسرح الإماراتي والعربي، أجاب العامري: المسرح الإماراتي هو امتداد وصدى للمسرح العربي، وبالتالي غير منفصل عما يشهده المسرح العربي من إحباط أو ازدهار، ولا ننسى أن الكثير من المدارس العربية كانت قد أثرت في المسرح الإماراتي، مثل مسرح جواد الأسدي، وعوني كرومي، وإبراهيم جلال، وفاروق أوهان، جميعهم أسسوا للمسرح، كما أسسوا للحركة المسرحية في الإمارات، لكن المسرح العربي ظل في تصاعد وهبوط، حسب الحالات الفكرية السائدة. المسرح ربيب الحرية، كلما أعطيته حرية أعطاك فناً وفكراً، وهو أيضاً ربيب المادة يحتاج أن تصرف عليه، ليغتني ويتطور.
وفي ظل الحداثة والتطور التقني وسيطرة وسائل الاتصال الاجتماعي، هل يواكب المسرح ما يجري في الدولة؟ قال العامري: في فترة زمنية معينة واكب المسرح الثقافة ثم أخفق لأن بعض الفنون الأخرى سطت عليه، مثل التشكيل و«السوشيال ميديا» التي أصبحت الآن موغلة في تحدي المسرح.
وحول تواصل مسرح صالح العامري مع الجامعات، أشار إلى أنه حاول كثيراً، لكن لم يحظَ بالفرصة للعرض في الجامعات، رغم أنه اشتغل على كتابة نصوص للجامعات وترجمت للإنجليزية، لكن التواصل ظل محدوداً جداً، ويفترض أن تتفاعل الجامعات والمؤسسات الثقافية الأخرى مع المسرح لأن الجامعات همزة وصل بيننا ونستفيد منهم.
ومع تطور الرواية في الإمارات، لماذا لم تستفد السينما والمسرح من هذه الروايات وتحويلها إلى نصوص سينمائية أو مسرحية، قال:«أعتقد أن بعض الروايات مفيدة، ويمكن أن تتحول إلى عمل مسرحي أو مسلسل درامي، لكن السينما لم تصل بعد إلى الاستفادة من هذه الكتابات.
وأخيراً، ما هو العمل المقبل؟ أجاب: عمل محلي بعنوان: «سنة أولى»، وهو عمل كان قد قدم من قبل، وسوف أضيف عليه أشياء جديدة وأقدمه بحلة أخرى مختلفة عما سبق.
أبو الريش: نص يُسائل المجهول
قال الروائي علي أبوالريش الذي حضر العرض: إن من أهم ميزات النص المسرحي «واسيني» أنه يطرح أسئلة ويذهب في المجهول، وهذا مهم اليوم في المسرح العالمي، فهو لا يضع إجابات جاهزة، إنما يأتي بأسئلة مفتوحة، وعلى المشاهد أن يضع قناعاته ليصل لنتائج خاصة بها. وأضاف: العمل متميز خاصة أنه جاء بجهد فردي وضمن الأدوات المتاحة، كما أنه يقدم لنا مجموعة من الشباب أدوا أداء جيداً. وأثنى أبو الريش على الجهد المبذول في العمل، مؤكداً أنه كمشروع شخصي يعتبر إنجازاً كبيراً ومهماً جداً.