شادي صلاح الدين (لندن)
أكدت صحيفة «ذا إيكونوميست» البريطانية أن عمليات الاستيلاء على السلطة التي قام بها الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، جعلت البلاد أقرب إلى «جيرانها الشرقيين»، وجعل طلبها لعضوية الاتحاد الأوروبي «مزحة»، مضيفة أن حصول تركيا على نظام الصواريخ الروسي هذا الشهر، أدى إلى استبعادها من برنامج الطائرة المقاتلة طراز F-35 التابع للناتو، كما أن فرض الاتحاد الأوروبي في الخامس عشر من يوليو عقوبات على التنقيب عن الغاز في المياه المحيطة بقبرص، تسبب في ازدياد الموقف سوءاً، وأصبح انضمامها للتكتل الأوروبي صعباً جداً.
وأشارت الصحيفة إلى أن أردوغان يعمل على تدمير كل ما حاول مصطفى كمال أتاتورك القيام به من إرساء علاقات قوية لتركيا مع أوروبا والغرب بعد انهيار الإمبراطورية العثمانية، مشددة على أنه بعد حوالي قرن من الزمان يقوم رجب طيب أردوغان بالسير بأنقرة في اتجاه عكسي.
ولفتت الصحيفة إلى أن عدم تمكن الاتحاد الأوروبي من وقف انجراف تركيا أمر محرج، وأن الاتحاد في بعض الأحيان كان تصالحياً، خاصة أثناء أزمة الهجرة عندما وافقت تركيا على العمل كحارس حدود لها مقابل المال والتأشيرات، غير أن الاتحاد الأوروبي اتخذ مواقف قوية عندما ظهر النظام الاستبدادي في تركيا، ورفض فرص انضمامها وفرض الآن عقوبات على مخالفات أردوغان. وأشارت الصحيفة إلى أن العقوبات الأوروبية على أنقرة جاءت بسبب إصرار تركيا على إرسال 3 سفن للقيام بأعمال التنقيب عن الغاز قبالة سواحل قبرص، موضحة أن العقوبات تتضمن تخفيض المساعدات المالية وتعليق اتفاقية الطيران ووقف المحادثات رفيعة المستوى.
وأضافت: في مقابل ذلك تجاهلت تركيا هذا الأمر واعتبرته «بلا أهمية» وتعهدت بإرسال سفينة رابعة إلى المنطقة، مشيرة إلى أنه يجب على الاتحاد الأوروبي أن يكون أكثر فعالية هذه المرة.
وأوضحت أن أردوغان يدرك أن أوروبا تحتاج إلى تعاون تركيا في مجال الهجرة والإرهاب، كما أن الانهيار التركي من شأنه أن يرسل الصدمات الاقتصادية أو موجة جديدة من المهاجرين إلى البر الرئيس الأوروبي، مشيرة في هذا الصدد إلى أن أردوغان استغل ذلك، وهدد بالفعل في 22 يوليو بتعليق صفقة الهجرة بسبب عقوبات الاتحاد الأوروبي.
وذكرت الصحيفة أن أياً من هذه الأعذار بالنسبة لأوروبا «غير مقنعة»، وأن إبقاء تركيا في متناول اليد، بينما تتطلع إلى نهاية عصر أردوغان «لا يخدم مصالح أوروبا»، خاصة أن اقتصاد البلد أصبح مرة أخرى على حافة أزمة العملة، كما أن صفقة الصواريخ الروسية تقوض الأمن الغربي. ونقلت عن مارك بيريني، سفير الاتحاد الأوروبي السابق في أنقرة قوله إن تركيا الفوضوية المنعزلة بصعوبة لن تصنع شريكاً موثوقاً به لأوروبا - فيما يتعلق بالهجرة أو الإرهاب أو أي مسألة أخرى. وقالت الصحيفة، إن أردوغان أضعف مما يبدو عليه، وتنخفض معدلات شعبيته، وفي الانتخابات الإقليمية في الربيع الماضي، فقد حزب العدالة والتنمية سيطرته على أكبر ثلاث مدن في البلاد، بما في ذلك إسطنبول.
وأضافت: قريباً قد تطلب تركيا أيضاً مساعدة اقتصادية خارجية. وفي وقت يشهد هذا الضعف السياسي والاقتصادي، فإن الثقل الاقتصادي للاتحاد الأوروبي وحده - يبلغ إجمالي الناتج المحلي له 24 ضعفاً من وزن تركيا - يمنحه نفوذاً هائلاً.
واختتم التقرير بأنه يجب أن يتم تقديم عدد من الإغراءات للنظام التركي لإعادته إلى الحظيرة الأوروبية، كما يجب أن يكون هناك عدد من الإجراءات والعقوبات على أردوغان، كدليل على الجدية الأوروبية.