محمد صلاح (رأس الخيمة)
أكد عدد من الخبراء وأساتذة الجامعات، أن الدورة المقبلة للمجلس الوطني الاتحادي تأتي استكمالاً للمراحل الثلاث السابقة والتي نجحت من خلالها الإمارات في تقديم تجربة برلمانية متميزة لها إسهاماتها المقدرة على المستوى الدولي.
كما تأتي هذه الدورة بعد نضوج التجربة البرلمانية، وإثبات أبناء الوطن قدرتهم في العمل البرلماني على المستوى الداخلي أو عبر التمثيل في البرلمانات الدولية، وفي الوقت نفسه حذر الخبراء المرشحين للدورة المقبلة من الإسراف في الوعود الانتخابية، وضرورة الفهم الدقيق لدور المجلس وصلاحياته، وفق ما حدده دستور الدولة، مؤكدين ضرورة أن تكون هناك ندوات تثقيفية لجميع المرشحين قبل الانتخابات بوقت كافٍ.
وقال الدكتور عتيق جكة أستاذ الإدارة الحكومية بقسم العلوم السياسية في جامعة الإمارات، نائب مدير الجامعة لشؤون الطلبة: إن تجربة الإمارات البرلمانية تجربة رائدة لما حققته من نجاحات على المستويين المحلي والدولي، مشيراً إلى أن هذه النجاحات تستدعي أن يكون العضو المرشح على وعي تام بدور المجلس الوطني أولاً ودوره كعضو فاعل داخل هذا المجلس، وعليه يجب أن يكون ملماً باللوائح الداخلية للمجلس والبنود الدستورية المنظمة لعمل المجلس حتى تكون وعوده الانتخابية ترجمة للتطلعات الوطنية واحتياجات أبناء الوطن، خاصة أن الهيئات الانتخابية التي يتطلع المرشح للحصول على أصواتها تتميز بالوعي والثقافة العالية والتي تستطيع تفنيد الوعود الانتخابية للمرشحين، والتأكد من مدى انسجامها مع الواقع.
وتابع: لزاماً على المرشح الاطلاع على التجربة الوطنية للمجلس الوطني خلال دوراته السابقة لزيادة وعيه بدور المجلس والاستفادة منها عند مخاطبة الجمهور والناخبين بعيداً عن العواطف والوعود غير المنطقية والتي تكشف مدى إدراك البعض لدور المجلس الوطني من عدمه.
وأشار د. جكة إلى أن التجارب السابقة أثبتت أن الهيئات الانتخابية على وعي تام وقدرة على التمييز بين البرامج الجادة الحقيقية للمرشحين وبين البرامج الدعائية غير الواقعية التي تخرج أحياناً عن اختصاصات المجلس، لافتاً إلى أن هذا الوعي هو الضمانة الحقيقية لوصول المرشح الكفء لكرسي البرلمان.
أبناء الوطن على قدر المسؤولية
وقال الدكتور عبدالله الطابور، الباحث، إن أبناء الوطن على قدر المسؤولية الملقاة على عاتقهم سواء أكانوا ناخبين أو مرشحين للمجلس الوطني الاتحادي، مطالباً بأن يطرح كل مرشح برنامجه الانتخابي وفق فهم دقيق لدور المجلس الوطني وصلاحياته، ويمكن الاستفادة من التجارب السابقة للمجلس والتي كشفت عن عدم إلمام البعض بهذا الدور، وتبرز الحاجة في هذا الجانب إلى ضرورة عقد الندوات التثقيفية من قبل أمانة المجلس الوطني، بحيث يكون حضور هذه الندوات شرطاً لقبول أوراق الترشح من جهة ولمساعدة المرشحين في إعداد برامجهم الانتخابية بطريقة صحيحة من جهة أخرى.
وأضاف: من واقع الدورات السابقة للمجلس، فإن الكثير ممن طرحوا وعوداً انتخابية فضفاضة ودون إلمام بدور المجلس خسروا المنافسة على مقاعد المجلس، مشيراً إلى أن الناخبين يختارون دائماً الكفاءة ومن له قدرة على العطاء ونقل وجهة النظر بطريقة صحيحة. وأكد الطابور أن الإسراف في الوعود ينمّ عن عدم إدراك لدور المجلس وصلاحياته، ولهذا فإن وجود المرشح الواعي المثقف أمر ضروري بغض النظر عن برنامجه الانتخابي الذي سيكون أقرب للواقعية، كما يعكس وصول هذا المرشح للمجلس وعي الناخب الذي سيمنح هذا المرشح صوته خلال عملية الاقتراع، مشدداً على أن بعض المرشحين الذين يترشحون للمجلس يرغبون في تحقيق مكاب شخصية لهم عبر الاستفادة من المزايا التي يقدمها المجلس لأعضائه، وبعض هؤلاء المرشحين الذين وصلوا لكراسي المجلس في الدورة الماضية يستعدون حالياً لخوض معترك المنافسة من جديد للحفاظ على هذه المزايا لا أكثر ولا أقل.
وتابع: أدعو جميع المرشحين للاطلاع والقراءة عن العمل البرلماني وألا تقتصر قراءتهم واطلاعهم على تجارب المجلس الوطني الاتحادي، بل يجب أن تتخطى محيطنا العربي ليكون المرشح ملماً بنشأة البرلمانات في العالم وتطور دورها عبر السنوات الماضية. ومن ناحيته، قال نجيب عبدالله الشامسي، الكاتب والباحث، إن الإمارات قطعت شوطاً مهماً في العمل البرلماني منذ الدورة الأولى للمجلس الوطني التي انطلقت في العام 2006 وحتى الدورة الرابعة التي سيتنافس عليها المرشحون، مشيراً إلى أن هذه الفترة أوجدت الثقافة الانتخابية التي يستطيع المرشحون الاستفادة منها خلال حملاتهم الدعائية التي يجب أن تتماشى مع تطلعات أبناء الوطن، وأن تكون بعيدة عن الوعود المطاطة وغير الواقعية.
وأكد ضرورة أن تكون برامج المرشحين الانتخابية واقعية ومستندة على ركيزة أساسية هي شخصية المرشح ودوره المجتمعي الفاعل، لافتاً إلى أن بعض المرشحين يغفلون هذه الجوانب ويتقدمون بأوراق ترشحهم دون أي رصيد مجتمعي يتناسب مع دور عضو المجلس الوطني، لافتاً إلى أن البعض يعتقد أن الدعاية ووسائل التواصل الاجتماعي قد تكون كافية، وعوضاً عن الدور المجتمعي الحقيقي للمرشح في مجتمعه وبين أصدقائه ومعارفه، مؤكداً أن هذا التفكير يؤدي لنتائج عكسية على المرشح.