أسماء الحسيني (القاهرة، الخرطوم)
يستأنف المجلس العسكري الانتقالي في السودان وقوى الحرية والتغيير اليوم في الخرطوم عملية التفاوض بشأن ترتيبات الفترة الانتقالية، عقب اتفاق قوى التغيير والجبهة الثورية في أديس أبابا الثلاثاء الماضي على الإسراع بإنجاز الاتفاق حول وثيقة الإعلان الدستوري التي ستحكم الفترة الانتقالية في السودان.
وتوقع محمد حمد سعيد، الأمين السياسي لتحالف «نداء السودان»، المكون الأبرز لقوى الحرية والتغيير، في تصريحات لـ«الاتحاد»، أن الأسبوع المقبل سيكون أسبوعاً حاسماً لعدد من ملفات التفاوض. وأعرب محمد سيد أحمد سر الختم، القيادي بقوى الحرية والتغيير، لـ«الاتحاد» عن تفاؤله باتفاق وشيك خلال أيام.
يأتي ذلك في وقت، اعترف فيه الفريق أول هاشم عبدالمطلب، رئيس أركان القوات السودانية المشتركة السابق، بقيامه بالمحاولة الانقلابية الأخيرة التي أحبطها المجلس العسكري قبل أيام. وأقر عبدالمطلب في مقطع فيديو تداولته مواقع إخبارية سودانية على نطاق واسع بانتمائه للحركة الإسلاموية السودانية- التابعة لجماعة «الإخوان».
وقال عبدالمطلب، خلال التحقيق الذي أجراه معه نائب رئيس المجلس العسكري الفريق أول محمد حمدان دقلو (حميدتي) كما يبدو من الصوت في الفيديو، إنه تراجع عن فكرة تنفيذ الانقلاب على المجلس بعد أن نصحته قيادات إسلاموية بذلك، في محاولة على ما يبدو منه لتبرئة الحركة الإسلاموية من المشاركة في الانقلاب، لكنه في الوقت نفسه أكد تبعيته للحركة، وأشار إلى أنه تعلم على يد أمين الحركة الإسلاموية الزبير محمد الحسن، وعلى كرتي القيادي بحزب المؤتمر الوطني الحاكم سابقاً ووزير الخارجية الأسبق، بجانب عوض الجاز ونافع علي نافع القياديين بالتنظيم الإسلاموي وبالنظام الحاكم في السودان سابقاً. وزعم قائد المحاولة الانقلابية أن هذه القيادات الإسلاموية اتصلت به ونصحته بعدم تنفيذ الانقلاب لتفادي سفك الدماء.
وفى الوقت نفسه، أكدت قيادات من قوى الحرية والتغيير أنها تأكدت من حقيقة المحاولة الانقلابية. وقال عمر الدقير، رئيس حزب المؤتمر السوداني، والقيادي بقوى الحرية والتغيير، لـ«الاتحاد»: «تأكدنا من مصادرنا بأن الانقلاب حقيقي، وتم تدبيره من عناصر تتبع الحركة الإسلاموية».
وأكدت مصادر سودانية مطلعة لـ«الاتحاد» أن الاعتقالات ما زالت مستمرة في صفوف الإسلامويين، مدنيين وعسكريين، وأن محاولة الانقلاب الفاشلة ستجر الويلات على التنظيم الإسلاموي «الإخواني» في السودان.
وأضافت المصادر أن السلطات السودانية اعتقلت سيد الخطيب، أحد القيادات الإسلاموية المهمة، وهو مدير مركز الدراسات الاستراتيجية بالخرطوم، وكان يشغل منصب مدير مكتب حسن الترابي، عراب وزعيم الحركة الإسلاموية في السودان.
ومن جانبه، قال الإعلامي السوداني عز الدين إبراهيم لـ«الاتحاد» إن المجلس العسكري يبدو أنه حزم أمره وقرر الانحياز للثورة، وقرر إقصاء الإسلامويين تماماً من المشهد السياسي.
وتساءل الكاتب السوداني صلاح شعيب، إذا كان عبدالمطلب قد اعترف بأنه ظل مجنداً في صفوف الحركة الإسلاموية منذ أن كان ملازماً حتى وصل إلى قيادة هيئة الأركان المشتركة، فكم عدد الإسلامويين داخل الجيش من المجندين الذين أدوا القسم أمام مسؤولي التنظيم الإسلاموي ليعملوا لمصلحته، وليس لمصلحة القوات المسلحة أو الوطن. وقال شعيب: «لا أعتقد أن حال البلاد سيستقيم ما لم تتم إعادة هيكلة المؤسسات النظامية جميعاً حتى تتعافى».
وأضاف أن تصريحات عبدالمطلب تضعنا أمام حقيقة الإسلامويين المندسين داخل أجهزة الدولة، ولكنهم وفقاً لفقه الضرورة يظهرون خلاف ما يبطنون، حتى إذا سنحت لهم الفرص ظهروا على حقيقتهم.
وأعرب شعيب عن اعتقاده بأن عمل الحكومة المدنية مع وجود هؤلاء المندسين الذين يدينون بشكل مطلق للحركة الإسلاموية، يهدد تنفيذ كل الأحلام والشعارات التي حملها الثوار، ما دام هناك خلايا نائمة للإسلامويين في كل مراكز الدولة.