23 أكتوبر 2008 23:38
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ''إن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة، وإن الرجل ليصدق حتى يكتب عند الله صديقًا، وإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدى إلى النار، وإن الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذابا''· رواه ابن مسعود، رضي الله تعالى عنه، وأخرجه البخارى، وقال عليه أفضل الصلاة والسلام أيضا: ''دع ما يريبك إلى ما لا يريبك، فإن الصدق طمأنينة، والكذب ريبة'' رواه الترمذى، وقال: حديث صحيح· وكذلك قال النبى صلى الله عليه وسلم: ''البٍّيعان بالخيار ما لم يتفرقا، فإن صدقا وبينا بورك لهما فى بيعهما، وإن كتما وكذبا محقت بركة بيعهما''· رواه أبو خالد حكيم بن حزام ـ رضى الله عنه ـ وأخرجه البخارى فى كتاب البيوع·
جمعت هذه الأحاديث صفات الخير التى تنفع المسلم في الدنيا والآخرة، وحتى ترغب في الصدق وتحذر من الكذب يقول الله تعالى: يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم سورة الأحزاب وقوله سبحانه وتعالى: ··· إن الله لا يهدي من هو مسرف كذاب سورة غافر وقوله تعالى: ويوم القيامة ترى الذين كذبوا على الله وجوههم مسودة سورة الزمر وقوله تعالى: إنما يفتري الكذب الذين لا يؤمنون بآيات الله سورة النحل·
ويقول الشيخ طه عبد الله العفيفى إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أوضح ذلك فى قوله: (اضمنوا لى ستا من أنفسكم أضمن لكم الجنة: اصدقوا إذا حدثتم وأوفوا إذا وعدتم وأدوا إذا ائتمنتم واحفظوا فروجكم وغضوا أبصاركم وكفوا أيديكم) رواه أحمد وابن حبان فى صحيحه عن عبادة ابن الصامت·
ووصف النبى -صلى الله عليه وسلم - فى حديث آخر الكذاب المنافق فقال: (آية المنافق ثلاثة إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا عاهد غدر) رواه البخارى ومسلم·
ولقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (أنا زعيم بيت فى وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحًا) رواه البخارى بإسناد حسن وأبو داود والترمذى وحسنه ابن ماجة وسئل النبى صلى الله عليه وسلم أيكون المؤمن جبانًا؟ قال نعم فقيل: أفيكون بخيلا؟ قال نعم فقيل أفيكون كذابا؟ قال لا· رواه مالك·
ويوضح الدكتور السيد محمد نوح فى كتابه ''توجيهات نبوية على الطريق'' أن للصدق درجات، الأولى صدق اللسان وحق كل عبد أن يحفظ لسانه فلا يتكلم إلا بالصدق· اللهم إلا إذا كانت هناك مصلحة تقتضى هذا فى بعض الأحوال كتأديب الصبيان وفي قتال الأعداء والاحتراز على الأسرار·
ويضيف أن العلماء استدلوا بجواز الكذب فى هذه الحال بحديث أم كلثوم، رضي الله تعالى عنها، أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (ليس الكذب الذى يصلح بين الناس فينمى خيرًا ويقول خيرًا) متفق عليه ·
الدرجة الثانية الصدق في النية والإرادة ويرجع ذلك إلى الإخلاص وهو ألا يكون فى الحركات والسكنات إلا الله تعالى·
أما الدرجة الثالثة فهي صدق العزم وهو الجزم فيه بقوة تامة ليس فيها ميل ولا ضعف·
الدرجة الرابعة الصدق بالعزم مهما كلفه هذا من مشقة·
والخامسة الصدق فى الأعمال والمراد استواء السريرة والعلانية بمعنى أن يكون باطنه مثل ظاهره أو خيرًا من ظاهره·
وكفى بها صفة أنها من صفات الأنبياء والرسل واذكر فى الكتاب إسماعيل إنه كان صادق الوعد وكان رسولا نبيا سورة مريم، كما أنها صفة رسول الله قبل البعثة المحمدية بأن أهل قريش كانوا يسمونه الصادق الأمين·
ويذكر الدكتور السيد محمد نوح أن الصدق من تقويم اللسان فعن الحسن بن علي رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (رحم الله عبدا تكلم فغنم أو سكت فسلم ) ففى هذا الحديث يدعو رسول الله صلى الله عليه وسلم لكل عبد يقوم لسانه فلا يستعمله فى كل ما يعهد له، بل لا ينطق إلا بالصدق والحق ويأمر بمعروف وينهى عن منكر· وقال رب العزة سبحانه ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد سورة ق الآية ·18
محمد إسماعيل