تامر عبد الحميد (أبوظبي)
يستمر صناع السينما المحلية في تحقيق التواجد والحضور للفيلم الإماراتي، من خلال تضافر الجهود في تقديم إبداعات إماراتية مميزة في الإخراج والكتابة والتمثيل، لإظهار أفلام محلية تترك بصمة قوية في وجدان عشاق «الفن السابع»، وتعرض موضوعات تلامس هموم الناس الإنسانية والاجتماعية التي لفتت أنظار صناع السينما من كل أنحاء الوطن العربي والعالم أيضاً، وشهدت الحركة السينمائية في الإمارات في السنوات الأخيرة طفرة غير مسبوقة في إنتاج الأفلام التجارية وخصوصاً الكوميدية التي حققت نجاحاً وصدىً كبيرين، وكانت بمثابة المنافس القوي في شباك التذاكر مع الأفلام العربية والأجنبية الأخرى، بعد أن نجحت في كسب ثقة الجمهور.
استقطاب الجمهور
«راشد ورجب» لمحمد سعيد حارب، «سفر اضطراري» لناصر التميمي، «شباب شياب» لياسر الياسري، «هجولة2» لإبراهيم بن محمد، «العم ناجي في الإمارات» لأحمد زين.. كلها إنتاجات إماراتية عرضت منذ فترة في صالات السينما المحلية وتنوعت قصصها بين الإنسانية والاجتماعية والأكشن والرعب، وجميعها قدمت في قالب كوميدي ونجحت في استقطاب وجذب جمهور السينما لصالات العرض التجارية، وخلال هذا العام من المقرر أن يصدر فيلمان جديدان من نوعية الأفلام الكوميدية، هي «خلك شنب» الذي من المقرر أن يعرض في عيد الأضحى المقبل، و«ضحي في الدوام» للمخرج راكان، الذي من المقرر أن يصوره خلال الفترة المقبلة، والذي يعد الجزء الثالث من سلسلة «ضحي»، بعد أن حصدا الأول والثاني «ضحي في أبوظبي» و«ضحي في تايلاند» إيرادات غير مسبوقة في دور السينما المحلية، بل وجذبت بعض هذه الأعمال جهات وقنوات عرض أخرى لعرضها مثل «نتفليكس».
رواج كبير
وحول الاهتمام بصناعة السينما الكوميدية، قال المخرج أحمد زين الذي بدأ حالياً تصوير فيلمه الكوميدي الجديد «بتاع كله»: قطعنا أشواطاً مهمة كسينمائيين في الإمارات، وقدم صناعها العديد من الأفلام البارزة التي حققت رواجاً كبيراً وتابعها الناس بشغف، لاسيما أنها لامست بشفافية تقدم وارتقاء الذائقة والثقافة الفنية السينمائية لدى الناس في المجتمع، وبات الجمهور يتابع جديد الأفلام الإماراتية، وما تقدمه من قضايا ورؤى مختلفة، في قالب كوميدي.
وتابع: الكوميديا هي الأسرع لدخول قلوب الجماهير، رغم أنها الأصعب في التناول والإخراج، فخط فاصل يحول العمل الكوميدي إلى «تهريج»، أو عمل هادف، وأعتقد أن أغلب الأعمال الكوميدية الإماراتية التي عرضت خلال الخمس سنوات الماضية، تناولت موضوعات مهمة سواء اجتماعية أو إنسانية، وحتى الرعب منها تم مزجه بالكوميديا، لكي تصل رسالته ويتلقاها المشاهد بشكل مبسط.
وأوضح أن الأفلام التجارية التي أنتجت في الفترة الأخيرة واعتمدت على عرضها في الشاشات السينمائية، وحققت المعادلة الصعبة، في جذب الجمهور للفيلم الإماراتي وتحقيق مراكز متقدمة في شباك التذاكر بمنافسة الأفلام الأخرى، كان أغلبها من إنتاجات فردية، وكانت على أعلى مستوى، سواء في المضمون أو التقنيات الإخراجية أو الجرأة في الطرح واختيار القصص المتنوعة، منوهاً إلى أنه إذا تواجد الدعم من قبل الجهات المعنية بالفن، لهذه الأفلام بشكل أكبر، فيعتقد أنه سيتم تنفيذ أعمال بمستويات تقنية أعلى، وفي الوقت نفسه سيعمل ذلك على تشجيع الصناع واستمراريتهم في صناعة أفلام فنية لصالات السينما.
بساطة الأداء
فيلم «راشد ورجب»، نافس ضمن أفلام عيد الفطر الماضي محققاً صدىً كبيراً، ومنافسة في شباك التذاكر، نظراً لقصة العمل المغايرة والأداء التمثيلي المتميز للأبطال خصوصاً شادي ألفونس، ومروان عبد الله الذي أوضح أن التلقائية في الكوميديا وبساطة الأداء في التمثيل هي الأقرب إلى المشاهد، مشيداً بالمستوى السينمائي المتميز الذي وصلت إليه السينما الإماراتية، وتحقيقها عامل الجذب الجماهيري في دور العرض التجارية، ومنافستها للأفلام الأخرى التي تعرض معها في التوقيت نفسه، متمنياً في المستقبل مزيداً من الأفلام الإماراتية، وتعاون الجهات والشركات الفنية من أجل تنفيذ أعمال سينمائية محلية ترقى بالمستوى.
معايير المنافسة
راكان صاحب فكرة سلسلة أفلام «ضحي» التي تولى إخراجها ولعب بطولتها أحمد صالح، ويستعد لتصوير الجزء الثالث من السلسلة بعنوان «ضحي في الدوام»، أكد أن الكوميديا الإماراتية خلقت مفهوم السينما التجارية، وقال: إقبال الجمهور على دخول الأفلام الإماراتية في صالات العرض، خاصة الكوميديا منها، زاد من ارتفاع عدد الإماراتيين الشباب المهتمين بصناعة السينما والفن السابع، ورغبة أغلبهم في الاتجاه نحو تنفيذ أفلام روائية طويلة تكاد تكون منافسا قويا للأفلام العربية والعالمية الأخرى التي أنتجوها بأعلى جودة وبأفضل التقنيات، موضحاً أن أغلب الأعمال نفذت بإنتاجات وجهود ذاتية، حرصاً من عاشقي الفن السابع على تواجد الفيلم المحلي، لكن مع توافر الدعم اللازم من الجهات المعنية خصوصاً للفيلم التجاري، مما يسهم في خلق أفلام ذات معايير فنية تنافس العالمية.
كوميديا هادفة
من جهته، أكد المخرج والمنتج ناصر التميمي، الذي أخرج مؤخراً فيلمه الكوميدي الجديد «سفر اضطراري»، والذي شارك في بطولته نخبة من نجوم الكوميديا في الإمارات والوطن العربي، أن الجهود الفردية في صناعة الأفلام، هي أصعب ما يواجه صناعها، فبدون دعم، لا توجد صناعة أفلام، لاسيما أن تنفيذها مكلف جداً وتحتاج إلى ميزانية كبيرة من أجل الوصول إلى المستوى المطلوب من الناحية الفنية والتقنية، ولكن تحدي صناع السينما المحليين وحرصهم على النهوض بالفيلم الإماراتي، دفعهم لتذليل الصعاب والتكاتف من أجل إنتاج أعمال ترقى بذائقة المشاهد المحلي والخليجي والعربي.
تضافر الجهود والخبرات
المخرج هاني الشيباني، الذي استعاد نشاطاته الإخراجية مجدداً، من خلال توليه إخراج الفيلم الكوميدي «خلك شنب»، والذي سيعرض في السينما المحلية في عيد الأضحى المقبل، أكد أن شغف المنتجين والمخرجين الإماراتيين بعالم الفن السابع، دفعهم للاستمرارية وحضور الفيلم المحلي على الشاشة الذهبية، معتقداً أن قلة الدعم من جهة، وتوقف أغلب المهرجانات من جهة أخرى، لم يحبط صناع السينما، بل أعطاهم الدافع الأكبر لفتح أبواب أخرى، والتفكير في تضافر الجهود فيما بينهم، لتقديم أعمال ترقى بالمستوى، وتحقق الغاية في تواجد الفيلم الإماراتي.
وأشار إلى أن فكرة تأسيس «غبشة فيلمز»، بالتعاون بيني وبين المنتجين والمخرجين عامر سالمين المري وعلي المروزقي، سوف تسهم في إثراء الحركة الفنية بشكل أكبر، وستدعم المواهب الشابة في الظهور، وإظهار إبداعاتها أمام الشاشة، لافتاً إلى أنه وافق من دون تردد، حينما عرف فكرة الاتحاد السينمائي في «غبشة فيلمز»، لا سيما أن توحد الخبرات سوف تساعد على تنفيذ أعمال قوية، وهذا ما دفعه للعودة من جديد إلى إخراج الأفلام، خصوصاً بعد حالة الإحباط التي أصابت بعض صناع السينما، مشيراً إلى أن نوعية الفيلم الكوميدي المحلي، نال متابعة كبيرة سواء من خلال مشاهدته أو عبر تعليقات إيجابية على مواقع التواصل الاجتماعي، نظراً للأفكار المختلفة في القصص والأداء التلقائي، من خلال المواقف الكوميدية التي يقدمها الشباب عبر الشاشة.