تحقيق - ياسين سالم:
تصوير - يوسف عدان:
الخدمات الصحية شأنها شأن التعليم، إن لم تكن تتقدمه، كمعيار يقاس به تطور وتحضر مجتمع ما وخصوصاً حينما يكون الحديث عن مناطق بعيدة عن العاصمة والمدن الكبرى والتي تفرض ظروفها تميزا في الخدمات عموماً·
وإذا أردنا تقييم الخدمات والرعاية الصحية التي تقدمها هذه المراكز فلابد أن نقف مع كافة الأطراف ذات العلاقة من مرضى وأطباء ومراجعين ومسؤولين، حتى نعطي صورة واضحة للوضع الذي تعيشه هذه المستشفيات مع اعطاء كل طرف الفرصة الكاملة للتعبير عن رأيه حيال هذا الموضوع الحيوي·
أصبح لدى كثير من المرضى والمراجعين قناعة بأن مستشفي خورفكان والذي افتتح عام ،1985 هو مجرد نقطة عبور ليتم بعدها تحويلهم إلى مستشفيات أخرى في الدولة تقدم خدمات طبية أفضل مما هو عليه الوضع في المستشفى·
ويعزو المرضى السبب في السمعة السلبية للمستشفى إلى ضعف الامكانات وتدني مستوى التشخيص بالإضافة إلى أن المستشفى بحاجة إلى تطوير أجهزته ودعم اقسامه بالاطباء والممرضين·
وهذه الملاحظات أو الشكاوى كما يسميها البعض ليست حكراً على مستشفى الخور بل يعاني منها معظم مستشفيات الدولة، والنقطة المهمة التي يجب أن نشير إليها بوضوح هي أن المسؤولين في المستشفى قد فتحوا أبوابهم لجريدة 'الاتحاد' ورحبوا بدون أي عراقيل أو شروط أو عوائق لتسليط الضوء على الخدمات والامكانات الموجودة في المستشفى، مع تأكيدهم على أهمية السعي لتطوير الرعاية بكونها هدفاً يسعى إليه الجميع من مدراء وأطباء ومسؤولين·
والنقطة الأهم والتي تلفت انتباه المترددين على المستشفى أن هناك تطورا ملحوظا في الخدمات والرعاية، وهو بالفعل ما أكده بعض المراجعين إلاّ أن هذه الإشادة بمستوى الخدمات تواجه من قبل مراجعين آخرين بالتذمر وعدم الرضا، بل بتوجيه عبارات اللوم والتقصير الصريح·· وكلا الطرفين على صواب·
وأمام هذا التباين في الآراء وعلى أثر ما تناهى إلى علمنا من شكاوى من قبل البعض قمنا بهذا التحقيق الصحفي للوقوف على الحقائق وعرض وجهات النظر المختلفة الأولوية للرعاية الصحية·
الرعاية الصحية
يؤكد سعيد أحمد الوالي مدير المستشفى، على إعطاء الأولوية للرعاية الصحية كل اهتمام ودعم وهو ما تتضمنه الخطة القادمة للتوسع في الخدمات والرعاية، حيث تم مؤخراً الموافقة على صيانة المستشفى بشكل كامل بمبلغ 8 ملايين و800 ألف درهم، وهذه الصيانة - على حد قوله - سوف تعيد الحيوية إلى المستشفى الذي يتردد عليه كل عام 181 ألف مريض·
ويتابع: بالفعل·· الترتيبات جارية الآن لأعمال الصيانة التي ستستمر نحو عام كامل وتشمل جميع الأقسام، بما فيها التكييف الذي كان يعاني من خلل في عمليات التشغيل·
وتم اعتماد وترسية مشروع مركز صحي للرعاية الأولية في منطقة اللؤلؤية والتي تبعد عن المستشفى 5 كم تقريباً، ولحين انجاز هذا المشروع تم استئجار أحد المباني في نفس المنطقة لتقديم هذه الخدمة، وسوف يخدم المركز شريحة كبيرة من مجتمع خورفكان·
كما أن هناك مقترحا لانشاء مركز آخر في منطقة خورفكان نفسها، وهذه المراكز سوف تخفف الضغط على المستشفى الرئيسي، وسوف تساعد على رفع مستوى الرعاية وتقديمها بشكل أفضل، لاسيما وأن هناك مناطق أخرى غير خورفكان تستفيد من هذه الخدمات، مثل: البدية وقدفع ومدحا في سلطنة عمان الشقيقة، وهي من المناطق القريبة لخورفكان·
يقول الوالي: إننا ننتظر خلال الأسابيع القادمة وصول 4 وحدات لغسل الكلى مع افتتاح قسم جديد للمسالك البولية، ونحن نترقب ونأمل بزيادة عدد الأطباء والممرضين بالمستشفى والمراكز الأخرى التي سوف تقام في المستشفى، خاصة وأن العدد الحالي من الأطباء وعددهم 46 طبيباً بينهم 9 استشاريون لا يفي بمتطلبات المرحلة في ظل افتتاح أقسام وعيادات جديدة وزيادة عدد المرضى والمترددين على المستشفى·
أما التمريض فهو كذلك بحاجة إلى دعم، فلدينا حالياً 133 ممرضة تشكل نسبة المواطنات منهن 10 في المئة فقط، وهذه الأعداد من أطباء واستشاريين وممرضين يتم توظيفها الآن وفق الامكانات المتاحة مما يعني أن الطبيب يتحمل في بعض الأحيان - خاصة في الإجازات - أعباء إضافية، الأمر الذي يدعنا أن نطالب بدعم الكادر الطبي وتطعيم العيادات والأقسام بالعدد الكافي من الاختصاصيين·
متى نستقل
ونسعى في الفترة القادمة إلى إنشاء مبنى مستقل لمرضى الأسنان، بحيث يتم تجهيز هذا المبنى بكافة المعدات والأجهزة المتطورة حتى نرتقي بمستوى العلاج والرعاية لهذه الفئة حيث يوجد حالياً 3 أطباء، ومن الممكن بعد إنشاء المبنى المقترح أن يتضاعف هذا العدد ونكون قد ساهمنا في رفع مستوى الخدمة لمرضى الأسنان·
كما أننا نسعى إلى فتح عيادة دائمة لأمراض القلب، حيث يتم الآن الاستعانة بطبيب زائر من مستشفى كلباء ليقوم بمعاينة المرضى في يوم واحد فقط من أيام الأسبوع، كما أن المستشفى اعتمد خلال العام الحالي نظام المواعيد حتى يتعود الناس على الالتزام ومراجعة الطبيب المختص في الوقت المحدد، كما سيتم ربط المستشفى بشبكة الحاسوب والتخلص من الأوراق والملفات التي ترهق كاهل الموظفين والمراجعين·
أزمة ثقة
من جانبه، يؤكد الدكتور عوض عثمان نائب مدير المستشفى للشؤون الفنية، ما يتردد على السنة كثير من المترددين على المستشفى، وهو السؤال الذي طرحناه عليه أيضاً حول وجود أزمة ثقة بين المراجعين والمستشفى، إذ يقول: إن هناك فعلاً أزمة ثقة بين بعض المرضى والمستشفى، والدليل على ذلك أنه ما بين 30 إلى 40 في المئة من الحالات الواردة إلى المستشفى تحول إلى مستشفيات أخرى مثل الشارقة، وأبوظبي، والكلام الذي يدور حول سوء التشخيص مبالغ فيه، وهو لا يمت للواقع بصلة، فأغلب المرضى يصرون على عمليات النقل حتى لو كان العلاج متوفراً في المستشفى لدرجة أصبحت هذه الظاهرة تشكل هما ليس فقط على المستشفى الذي يقوم بتحويل المرضى بل هما وعبئاً على المستشفى المنقولة إليه هذه الحالات·
وعلى الرغم من أننا كأطباء نحاول شرح الحالة المرضية وما يحيط بها من عملية تشخيص وكيفية علاج، إلا أن البعض اعتبرها 'موضة' ويصر على النقل بسبب مفهوم خاطئ أن المستشفى غير مؤهل أو غير قادر على علاج هذه الحالة أو تشخيصها بشكل دقيق، وسبب عدم الثقة هذا يعود إلى بداية انشاء المستشفى إذ كان الأطباء الممارسون خلال تلك الفترة قلة وأجهزة التشيخص تكاد تكون نادرة ولا توجد عيادات تخصصية، فربما ساعد ذاك الوضع السابق على إعطاء صورة مشوهة عن التشخيص·
كان الطبيب الواحد يفحص أكثر من مرض وحالة كونه ممارساً عاماً، أما اليوم فالمستشفى يضم عدداً لا بأس به من الكفاءات الطبية والتخصصية مع تطور ملحوظ في الأجهزة، وهذا لا يعني أن المستشفى ليس بحاجة للمزيد من التخصصات والأطباء والمعدات، بل نحن بحاجة إلى 8 أطباء إضافيين و4 استشاريين كي يستطيع المستشفى توفير خدمات أفضل ورعاية أحسن للمرضى والمترددين، كما أن الأجهزة بحاجة إلى تحديث وتطوير وتغيير حتى تتماشى مع ما طرأ على الطب من تقدم في كافة المجالات، بالإضافة إلى أننا بحاجة إلى المزيد من الممرضات حتى نتمكن من سد النقص وتوفير العدد المطلوب لكل الأقسام والعيادات، خاصة وأن المنطقة مقبلة على توسع في الخدمات الصحية من خلال إنشاء مركز جديدة يتطلب كوادر طبية وفنية متخصصة، وهذا بلا شك سوف يخدم المنطقة ويجعل المستشفى أكثر فاعلية في تقديم الرعاية الطبية لجميع المترددين عليه·
الأخطاء الطبية
وحول ما يقال عن الاخطاء الطبية، يرد الدكتور عوض قائلاً: كل مستشفى في العالم يقع في هذا الخطأ وهناك أخطاء واردة مدونة في كل كتب الطب، والسؤال الذي ينبغي أن يطرح: هل الطبيب قد تعمد ارتكاب هذا الخطأ أو كان قاصداً أو مهملاً؟ فإذا كان كذلك، فهناك لوائح تنص على معاقبة هذا المقصر واتخاذ الاجراء اللازم بحقه أما إذا كان الخطأ من الأخطاء الواردة وغير المقصودة فهذا أمر من الصعب توجيه اللوم فيه أو الاتهام لطبيب قام بكافة واجباته المهنية·
أما فيما يتعلق بموضوع الأدوية، فقد علق مدير المستشفى قائلاً: إنه لا يوجد نقص بالمعنى المعروف وإذا حصل نقص ما في أدوية معينة يتم سدها من خلال المخزن الرئيسي في الشارقة، كما ان الوزارة حريصة على توفير الأدوية الأساسية للمرضى بانتظام وهناك أدوية يتم تزويدنا بها كل أسبوع نظرا لحاجة المرضى لها· وتطرق إلى بعض الظواهر السلبية التي تساعد على صرف الأدوية وهدرها بصورة غير مبررة، قائلاً: بعض المرضى يراجعون المستشفى في الأسبوع أكثر من مرة ويصرون على صرف أدوية قد صرفت لهم وحالتهم المرضية ليست بحاجة إليها وهذه الفئة من المراجعين بحاجة إلى حملات توعية وتثقيف لأنها في الواقع تساهم في زيادة الازدحام على المستشفى وتساهم بهدر الأدوية، وهذا التصرف ربما يساهم في تدهور حالة المريض، فالأدوية من المفترض ان تؤخذ خلال فترات معينة حددها الطبيب ولا يجوز التعامل معها بصورة مخالفة لتعليمات الطبيب·
العيادات والأقسام·· معاناة
بعد ذلك قمنا بجولة في أقسام وعيادات المستشفى ونحن برفقة عادل سعيد من قسم العلاقات العامة بدأناها بزيارة قسم النساء والولادة فهذا القسم يعاني من نقص في بعض الأجهزة وبعضها قديم وبالأخص جهاز الأشعة الملونة فهذا الجهاز كما تقول الممرضات صوره غير واضحة ومضى عليه أكثر من 7 سنوات وهو بحاجة إلى استبدال لاسيما وان قسم النساء من الأقسام الرئيسة في المستشفى ويتردد عليه عشرات النساء كل يوم·
في قسم الأشعة التقينا مع المراجع علي مراد عبد الله الذي جاء برفقة طفله الذي يشكو من ألم وتورم في الرأس، يقول مراد: إن المستشفى بحاجة إلى دكتور أعصاب خاصة وان مستشفى خورفكان يقع وسط منطقة مزدحمة بالسكان ويتردد عليه مئات المصابين بهذا المرض ومن المهم أيضا إنشاء قسم أو عيادة لجراحة الأعصاب·
وبينما كنا متجهين لعيادة الأطفال إذا بالمواطن نبيل محمد عبد الله الذي اصطحب زوجته وطفله الذي بادرنا بالقول إنه غير راض تماما عن المستشفى، وقال لا توجد عناية أو اهتمام في قسم الأطفال مشيرا إلى ان ولده يعاني من الربو، وعلى الرغم من انه يتردد على العيادة باستمرار الا ان هذا التردد لم يجد ينفعنا وان العلاج في العيادات الخاصة أفضل بكثير وقال إن الأطباء هنا لا يقابلون المريض بابتسامة بل تعلو وجوههم التكشيرة·
تغيير جذري
ويؤيد راشد محمد النقبي الذي يعاني من السكر والضغط ما قاله نبيل، موضحاً: بعد مرور 20 سنة على انشاء المستشفى صار بحاجة ماسة إلى تغيير جذري في كافة أقسامه وعياداته وأركانه، فمن غير المعقول ان يذهب مريض خورفكان للعلاج في دبي وأبوظبي بينما المستشفى على بعد أمتار من بيته ونحن كمواطنين في خورفكان ومترددين باستمرار ونعاني من أمراض واصحاب دخل محدود نطالب وزارة الصحة ومنطقة الشارقة الطبية بضرورة دعم المستشفى بالأجهزة الحديثة والمعدات الدقيقة لكافة الأمراض وبالأخص أجهزة القلب والأخرى المتعلقة بالتحاليل الدقيقة لأمراض العصر، مثل: السكر، والضغط، والسمنة، فالمستشفى ينقصه الكثير من هذه الأجهزة·
يقول عبيد علي ابراهيم: إن المستشفى يشهد ازدحاما ملحوظا خاصة في عيادة النساء والأذن والحنجرة وهو بحاجة إلى زيادة عدد الأطباء حتى يتمكن المريض من الدخول الى الطبيب دون تأخير·
ويشير هيثم علي المنصوري الذي يبدو غير راض تماما عن أداء المستشفى، إلى تدني مستوى الخدمة، الأمر الذي جعل أغلب المرضى يطلبون تحويلات للعلاج في مستشفيات أخرى، أما البقية فهم مجبورون على العلاج هنا بسبب بعد المسافة وعدم وجود البديل القريب· كما ان لديه ملاحظات حول قسم الحوادث الذي يشهد ازدحاما غير عادي بسبب وجود طبيب أو طبيبين، الأمر الذي يجعل المريض ينتظر ساعة أو ساعتين وتزداد صعوبة الأمور أكثر في حالة وجود حادث، كما ان بعض الأدوية غير متوفرة في المستشفى مما يضطر المريض إلى شرائها من الخارج·
العناية المركزة
ثم اتجهنا إلى قسم العناية المركزة وهناك التقينا الدكتور عدنان حاج علي استشاري التخدير ورئيس قسم العناية المركزة الذي أكد ان الأجهزة في القسم تشهد تطورا ملحوظا، وان هناك 3 كراسي حاليا لاستقبال الحالات الحرجة مجهزة بمعدات متطورة كما ان القسم مهيأ لاضافة 3 كراسي أخرى ويقول: نحن نأمل ان يتم التوسع في القسم بحيث نستطيع عزل النساء عن الرجمال مع زيادة عدد الاطباء الممرضين، لا سيما في ظل زيادة الحالات المحولة إلى قسم العناية المركزة ففي الوقت الراهن نضطر إلى تحويل بعض الحالات عندما تكون الكراسي غير فارغة·
بعد ذلك اتجهنا إلى الاقسام الداخلية وتحدثنا مع الحاج محمد عبد الله سالم الضنين، الذي يعاني من مرض في الرئة، يقول الضنين انه تردد على المستشفى اكثر من 100 مرة وتعالج في مستشفيات الهند وباكستان وتايلاند، لذلك فهو يستطيع القول إنه يعتقد ان العلاج في مستشفى خورفكان أفضل·