مراد المصري (دبي)
تتجدد حكاية كل عام في ملاعبنا مع الاقتراب من انطلاق المنافسات الكروية المحلية، وهي التي تخص درجة الحرارة المرتفعة التي تصحبها رطوبة عالية، ليكون «قيظ الصيف» بمثابة «ناقوس الخطر» المتجدد الذي يتطلب أن يكون الاحتياط واجباً عند إقامة المباريات من مبدأ السلامة أولاً للاعبين، وكيفية التعامل مع هذا الأمر الذي بات موضوعاً مقلقاً حتى الصعيد العالمي بسبب ازدحام الأجندة والزيادة الكبيرة في عدد المباريات في مختلف البطولات.
وأصبحت الانطلاقة، في شهر أغسطس المقبل، حتمية كسلاح ذي حدين ما بين المخاطر التي يتعرض لها اللاعبون والقدرة على الاستفادة من الوقت لإنهاء الموسم في أسرع وقت، وهو ما جعل حتى الاتحاد الآسيوي، يضع مطلع أغسطس المقبل موعداً للدور ربع النهائي بعدما خلط أوراقه، ولم يجد موعداً غير ذلك، فيما ينطلق الموسم المحلي في أواخر شهر أغسطس المقبل بمسابقة دوري الخليج العربي.
ولا يزال مشهد علي جوهر لاعب الوصل، حينما سقط مغشياً عليه في صيف عام 2015، خلال مباراة جمعت فريقه السابق وقتها مع اتحاد جدة السعودي، عالقاً في الأذهان، بعدما تسببت درجة الحرارة المرتفعة في وصول اللاعب لحالة الإغماء، وهو ما يؤكد أن الخطر موجود ويجب عدم تجاهله أو التهاون في التعامل معه.
وبحسب دراسة نشرت نتائجها في دورية «جيوفيزيكال ريسيرش ليتر»، فإن عام 2019 ربما سيكون العام الأكثر سخونة في تاريخ البشرية، وذكرت الدراسة أن هناك ارتفاعاً طفيفاً في متوسطات درجة الحرارة العالمية خلال العام الماضي، ومن المتوقع أن تستمر تلك الارتفاعات في العام الحالي.
وسترتفع درجات الحرارة تدريجياً في الدولة، لتصل إلى أقصى ارتفاع لها وخلال الأول من أغسطس المقبل، الذي سيسجل درجة حرارة متوقعة قدرها 43 درجة مئوية في الظل، وسترتفع معدلات درجات الحرارة، خلال شهر أغسطس المقبل لتصل أعلى درجة حرارة إلى 43 درجة مئوية، بمتوسط قدره 36.5 مئوية خلال الشهر على أن تكون نحو 29 درجة ليلاً، وذلك دون احتساب نسبة الرطوبة، وبقية العوامل التي تؤثر مباشرة المباريات التي تقام مساء مع غروب الشمس مباشرة، حيث تنطلق بعض المباريات بحدود الساعة السابعة والربع مساء، فيما تقام الأخرى ليلاً في درجة حرارة مقاربة لدرجة الحرارة 32، والعوامل الأخرى التي تزيد من الشعور بالحرارة، وهي التي حذر منها الاتحاد الدولي لكرة القدم «الفيفا»، وطلب تطبيق استراحة شرب الماء مرتين خلال المباراة ويتم العمل بها في ملاعبنا.
ولا يقتصر الأمر على اللاعبين فقط، حيث يصل إلى جوانب مختلفة تؤثر على جمالية المباريات، وأهمها الجماهير التي تعاني الأمرين على المدرجات وسط الحرارة المرتفعة، مع عدم وجود خدمة توفير المياه بصورة مثالية في بعض الملاعب، حيث تتباين خدمات الجماهير من ملعب إلى آخر، ليتحول الأمر إلى مدرجات خالية تماماً خلال هذا الوقت من العام، وهو ما يجعلنا نتوقع رؤية جماهير بأرقام معدودة على الأصابع في انطلاق كأس الخليج العربي.
من جانبه، اعتبر الدكتور فينسنت جوتيبراج، المتخصص في الطب الرياضي، أنه ورغم اعتماد درجة الحرارة 32 من قبل «الفيفا» للبدء في استراحات شرب الماء، فإن الخطر على اللاعبين يبدأ عموماً يبدأ عند درجة الحرارة 30 بكل الأحوال، كما أن الحرارة المرتفعة تؤثر على الأداء بشكل ملحوظ، خصوصاً في الشوط الثاني بسبب الجفاف والإرهاق الزائد، إلى جانب ارتفاع درجة الحرارة الداخلية لجسد اللاعبين مع مرور الوقت، حيث ترتفع في بعض الأوقات لتصبح بين 37 إلى 40 درجة، وهي مشابهة لحالة الشخص حينما يعاني الحمى، وذلك جراء فقدان السوائل بشكل مكثف من الجسد إلى جانب التعرق الزائد، وقال: عند وصول درجة الحرارة إلى 32، وحتى درجة الحرارة 38، فإن الخطر يكون عالياً خصوصاً لو تصاحب مع الرطوبة المرتفعة، فيما أن تجاوز درجة الحرارة حاجز 38، ستعني أن الخطر في أقصى درجاته على الإطلاق.
وكشف جوتيبراج، أن المجلس الدولي للعبة الرجبي واتحاد الجامعات الأميركية، وضعا ضوابط شديدة لممارسة المباريات بداية من درجة حرارة 30، إلى جانب الاهتمام بدرجة الرطوبة، وأخذها بعين الاعتبار مراعاة سلامة الرياضيين.
من جانبه، ما زالت رابطة اللاعبين المحترفين الدولية «فيفابرو»، يحاول الدفاع عن اللاعبين في هذا الجانب، ولعل أحدث ما توصل له من اقتراحات، كان وضع 4 أوقات استراحة خلال المباريات التي تقام وسط حرارة مرتفعة، حيث تقدم بالمقترح للاتحاد الأفريقي لكرة القدم في ظل إقامة بطولة كأس الأمم في وقت الصيف حالياً على عكس السابق، حينما كانت تقام في الشتاء.
وفي بيان أصدره «فيفابرو»، أوضح فيه أن الحاجة أصبحت ملحة لمنح اللاعبين السوائل كل 15 دقيقة مع إقامة المباريات في درجات حرارة مرتفعة، وفي توقيت مبكر قبل غروب الشمس، حيث تشير الدراسات إلى أن الرياضي في المنافسات يستهلك نحو 200 - 250 ملليلتر قبل 15 دقيقة أو 20 دقيقة، وهو ما يعني حصوله على سوائل ضرورة بعد مرور هذا الوقت.
ولم يتجاوب الاتحاد الأفريقي لكرة القدم مع هذا المقترح الذي يعد صعباً على منظمي لعبة كرة القدم في مختلف مناطق العالم، من أجل عدم كسر إيقاع اللعب وجعل المدة الزمنية أطول للمباريات بسبب وجود الوقت بدل الضائع في كل شوط، وارتباط المباريات بحقوق بث ونقل وأمور لوجستية أخرى مختلفة، واكتفى خلال منافسات «كان 2019» في مصر بفترتي راحة، بواقع مرة في كل شوط، وإن كانت سلامة اللاعبين يجب أن تكون الأولوية في هذه الحالات.