الجمعة 25 يوليو 2025 أبوظبي الإمارات 34 °C
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الزواج يُقَدَّم على الحج أحياناً!

الزواج يُقَدَّم على الحج أحياناً!
28 ديسمبر 2005

د· محمد يونس:
يقترن أداء فريضة الحج بتوفر الاستطاعة، مما يجعل اتخاذ القرار بشأن هذه الفريضة يختلف من مسلم إلى آخر، خاصة وأن بعض الفقهاء يرى وجوب أداء الفريضة للمستطيع على الفور، بينما يرى البعض الآخر وجوبها على التراخي· فمتى يتخذ المسلم قرار الحج ؟ وما أولوية الحج بين القرارات المصيرية الأخرى في حياته مثل الزواج، وإتمام دراسته؟ وإذا اتخذ القرار فكيف يهيئ نفسه لأداء هذه الفريضة؟ وهل تجوز التجارة أثناء الحج؟ وكيف يمكن تجنب الأخطاء الشائعة في أداء المناسك؟ والحج الخمس نجوم هل ينتقص من الجزاء؟ وكيف يمكن أن يتم رمي الجمرات بدون إصابات؟
وتساؤلات أخرى عديدة تدور في ذهن المسلم بشأن هذه الفريضة، نطرحها ويجيب عنها علماء الدين، ضمن سلسلة موضوعات تنير الطريق لهذه الرحلة المباركة 'من بيتك إلى بيت الله الحرام' ونناقش فيها مختلف أركان الحج ومناسكه وأحكامه بما يقدم خلفية معرفية تساعدك على فهم هذه الفريضة واستيعابها على النحو الصحيح·
يمثل الحج الركن الخامس من أركان الإسلام ودعائمه، فيقول صلى الله عليه وسلم 'إن الإسلام بني على خمس، 'شهادة أن لا إله إلا الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصيام رمضان، وحج البيت'· ويوضح الدكتور محروث رضوان عبد العزيز -الأستاذ بكلية الشريعة والقانون بجامعة الإمارات- أن الله سبحانه وتعالى قد جعل زمان الحج موصولاً بزمان الصيام 'الحج أشهر معلومات' وهذه الأشهر هي: شوال، وذو القعدة، وذو الحجة، والشهران الأخيران من الأشهر الحرام التي حرم الله فيها القتال لكي يأمن الحجاج على أنفسهم ودينهم وأموالهم· وتبدأ هذه الأشهر بشوال الذي يعقب رمضان، والذي يخرج منه المسلم بشحنة إيمانية وإشراقات قلبية حصلها بصيامه وقيامه، ليستقبل أشهر الحج تقيا نقياً، فإن كان مستطيعا، يأخذ قراره، وينوي الحج ابتغاء لوجه الله، وإخلاصا له، لأن الله تعالى أمرنا بالإخلاص في العبادة 'وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين' سورة البينة: ·5
معنى الاستطاعة
ويؤكد الدكتور محروث أن فريضة الحج دين على المسلم لقوله تعالى 'ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غني عن العالمين' آل عمران: ·97 موضحا أن الاستطاعة التي توجب الحج على المسلم، تعني صحة البدن، وتوفر النفقات ووسائل السفر، وأمن الطريق في الذهاب والعودة، ويضاف إلى ذلك - بالنسبة للمرأة- مرافقة الزوج أو المحرم وعدم العدة·وينبه الدكتور محروث رضوان إلى أن البعض تتحقق لديهم الاستطاعة على النحو المشار إليه، ولكنهم لا يحجون، وفي ذلك إثم عظيم وخطر جسيم· أما المؤمن المستطيع الذي اتخذ قراره بأداء الفريضة، فقد فاز برضاء الله عز وجل، ونال الأجر العظيم، فيقول صلى الله عليه وسلم 'من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه' رواه البخاري ومسلم·
ويقول ايضا 'الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة' وهذا يتحقق للمسلم إذا أخلص نيته لله تعالى، فإنه يفر بنفسه ودينه تاركاً أهله ووطنه، وجاهه، متحملاً في سبيل إرضاء الله عناء السفر ووعثاء الطريق، متجرداً من كل شواغل الدنيا ليقف لله خاشعاً ملبياً أمام بيته معترفاً بالتقصير، ملتمساً المعونة والرضوان، مرتفعاً بنفسه وروحه وقلبه ودعائه الى مستوى الإجابة 'وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعان'·
الإسراع بأداء الفريضة
ويؤكد الدكتور محمد سليمان فرج كبير الوعاظ بوزارة الأوقاف- أهمية أن يسارع المستطيع بأداء فريضة الحج، باعتبارها احد أركان الإسلام التي يتحقق بها إسلام المسلم، فيقول الرسول - صلى الله عليه وسلم- 'من ملك زادا وراحلة تبلغه إلى بيت الله الحرام ولم يحج فلا عليه أن يموت يهوديا أو نصرانيا'· وروى ابن عمر رضي اللّه عنه قال: 'جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول اللّه! ما يوجب الحج ؟ قال: 'الزاد والراحلة' رواه الترمذي·
فمن استطاع الحج عليه أن يسارع بأداء الفريضة، لأنه لا يدري ما سوف يجرى له، فيما لو تأخرعن أدائها، وهذا ما يشير إليه قوله صلى الله عليه وسلم: من أراد الحج فليعجل فإنه قد يمرض الصحيح وتضل الراحلة وتكون الحاجة· وفي رواية: (تعجلوا الحج فإن أحدكم لا يدري ما يعرض له)·
أيهما أولى الحج أم الزواج؟
يبدأ زمن الحج مع البلوغ· فبمجرد بلوغ المسلم والمسلمة، عليه أن يسارع إلى أداء الفريضة ما استطاع إلى ذلك سبيلا· ولكن عند البلوغ هناك أولويات اخرى- بعضها منوط بالاستطاعة ايضاً - مثل الزواج وانهاء الدراسة النظامية· يقول صلى الله عليه وسلم 'يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء' فأين يقع قرار الحج بين هذه الأولويات؟
يجيب الدكتور محمد سليمان فرج قائلاً: فيما يتعلق بالزواج، فإن الأولوية تختلف باختلاف حكم الزواج، الذي قد يكون سٌنة، وقد يكون واجباً، كما قد يكون مباحاً أو مكروهاً أو حراماً!
ويوضح ذلك قائلاً: إذا كان المسلم لا يستطيع القيام بواجبات الزواج، فيحرم عليه ذلك، لأنه يعرض الزوجة للفتنة، كما أنه يكره للرجل الزواج للمرة الثانية، إذا خشي عدم قدرته على تحقيق العدل بين الزوجتين، لقوله تعالى 'فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة' أما إذا تأكد عدم العدل، فإنه يحرم عليه· وقد يكون مباحا أن يتزوج، وقد يكون مستحبا؛ إذا كانت لديه القدرة على الزواج وواجباته، وقد يكون الزواج واجباً فرضاً إذا خشى على نفسه الفتنة وفي هذه الحالة يقدم الزواج على الحج، بحيث يؤدى الحج لاحقاً حين تتوفر نفقاته· أما إذا لم يكن واجباً، فله أن يقدم الحج على الزواج، وإذا قدم الزواج في حالة الاستحباب والإباحة فعليه أن ينوي الحج عندما تتيسر له وسائل السفر ونفقاته·
الحج المجاني
وإذا كانت هذه الفريضة تفتح آفاقا رحبة لسبل الاستطاعة 'لمن استطاع إليه سبيلا' فهل يشترط أن ينفق المسلم من ماله، أم يجوز أن يكون الحج مجانياً مثل في حالة تلقي دعوة للحج من جهة أو شخص شاملة السفر وبقية تكاليف الحج، فهل الحج على هذا النحو، -والذي لم يكلفه شيئا-، يسقط الفريضة؟ يؤكد الدكتور محمد سليمان فرج أن هذا الحج يسقط الفريضة بشرط ألا يكذب المسلم في عرض حالته على صاحب الدعوة أو المتبرع بها· فإذا كانت هذه الدعوات مخصصة للذين لا يملكون تكاليف الحج، فلا يجوز شرعا لمن تتوفر لديه القدرة المالية على تكاليف الحج أخذ هذه الفرصة، بينما هناك من هو مستحق لها من غير القادرين· أما إذا عرض المستفيد حالته بدقة على المتبرع، ورضي بها الأخير، فإنه يجوز الحج ويؤدي بذلك الفريضة· ولكن إذا كان مستطيعا فإن الأفضل أن يحج من ماله· أما فيما يتعلق بإتمام الدراسة النظامية (التعليم) وأولويتها في قرار الحج، فيرى د· فرج، أنه يجوز تأجيل الحج لحين الانتهاء من الدراسة، على رأي الإمام الشافعي الذي يقول بوجوب الحج على التراخي· أما المذاهب الثلاثة؛ أبو حنيفة، مالك وأحمد، فيقولون بوجوب الحج على الفور، فالمسألة فيها سعة لمن أراد أن يؤجل الحج حتى ينهي مراحل تعليمه·
الاستعداد للحج
وإذا اتخذ المسلم أو المسلمة قرار الحج فعليه أن يستعد له أولاً بقلبه وبإيمانه، بالقيام بهذا الفرض على سبيل الطاعة والامتثال لله تعالى وليس على سبيل الفخر ولا بغرض النزهة ومرافقة الأصحاب، حتى يكون عمله خاصا لوجه الله تعالى·
وعليه أيضاً أن يستعد لنفقة طيبة بعيداً عن شبهة الحرام، وأن يترك لأهله من النفقة ما يكفيهم، ومن المحارم من يقيم معهم، وأن يكتب وصيته، فإن كان عليه دين، يثبته فيها· ومن هذا الاستعداد الجيد تعلم أحكام الحج وأركانه حتى يؤدي الفريضة على الوجه الصحيح، واختيار الرفقة الصالحة فيتعلم منهم الخير ويتعاون معهم على دفع الشر· ولا شك ان هذه الرحلة المباركة لا تخلو من المشقة، فعلى الحاج أن يكون كريما رفيقا سخيا مكرما لإخوانه ما استطاع إلى ذلك سبيلا·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2025©
نحن نستخدم "ملفات تعريف الارتباط" لنمنحك افضل تجربة مستخدم ممكنة. "انقر هنا" لمعرفة المزيد حول كيفية استخدامها
قبول رفض