السبت 23 نوفمبر 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

خبير أمني صومالي سابق لـ "الاتحاد": قطر تفتح جبهة حرب ضد المصالح الخليجية في المنطقة

خبير أمني صومالي سابق لـ "الاتحاد": قطر تفتح جبهة حرب ضد المصالح الخليجية في المنطقة
24 يوليو 2019 00:11

أسماء الحسيني، أحمد عاطف، وشعبان بلال، شادي صلاح الدين (القاهرة - مقديشو - الخرطوم - لندن)

كشف خبير أمني صومالي سابق عن أن التسجيل الأخير الذي تم تسريبه حول تنفيذ تنظيم متطرف في الصومال تفجيرات من أجل تعزيز مصالح الدوحة، اختبر فقط مدى تأثر القادة الصوماليين بكشف علاقاتهم بقطر وتنفيذ أجندتها، حيث إن الرئيس الحالي محمد عبد الله «فارماجو» هو الحليف الأكبر في قطر، لافتاً إلى أن قطر بالفعل ساعدته في حملته الجديدة في انتخابات الصومال 2021 وبشكل عام يشكل فارماجو الحليف الأكبر لإمارة قطر في المنطقة الأفريقية بشكل عام.
وأضاف الخبير الصومالي لـ«الاتحاد»: «قطر تفتح جبهة حرب ضد المصالح الخليجية في الصومال، ولدينا أدلة تثبت دعمها للإرهاب بالأسلحة والتمويلات، وأنها لا تريد أبداً أن يصبح الصومال مستقراً وسالماً»، مشيراً إلى أن هناك معركة تقوم بها قطر من أجل النفوذ، خاصة أنها تواصل إرسال الأموال والأسلحة إلى الصومال ليظل «فارماجو» صامتا، إلا أن التسجيل كشف حجم العلاقات الوثيقة التي تربط التنظيمات الإرهابية بقطر.
وبحسب صحيفة نيويورك تايمز، فإن تسجيلاً صوتياً حصلت عليه لرجل الأمن خليفة كايد المهندي، المقرب من أمير قطر تميم بن حمد، تم الكشف من خلاله ارتباط الدوحة بعلاقات وثيقة مع الإرهابيين، وتدعمهم بهدف تحويل عقود عمل لصالح «الحمدين». ويتضمن التسجيل الصوتي، مكالمة هاتفية مع السفير القطري في الصومال، حيث قال المهندي، إن المسلحين نفذوا التفجير في بوصاصو لتعزيز مصالح قطر من خلال طرد منافسيها، «دولة الإمارات العربية المتحدة». وقال رجل الأعمال خليفة المهندي، في المكالمة، في 18 مايو الماضي، أي بعد نحو أسبوع من التفجير: «التفجيرات والقتل، نعرف من يقف وراءها»، مضيفاً: «العنف يهدف إلى جعل أهل دبي يفرون من هناك، اسمح لهم بطرد الإماراتيين، حتى لا يجددوا العقود معهم، وسأحضر العقد هنا إلى الدوحة». وأشارت الصحيفة، إلى أن هذا التسجيل الصوتي يمثل «دليلاً جديداً» على ما يقوم به القطريون لإشعال الفتنة عبر القرن الأفريقي.
وأشارت الصحيفة، إلى أنه عند سؤاله عن محادثة الهاتف الخلوي، لم يطعن المهندي ولا حكومة قطر في صحة التسجيل، لكنهما قالا إنه كان يتحدث كمواطن خاص، وليس مسؤولاً حكومياً، في اعتراف صريح بالتآمر. وقالت إن السفير القطري لم يعرب خلال المكالمة عن أي احتجاج أو استياء من فكرة أن القطريين لعبوا دوراً في التفجيرات، وأجاب السفير القطري حسن بن حمزة هاشم، بالقول: «لهذا السبب يهاجمون هناك، لجعلهم يفرون»، عندما قال رجل الأعمال المهندي للسفير في المكالمة: «لقد كان أصدقاؤنا وراء التفجيرات الأخيرة». ومن المعروف أن المهندي مقرب من الأمير تميم بن حمد، وفقاً للصحيفة، التي قالت إن هناك صوراً للشخصين معاً، ووفقاً للتقارير الإخبارية والرسائل النصية التي قدمتها وكالة الاستخبارات، كثيراً ما يسافر المهندي مع الأمير.
وفي مقابلة هاتفية قصيرة مع صحيفة نيويورك تايمز، نفى السفير معرفته بالمهندي قبل أن ينهي الاتصال سريعاً. وفي مقابلة هاتفية منفصلة، قال المهندي، إنه كان مجرد «صديق دراسة للسفير». ورداً على سؤال عن سبب وصفه للمهاجمين في بوصاصو بأنهم «أصدقاء»، قال المهندي للصحيفة: «جميع الصوماليين أصدقائي»!.
وفي هذا السياق، قال السفير علي حفني، نائب وزير الخارجية المصري للشؤون الأفريقية السابق، إن قطر تنتهك الشؤون الداخلية للدول الأخرى، وتعتمد على سياسة الإفساد المالي ودعم التنظيمات والجماعات الإرهابية في الصومال من أجل تحقيق مصالحها، موضحاً أن لدولة الصومال موقعاً استراتيجياً حولتها لمنطقة صراع، لافتاً إلى أن تاريخ دعم النظام في قطر في السنوات الأخيرة للإرهاب مسالة مسلم بها في العالم كله.
وأكد «حفني» لـ«الاتحاد» أن السياسة القطرية لا تعبر عن طابع الشعب القطري، لكنها تسير في ركب أجهزة ودول أخرى في دعم العلميات الإرهابية، مشدداً على أن القارة الأفريقية أجهدت من هذه التدخلات التي تهدف إلى تحقيق أطماع وأجندات خاصة للنظام القطري لصالح دول أخرى، بالاعتماد على علاقاتها مع الجماعات الإرهابية، فهي أدوارها هدامة ومدمرة.
وشدد على ضرورة وضع حد لعدم الاستقرار السياسي والأمني وظاهرة الإرهاب والجريمة العابرة للحدود، موضحاً أن ما تفعله قطر ودعمها للإرهاب يسفر عن حالة من عدم الاستقرار. وأكد أن الدور القطري دور مدمر لعمليات المصالحة والتنمية والاستقرار هناك، مشيراً إلى أنه مصرٌ على أن يلجأ إلى الإفساد المالي وإنشاء علاقات مشبوهة مع كافة التنظيمات الإرهابية في الصومال، لتحقيق مصالحه ومصالح أطراف أخرى.
ومن جانبه، قال الدكتور زكريا حاج محمود وزير الإعلام الصومالي سابقاً والمرشح الرئاسي السابق ورئيس حزب العدالة لـ«الاتحاد»، إن التقرير الذي أوردته «نيويورك تايمز» خطير جداً، وأنه يجب اتخاذ الإجراء المناسب تجاهه والرد السريع عليه من جانب البرلمان الصومالي.
كما دان حزب «ودجر» الصومالي في بيان وصل «الاتحاد» نسخة منه التدخلات القطرية ودعمها للجماعات الإرهابية في الصومال، وقال الحزب إن التقرير الذي نشرته «نيويورك تايمز» ألقى الضوء على الروابط بين قطر والجماعات الإرهابية في الصومال، «الشباب» و«داعش»، ودان الحزب استخدام قطر الشيطاني لهذه الجماعات الإرهابية. وأضاف البيان أن التسجيلات التي أوردتها الصحيفة أشارت إلى السفير القطري في الصومال حسن بن حمزة هاشم ورجل الأعمال القطري خليفة المهندي، الذي هو شخص مقرب من أمير قطر، ويسافر بشكل دائم معه، وقد هنأ الرجلان في هذه المكالمة التي تم رصدها نفسيهما بأن أصدقاءهما كانوا وراء الهجوم الإرهابي الذي وقع في ميناء بوصاصو في مايو الماضي.
وقال بيان الحزب، إن الهجوم استهدف إرهاب الوجود الإماراتي في الميناء، حتى تخلو الساحة لقطر. وأكد حزب ودجر أن هذه المعلومات تؤكد وتدعم شكوكاً سابقة كانت تساور أعداداً كبيرة من الصوماليين بوجود علاقة بين الجماعات الإرهابية في الصومال وحكومة قطر، مع الأخذ في الاعتبار أن الحكومة القطرية تقدم مساعدات مالية مباشرة لعدد من عناصر الحكومة الصومالية الفيدرالية، وهذه المعلومات تتزامن مع محاولات لإشعال التوتر وعدم الاستقرار في بعض الولايات الصومالية، ولزعزعة الاستقرار في أرض الصومال وبلاد بونت.
وهاجم البيان عناصر في الحكومة الصومالية اتهمهم بدعم وتغذية وإشعال عدم الاستقرار في بلاد بونت وأرض الصومال بدعم من قطر، وطالب الحكومة الصومالية بأن تعلن موقفها بوضوح من دولة قطر، وأن تجمد علاقاتها الدبلوماسية معها، وأن تأخذ إجراءات عقابية بحق الأشخاص القريبين من قطر، والذين يشغلون مناصب حساسة في الدولة، وقال إن الحكومة إن لم تقم بهذه الإجراءات سيعنى ذلك أن قيادات في الحكومة الفيدرالية الصومالية متحالفين مع قطر، وإنهم يدعمون الجماعات الإرهابية.
كما طالب الحزب الصومالي لجنتي الشؤون الخارجية في كل من مجلسي النواب والشيوخ الصوماليين بالشروع على الفور في تحقيق شامل حول المعلومات التي كشفت عنها صحيفة نيويورك تايمز في تقريرها الذي كشف عن التدخل غير الحميد لقطر في الصومال، وكذلك دعمها للجماعات الإرهابية بها.
وقال سياسيون صوماليون مخضرمون لـ«الاتحاد»، إن قطر أصبحت مصيبة الصومال، ولطالما تحدثنا عن ضرورة فك الارتباط بها. وأضافوا: إن هذه التصرفات القطرية تساهم في سفك دماء الصوماليين، وتهدد بإعادتهم إلى مربع الحرب الأهلية. وأشاروا إلى أن القطريين الآن أصبحوا متوغلين في الصومال بدرجة تهدد أمن أي سياسي يتحدث ضدهم، وأشاروا إلى علاقاتهم الوثيقة بالجماعات الإرهابية.
وفي الإطار نفسه، قال إعلاميون صوماليون لـ «الاتحاد»: علاقة قطر بالحركات الإرهابية في الصومال قديمة متجددة، وليست وليدة اليوم، فقد ساندت قطر حركة «الشباب» الإرهابية منذ بدايتها ضد الشيخ شريف شيخ أحمد رئيس المحاكم الإسلامية، الذي أصبح لاحقاً رئيساً للصومال، وقد دعمته قطر في البداية، لكن عندما ابتعد عنها وتوجه لتوطيد علاقاته بدول خليجية أخرى، غضبت منه، ووجهت دعمها لحركة الشباب والحزب الإسلامي، اللذين توحدا لاحقاً.
وأضافوا أن قطر دعمت الرئيس الحالي محمد عبد الله فرماجو للوصول إلى السلطة.
وقالت مصادر صومالية مطلعة لـ«الاتحاد»، إن الهدف الأول لقطر في الصومال هو محاربة أي وجود أو مصالح سعودية أو إماراتية أو عربية معتدلة. وأضافت المصادر أن نمو علاقات قطر مع الحكومة الصومالية الفيدرالية الحالية بشكل هائل أصبح خطر على الصومال نفسها. وأشارت إلى أن عراب هذه المسألة هو مراسل قناة الجزيرة السابق الصومالي فهد ياسين الذي أصبح مديراً لديوان الرئاسة، ثم تولى منصب مدير جهاز الاستخبارات الصومالي بالإنابة، وكشفت هذه المصادر عن أن فهد هو الذي أقام الروابط بين قطر والصومال، وأنه هو حلقة الوصل بين القطريين والرئيس الحالي.
وذكرت المصادر أن هذه العلاقة أخذت أبعادا أخرى بعد مقاطعة دول الرباعي العربي الإمارات والسعودية والبحرين ومصر لقطر، حيث لم يبق للدوحة أي منفذ في المنطقة إلا الصومال، وخصوصا بعد سقوط النظام السوداني المخلوع الذي كان حليفا لها، ولم يبق أمام رحلات الخطوط الجوية القطرية المتجهة إلى أفريقيا إلا أن تتجه إلى إيران ثم بحر العرب ثم إلى الصومال للعبور إلى الدول الأفريقية.
وأشارت هذه المصادر إلى أن قطر وحليفتها تركيا كانتا ترغبان في السيطرة على كل الموانئ البحرية على البحر الأحمر من بورتسودان وسواكن وحتى جنوب الصومال، ولكن التغيير الذي حدث في السودان نسف هذا الحلم الكبير في السودان الإطاحة بنظام عمر البشير، لكن مازالت هناك مصالح كبيرة للأتراك في الصومال متمثلة في القاعدة التي أقاموها في مقديشو أو ما يسمونه مركز التدريب العسكري، وهم حالياً يسيطرون على ميناء مقديشو ومطار مقديشو الدولي، وهذا التحالف القطري التركي يسعى للسيطرة على الصومال، وعندما جاءت هيئة موانئ دبي للاستثمار وتطوير ميناءي بوصاصو وبربرة في أرض الصومال لاحقتهم قطر والمجموعات الإرهابية التي تعمل لصالحها بالتفجيرات من أجل ترويعهم للخروج من الصومال كله.
واتهم معارض حزبي بارز في تصريحات لـ«الاتحاد» قطر بالوقوف خلف الهجوم على سياسيين صوماليين بارزين معارضين لوجودها في الصومال أمثال المرشح السابق للرئاسة ووزير التخطيط السابق الدكتور عبدالرحمن عبدالشكور. وأضاف السياسي الصومالي: إن قطر تسعى لإسكات من يرفضون وجودها في الصومال، وإلى إرهاب خصومها.
وقال سياسي صومالي بارز لـ«الاتحاد»: لا يوجد دليل على دعم قطر للإرهاب في الصومال وعلاقاتها بالإرهابيين أكبر من أن مؤسسة قطر الخيرية هي المؤسسة الوحيدة التي تعمل في المناطق التي تسيطر عليها حركة الشباب، ويسمح لها بأن تتحرك وتصول وتجول تحت زعم تنفيذ برامج إغاثية وتقديم مساعدات، في حين أن المنظمات الخيرية الأخرى ممنوعة من العمل في تلك المناطق، ما يعزز الشكوك في الدور المشبوه الذي تمارسه قطر في الصومال.

تاريخ أسود لقطر في الصومال
تعود التدخلات القطرية في الصومال بحسب بحث أجرته «الاتحاد»، حين أعلن رئيس وكالة الاستخبارات والأمن القومي الصومالية، حسين عثمان حسين، استقالته في خطوة مهدت لتولي نائبه فهد ياسين الموصوف بـ «عميل قطر» المنصب، وأعلن عثمان حسين استقالته من منصبه لأسباب شخصية، بحسب بيان للوكالة على حسابها الرسمي على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، لكن يُعتقد على نطاق واسع أن خطوة الاستقالة مرتبطة بالانتخابات التي المزمعة في ولاية جنوب غرب الصومال، حيث يُتوقع أن يترشح عثمان حسين بدعم من الحكومة الصومالية لرئاسة الولاية.
الأمر نفسه أدى إلى صعود عميل قطر في الصومال فهد ياسين الذي يشغل منصب نائب رئيس جهاز الاستخبارات في تنفيذ مخططاته الرامية لإحكام سيطرته على مقاليد الأمور في البلاد؛ تمهيداً لتمكين قطر من السيطرة على الصومال، وذلك ضمن الانتهاكات المستمرة لحكومة فرماجو للدستور شملت تغيير حكام الأقاليم غير الموالين لقطر، وفي مقدمتهم حاكم إقليم ولاية جلدمج بوسط الصومال أحمد دعالي حاف، وحاكم ولاية بونتلاند أحمد مدوبي.
وكانت الرئاسة الصومالية أمرت جنود الفرقة 21 باحتلال مباني رئاسة ولاية جلدمج بتنسيق مع قوات تتبع لجهاز الأمن الذي يديره عميل الدوحة فهد الياسين، وقال حاكم إقليم جلدمج، إن ولايته تتعرض لاستفزازات متعددة من حكومة فرماجو التي تنصلت من جميع الاتفاقات السابقة مع حكام الأقاليم.
وكشف جنود صوماليون عن أن تنظيم الحمدين الحاكم في قطر يقوم بمعاونة نظام فرماجو بتجنيد الآلاف من الشباب الصوماليين الفقراء للعمل في الجيش القطري، وقال أحد الجنود الصوماليين حينها أن أكثر من 400 جندي صومالي أعلنوا تمردهم على الجيش القطري، رافضين العمل في صفوفه.
وفي مقديشو، نددت هيئات وشخصيات صومالية بالتدخل القطري في الصومال التي قالت إنه ليس جديداً، وأوردت أدلة إضافية على علاقة قطر بالجماعات الإرهابية وجرائمها في الصومال.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©