أحمد عبد العزيز (أبوظبي)
يسطر أصحاب الهمم من المواطنين، نجاحاً جديداً، حيث بات وجودهم في المجالات الفنية بمراكز الصيانة والابتكار أمراً واقعاً بعد أن تبنت الحكومة ومؤسساتها استراتيجية ومبادرات عدة لتطوير مهارات أصحاب الهمم بمختلف حالاتهم الصحية في محاولة جديدة لبناء مستقبل أفضل لهم يتيح لهم الاعتماد على الذات، ويعبر عن مستويات جديدة من دمجهم في المجتمع بشكل صحي وفعال.
وانطلاقاً من رؤية القيادة الرشيدة، لدور أصحاب الهمم الفاعل في مسيرة التنمية، وتأكيدها على تمكين فئة أصحاب الهمم وأهمية دمجهم في المجتمع، تفتح «الاتحاد» هذا الملف لرصد حالات نجاح لأصحاب الهمم وتتبع الخطوات التي اتخذوها بالتعاون مع مؤسسات بذلت جهوداً على مدار سنوات من أجل توفير بيئة عمل مناسبة لهم ولظروفهم الصحية، ودمجهم في سوق العمل بالشكل الملائم، وتوفير فرص عمل تتيح لهم اكتساب مهارات جديدة بمجالات مختلفة، تمكنهم من الإبداع وتحقيق الابتكار.
تحرص مؤسسة زايد العليا لأصحاب الهمم على توفير فرص التدريب لأصحاب الهمم من خلال توقيع مذكرات تفاهم مع جهات عدة، ومن أهمها مع شركة مبادلة للاستثمار (مبادلة) المملوكة لحكومة أبوظبي، والتي تهدف إلى وضع الإطار العام للشراكة والتعاون وتطوير وتحسين عمليات وخدمات أصحاب الهمم في إمارة أبوظبي من أجل دمجهم في المجتمع وتمكينهم.
وذكر عبدالله عبد العالي الحميدان، الأمين العام للمؤسسة، أنه قد تم إطلاق مشروع «استوديو التصميم» خلال أكتوبر من العام 2018 وهو عبارة عن خط إنتاج بدعم ورعاية من شركات المسعود ممثلة في شركة المسعود برستيج للخياطة، بهدف تمكين أصحاب الهمم في المجتمع، وباشرت مؤسسة «زايد العليا» إنتاج 10 آلاف حقيبة للأولمبياد الخاص جرى توزيعها في نهاية شهر فبراير الماضي على وفود الدول واللاعبين المشاركين في الألعاب العالمية للأولمبياد الخاص «أبوظبي 2019» والتي نفذها 108 طلاب وطالبات من أصحاب الهمم بورش التأهيل المهني المشاركين بالعمل من أبوظبي والعين والظفرة.
وأضاف أن المؤسسة، وفي إطار التنسيق مع الجامعات، قامت بتوقيع اتفاقية مع جامعة العين للعلوم والتكنولوجيا، بموجبها تبذل الجهتان جهودهما لتهيئة البيئة الأكاديمية والتدريب لأصحاب الهمم، بما يناسب ميولهم وقدراتهم، وتوفير طباعة المناهج الدراسية بلغة «برايل» للطلاب المكفوفين، وتوفير الدورات التدريبية التأسيسية في مجال لغة الإشارة للصم، ويعمل الطرفان على تسهيل عملية إجراء البحوث والدراسات العلمية في مجال وتأهيل أصحاب الهمم، وتنظيم ورش العمل والتدريب في مختلف إمارة أبوظبي.
مدربو التأهيل المهني
وتطرق الحميدان إلى ما حققته المؤسسة في مجال إعداد مدربي تأهيل مهني متخصصين في تأهيل وتدريب أصحاب الهمم على إعداد مدربين مؤهلين لتدريب أصحاب الهمم على الجوانب الفنية، وذلك تحقق في عام 2017، من خلال التعاون مع معهد أبوظبي للتعليم والتدريب المهني بتنفيذ برنامج تعليمي متخصص يعد الأول من نوعه لتأهيل الكوادر المواطنة في مجال التأهيل المهني، ومنحهم شهادات الدبلوم المعتمدة عالمياً.
ويشتمل البرنامج على 56 مدرباً، ويستمر ثلاثة أعوام، ويتعلق بتطوير منظومة التأهيل المهني، ويستهدف إعداد مدربي تأهيل مهني إماراتيين حاصلين على شهادات من المستوى الخامس معتمدة من الهيئة الوطنية للمؤهلات لتأهيل أصحاب الهمم بحسب المستويات المعتمدة لدى الهيئة، إضافة إلى حصول المشاركين على شهادة مدربي تأهيل مهني معتمدة وترخيص للتدريس بشكل معتمد من الهيئة، وشهادة مدرب مدربين معتمدة وشهادة في مجال السلامة المهنية معتمدة من مركز أبوظبي للسلامة المهنية وشهادة مقيم داخلي وشهادة مدقق داخلي.
دخول سوق العمل
ودمجت مؤسسة زايد العليا لأصحاب الهمم عشرة من أصحاب الهمم منتسبيها في سوق العمل من خلال توظيفهم بمؤسسة نور العين لخدمات النظافة بمدينة العين، وذلك تنفيذاً لمذكرة التفاهم المشتركة الموقعة بين الجانبين لتمكينهم من الانخراط في سوق العمل، مع منحهم رواتب مقطوعة بشكل شهري، ويتمّ من خلالها اعتماد عقود التوظيف لدى وزارة الموارد البشرية والتوطين.
ويقول الحميدان إنه تنفيذاً لتوجيهات سمو الشيخ خالد بن زايد آل نهيان، رئيس مجلس إدارة مؤسسة زايد العليا لأصحاب الهمم، فإن المؤسسة تعمل على إطلاق وتنفيذ العديد من المبادرات والبرامج التي تهدف إلى تقديم أرقى الخدمات النوعيّة والمتميّزة، وتطوير سبل الرعاية والتأهيل لفئات أصحاب الهمم المنتسبين للمؤسّسة وفق أفضل الممارسات العالمية، لتمكينهم ودمجهم ببقية فئات المجتمع على مختلف الصعد الاجتماعية والتعليمية والاقتصادية والثقافية.
ويضيف أن «مؤسسة زايد» تؤمن بشكلٍ كبير بأهمية تمكين الأفراد من أصحاب الهمم في المجتمع المحلي، وتشدد على مبدأ تمكينهم ومساندتهم، وتقديم الدعم اللوجستي والمعنوي اللازم لهم، كما تحرص على تقديم التدريب المهاري اللازم لتطوير مهاراتهم بهدف مساعدتهم في الحصول على وظيفة أو مهنة مناسبة لميولهم وقدراتهم مستقبلاً ليصبحوا أفراداً مساهمين في عمارة هذا البلد الطيب أسوةً بالأفراد العاديين.
مشروع البيوت المحمية
وفي إطار ما تبذله المؤسسة من جهود نحو تمكين أصحاب الهمم، افتتحت «زايد العليا»، ومجموعة الاتحاد للطيران المرحلة الأولى من مشروع البيوت المحمية (الصوبات الزراعية) في إطار اتفاقية التعاون الموقعة بين الجانبين، والتي تنص على إنشاء عشرة بيوت محمية ومصنع لتغليف وتعبئة الخضراوات بوحدة التأهيل الزراعي التابعة للمؤسّسة بمدينة العين بدعم ورعاية المجموعة.
ويتضمن الاتفاق بين الجانبين إنشاء البيوت المحمية داخل المزرعة على مدى ثلاث سنوات، تشمل السنة الأولى بناء خمسة بيوت محمية وهي المرحلة التي تم إنجازها بالفعل خلال العام الحالي، لتدريب الطلاب منتسبي المؤسسة الملتحقين بالمزرعة على الزراعات المحمية وتأهيلهم للاندماج بسوق العمل.
وتشمل المرحلة الثانية إنشاء مصنع مصغر كورشة لتغليف وتعبئة الخضراوات، فيما ستشهد المرحلة الثالثة خلال الفترة من مطلع يناير 2020 حتى منتصف يوليو من العام نفسه بناء خمس منشآت أخرى من البيوت المحمية (المعروفة كذلك باسم الدفيئة أو الصوبات الزراعية). ويوفر المشروع ما يزيد على 25 فرصة عمل لفئات أصحاب الهمم منتسبي مؤسسة زايد العليا بالمزرعة في المرحلة الأولى، ويسهم في تأهيل متدربين لإلحاقهم بسوق العمل لمن لم تتوافر لهم فرص عمل مناسبة لمهارتهم من أصحاب الهمم.
تصنيع السيارات
وعلى مستوى آخر، نجح ستة شباب مواطنين من أصحاب الهمم في الحصول على وظائف في المجالات الفنية لتصنيع وصيانة السيارات، بعد أن التحقوا ببرامج تدريبية وتأهيلية بالتعاون بين مؤسسة «الفهيم» ومؤسسة زايد للرعاية الإنسانية وذوي الاحتياجات الخاصة، في بادرة لتوظيف أصحاب الهمم والاستفادة من قدراتهم وطاقاتهم.
واجتاز المواطنون الستة فترة الاختبار والإعداد، والتي استمرت بين ثلاثة وخمسة أشهر، حيث تدربوا على تحويل عربات الجولف المتهالكة إلى عربات جديدة تسير بالطاقة الشمسية، لتخدم الأغراض المتعددة، مثل المطارات والقصور والدفاع المدني وملاعب رياضة الجولف، ونجحوا في تنفيذ عمليات التصميم والتنفيذ للعربة من تركيب الخلايا الشمسية، وإعادة بناء جسم العربة والطلاء.
وعن رحلة الشباب المواطنين في التطور المهني، يقول محمد عبد الله الفهيم، رئيس التطوير بمجموعة الفهيم: «إنه تم توفير مدربين مهنيين في موقع العمل، ولكون عملية تشغيل أصحاب الهمم لا تنتهي بمجرد إلحاقهم بالمهنة، بل تشمل الجوانب السلوكية والاجتماعية، لضمان تفاعل الموظف واندماجه مع محيط العمل والتزامه بالأنظمة والتعليمات المتعارف عليها، والذي سوف يؤدي في المحصلة النهائية إلى ضمان استقرار الموظف من أصحاب الهمم في عمله، وتطوير مهاراته العملية، والاندماج بما يحسن من تركيزه في المهام المطلوبة وأدائه له في الوقت المحدد، ويطوِّر من جودة الإنتاج، ويقلل من الوقوع في الأخطاء».
ويضيف: «رغم التحديات إلا أنهم ساهموا وطوروا من أنفسهم، فقد حققوا في هذا المجال الكثير من الإنجازات، حيث قاموا بتدوير وتجميع ثلاث سيارات (جولف كارت) لتعمل بالطاقة الشمسية متعددة الاستخدامات»، مشيراً إلى أن حضور أصحاب الهمم في الورشة كان إيجابياً، حيث سعى جميع العاملين إلى مساعدتهم، لافتاً إلى أن وجودهم ساهم في خلق بيئة عمل جميلة، حرص فيها الجميع على رعايتهم وتأهليهم للاندماج مع زملائهم في العمل.
عقود توظيف
ويشير إلى أن «مجموعة الفهيم» أبرمت عقود عمل لتوظيف ستة شباب مواطنين من أصحاب الهمم، وهم منتسبو «زايد العليا»، وذلك للعمل في الورش التابعة لنا، وفي الوظائف والأعمال التي تتناسب مع هذه المؤهلات، لافتاً إلى أنهم أوائل الموظفين المواطنين في شركة الإمارات للسيارات التابعة لمجموعة الفهيم.
يوضح أن المجموعة تعمل على تمكينهم ومساندتهم، وتقديم الدعم اللوجستي والمعنوي اللازم لهم، حيث تم توفير أوقات عمل سلسة لهم، وإجراء التدريبات اللازمة لتعليمهم أساسيات العمل، مشيداً بدور أولياء الأمور وأسر أصحاب الهمم الذين دعمونا وتعاونوا معنا، وشجعوا أبناءهم ليصبحوا عناصر منتجة وفعالة في المجتمع.
ويؤكد رئيس التطوير لدى مجموعة الفهيم أن هناك إيماناً بقدرات ومهارات أصحاب الهمم ليصبحوا فعالين في المجتمع، مشيراً إلى أن هناك جهوداً مبذولة ساهمت في تغيير الوعي بقدرات أصحاب الهمم، لافتاً إلى أن مجموعة الفهيم وضعت أمر تشغيل أصحاب الهمم ضمن نطاق المسؤولية الاجتماعية.
ويقول الفهيم: «إن المسؤولية الاجتماعية لم تعد ترفاً بل هي مكون أساسي في استراتيجياتنا وخططنا، بحيث تراعي برامجنا وفعالياتنا خدمة الإنسان، وتعزيز مشاركته في المجتمع، بما يعكس الصورة الحضارية التي ارتبط بها اسم الإمارات، والتي أكدتها قيادتنا الرشيدة الحريصة على أهمية تمكين ودمج هذه الشريحة في المجتمع ومساندتهم، وتقديم أنواع الدعم كافة ليصبحوا أفراداً فعالين ومؤثرين، وللاستفادة من الكوادر الشابة في المساهمة في مسيرة البناء والتنمية على أرض الدولة وخدمة الوطن».
خطوة مهمة
وأكد عدد من المواطنين الذين تم توظيفهم لـ«الاتحاد» أنهم حققوا خطوة مهمة في حياتهم المهنية بعد التحاقهم بالعمل في مؤسسة تقدم لهم الدعم بمختلف أشكاله، مشيرين إلى أن العمل في مجال إعادة تدوير عربات الجولف يعتبر بداية لمستقبل أفضل في مجال صيانة السيارات، وهي خطوة على طريق النجاح.
وعبر علي الحارثي عن فرحته بالالتحاق بعمله، وقال: «في مدرستي كنت فنياً ميكانيكياً وأعمل في لحام الحديد وتركيب القطع، وهنا استطعت أن استخدم خبرتي السابقة في تركيب أجزاء جديدة، وأعمال إزالة اللون القديم وتطويع الهيكل وإعداده للصباغة الجديدة (الصنفرة) وصبغ هيكل السيارة وتحويل السيارة العادية إلى سيارة تعمل بالطاقة الشمسية».
وتحدث علي عن عمله في مؤسسة الفهيم، قائلاً: «إنني تدربت على مهارات إعداد هيكل السيارة وتحويلها من المركبة العادية إلى العمل بالطاقة الشمسية، علاوة على طلاء المركبات، وبالفعل شاركت في إعادة تدوير عربات «الجولف» وتصنيعها بشكل جديد، ونقوم بأعمال الطلاء بعد إزالة الطبقات القديمة واستخدام العديد من الألوان الأبيض والأزرق والأحمر بدرجات مختلفة، حسب النموذج الذي ننفذه للعربات المراد إنتاجها».
وأكد أن العمل أضاف له العديد من المهارات، وجعله يتمكن من اكتشاف ما بداخله من قدرات في هذا المجال، لافتاً إلى أنه يطمح إلى تطور مهاراته في هذا المجال مستقبلاً، مشيراً إلى أن العمل في مؤسسة كبرى يضيف للشخص، ويساهم بشكل كبير في إكسابه خبرات جديدة.
ويروي حميد عوض المهري أحد المواطنين الستة الذين التحقوا بالعمل في «الفهيم»، خبرته العملية، قائلاً: «في غضون أيام تحولت حياتي ومهنتي من زراعة الخضراوات وصيد الأسماك من الأحواض الكبيرة إلى العمل في مجال صيانة السيارات».
وأضاف: «دائماً كنت أفكر في المستقبل بالحصول على فرصة عمل أخرى أنمي بها مهاراتي، والحمد لله وجدتها في مجموعة الفهيم التي كانت سباقة في تقديم هذه الفرصة الذهبية للعمل».
بيئة عمل مريحة
ويضيف: «بيئة العمل هنا مريحة، والجميع يرغب في المساعدة وتقديم خبراتهم لنا ونصائحهم، ولم أكن أتوقع يوماً من الأيام أن أصبح فنياً في واحد من أكبر مراكز السيارات في الشرق الأوسط، وما زال طموحي عالياً بأن أصبح وجهاً إعلامياً لبرنامج يضم جميع مواهب أصحاب الهمم، فكما قال المغفور له الشيخ زايد بن سلطان، طيب الله ثراه: (الرجال هي التي تصنع المصانع).. أود أن أشجع جميع الشباب بتطوير مهاراتهم وتنمية ذاتهم».
ويقول حسين الغيلاني: «إنني ومعي خمسة زملاء آخرين حصلنا على فرصة التدريب والعمل هنا في مؤسسة الفهيم، ونقوم بعملية تصنيع العربات التي تستخدم في ملاعب الجولف، بحيث نقوم بإعادة تصنيع القديم منها والمتهالك، والإدارة قامت بتوفير التدريب على مدار سنة تقريباً، وتخصصي في أعمال الكهرباء والطاقة الشمسية».
أثبتوا كفاءة مهنية
يقول المهندس عبد الصمد الراوي، مدير مشروع تدريب وتوظيف أصحاب الهمم بمجموعة الفهيم: «إن هؤلاء الشباب من أصحاب الهمم أثبتوا كفاءة في العمل، ونجحوا في إكمال فترة التدريب على استخدام الأجهزة في مركز الصيانة بطريقة آمنة، واستغرقت هذه المرحلة ثلاثة أشهر، وبعد ذلك وصلوا إلى تصنيع نماذج عربات الجولف، والتي تم مد عدد منها إلى طيران الاتحاد وكبار الشخصيات والأندية الرياضية وسيارات للدفاع المدني، وأيضاً لدينا خطة لتنفيذ هذه العربات للمواقف لنقل أصحاب السيارات في فترات الصيف».
ويضيف أن هناك خطة بالتعاون مع الدفاع المدني لتقديم هذا النوع من العربات وتصميمها بشكل خاص لتصبح إطفائيات صغيرة للوصول إلى الأماكن الضيقة في المصانع والمراكز التجارية حتى تقدم خدمة أسرع في التعامل مع حالات الحرائق في الأماكن العامة، والتي يصعب وصول سيارات الإطفاء الكبيرة إليها.
علامة تجارية
تمكنت مؤسسة زايد العليا لأصحاب الهمم من إطلاق علامتها التجارية «النحلة BEE» لمختلف منتجات أصحاب الهمم ومنتسبيها وغيرهم من خارج المؤسسة، وذلك لأهمية تلك الخطوة على مختلف الصعد التجارية والنفسية، حيث إنها ستثبت قدراتهم الإنتاجية وإبداعاتهم المتنوعة في مجال الإنتاج ومنافستهم في السوق، وهي خطوة طموحة لتسويق منتجات أصحاب الهمم والمنافسة في السوق المحلي والعالمي، الأمر الذي يُثبت على أرض الواقع أن الإعاقة لم تعد عائقاً لمن لديه الإرادة والطموح لتحدي الصعاب.
إنتاج زي «ساعد»
في إطار تفعيل الشراكات من أجل الاستفادة من قدرات أصحاب الهمم في مختلف المجالات، وقعت مؤسسة زايد العليا لأصحاب الهمم مذكرة تفاهم مع شركة ساعد للأنظمة المرورية بشأن قيام المؤسسة بتأمين احتياجات الشركة سنوياً من الزي لصالح موظفي «ساعد» وفق التفاصيل والمواصفات الفنية والكميات التي تطلبها، وذلك من إنتاج ورش الخياطة الجديدة التي تم تجهيزها بدعم مؤسسة المسعود برستيج للخياطة.
حوافز توظيف
تسهم وزارة الموارد البشرية والتوطين في توفير محفزات للقطاع الخاص لحث الشركات والمنشآت على توظيف المواطنين بشكل عام، وأصحاب الهمم بشكل خاص، وذلك من خلال العديد من المبادرات، أهمها نادي «شركاء التوطين»، علاوة على العديد من الامتيازات، سواء الرسوم المخفضة أو الخدمات السريعة في مراكز الخدمة التي تشرف عليها الوزارة المنتشرة على مستوى الدولة.
وتقول الدكتورة نهلة فضلاني، مستشارة الموارد البشرية والمشرفة على مراكز «توطين» بوزارة الموارد البشرية والتوطين: «إن توظيف المواطنين من أصحاب الهمم يجب أن يأتي من وجهة نظر مغايرة، خصوصاً بعد أن أصبحوا يمتلكون مهارات حقيقية ولديهم تدريب على مستوى عال ويجتازون امتحانات في جامعات ومعاهد كبرى داخل الدولة وخارجها، الأمر الذي يحتم على الجميع بذل المزيد من الجهود لتوظيفهم من منطلق التكاتف وليس التعاطف، حيث إنهم قادرون على العطاء والتميز».
وتضيف «إن المنشآت عليها توفير البيئة المناسبة لهم بما يتناسب مع حالاتهم، كما أن هناك امتيازات توفرها الدولة ومنها المحفزات والمزايا التي يقدمها نادي شركاء التوطين للشركات العاملة في القطاع الخاص والتي تشغل مواطنين ومواطنات من أصحاب الهمم، بحيث تحصل هذه المنشآت على نقطتين اثنتين لتعيين كل مواطن، وكذلك إذا زاد الراتب على 30 ألف درهم تحصل على نقطتين إضافيتين، وكل ذلك يفتح لها باب الامتيازات مثل خدمات (السجادة الحمراء) لأعضاء نادي شركاء التوطين وإنجاز المعاملات من دون انتظار، علاوة على خفض الرسوم مثل تصريح عمل تشغيل عامل مقيم/ أجنبي ينخفض من 3200 إلى 300 درهم».
وتشير الدكتورة فضلاني إلى أن سوق العمل لكي يصبح أكثر تفاعلاً مع أصحاب الهمم، لا بد من تكاتف الجهات وإعداد قاعدة بيانات تفصيلية لحصر أصحاب الهمم وتخصصاتهم وتصنيف إمكاناتهم وفق مهاراتهم وحالاتهم الصحية، علاوة على التشجيع الإيجابي الذي يضيف إلى أصحاب الهمم طاقة للعطاء وتحفزهم على بذل المزيد لاكتساب مهارات إضافية، والمرونة في بيئة العمل من حيث ساعات العمل المرنة، والعمل عن بعد، وتوفير بيئة عمل تناسب الحالة الصحية، واعتماد نماذج ابتكارية للاستثمار في قدرات أصحاب الهمم؛ والتدريب المهني والوظيفي.
وتلفت إلى أن الوزارة اتخذت مبادرات عدة، من بينها تشغيل عدد من المواطنين والمواطنات من أصحاب الهمم لإنجاز المعاملات الإلكترونية، حيث يحضرون إلى مقر الوزارة في «الخيمة الإلكترونية» كل يوم ثلاثاء ويقومون بإنجاز بقية أعمالهم عن بعد، بحيث أثبتت هذه المبادرة نجاحاً كبيراً، لا سيما تميزهم وقدرتهم على إنجاز عدد كبير من المعاملات وبدقة عالية، علاوة على تحقيق ذاتهم.