صلاح الحفناوي:
هل هذا معقول؟··· الذكور أيضا يعانون من سن اليأس، يعانون من أعراضه المؤلمة: تراجع القدرة الجنسية، ضعف الرغبة، الخمول والكسل والإعياء المزمن، تدهور الذاكرة، التوتر وسرعة الاستثارة العصبية والكثير من الأعراض المزعجة·
عندما أعلن العلماء لأول مرة أن الذكور يعانون من سن اليأس وأن للذكورة زيأسهاس تماما كما للأنوثة، وأن الرجال في خريف العمر يحتاجون إلى تعويض هرموني تماما كالنساء، حتى يستعيدوا عافيتهم الجنسية وقدراتهم الذهنية، قامت الدنيا ولم تقعد· الذكور تعاملوا مع الأمر على انه مؤامرة نسائية للنيل من آخر ما تبقى لهم من علامات التميز وأسباب الفحولة، فيما اعتبر عدد كبير من العلماء الأمر مجرد خدعة أو كذبة تجارية تروج لها شركات الأدوية لتسويق الهرمونات الذكرية، ووصل الأمر إلى حد اتهام شركات الاحتكار الدوائي بخلق مشاكل صحية ثم تسويق أدوية تعالجها·
أين الحقيقة؟، هل يحتاج الذكور حقا إلى تعويض هرموني في سن معنية، ما هي أعراض سن اليأس الذكري؟، وفي أي سن تظهر هذه الأعراض، وهل حقا لسن اليأس الذكري علاقة بالقدرة الجنسية والرغبة؟، وماذا يفعل الذكور اليائسون ليستعيدوا النشاط والعافية والتألق الذهني؟·· عشرات التساؤلات نطرحها على الأستاذ الدكتور خالد محمود عثمان الحاصل على البورد الأميركي في الصحة الجنسية وعضو الجمعيات العالمية لأبحاث الضعف الجنسي والأميركية للتعليم والعلاج الجنسي ورئيس وحدة الذكورة والعقم بمستشفى السلامة بأبوظبي·
يقول الدكتور خالد: الانحسار الهرموني عند الرجال حقيقة مؤكدة وسن اليأس الذكري ليس أكذوبة، ولكن المشكلة تكمن في أن سن اليأس الأنثوي خضع لآلاف الدراسات العلمية طوال السنوات العشرين الماضية فيما لا تزال الأبحاث التي تتناول ما أصبح يعرف بسن اليأس الذكري ما زالت محدودة· وتشير العديد من الدراسات العلمية إلى أن نسبة هرمون الذكورة زالتستوستيرونس تبدأ بالانخفاض تدريجيا منذ سن الأربعين عند الرجل وبنسبة 1 إلى 2 % كل عام، هذه القاعدة لا تنطبق على كل الذكور ولكن الدراسات أكدت أن 25 % من الرجال من سن 60 إلى 80 عاما يعانون من أعراض نقص هرمون الذكورة وهي الأعراض التي أصبحت تعرف باسم أعراض سن اليأس·
خيبة وتعب
وتشمل أعراض سن اليأس الذكري الفتور، الشعور بالخيبة والتعب، ضعف الرغبة الجنسية وضعف الانتصاب، ضعف القوى العضلية وازدياد المعاناة من ألم الظهر، مزاج متعكر كئيب، اهتياج، ونوبات تعرق·
والملاحظ هنا أن معظم الرجال لا يتعاملون بجدية مع أعراض دخولهم لسن اليأس رغم الأمراض الخطيرة التي قد تتكشف عنها هذه الفترة مثل مرض تنخر أو هشاشة العظام وغيرها·
وتشخيص هذه الحالة لا يتطلب أكثر من التأكد من نسبة التستوستيرون في الدم، أما العلاج فيعتمد على التعويض الهرموني، ويتوفر هرمون الذكورة في العديد من الأشكال الصيدلانية مثل الحقن واللصوق والأقراص·· و يتم العمل حاليا على نوع من الجيل بتكنولوجيا جديدة لاختراق الجلد والوصول إلى النسيج الداخلي بسهولة وبتركيز عال بدون اثار جانبية على الجسم عامة كمثيلتها التي تؤخذ بالفم أو بالحقن·
ويقول الدكتور خالد محمود عثمان إن النقص في الدراسات حول سن اليأس عند الرجال دفع العلماء في عام 1999 إلى عقد مؤتمر خاص للباحثين في الشؤون الهرمونية في مدينة فايمار الألمانية حيث قدمت 11 دراسة جديدة حول هذا الموضوع· وانتهت العديد من الدراسات إلى أن أعراض سن اليأس عند الرجل لا تبدأ بشكل واضح كما هو الحال في النساء، حيث يكون توقف الدورة الشهرية أول مؤشرات دخول المرأة في سن اليأس· وتتراجع حسب هذه الدراسات أيضا نسبة التستوستيرون عند الرجال بعد الأربعين بشكل ثابت وبنسبة 1% كل عام إلا انه لا وجود لمعيار ثابت·
ومن الحقائق الغريبة أن الدراسات الحديثة، لم تثبت علاقة العجز الجنسي بانخفاض مستوى التستوستيرون في الدم· والسبب هو أن زالجنس ليس غريزة تظهر بيولوجيا عند الإنسان بتأثير الهرمون الذكري فحسب وإنما هو على علاقة وارتباط وثيقين بشخصية الإنسان وتكوينهس·· وعلى هذا الأساسس فان فقدان القدرة أو الرغبة الجنسية ليس النتيجة المباشرة لتقدم العمر، إنما انعكاس لموقف شخصي من الجنس أيضا· أما نقص الهرمون فإن يؤثر على الرغبة الجنسية وليس على قوة الانتصاب··· وللأسف قد لا تؤدي الأدوية المعروفة لزيادة قوة الانتصاب كالفياجرا والسيالس والليفيترا دورها، حيث تعتمد في أدائها على وجود اوكسيد النيترات والذى يفرز استجابة للرغبة، ومن السائد وجود أمراض كزيادة نسبة الدهون بالدم أو ارتفاع ضغط الدم أو السكري بطريقة طردية مع زيادة العمر، كل هذا قد يكون سببا للضعف الجنسي وليس نقص الهرمون الذكرى·
وعدا عن الهرمون الذكري فهناك الكثير من المواد الأخرى التي تلعب دورا في تقدم العمر· وثبت أن جسم الرجل يفرز بعد بلوغ الخمسين هرمون الميلاتونين، وهرمون ديهايدرو ايبي اندروستيرون AEHD بشكل أقل، ويتسبب نقص هذه المواد بالعديد من المضاعفات حيث تزداد عملية الهدم في العظام، وتتقلص فترات النوم ويضعف الجهاز المناعي وتتغير عملية استقلاب الشحم فترتفع نسبة الكولسترول في الدم وترتفع مخاطر تصلب الشرايين والإصابة بجلطة القلب·
ويؤكد العلماء أن النتائج التي تحققت من وراء علاج سن اليأس عند الرجال بواسطة الهرمونات كانت مشجعة جدا إذ ثبت أن إعادة التوازن لهرمون الذكورة نجح في إبعاد خطر الإصابة بجلطة القلب، ونجحت جرعات من الميلاتونين في تحسين نوم الرجال· ويعول الباحثون على مزيد من التدقيق في تأثيرات في العقار العجيب AEHD قبل البدء باستخدامه في العلاج على نحو واسع· وقد لاحظ العلماء علاقة هذه المادة بتطورات العمر عن الرجال إذ أن نسبته في مصل الدم تختلف بشكل حاد بين مرحلة وأخرى من مراحل نمو الذكر· وتبلغ هذه النسبة ذروتها في مرحلة الشباب لتبدأ بالانخفاض بشكل تدريجي مع تقدم العمر· وتشير نتائج عدة دراسات إلى أن الرجال الذين تحوي دماؤهم نسبة عالية من AEHD لا يتعرضون لجلطات القلب كما يحتفظون دائما بفعالياتهم وقدراتهم· وهذا ما يقوله البروفسور برونو اللوليو من جامعة فورتسبورج الألمانية مشجعا الرجال دائما على زيارة أطبائهم والاستفادة من إرشاداتهم والعلاج بالهرمونات· وتثبت الدراسة التي أجراها اللوليو على AEHD أن هذه المادة لها فعل ايجابي أيضا على مناعة جسم الرجل فهي زتحسن نوعية حياة الرجل عموما، وتزيد قدراته وشعوره بأنه في أحسن حالس·
ونصح الطبيب والباحث السويسري ماريوس كرينزلن من جامعة بازل الرجال الذين يعانون من سن اليأس بتناول الكالسيوم بانتظام بغية القضاء على احتمال إصابتهم بمرض هشاشة العظام· وعموما فقد افلح العلاج بالهرمونات حتى الآن بمساعدة الرجال في سن اليأس عن طريق تحسين نسبة الكولسترول في دمائهم وخفض مقاومة أجسادهم للأنسولين ناهيكم عن تحسن الوضع النفسي والجسدي للرجل وقدراته·
تضخم البروستاتا
ولا توجد حتى الان دراسات كافية وحقائق ثابتة عن المخاطر الناجمة عن العلاج التعويضي بهرمون الذكورة· وهناك مجالات معينة، مثل تأثير العلاج الهرموني على الوضع النفسي والعقلي للرجل، لم يتطرق إليها العلماء أساسا بعد· ومعروف أن الأطباء يعملون على خفض نسبة التستوستيرون عند الرجل بهدف حمايته من الإصابة بتضخم البروستاتا· ويخشى هؤلاء الأطباء، أن يؤدي العلاج الهرموني إلى تحفيز البروستاتا على النمو والتضخم· لم تسجل أية مضاعفات من هذا النوع حتى الان إلا أن مؤتمر الأطباء في جنيف توصل إلى أن العلاج الهرموني الهادف للإبقاء على النسبة الطبيعية للتستوستيوون في الجسم، لا يؤدي بالضرورة إلى تضخم البروستاتا· مع ذلك يعمد العديد من الأطباء إلى وقف العلاج الهرموني للرجال في سن اليأس حالما تظهر بوادر ولو طفيفة في نمو البروستاتا أو في حالة تعزز المخاطر من الإصابة بسرطان البروستاتا·
والسؤال الذي يتعرض له العلماء حاليا هو ما إذا كان العلاج الهرموني يؤدي عند الرجال إلى تقليل خطر الإصابة بكسور العظام كما هو الحال مع علاج النساء بالاستروجين· يقول الدكتور ماريوس كرينزلن المتخصص بالدراسات الهرمونية: زينظر الباحثون إلى ظاهرة هشاشة العظام كمرض نسائي بحت في حين أن الرجال أيضا يعانون خلال سن اليأس من تقلص كثافة العظامز· وقدر كرينزلن أن خطر إصابة الرجال فوق سن الستين بكسور الحوض يتضاعف كل عشر سنوات، إلا أن ما يدفع الرجال المسنين إلى عيادة الطبيب هو ليس الخشية من تكسر العظام وإنما القلق من فتور الرغبة الجنسية وضعف القدرات عامة وحالة الكدر التي يعيشونها·