أحمد شعبان (القاهرة)
أكد الدكتور محمد مطر سالم الكعبي، رئيس الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف، أن صياغة الشخصية الوطنية، أمر له أهمية كبرى في مواجهة التيارات المتطرفة التي لا تعترف بمشروعية الدولة الوطنية، ولا تحترم المواثيق والقوانين الدولية، وتنسب ذلك إلى الإسلام زوراً وبهتاناً، فتعبر بإرهابها إلى كل أرض، لتضع فيها بصماتها الإجرامية، وتوجه سهام قتلها إلى كل إنسان لا يؤمن بفكرها المتطرف، ولا يؤيد سلوكها الإرهابي.
جاء ذلك خلال مشاركته في أعمال المؤتمر الدولي التاسع والعشرين للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية التابع لوزارة الأوقاف المصرية التي انطلقت أمس بالقاهرة، وتستمر يومين، تحت عنوان: «بناء الشخصية الوطنية وأثره في تقدم الدول والحفاظ على هويتها»، برعاية الرئيس عبدالفتاح السيسي، ورئاسة الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف المصري.
ونقل الكعبي في بداية كلمته أمام المؤتمر من عاصمة التسامح أبوظبي، وفي عام التسامح، إلى أم الدنيا في أرض الكنانة، تحيات القيادة الرشيدة لدولة الإمارات، ودعمها الاستراتيجي لجمهورية مصر العربية الشقيقة التي عرفت بأزهرها الشريف، وعلمائها الأزهريين الأجلاء، ورجالاتها الوطنيين الشرفاء، وتميزت بحضارتها وعراقتها التاريخية ووحدتها الوطنية، وريادتها العربية والإسلامية، ما جعلها تحظى بكل الاحترام والتقدير على ما تبذله من جهود كبيرة في شتى المجالات.
وأشار الكعبي إلى أن هذا المؤتمر الدولي، يأتي لتسليط الضوء في محاوره على التكامل بين المؤسسات الدينية والثقافية والتعليمية والإعلامية، في صياغة الشخصية الوطنية للمواطن الإيجابي الذي يسهم في رفعة وطنه، وازدهار بلاده.
ولفت الكعبي إلى رؤية المؤسسة الدينية في الإمارات، حول بناء الشخصية الوطنية، وتعزيز الانتماء الوطني في المجتمع، من خلال الخطاب الديني، ومنها: التكامل بين المؤسسة الدينية والمؤسسات الوطنية والمجتمعية في الدولة، مشيراً إلى أن الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف بدولة الإمارات هيئة حكومية مستقلة تتبع مجلس الوزراء الموقر، وتتكامل في استراتيجياتها مع المؤسسات الوطنية والمجتمعية في الدولة، ويساهم خطابها الديني جنباً إلى جنب مع المؤسسات التعليمية، والثقافية، والإعلامية، والاجتماعية، في تعزيز الانتماء الوطني، وأن هذا التكامل ضروري جداً، فهو كالبنيان، يشد بعضه بعضاً في بناء الشخصية الإيجابية للمواطن.
وأكد الكعبي أن الهيئة حرصت أيضاً على توحيد موضوعات الخطاب الديني في جميع منابر الوعظ والتوجيه في الدولة، من خلال خطة سنوية موحدة، يشارك في إعدادها الخطباء والوعاظ، والباحثون والمفتون وخبراء التخطيط الاستراتيجي، بالإضافة إلى عدد من الإعلاميين، وممثلي الشركاء الاستراتيجيين، لافتاً إلى توحيد موضوعات خطب الجمعة ودروس المساجد التي يلتزم بها الأئمة والوعاظ في المنابر كافة دينية وإعلامية وفي مجالس الأحياء، مشدداً على أهمية ذلك في تحقيق الأجندة الوطنية للدولة، وقيام مجتمع آمن متلاحم، وترسيخ الاعتدال الديني.
وشدد الكعبي على أن الانتماء الوطني فرض عين إلزامي على كل من ينتمي للوطن.
وأشار إلى أهمية ما تقوم به الهيئة بالتعاون والتنسيق مع «أبوظبي للإعلام» بالإشراف على برامج إذاعة القرآن الكريم من أبوظبي والتي يتم من خلالها تعزيز الانتماء الوطني بالبرامج المباشرة، وبالفواصل والأناشيد التي ترسخ قيم الهوية الوطنية للدولة. كما يقوم المركز الرسمي للإفتاء بدولة الإمارات من خلال توفير خدمة الفتاوى الهاتفية وفتاوى الرسائل النصية وفتاوى الإنترنت، بالإجابة عن الاستفسارات الشرعية للمواطنين والمقيمين بالدولة لإغنائهم عن اتخاذ مرجعيات دينية من خارج الدولة.
وتشارك دولة الإمارات في المؤتمر بوفد رفيع المستوى برئاسة الدكتور محمد مطر سالم الكعبي، رئيس الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف، ويضم علي الهاشمي، مستشار الشؤون الدينية والقضائية بوزارة شؤون الرئاسة، والدكتور سلطان فيصل الرميثي، أمين عام مجلس حكماء المسلمين، ومعالي الدكتور علي راشد النعيمي، رئيس دائرة التعليم والمعرفة في أبوظبي، وحمد الكعبي، رئيس تحرير صحيفة «الاتحاد».
وأكد الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف -خلال كلمته في الجلسة الافتتاحية- أن المؤتمر هو جزء من مشروع وزارة الأوقاف المصرية التنويري الذي بدأ منذ 5 سنوات، مشدداً على وجوب التفرقة بين الثابت والمتغير، والمقدس وغير المقدس، بحيث يقتصر التقديس على الذات الإلهية والقرآن الكريم وسنة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، لافتاً إلى أهمية التحول من الحفظ والتلقين إلى الفهم والاجتهاد، ودراسة علم أصول الفقه وفقه الأولويات والواقع برؤية عصرية مستنيرة.
تجديد الخطاب الديني
وأشاد الشيخ صالح عباس، وكيل الأزهر الشريف، بموضوع مؤتمر الأوقاف في دورته الـ29، ونقل -خلال كلمته- تحيات شيخ الأزهر الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، مؤكداً أن الأزهر الشريف ووزارة الأوقاف يعملان معاً على تجديد الخطاب الديني، من خلال تدريب الأئمة وإعداد رجال قادرين على نشر الوسطية والتسامح والتعايش.
محاور المؤتمر
يناقش مؤتمر هذا العام 45 بحثاً، بمشاركة 130 من وزراء الأوقاف والشؤون الإسلامية والمفتين ورؤساء المؤسسات الإسلامية وأساتذة جامعات وخبراء من 70 دولة.
ويتضمن المؤتمر عدداً من المحاور، منها: الخطاب الديني والثقافي وأثره في بناء الشخصية، دور المؤسسات الدينية والثقافية في بناء الشخصية، الخطاب الديني وأثره في الوقاية من التطرف والإرهاب، التعليم وأثره في بناء الشخصية، دور المناهج التربوية والتاريخية في بناء الشخصية، والإعلام وأثره في بناء الشخصية، الأسرة ودورها في بناء الشخصية، المؤسسات الوطنية ودورها في بناء الشخصية، ومشروعية الدولة الوطنية وأثر بناء الشخصية الوطنية.
آل الشيخ: حماية الأوطان من صميم مقاصد الأديان
أكد الدكتور عبداللطيف بن عبدالعزيز آل الشيخ، وزير الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد بالمملكة العربية السعودية، أن بناء الشخصية الوطنية من التحديات المشتركة التي تواجه عالمنا العربي اليوم حكومات وشعوباً. مشيراً إلى أن بناء الشخصية الوطنية معادلة ليست باليسيرة من أجل تقدم وبناء الدول، حيث تواجه عقبات عدة، منها العولمة، والهجوم على الثوابت، حيث يدعو الدين إلى حب الوطن. وأشار إلى أن حماية الأوطان من صميم مقاصد الأديان، وأنه يجب الدفاع عن الأوطان حتى لو فنينا جميعاً، مشيراً إلى أنه لا يوجد وطني شريف ليس على استعداد لأن يفتدي وطنه بنفسه وماله، قائلاً: «على أهل البلد أن يدافعوا عن وطنهم من الأعداء».
أكاديمية تدريب الأئمة
على هامش المؤتمر، يتم اليوم الأحد افتتاح أكاديمية الأوقاف لتدريب وتأهيل الأئمة وإعداد الدعاة والواعظات من مصر والخارج بمدينة السادس من أكتوبر، بتكلفة 100 مليون جنيه. ويصدر المؤتمر ولأول مرة كتيباً بالسيرة الذاتية لأهم 20 شخصية مشاركة بالمؤتمر ورؤاهم الفكرية، وملخصاً بأهم الأبحاث المقدمة.