يعاني كثير من الأطفال، في مراحل عمرية مختلفة، تحديات تقلل من ثقتهم بأنفسهم.. نظراً لتعرضهم لإحباط أو فشل يواجهونه للمرة الأولى.. أو لمقارنة أنفسهم دائماً بأقرانهم.. وهو ما يعني ضرورة إكسابهم القدرة على إدراك تميزهم وقيمتهم الشخصية ليستطيعوا مواجهة صعوبات الحياة، فكيف نساعدهم على ذلك؟
قد تكون الإجابة غريبة بعض الشيء! ففي تجربة جديدة نشرت نتائجها في دورية أكاديمية نيويورك للعلوم، أجريت على أكثر من 6000 طفل من عمر 11 عاماً في المملكة المتحدة.. وجد العلماء ارتباطاً وثيقاً بين تمتع هؤلاء الأطفال بقدر مرتفع من تقدير الذات، وممارستهم الهوايات والفنون، وخصوصاً الرسم!
ووجد باحثو جامعة لندن، أن الأطفال الذين يمارسون القراءة والموسيقى، زاد تقديرهم الذاتي، بشرط أن يشاركهم آباؤهم في ممارسة هاتين الهوايتين، مرتين أسبوعياً على الأقل، بينما وجدوا أن الأطفال الذين يمارسون الرسم، زاد تقديرهم الذاتي حتى لو كانوا يمارسون ذلك وحدهم، بغض النظر عن مستواهم الفني!
تفسر الدراسة هذه الظاهرة، بأن الرسم يتميز عن غيره من الهوايات التي شملتها الدراسة، بكونه نشاطاً يولد عملاً فنياً فريداً، لم يكن موجوداً من قبل، ما يجعل الطفل يشعر بالتقدير الذاتي والتميز والشعور بالإنجاز بشكل أكبر... بينما عزف الموسيقى يتطلب انضباطاً في أداء مقطوعة قام شخص آخر بإبداعها، والقراءة تعتمد على التلقي.. وهو ما قد يفسر استفادة الطفل من مشاركة الأبوين أثناء ممارستهما، لأن هذا يزيد من شعوره بالدعم الاجتماعي والترابط العاطفي.
ليس معنى ما سبق، أن نفرض على الأطفال هواية الرسم رغماً عنهم، بل ينبغي تشجيع الطفل على تجربة هوايات مختلفة لاختيار ما يناسبه ويجد نفسه شغوفاً بممارسته.. لأن لذلك تأثيراً نفسياً كبيراً يكاد يكون علاجياً. هواية الطفل ركيزة أساسية لتطوره النفسي والمعرفي، لذلك ينبغي تطويرها لا التعامل معها باستخفاف.