السبت 23 نوفمبر 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

حمد الكعبي: الجماعات الإرهابية تسعى لتهميش قيم الانتماء للأوطان

حمد الكعبي: الجماعات الإرهابية تسعى لتهميش قيم الانتماء للأوطان
20 يناير 2019 02:37

أحمد شعبان (القاهرة)

أكد حمد الكعبي، رئيس تحرير صحيفة «الاتحاد»، أن الجماعات والتنظيمات المتطرفة الإرهابية تستهدف على الدوام النيل من مفهوم الدولة الوطنية ظلماً وعدواناً، وتسعى للتشكيك فيه، وزعزعة ولاء وانتماء الناس لأوطانهم، ودولهم الوطنية، لافتاً إلى أن هذا يمثل تحدياً ثقافياً ووطنياً مزمناً عانى منه الكثير من المجتمعات والدول الوطنية.
وقال الكعبي في بحث بعنوان «بناء الشخصية الوطنية وأثره في تقدم الدول والحفاظ على هويتها»، خلال مشاركته في الجلسة العلمية الأولى لمؤتمر المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية التاسع والعشرين، حول دور الخطاب الديني المستنير في بناء الشخصية الوطنية، إن الشخصية الوطنية والهوية الوطنية هما في الواقع اسمان لمسمى واحد، موضحاً أن مفهوم الشخصية من المفاهيم الوافدة في ثقافتنا العربية من الثقافة الغربية، حيث نجد لها تعريفات كثيرة تختلف باختلاف النظريات والمقاربات والمناهج في العلوم الإنسانية، لافتاً إلى أن هناك تعريفات نفسية «سيكولوجية» سلوكية، وأخرى اجتماعية «سوسيولوجية» نفسية، وهناك تعريفات إجرائية لا ترتبط بالمدارس السابقة.
وأشار إلى أن مفهوم «الهوية» فضلاً عن دلالته العقلية التي تشير إلى وعي الإنسان بذاته وفق مبدأ الهوية البديهي العقلي، هو أيضاً ذو دلالة عامة تشير إلى وعي الفرد بالانتماء إلى مجتمعه ووطنه الذي يكتسب منه هوية وطنية.
وأضاف حمد الكعبي: من هذا المنظور فإن «الهوية» هي وعي الإنسان وإحساسه بالانتماء إلى مجتمع معين، ومن أهم عناصر هذا الانتماء التوحد مع ما ينتمي إليه الإنسان، فيكون الاعتزاز والتضامن، وبالتالي المشاركة في الإنجازات والإخفاقات، مشيراً إلى أن عناصر الهوية والعادات والتقاليد هي اللغة والدين، وهي أيضاً جزء من الموروث الاجتماعي الذي تتمسك به الدولة والثقافة المجتمعية والتكوينات المجتمعية، مؤكداً أن كل ما يكتسبه الفرد من خبرات وتجارب ثقافية في المجتمع هو ضمن محددات وعناصر هويته وشخصيته الوطنية.
وقال: «من هنا تبدو المماثلة الوظيفية بين الشخصية والهوية من حيث إن كلاًّ منهما تؤدي إلى تخليق وترسيخ أسس اللحمة والترابط والتعاون والتضامن بين الأفراد داخل المجتمع، وبين المواطنين داخل الوطن».
وأكد الكعبي أن الهوية الثقافية لا تكتمل ولا تبرز خصوصيتها الحضارية ولا تغدو قادرة على الأخذ والعطاء إلا إذا تجسدت مرجعيتها في كيان شخصي تتطابق فيه ثلاثة عناصر، هي: الوطن والأمة والدولة، لافتاً إلى أنه عندما يتمثل الفرد قيم الولاء والانتماء للوطن باعتباره الجغرافيا والتاريخ، والأمة باعتبارها النسب الروحي والانتماء الثقافي، والدولة باعتبارها التجسيد القانوني المؤسسي لكل ذلك، تكون الشخصية الوطنية والثقافية للفرد شيئاً واحداً، وبالتالي يصير الانتماء والولاء للوطن ومنظومته القيمية والثقافية تعبيراً دقيق البذور عميق الجذور عن الهوية الذاتية للإنسان، لأن الانتماء والولاء يعتبر جزءاً لا يتجزأ من عناصر الهوية.
وشدد الكعبي على أن هناك منافسين آخرين للمجتمع وللدولة الوطنية يسعون للتأثير في تشكيل توجهات الأفراد ومن ورائهم الرأي العام، بما يلحق الضرر بالشخصية الوطنية وقيم الولاء والانتماء، وكذلك الجماعات المتطرفة والتنظيمات الإرهابية، وغيرها ممن يسعى لتهميش وتهشيم الثقافة الوطنية، وقيم الولاء والانتماء للأوطان، والدولة الوطنية، تحت ذرائع تسويق ولاء وانتماء بديل، حيناً إلى الجماعة الإرهابية نفسها زوراً وبهتاناً وإضلالاً، وأحياناً أخرى بدعوى الولاء والانتماء للأمة جهلاً وتزييفاً.
وأشار الكعبي في بحثه إلى أن تيار العولمة يمثل أيضاً تحدياً ثقافياً آخر ينازع أنماط التربية والتنشئة الوطنية على تشكيل وعي وهويات الأفراد، مؤكداً دور التعليم والإعلام في بناء الإرادة الذاتية والشخصية الوطنية كمحور أساسي في زمننا هذا.
ولفت الكعبي إلى أن الغرب وطاحونته الإعلامية، ودعاواه القيمية الإيديولوجية، ظل يردد منذ عقود ضرورة إحداث التغيير في الثقافة والمجتمع العربي، وبعبارة أخرى في الدول العربية، وبطريقة النبوءة المنحوسة المحققة لذاتها، سوّق الإعلام الغربي، وأحصنة طروادة الإعلام العربي الدائرة في فلكه، «حلم التغيير العربي» في ثورات ما سمي بـ«الربيع العربي» خلال السنوات السبع الماضية! متسائلاً: لكن ما الذي تكشّف عنه هذا «التغيير»؟ مؤكداً أن الجواب يغني عنه لسان الحال.
وأكد أن الطريق لدفع ومنع التدخل الخارجي للتأثير في الشخصية والهوية الوطنية للإنسان العربي، يمر عبر تعزيز جاذبية وتنافسية الثقافة الوطنية، وترسيخ قيم الولاء والانتماء لدى الفرد من الداخل.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©