الأحد 27 يوليو 2025 أبوظبي الإمارات 37 °C
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المجلات النسائية··· المظهر قبل الجوهر

19 ديسمبر 2005

موزة خميس:
الباحثون في ميادين علم الاجتماع في الوطن العربي وكذلك الباحثون في مجالات الاتصال والإعلام، يجمعون على أن وسائل الاتصال الجماهيرية ذات تأثير كبير ومتزايد في صياغة جوانب حيوية من مظاهر الحياة الاجتماعية والسياسية والثقافية وأنماط العادات والاستهلاك، إضافة إلى دور وسائل الإعلام الجماهيرية في مجال التنشئة الاجتماعية والتربوية المستمرة لشرائح وقطاعات واسعة من المجتمع العربي بجوانبها الإيجابية والسلبية، وان الحكومات العربية وجميع الجهات التي تمتلك وسائل الاتصال، أو تتحكم بمدى أهمية هذه الوسائل ودورها في الضبط الاجتماعي والتعبئة السياسية والاجتماعية والثقافية، أدركت أهمية هذه الوسائل فخصصت جزءا من مواردها وطاقاتها لهذا القطاع، ولا يختلف اثنان على أن وسائل الإعلام مع غيرها من العوامل تشترك في تكوين قيم وصفات كثيرة، فهي تكون بمثابة الأسرة أو المعلم وهي تستخدم التوجيه المباشر والتوجيه غير المباشر·
الدكتور إبراهيم الشمسي من قسم الاتصال بجامعة الإمارات من الباحثين المهتمين بتأثير وسائل الإعلام على التنشئة الاجتماعية على المرأة، وذلك من خلال تحليله لمضمون بعض المجلات النسائية، وقد قال في هذا الشأن إن هناك دوراً بالغاً تلعبه الصحافة النسائية في تنمية المرأة عقليا وعاطفياً واجتماعياً، لأنها أداة توجيه وإعلام وإقناع وتنمية للذوق الفني وتكوين العادات، ونقل القيم والمعلومات والأفكار، وخاصة الصحافة التي تعتبر قناة اتصال (فوقي) الاتجاه والمضمون، تستثني المشاركة القاعدية والإيصال التحتي، وتؤلف بذلك واحدة من أبرز أدوات تشكيل ثقافة الإنسان والمرأة بالأخص·
وعن مضمون المجلات العربية والخليجية (النسائية) قال: من خلال تحليل دراسة كانت عبارة عن استطلاع لآراء أجري بين طلاب وطالبات المدارس الثانوية في الإمارات، عن مضمون بعض المجلات العربية والخليجية (النسائية)، اتضح أنها ركزت على العلاقات الزوجية ومشكلاتها وتنمية الحس الجمالي لديها، وكان اهتمام هذه البرامج بمشاركة المرأة في قضايا المجتمع بنسبة محدودة، كما تبين ان موضوعات المرأة في المجلات الخليجية تركز على قضايا الزواج والطلاق أكثر من اهتمامها بقضايا المرأة ومشكلاتها في مواقع الانتاج والعمل والمشاركة السياسية والثقافية والاجتماعية·
وقال الدكتور الشمسي: آن لوسائل الإعلام أن توظف كل طاقاتها لمواجهة تحديات العصر، و ذلك لن يأتي إلا من خلال وضع أهداف واضحة محددة تتمكن من خلالها بالقيام بدورها في تنشئة الأجيال·
وحول ما إذا كانت المجلات النسائية تعكس القضايا الحقيقية قال الدكتور الشمسي: من خلال تحليل مضمون بعض المجلات، ومن خلال الاستبيان اتضح أن بعضها لا يعكس القضايا الحقيقية التي تعاني منها النساء الخليجيات، ولا تسهم بتطويرهن ليشاركن في تنمية مجتمعهن، كما ركزت الصحف على أبواب الأزياء والمكياج وتسريحات الشعر والأناقة والجمال وحل المشاكل العاطفية للقارئات وهذا كظاهرة أولى، وكظاهرة ثانية فإن الصحافة الخليجية تتوجه إلى نساء المدن وتتجاهل قضايا البادية مع التركيز على مرحلة عمرية بعينها عند المرأة، فتركز على المرأة الشابة الناضجة وتهمل الفتيات الصغيرات والمرأة المسنة·
استغلال الاعلانات
أيضا من الظواهر التي تحدث عنها الدكتور الشمسي أيضا تركيز وسائل الأعلام على فئات نسائية معينه لا تشكل الغالبية من النساء العربيات، أو تقدمها بما لا يتناسب مع حجمها الحقيقي في المجتمع، وعلى أنها قاعدة وليست استثناء كالفنانات وبعض الفئات النسائية الخارجة عن حدود الحرية والاحتشام، وقال: الإعلانات أيضا استغلت صورة المرأة وصوتها كأداة للجذب وكطعم للتشجيع على الاستهلاك، وإنها أداة لإثارة الرجل وجذبة للشراء·
أيضا الدور التربوي لوسائل الاعلام يمكن أن نلاحظ منه إشكالا بارزا على الساحة، حيث يتهم كثير من الخبراء والتربويين وسائل الإعلام بالسطحية والتشويش في الرؤيا، والابتعاد عما يسمونه بأسس التربية السليمة والصحية، بينما يتهم الاعلاميون خبراء التربية العاملون كباحثين فيها بالجمود والمحافظة والانغلاق، بحكم طبيعة التربية التي تؤكد على استمرار التكرار والتلقين ونقل نماذج وإعادة إنتاجها، و بالنسبة لعوامل تكوين القيم ومكان وسائل الإعلام بينها والتنشئة الاجتماعية، وأرى ان عملية التنشئة الاجتماعية، من خلال تكوين القيم لدي الإنسان بين الأهداف السامية والأولى، وذلك لأنها جوهر الإنسان والموجه الرئيسي لسلوكه·
كثرت أيضا الاجتهادات حول القيم المنشورة وحول أساليب ووسائل تكوينها، وهنا يأتي دور المؤسسات التربوية والمؤسسات الثقافية والإعلامية، وفي إطار تعدد القيم وانتشارها يصبح حصرها بالجوانب الأخلاقية أو الدينية أمر بعيد عن الواقع، فالقيم موجودة في الدين والأخلاق والمعرفة والثقافة والحضارة والإعلام والتربية، وأيضا في الاقتصاد والسياسة والعمل والسكن والغذاء والصحة· ومن خلال الدراسة التي أنجزت بعد إجراء استطلاع بين طلاب وطالبات المدارس الثانوية بالإمارات اتضح من خلال الاستعراض لصورة المرأة العربية من خلال وسائل الإعلام ما يؤكد الدور الخطير الذي لعبه الإعلام في تأكيد كثير من القيم والمفاهيم والأدوار والعلاقات والسلوكيات المختلفة، وهي تؤكد على صور وأنماط تقليدية للمرأة والاهتمام بالأمور السطحية على حساب الجوهر، مما لا يساعد بشكل من الأشكال على تطوير وضع المرأة في المجتمع، ويقتضي هذا بدوره وضع سياسة إعلامية جديدة تسعى إلى تغيير الصور والأنماط التقليدية للمرأة في كافة المجالات الإعلامية، والعمل على طرح نماذج بديلة لصورة المرأة تؤكد على الجانب الإنتاجي لعمل المرأة وتبتعد عن الجانب الاستهلاكي·
نتائج غير طبيعية
استخلص الدكتور إبراهيم الشمسي نتائج من الدراسة التي أجريت على الاستطلاع الذي وزع على الطالبات والطلبة وتحدث عن تلك النتائج قائلا: اتضح انتشار المجلات وبشكل كبير بين مختلف القطاعات النسائية في الدولة، وقضاء فترات طويلة في قراءتها قد تصل إلى أكثر من ساعتين، كما بينت الدراسة الميدانية أن هذه القراءة الطويلة والتنقل بين صفحاتها، لابد أن يترك آثاره في نفوس النساء، وأيضا المجلة النسائية تتمتع بصفات تجعلها أكثر تأثيرا من وسائل التربية المدرسية والأسرية، فهي تجمع بين الصورة الملونة والقصة وتخاطب الدوافع والانفعالات والعواطف لدي المرأة وكذلك تخاطب العقل، وإذا قارنا بين القيم التي يحملها أطفالنا وشبابنا والتي تظهر في اتجاهاتهم وسلوكهم اليومي نحو أمور الرياضة والجنس والعنف والتعامل مع بعضهم، وما يقومون به من سلوكيات وبين القيم التي تنطوي عليها الرسائل الإعلامية ومنها المجلة، وكذلك القيم التي تنطوي عليها الدروس والكتب المدرسية والقيم التي تسعى إليها التوجهات الأسرية، فإننا سنجد أن معظم قيم الشباب والفتيات أقرب إلى القيم التي تتضمنها رسائل ومضمون وسائل الإعلام، مثل قيم الحب والجنس والعنف والرياضة والأزياء المخالفة للأعراف التقليدية·
وفي كثير من الأحيان يسلك الجيل الناشئ من الشباب والفتيات سلوكا غير مرغوب فيه يحاكي به السلوك الذي ترسخ في عقله ومخيلته، ويبدو أن المتعة والإثارة وإرضاء بعض النوازع النفسية أمر محبب لديهم، وهذا دليل على خطورة الرسالة الإعلامية وصعوبة ضبط تأثيرها على المرأة·
أفكار غير سوية
الشباب والفتيات والمرأة من اكثر الفئات اطلاعا على ما تقدمه وسائل الإعلام من قيم، ولذلك فإنهم الأشخاص الأكثر تأثرا مما يؤثر على عملية التنشئة الاجتماعية، وهذا التحليل يوضحه الدكتور إبراهيم قائلا: تظهر لدي جيل الشباب والفتيات خاصة سلوكيات وقيم تتعارض أو تختلف عن القيم المتوارثة، مثل الاندفاع العاطفي والانفعالي وتقليد أنماط السلوك والحياة الأجنبية، من خلال ما تحمله المجلات من تأثيرات تشكل خطرا لا على قيم الجيل، بل أيضا على شخصيته وسلوكه في المجتمع، ومن هنا يفترض بالمرأة أن تتأنى وتتريث في اختيار مواد المجلات، فقد تبين أن المجلات النسائية قد تحتوي على مواد تهم الكبار ولكن معظم الفتيات يشاركن في قراءة هذه الموضوعات، وأيضا يتبنى معظم القائمين على المجلات النسائية والشبابية أفكارا غير سوية مما يؤثر على عملية التنشئة الاجتماعية، بمعنى وجود قوى اجتماعية منحرفة تخالف القوى الاجتماعية السوية، ولهذا من الطبيعي أن تختلف عملية التنشئة باختلاف القائمين على الوسائل الإعلامية والعاملين فيها، لأن كل منهم يحمل قيما وولاءات اجتماعية مغايرة، مما يولد حالة من التداخل والصراعات تنعكس على صفحات المجلات·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2025©
نحن نستخدم "ملفات تعريف الارتباط" لنمنحك افضل تجربة مستخدم ممكنة. "انقر هنا" لمعرفة المزيد حول كيفية استخدامها
قبول رفض