أبوظبي (الاتحاد)
قال ناصر الراشدي، مدير إدارة السياسات والتشريعات الفضائية في وكالة الإمارات للفضاء: «إن الوكالة تطلق قريباً مناطق اقتصادية خاصة بالفضاء في مناطق عدة بالدولة، وبالتنسيق مع السلطات المسؤولة عنها»، موضحاً أن هذه المناطق تعمل على استقطاب الاستثمار الأجنبي المباشر، والاستفادة من المزايا التنافسية التي تقدمها دولة الإمارات عموماً، إضافة إلى تلك المتعلقة بالضرائب، والملكية الأجنبية، ورسوم الاستيراد والتصدير، وغيرها من المزايا التي توفرها الهيئات المسؤولة عن تلك المناطق الصناعية».
وأكد الراشدي في حوار مع «الاتحاد»، أن الاستثمار في المجال الفضائي بدولة الإمارات «مفتوح» أمام المستثمرين بناءً على الفرص المتاحة في كل سلسلة القيمة، كاشفاً عن بدء تنسيق تفاهمات مع الدوائر الاقتصادية المحلية في الدولة لمنح تراخيص فورية في قطاع الفضاء.
وأفاد بأن الوكالة تدرس تطبيق مشروع النافذة الواحدة في منح تراخيص الأنشطة الفضائية بالتعاون والتكامل مع شركائها الاستراتيجيين والجهات الاتحادية والمحلية المانحة للترخيص لتطوير رحلة المتعامل، وتبني أفضل الممارسات وأحدث التقنيات في هذا المجال عبر نظام إلكتروني موحد وشامل.
وأضاف أن القطاع الفضائي يمر بمتغيرات متسارعة نتيجة للتطورات السريعة في التقنية وزيادة عدد اللاعبين الموجودين في الفضاء، وهذه المتغيرات تجعل من المهم اقتناص الفرص المناسبة مع وجود قناعة لدى المستثمرين الدوليين والمحليين الراغبين في دخول السوق تلائم طموحاتهم الاستثمارية حسب الإمكانيات المتاحة.
وأضاف الراشدي، أن الوكالة تنفذ حالياً آلية لجذب الاستثمارات وتعزيز الشراكات مع القطاع الخاص، واستقطاب المشاريع ذات الجدوى الاقتصادية، سواء الناشئة أو الكبيرة من داخل الدولة وخارجها، مشدداً على أن مجالات التركيز في الاستثمار تتسم بالمرونة، حيث يتوقف الأمر على الجدوى الاقتصادية، وفكرة المشروع ورأس المال.
الإنفاق الاستثماري
وقدر الراشدي استثمارات دولة الإمارات في مشاريع الفضاء بأكثر من 22 مليار درهم، حيث استطاعت من خلاله أن تؤسس قطاعاً فضائياً قوياً ومتنوعاً، بما تضمه الدولة من مؤسسات وشركات رائدة ومنافسة عالمياً في مجالات الاتصالات الفضائية، مثل شركة «الياه سات»، وغيرها الكثير من المؤسسات.
ونوه بأن هذا الإنفاق تم تخصيصه في بناء الأقمار الصناعية بما فيها مشروع «مسبار الأمل» لاستكشاف كوكب المريخ والمخطط إرساله إلى المريخ ليصل عام 2021، مضيفاً أن دولة الإمارات تعمل حالياً على تطوير 8 أقمار صناعية سيتم إطلاقها في غضون 4 إلى 5 سنوات المقبلة، تضاف إلى الأقمار العشرة التابعة للدولة والموجودة في الفضاء بالفعل.
وتابع الراشدي: «في مجال البحث والتطوير، لدينا خمسة مراكز متقدمة لأبحاث الفضاء، ثلاثة منها في أبوظبي ومركز في كل من دبي والشارقة، إذ تأسست هذه المراكز كي تكون جزءاً رئيساً من المبادرة الاستراتيجية الهادفة إلى دعم الابتكارات العلمية والتقدم التقني ودفع عجلة التنمية المستدامة في دولة الإمارات».
وقال: «نتوسع خلال الفترة المقبلة بخطوات ثابتة وسريعة وملهمة في مجالي مراقبة الأرض واستكشاف الفضاء»، موضحاً أن مراقبة الأرض تشمل التصوير، وتقنية الاستشعار عن بعد للوصول إلى بيانات تستخدم في تطبيقات توفر حلولاً مبتكرة وفاعلة لتحديات محلية وإقليمية وعالمية، سواء المتعلقة بالمناخ والبيئة أو في إدارة الموارد الطبيعية أو التخطيط العمراني أو إدارة الكوارث والأزمات أو مراقبة الحدود وغيرها.
الاتصالات الفضائية
وتوقع الراشدي المزيد من النمو والتوسع والازدهار في اقتصاد الدولة الفضائي، مؤكداً أن مشغلي الإمارات في مجال الاتصالات الفضائية من بين أفضل عشر شركات عالمية في هذا المجال، بما فيها تقديم خدمات النطاق العريض «الإنترنت» الفضائي.
وأكد سعي الوكالة إلى تعزيز هذه الريادة ونقلها إلى المجالات الأخرى في سلسلة القيمة لاقتصاد الفضاء.
التجارب العالمية
وأكد أن التجارب العالمية، تشير إلى تزايد اهتمام الدول بصناعة الفضاء، فضلاً عن نمو دور القطاع الخاص بشكل ملحوظ، فيما يقدر حجم عائدات قطاع الفضاء عالمياً عام 2018 بنحو 350 مليار دولار، يرتفع إلى 600 مليار دولار بحلول 2030، تشكل الإيرادات التجارية منها أكثر من 76%.
الخطة الاستثمارية
ولاستدامة نمو قطاع الفضاء في دولة الإمارات، قال ناصر الراشدي: «إن وكالة الإمارات للفضاء أطلقت خطة لتعزيز الاستثمار الفضائي، في إطار دورها لدعم ورعاية القطاع والمساهمة في تنويع الاقتصاد الوطني».
وتابع الراشدي: «إن الوكالة، من خلال هذه الخطة، انتهت من وضع الأنشطة والآليات والأدوات اللازمة لتحفيز ريادة الأعمال واستقطاب المزيد من الاستثمارات المحلية والعالمية في قطاع الفضاء».
وأشار إلى أن الخطة الاستثمارية بنيت على محورين أولهما توفير بيئة جاذبة للاستثمار داخل الدولة، وثانيهما تطوير آلية استثمارية في مجال الفضاء.
وأوضح الراشدي، أن المحور الأول يتضمن أربعة أنشطة رئيسة تعمل عليها الوكالة حالياً وهي زيادة الوعي والترويج لفرص الاستثمار المتاحة في القطاع الفضائي والتي توائم طموحات المستثمر، وأيضاً زيادة الوعي لدى مؤسسات الفضاء باحتياجات المستثمر أو العميل المستقبلي.
وقال: «نعمل حالياً على وضع إطار تشريعي وتنظيمي للاستثمار الفضائي خاصة بالترخيص والتسجيل والتأمين وغيرها، لتعزيز البيئة الاستثمارية».
وبخصوص المحور الثاني من خطة تعزيز الاستثمار، أشار إلى أن لدى الوكالة آلية لتسهيل وتلقي مشاريع الفضاء وتقويمها من الناحية الفنية والتشريعية والتنظيمية وتسهيل التواصل مع المستثمرين المحتملين، فضلاً عن دعم رواد الأعمال وأصحاب المشاريع الناشئة في القطاع من خلال برامج حاضنات ومسرعات رائدة بالتعاون مع المبادرات والمنصات الفاعلة، مثل كريبتو لابز وهب 71 وغيرها.