الجمعة 22 نوفمبر 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

الاتفاق بين «العسكري» و«قوى التغيير» لحظة تاريخية لشعب «عريق الأصل»

الاتفاق بين «العسكري» و«قوى التغيير» لحظة تاريخية لشعب «عريق الأصل»
18 يوليو 2019 03:19

أسماء الحسيني (القاهرة، الخرطوم)

بعد ليلة طويلة من التفاوض، وقع المجلس العسكري الانتقالي في السودان وقوى الحرية والتغيير على الاتفاق السياسي صباح أمس، تمهيداً للاجتماع مجدداً يوم غد لبحث وثيقة الإعلان الدستوري لإقرارها.
واعتبرت أطراف الاتفاق خطوة جيدة وتقدماً إلى الأمام، فيما رأت أطراف أخرى الاتفاق ناقصاً، وقالت إنه قام بترحيل القضايا المختلف عليها وسيكون له انعكاسات سلبية كبيرة على وحدة قوى الحرية والتغيير.
وينص الاتفاق على إنشاء هياكل ومؤسسات الحكم في الفترة الانتقالية جديدة من أجل إنهاء الازمة السياسية فى السودان. ووصف نائب رئيس المجلس العسكري الفريق أول محمد حمدان دقلو «حميدتي» الاتفاق بأنه لحظة تاريخية.
وحاول الوسيط الأثيوبي السفير محمود درير مغالبة دموعه خلال كلمته عقب توقيع الاتفاق بالأحرف الأولى، وهو يصف الشعب السوداني بأنه عريق أصيل، ويجب أن يخرج من بوتقة الفقر والحصار المفروض عليه، ومن سجل الدول الداعمة للإرهاب.
وقالت قيادات في قوى الحرية والتغيير لـ«الاتحاد» إن الاتفاق خطوة للأمام للوصول لتوافق شامل يحقق أهداف ثورة ديسمبر المجيدة، وتمهيداً للتوافق على الوثيقة الدستورية، والوصول لاتفاق مع الحركات المسلحة. وأضافت القيادات في الحراك أن الضامن للاتفاق هو الشعب السوداني الحارس لثورته، وأكدت أن قوى الحرية متوحدة، وأنها أثبتت مقدرة فائقة على إدارة التباينات داخلها.
وقالت مصادر مقربة من المجلس العسكري لـ«الاتحاد» ذهبنا لمرحلة متقدمة، لكن المشكلة لا تزال قائمة، لأن المجلس العسكري له رأي واحد، بينما قوى الحرية ليست على قلب رجل واحد، ومواقفها متباينة ومنقسمة على نفسها، وستكون لديه مشاكل كثيرة في اختيار مرشحيهم لمناصب الفترة الانتقالية.
وقالت مصادر مطلعة على سير المفاوضات لـ«الاتحاد» إن توقيع الاتفاق بداية مشاورات وتفاوض ونقاش جديد لقضايا عديدة تبدأ في المفاوضات بشأن وثيقة الإعلان الدستوري غدا. وأضافت أن الاتفاق رحل كثيرا من القضايا للإعلان الدستوري، ومنها تفاصيل الحكم خلال الفترة الانتقالية، وكثير من الخلافات حول الحصانة والمجلس الدستوري.
وأضافت المصادر أن المرحلة المقبلة ستواجه مزيداً من التعقيدات، وأن الخلافات بين العسكريين والمدنيين حول قضايا عميقة ومعقدة، وأن الثقة بينهما هشة، حيث يريد كل طرف منهما الاستئثار بالسلطة والصلاحيات، وأن الشيطان يكمن في التفاصيل، في مفاوضات طويلة لا تزال معقدة.
وقال محمد عصمت القيادي بالحزب الاتحادي وقوى الحرية والتغيير لـ «الاتحاد» إن الاتفاق السياسي لغم كبير سينفجر بواسطة أحد طرفي التفاوض.
وأعلنت الجبهة الثورية السودانية أن التوقيع على الانفاق لا يمثل كافة قوى الحرية والتغيير، وأن ما تم هو امتدادات للممارسات السياسية منذ استقلال السودان.
وقال الدكتور جبريل إبراهيم رئيس حركة العدل والمساواة إن ما حدث من توقيع بالأحرف الأولى على الاتفاق السياسي بين المجلس العسكري وأطراف من قوى الحرية والتغيير استهتار بالمشاورات التي تجري في أديس أبابا، والجبهة الثورية السودانية ليست طرفاً في هذا الاتفاق.
ومن جانبه، قال مالك عقار رئيس الحركة الشعبية قطاع الشمال: نقدر دوافع الذين وقعوا الاتفاق، وهم لا يمثلون كل قوى الحرية والتغيير، وهم لا يمثلون كل قوى الحرية والتغيير.
واعتبر صلاح جلال القيادي بحزب الأمة القومي في تصريحات لـ«الاتحاد» إن التوقيع على الاتفاق خطوة موفقة، لتحريك العملية السياسية وتخفيف الاحتقان، وقال: «إن الاتفاق معقول، ونأمل أن يكون مسهلا لإقرار التفاصيل الدستورية.»
وقال القانوني السوداني سيف الدولة «حمدنا الله إن ما تم توقيعه هو النصف السهل من الاتفاق، ومع ذلك حسم نقاطا كثيرة، وحتماً ليست كلها على النحو الذي يشتهيه الشعب، ولكنها بلا شك خطوة كبيرة ونجاح عظيم للثورة وقيادتها في الظروف المتاحة، ونأمل أن تكون الجولة القادمة الخاصة بالوثيقة الدستورية بمثل نجاح هذه الجولة إن لم تكن أفضل».
وقال مبارك الفاضل المهدي رئيس حزب الأمة لـ«الاتحاد» إنه لا جديد فى الاتفاق، غير تسجيل نقاط الخلاف، وترحيلها للمرسوم الدستوري. وأكد أنه لا مجال لفض الخلاف بين الطرفين، إلا بالاحتكام لدستور 2005، الذي ينص على أن رئاسة الجمهورية ومجلس الوزراء يشكلون معا السلطة التنفيذية، وعلى حصانة رئيس الجمهورية ونائبه ورئيس الوزراء والوزراء، وانه لا يجوز فتح بلاغات ضدهم إلا في حالة الخيانة العظمى أو خرق الدستور، وبعد إجازة المجلس التشريعي لذلك بثلاثة أرباع أعضائه.
وقال الخبير السوداني الدكتور صلاح بندر رئيس وحدة دراسات التطرف في جامعة كامبردج لـ«الاتحاد» إن ما تم هو تأجيل للخلافات، وهو اتفاق توازن الضعف تحت الضغوط الإقليمية والتدخلات الدولية، ولن يؤدي إلى أزمات متصاعدة، تمسك بتلابيب بعضها بعضا، وأضاف أن الاتفاق لن يكون له معنى إلا باكتماله في وضوح وشفافية بالإعلان الدستوري، وهو طريق مليء بالالغام والقنابل الموقوتة، مشيراً إلى أن الاتفاق ناقص، ولا يمكن أن نطلق عليه وثيقة هياكل الحكم، لان صلاحيات مجلس السيادة سيتم النص عليه في الوثيقة الدستورية، كما أن شروط اختيار رئيس الوزراء وصلاحيته ستحددها كذلك الوثيقة الدستورية، ومثلها القضايا المتعلقة بالمجلس التشريعي.
واعتبر الخبير الأمني السوداني الفريق حنفي عبد الله وكيل جهاز المخابرات السوداني السابق في تصريحات لـ«الاتحاد» أن ما تم لابد أن يكون مشجعاً للتعامل في الفترة القادمة بمزيد من روح التفاهم وتقديم التنازلات حتى تقل التباينات في المواقف، ويقل تناطح السياسيين الذين اختطفوا ثورة الشباب.
وأضاف عبد الله أن الأمر يحتاج إلى جهد كبير، حيث غاب عن الاجتماع الاول لمناقشة الوثيقة الدستورية قوى الإجماع الوطني والحزب الشيوعي، واكد أن المجلس العسكري لن يتنازل عن تقوية صلاحيات مجلس السيادة، ليكون مجلساً تشريفياً.
ووصف المحلل السياسي السوداني الدكتور المعز أبو نورة الاتفاق بالإعلان السياسي الهزيل، الذي يحمل بداخله بذور فنائه، وان الشعب السوداني سيقاوم إجهاض ثورته.
ويرى المحلل السياسي فخر الدين عوض أن الاتفاق الذي تم الإعلان عنه أشبه بفرقعة إعلامية لا غير، وهو أشبه بمسودة تراوح مكانها منذ أشهر، ويرى أن كلمة يعتمد وردت مرة أخرى فيما يخص اعتماد مجلس الوزراء من قبل مجلس السيادة، والتي يفسرها المجلس العسكري بمعنى الموافقة. وقال إن الاتفاق أغفل تماماً أمر تعيين حكام الولايات والاقاليم ومن يقوم بالتعيين، كما أن الاتفاق أبرز عدم الاتفاق على منح نسبة الـ67% من مقاعد المجلس التشريعي لقوى التغيير.
وأوضح أن مجلس السيادة ومجلس الوزراء سيتوليان التشريع إلى حين قيام المجلس التشريعي، الذي تم إرجاء البت في تشكيله إلى 3 أشهر، وخلا الاتفاق من الإشارة إلى إعادة هيكلة الجيش والقوات الأخرى، وتم تفويض الأجهزة العسكرية بالأمر. وقال عوض إن الاتفاق في مجمله غامض وغير مرض، ولا معنى له.
وقال الإعلامي السوداني خالد ساتي لـ«الاتحاد» إن توقيع الاتفاق خطوة مباركة، وإن لم تكن مثالية، لكنها ستغلق أبوابا كثيرة. وأضاف «القادم أصعب، ويحتاج إلى مثابرة وتجرد».
وأشار الناشط السوداني بشري مهدي لـ«الاتحاد» إلى حجم الضغوط التي مورست على الطرفين لتوقيع الاتفاق، الذي قال: إنه فقط حصر نقاط الخلاف، ورحلها للوثيقة الدستورية، وأكد بشري أن الطريق طويل وشائك وهناك مخاوف على وحدة قوى التغيير، إن لم يتم التوافق على إدارة الحوار المفصل حول التفاصيل الدستورية.
ويرى الصحفي والمحلل السياسي السوداني معتصم الحارث في تصريحات لـ«الاتحاد» أن المجلس العسكري يحاول كسب الوقت، وتوقع ألا ينتهي التفاوض قبل سبتمبر، بعد عودة الحكومات الغربية والمنظمات الدولية من إجازة الصيف.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©