دافوس (الاتحاد)
يتسبب نقص في التمويل بقيمة 2.5 تريليون دولار في إعاقة بلوغ أهداف التنمية المستدامة على مستوى العالم، وتصدّر موضوع رأس المال الخيري وكيفية تعظيم أثره الاجتماعي قائمة الموضوعات المطروحة على طاولة النقاش في اجتماع عقد أمس خلال فعاليات منتدى الاقتصادي العالمي 2020 بدافوس، تحت عنوان «تعاون أصحاب المصلحة لعالم مترابط ومستدام: دور القطاع الخيري في الأسواق الناشئة».
وترأّس الجلسة النقاشية التي تضمنها الاجتماع نخبة من الشخصيات المرموقة من أبرزها الشيخة بدور بنت سلطان بن محمد القاسمي، مؤسس ورئيس مؤسسة كلمات لتمكين الأطفال، ومعالي الدكتور ثاني بن أحمد الزيودي وزير التغير المناخي والبيئة، والدكتورة رانيا المشاط وزيرة التعاون الدولي في مصر، ودايفيد ميليباند، الرئيس والرئيس التنفيذي للجنة الإغاثة الدولية، وبيتر ماورر رئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر، وسارة بانتوليانو الرئيسة التنفيذية لمعهد التنمية لما وراء البحار، وأوليفيا ليلاند مؤسس كو-إمباكت ورئيسته التنفيذية.
واستضاف الاجتماع كلا من بدر جعفر الرئيس التنفيذي لشركة «الهلال للمشاريع»، والبروفيسور ستيفن توب، نائب رئيس جامعة كامبريدج.
واستهل جعفر النقاش بإبراز فرص النمو والتقدم الكبيرة التي يتيحها رأس المال الخيري النابع من الاقتصادات الناشئة سريعة النمو، خاصة منطقة الشرق الأوسط.
وقال جعفر «انتقال ثروات بقيمة 4 تريليونات دولار بين الأجيال في السنوات العشر المقبلة والصدقات والتبرعات في الإطار الإسلامي التي يتوقع أن تضخ لوحدها بين 400 مليار دولار إلى تريليون دولار كل عام سيحرك هذا النمو المتوقع بشكل جزئي، وسيحقق أثراً اجتماعياً إيجابياً مستداماً وملموساً، ويسهم في نفس الوقت ببلوغ أهداف التنمية المستدامة».
وأضاف «إن رأس المال الخيري الذي يسد نقص التمويل في السوق، ورأس المال المنظم والملموس والذي يمكن قياس أثره، يستطيع أن يحدث تغييراً منهجياً فعلياً في القطاع الخيري الذي لا يزال يفتقر إلى منهجيات لمتابعة آثاره وقياسها».
وأكد جعفر أن تعزيز الوعي المؤسسي ومشاركة البيانات والنتائج يمثلان وسيلتين فعالتين لتجنب الوقوع في الأخطاء السابقة ولتحفيز الاستثمارات المشتركة وتبني طرق جديدة مبتكرة لتوظيف رأس المال الخيري وتعظيم أثره ونتائجه.
من جانبه، قال البروفيسور توب إنه «رغم زيادة الحرص والمطالبة بقياس آثار العطاءات في القطاع الخيري، لا يزال المانحون مستائين من عدم توفر ما يكفي من المعلومات التي يمكنهم الاستناد إليها في مساعيهم، وما يزال جزء كبير من الجهود الخيرية غير مدعمٍ بما يكفي من الأبحاث والمراجع، وهناك حاجة فعلية للتوفيق بين نتائج أبحاث المؤسسات التعليمية وحاجات الجهات المانحة لتحسين الآثار المتمخضة عن العطاءات والقطاع الخيري».
ولفت توب إلى أن الجهات المتبرعة تكون في معظم الأحيان غير مطّلعة على الأبحاث المتاحة التي قد تدعم جهودهم، أو أنهم لا يدرون كيفية الحصول على هذه الأبحاث فيصبح من الصعب عليهم توجيه عطاءاتهم وتبرعاتهم بناء على أبحاث وبيانات مدروسة.
وشدد توب على ما يمكن للأكاديميين والمانحين تحقيقه بتكثيف تعاونهم والعمل جنباً إلى جنب لتطوير بيانات وإحصائيات تكون بمثابة مرجع متكامل يوجه منهجيات العطاء ويحسن كفاءتها وفعاليتها ويشجع أيضاً على تعزيز التعاون في هذا القطاع الذي يتسم بتنوعه الشديد وتعدد أطرافه.
وأجمع المتحدثون في الجلسة على ضرورة تنمية القطاع الخيري في الأسواق الناشئة عن طريق توفير معلومات ومصادر أفضل وتسهيل الحصول عليها، مُبرزين أهمية التعاون مع الجيل القادم من المانحين والتشجيع على توثيق التعاون عبر القطاع.
وعبّر ممثلو المجتمع التنموي عن فرصة انتعاش رأس المال الخيري بما يسهم في تعويض النقص التمويلي السنوي البالغ 2.5 تريليون دولار المكرس لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، ودعا المشاركون أيضاً لتعزيز حوار أكثر تناغما واتساقا مع الجهات المانحة، مشيرين إلى حاجة القطاع الخيري إلى درجة أعلى من الشفافية وإلى التركيز بصورة أفضل على نشر الدروس المستقاة في سياق الجهود الخيرية وما لها من آثار.
وخلصت الجلسة إلى وجود فرصة كبيرة لتحسين أثر العطاء الخيري في الأسواق الناشئة سواء كان ذلك الأثر ضمن الأسواق ذاتها أو خارج نطاقها.