11 أكتوبر 2008 00:43
تتقارب المسافات، بفعل تقدم وسائل المواصلات والاتصلات، حتى أصبح العالم كالقرية الصغيرة، تجد الناس جماعات في بقعة معينة، لا يربط بينهم سوى قرب المسافات، بالرغم من هذا التقارب اللامتناهي إلا أنك لا تجد رابطة حقيقية بينهم، فلا مشاعر منبعثة، ولا أحاسيس صادقة·
سابقاً رغم صعوبة التواصل، ووعورة الاتصال، وإرهاق السفر، إلا أن الناس يبذلون الجهد، في سبيل التواصل، وبناء العلاقات الصادقة، وإيصال مشاعر وأحاسيس المحبة، كنا نجد من يسأل عن جاره، يصل أرحامه، يساعد الضعيف، ويشفق على الكبير، ويعطف على الصغير· كانت الرسائل تستغرق الأيام والأشهر، لتوصل الإحساس والمشاعر، وعلى الرغم من مشقة وسائل التواصل ، إلا أن الإصرار عليه كان قائما·
واليوم بعد أن توفرت أفضل سبل الاتصال وأسرعها وأسهلها، ووصلت التقنيات الحديثة إلى أوج قمتها وعلوها، أصبح ذلك القلب النابض الذي بحجم قبضة اليد يكتسي لوناً أقرب للسواد، يجر صاحبه نحو طريق لا يعرف فيه الاتصال بصديقه، ولا يجد الوقت الكافي للسؤال عن أقاربه، يوجد مفهوما جديدا للتواصل، يزعم بأنه مشغول، وبأنه مرتبط بأمور عديدة، وعمله لا يكاد يبقي له وقتا أو جهدا، تكثر الأعذار والأسباب، وتظل النتيجة عدم الاتصال رغم أن الهاتف في يده، والسيارة على مقربة منه، والسفر سهل، والأهل بالقرب لكن القلب بعيد·
تفكّر أيها الإنسان، فالعمر ما هو إلا لحظات، اسق قلبك بالتواصل مع الناس، وصل أرحامك، ولا تنس جارك، ولا تجعل القلب يجرف للذبول، اسقه بماء المحبة، وانثر عبير تواصلك في كل مكان·
نادية سيف العامري