28 ابريل 2012
من خلال اسمها المغري، توحي مشروبات الطاقة بأنها تحتوي على طاقة كبيرة، كما تشير الإعلانات الخاصة بها إلى أنها مفيدة وذات طعم رائع يمنح المرء الانتعاش السريع الذي يحتاجه، وأنها تعزز القدرة على تحمل المجهود البدني والتركيز الذهني، وتمنح النشاط والحيوية أثناء الإجهاد، فضلا عن أنها تزود من يتناولها بأجنحة للطيران فوراً. وقد كانت هذه المشروبات محور المؤتمر الخليجي الثاني لتغذية الأطفال والمراهقين، الذي نظمته مؤخرا الإدارة العامة لمراكز الأطفال والفتيات بالشارقة بالتعاون مع المركز العربي للتغذية بالبحرين، فيما تعتزم هيئة الإمارات للمواصفات والمقاييس اشتراط جملة من التعليمات للسماح بدخول مشروبات الطاقة إلى الدولة.
في إطار المؤتمر الخليجي الثاني لتغذية الأطفال والمراهقين، الذي نظمته مؤخرا الإدارة العامة لمراكز الأطفال والفتيات بالشارقة بالتعاون مع المركز العربي للتغذية بالبحرين، ناقش المؤتمر مخاطر زيادة استهلاك المشروبات الكفايينية لدى الأطفال والمراهقين في المجتمعات الخليجية والعربية، وأشار إلى أن معظم الدراسات أكدت جود علاقة ممكنة بين استهلاك المشروبات الكفايينية واختلال المزاج والسلوك والتركيز والاستيعاب لديهم. في وقت قررت فيه هيئة الإمارات للمواصفات والمقاييس تقنين دخولها إلى الدولة.
كميات خطرة
الكثيرون لا يعرفون شيئا عن مشروبات الطاقة، هل هي سيئة أم آمنة؟ هل يمكن ترك الصغار يشربونها كما شائع بشكل مؤسف في أغلب المجتمعات العربية؟ وهل تسبب هذه المشروبات نشاطا حقيقيا دون الإضرار بالجسم؟ وهل الفرد العادي بحاجة لتناول مشروب للطاقة؟ وهل تحسن الأداء الجسدي للرياضيين، وهل تنبه السائقين الذين يميلون إلى النعاس؟ وهل تسبب الإدمان؟ أسئلة كثيرة الإجابة عليها في الفسحة التالية.
إلى ذلك، حذرت الدكتورة أماني الرشيدي، الباحثة السعودية بقسم التغذية وعلوم الأطعمة بجامعة الملك عبدالعزيز، خلال المؤتمر الخليجي الثاني لتغذية الأطفال والمراهقين، من خطورة مشروبات الطاقة، حيث يعد الكافيين أحد المكونات الرئيسة في هذه المشروبات، حيث تتراوح نسبتها ما بين 72 و150 مليجراما في العلبة الواحدة، علما بأن بعض العبوات تحتوي على وحدتين أو ثلاث ليصل المحتوى إلى 294 مليجراما، وبينت الدراسات أن استهلاك 400 مليجرام من الكافيين في اليوم، لا يرتبط بالتأثيرات الضارة على الأشخاص البالغين أو الأصحاء، إلا أن هذه الكمية يجب أن تنخفض للمراهقين بحد أقصى إلى 300 مليجرام في اليوم، وللأطفال اثنين ونصف مليجرام لكل كيلوجرام من وزن الجسم.
وأضافت أن «تناول الكافيين من قبل الأطفال والمراهقين يؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم والتهيج والأرق والجفاف والصداع والعصبية ونزف الأنف والتقيؤ، إضافة إلى ظهور أعراض خطرة مثل الصدمات وعدم انتظام دقات القلب والوفاة، كما أن تناول مشروبات الطاقة بكميات كبيرة يمكن أن تصبح خطرة عندما يتم مزجها مع منتجات أخرى مثل الكحول والأدوية، ولا سيما بعد ممارسة التمارين الرياضية».
مواصفات ومقاييس
كشفت هيئة الإمارات للمواصفات والمقاييس في دبي مؤخرا، أنها ستقوم بعقد ورشة عمل حول الآليات والنظم الرامية لتطبيق اللائحة الجديدة الخاصة بمشروب الطاقة في الدولة، وذلك بعد القرار الذي منح الموردين والمنتجين والموزعين مهلة لتوفيق أوضاعهم والتي تنتهي أغسطس المقبل، ويبدأ بعدها تطبيق الشروط التي نصت عليها المواصفة الإلزامية، حيث جاء ذلك بعد قرار رئيس مجلس إدارة هيئة الإمارات للمواصفات والمقاييس معالي الدكتور راشد بن فهد وزير البيئة والمياه، باعتماد اللائحة الخاصة بتسجيل منتجات مشروبات الطاقة ضمن نظام تقويم المطابقة الإماراتي، وذلك بهدف التأكد من جودة ومواصفات منتجات مشروبات الطاقة المتداولة في الدولة حفاظاً على الصحة والممتلكات والاقتصاد الوطني.
في هذا السياق، أشار المهندس محمد بدري، مدير عام هيئة الإمارات للمواصفات والمقاييس بالوكالة، إلى أن صدور القرار تم بعد أن لوحظ أن مشروبات الطاقة انتشرت في الفترة الأخيرة بأسواق الدولة، في ظل الافتقار لوجود أسس معتمدة تنظم تداولها في ضـوء المحاذير المتعـددة التي يلزم التقيد بها عند تصنيع هذه المنتجات من قبل المصنعين، أو عند تنـاولها من قبل الفئات المختلفة من المسـتهلكين، والذين ليس لديهم الوعي الكافي حول هذه المنتجات الجديدة، مضيفاً إلى أن المواصفة القياسية لمشروبات الطاقة صدرت كلائحة فنية إلزامية بكافة دول مجلس التعاون الخليجي يضمن تنظيم تداول هذه المشروبات في السوق الخليجيـة.
وحول اللائحة، قال بدري إن المواصفات اشترطت ألا تزيد نسبة الكافيين على 32 مليجراما، وألا تزيد نسبة مادة (التاورين) على 400 مليجرام، وألا تزيد نسـبة مادة (الانيستـول) على 20 مليجراما، وألا تزيد نسبة مادة (جلوكونولاكتون) على 240 ملجم، وذلك في كل 100 مليجرام من المنتج بالعبوة. وأضاف «كما تضمنت اللائحة أهم نصوص المواصفة وهو عدم جواز إنتاج أو استيراد هذه المنتجات إلا بعد تسجيلها بالجهة المختصة، وأن تكون خالية من المنشطات المحظورة والهرمونات، وأن تكون المواد المضافـة من المصرح بها ومطابقة للقرارات الصحية المعمول بها وبالنسب التي تحددها المواصفات القياسية المعتمدة.
كما سيلزم كتابة البيانات على عبوات مشروبات الطاقة إلى جانب ما تشترطه اللائحة الفنية الإماراتية التقيد بالكتابة على العبوة بخط واضح وبارز عبارة «يجب عدم تنـاوله مـن قبـل الحوامل والمرضعات والأطفـال أقل من ست عشـرة سنة، والأشـخاص الذين لديهم حساسـيـة من الكافيين والذين يعانون مشاكـل في القلب، والرياضيين أثناء ممارسة الرياضة».
تأثيرات سلبية
لمشروبات الطاقة وتأثيراتها السيئة على الجسم، حيث إن معظمها يحتوي على كمية كبيرة من الكربوهيدرات، وبعضها يحتوي على أعشاب وأحماض أمينيو وبروتينات، وهذه المواد بكمياتها القليلة في المشروب لا تعطي الجسم أي قوة بدنية تذكر، وبعض المواد الموجودة بها يؤثر على امتصاص السوائل في الجسم مما يؤدي لاضطرابات هضمية بالإضافة لتكلفتها العالية، ولهذا فإنه لا ينصح بتناول مشروبات الطاقة، لأنها ذات كمية كربوهيدرات عالية تؤدي إلى تعطيل امتصاص السوائل التي يكون الجسم بحاجة لتبديلها، كما لا ينصح بتناولها من قبل الأطفال، حيث إن أكثرها يحتوي على الكافيين وكذلك وجود أعشاب لا يعرف مدى تأثيراتها عليهم.
ولكل تلك الأسباب يعد تناول كميات كبيرة من هذه المشروبات خطرا جدا على الأطفال والمراهقين، وذلك لدخول الجسم كميات هائلة من الكربوهيدرات التي تزيد نسبة الأنسولين في الجسم بشكل كبير مما يوصل الشخص لمرحلة الإصابة بالسكري وذلك في حالاتها المتقدمة عند كبار السن، كما أن تناول مشروبات الطاقة مع كمية الكافيين العالية بها قد يعطي الشخص إحساسا بالنشاط ولكن لفترة محدودة، وإذا كانت الكمية التي شربها الشخص كبيرة فقد يتعرض لصداع قوي وتشويش في النظر بالإضافة إلى تأثيره كمدر للبول.
ويجب الحذر من هذه المشروبات حيث في كثير من الأحيان لا يتم ذكر الكميات الصحيحة من الكافيين الموجود فيها، ومن المشكلات الأخرى التي قد تنتج جراء تناولها عسر الهضم وازدياد حجم الخلايا الدهنية في البطن ومادة الكافيين التي تحتويها تؤدي إلى تسارع في نبضات القلب ومادة الفسفور الموجودة في هذه المشروبات وغيرها من المشروبات الغازية مع تقدم الشخص الذي يتناولها في العمر قد تسبب له هشاشة في العظام.
لذا يجب قراءة ما كتب على عبوات تلك المشروبات ومعرفة مكوناتها والتأكد من مصداقيتها قبل تناولها، ونظراً لاحتدام المنافسة بين شركات مشروبات الطاقة، فإن بعض هذه الشركات تعمد إلى زيادة حجم العبوات، في حين تقوم شركات أخرى بزيادة نسبة الكافيين في هذه المشروبات.
ترويج إعلاني مضلل
في أواخر التسعينيات، اكتسب أحد مشروبات الطاقة الشهير المشبع بالكربون، شعبية واسعة في الولايات المتحدة أولا، وقد لقي المشروب رواجاً كبيراً بين طلاب الجامعات، حيث زعمت الشركة المنتجة لهذا المشروب بأنه يحسن القدرات الإدراكية والتركيز الذهني، ويحسن أيضاً الأداء العضلي، ويزيد من القدرة على تحمل الجهد البدني.
وما لبث توسع انتشار مشروبات الطاقة بشكل متسارع لتصبح في النهاية جزءا من ثقافة المجتمعين الأميركي والغربي، والذي تبعتهما المجتمعات العربية، واستنادا إلى نتائج دراسة مسحية قام بها قسم التغذية في جامعة شرق كارولينا الأميركية، بهدف تقييم أنماط استهلاك شراب الطاقة لدى طلبة الجامعات، أظهرت النتائج أن 51% من المشاركين يستهلكون عبوة واحدة على الأقل من مشروب الطاقة في الشهر، وأن أغلبية الطلبة (67%) يستهلكون مشروبات الطاقة للسهر ومقاومة النوم، وأن 65% منهم يستهلكون مشروبات الطاقة للحصول على الطاقة والحيوية، وأن 54% منهم يشربونها ممزوجة مع الكحول في السهرات والحفلات، كما أظهرت أن أغلبية المستهلكين يتناولون عبوة واحدة من شراب الطاقة في معظم الحالات. وأشار الباحثون إلى تأثير الإيحاء النفسي الذي يشعر به المستهلك فور أن يتناول مشروبا يوصف بشراب الطاقة، فهذا التأثير النفسي الكاذب قد يحدث تأثيرا كيميائيا حقيقيا بالفعل، وهكذا يبدو أن تناول فنجان بارد من القهوة قد يعطي ذات الإحساس بـالنشاط والانتعاش الذي تحدثه مشروبات الطاقة، ولكن بأضرار أقل وبثلث التكلفة تقريبا.
المصدر: الشارقة