دينا محمود (لندن)
فجرت صحيفة «الجارديان» البريطانية فضيحةً جديدةً من العيار الثقيل للأسرة الحاكمة في قطر، كشفت من خلالها عن أن أمير قطر تميم أمر ناصر الخليفي المسؤول عن أحد صناديق الثروة السيادية التابعة لنظامه، بتقديم عمولةٍ لوكيل لاعب كرة قدمٍ أرجنتينيٍ، بالمخالفة للقواعد المعمول بها في هذا الصدد، من جانب الاتحاد الدولي «الفيفا».
وقالت الصحيفة إن العمولة دُفِعَت في إطار صفقةٍ جرت عام 2011، لشراء نجم خط وسط فريق بارما الإيطالي خافيير باستوري، ليلعب بألوان فريق باريس سان جيرمان الفرنسي، بُعيد استحواذ جهاز قطر للاستثمار على النادي، وإسناد رئاسته لـ «الخليفي» المعروف بقربه الشديد من أمير قطر.
وأكدت «الجارديان» أن الصفقة التي بلغت قيمتها - بحسب وسائل الإعلام الفرنسية - حوالي 42 مليون يورو (قرابة 47 مليون دولار)، تمت بأوامر مباشرةٍ من تميم، الذي كان في ذلك الوقت لا يزال ولياً للعهد، قبل أن يحل محل أبيه في ظروفٍ غامضةٍ بعد ذلك بنحو عامين.
وكشفت «الجارديان» عن أنها اطلعت على رسالةٍ وجهها الخليفي - الذي يرأس كذلك شبكة «بي إن سبورت» التلفزيونية المعروفة بممارساتها الاحتكارية - لولي العهد القطري آنذاك، عبر مدير مكتبه في ذلك الوقت الشيخ خالد بن خليفة بن عبد العزيز آل ثاني.
وكانت الرسالة في صورة ملف «بي دي إف» مرفقاً برسالة بريدٍ إلكتروني بعث بها ناصر الخليفي إلى مدير مكتب تميم. وأشارت الصحيفة البريطانية إلى أنها اطلعت على نص الرسالة جنباً إلى جنب مع جريدة «ميديا بارت» الإلكترونية الفرنسية. وأضافت «الجارديان» أن المعلومات الواردة في هذه الرسالة، تعززت من خلال وثائق قدمتها مجموعة «فوتبول ليكس» التي تدير موقعاً معنياً بعمليات البحث الاستقصائي بشأن أي ممارسات فسادٍ، تشوب الأوساط الرياضية في مختلف أنحاء العالم.
وقالت الصحيفة إن الرسالة كانت مكتوبة باللغة العربية، وكان موضوعها «عمولة للوكيل المسؤول عن اللاعب خافيير باستوري، والمصاريف الخاصة بشركة أوريكس قطر» التي يديرها شقيق ناصر الخليفي.
ويقول الخليفي في الرسالة إنه يطلب دفع ما وصفه بـ «العمولة المُستحقة لوكيل.. باستوري بما يصل إلى مليوني يورو (أكثر من مليونين وربع المليون دولار) مقابل انتقاله من نادي باليرمو الإيطالي إلى باريس سان جيرمان، إضافة إلى المصروفات الخاصة بشركة أوريكس قطر والتي تبلغ 200 ألف دولار».
وشدد الخليفي في رسالته على أن طلبه في هذا الشأن يأتي «بناءً على تعليماتٍ شفهية» من تميم ولي العهد في ذلك الوقت، مُستعرضاً بعد ذلك التفاصيل الخاصة بالمكان الذي ستُسلم فيه هذه الأموال.
وأشارت الصحيفة البريطانية إلى أن إقدام القطريين على تقديم هذا المبلغ عبر ناصر الخليفي لوكيل باستوري، يمثل انتهاكاً صارخاً للقواعد التي تحكم صفقات انتقال اللاعبين، والتي تحظر صراحةً أن يمنح رئيس نادٍ - مثل الخليفي - أموالاً بشكل مباشر لأي من وكلاء اللاعبين.
وقالت «الجارديان» إنها تأكدت من الاتحاد الفرنسي لكرة القدم من أن من شأن إتمام مدفوعات من هذا القبيل، انتهاك قوانين الاتحاد وقواعده الخاصة بصفقات بيع وشراء اللاعبين، وهو ما أكدته كذلك رابطة اللاعبين المحترفين في فرنسا، التي قالت في بيان إنه لا يجوز لـ «أي رئيس ناد الوفاء بشكل شخصي وعلى نحو مباشر، بمستحقات تخص عمولة وكيل» لأحد اللاعبين.
واعتبرت الصحيفة البريطانية أن الرسالة التي كان يُفرض عليها السرية، تؤكد أن الخليفي - الذي يصفه مراقبون بـ «الذراع اليمنى لأمير قطر» - قد كذب على القضاء الفرنسي، عندما زعم أنه لم يكن يحظى في عام 2011 بحق التوقيع على أي طلبات للحصول على أموال بصفة مصاريف لشركة «أوريكس قطر». فالرسالة كُتِبَت على الأوراق الخاصة بالشركة، ووُقِعَت من جانب رجل الأعمال القطري الغامض نفسه.
وفي إشارة إلى الحرج البالغ الذي سببه الكشف عن هذا الفصل الجديد من فصول الفساد السياسي والرياضي القطري، أكدت «الجارديان» أن محاميي الخليفي حاولوا الزعم بأن الوثائق التي تثبت تورطه في هذه الفضيحة «مختلقة ومكذوبة».
ولكن الصحيفة البريطانية قالت إن محاميي ناصر الخليفي التزموا الصمت تماماً، عندما قُدِمَت لهم «معلومات تفصيلية، من شأنها السماح للخليفي بالعثور على رسالة البريد الإلكتروني المرتبطة بعملية شراء باستوري في صندوق الرسائل الخاص به، والترجمة الإنجليزية للرسالة (التي وُجِهَتْ لمدير مكتب تميم) والتي كانت موجودة في المرفقات».
وأشارت «الجارديان» إلى أن ممثلي أمير قطر ومدير مكتبه عندما كان ولياً للعهد رفضوا التعقيب بدورهم على الاتهامات الموجهة إليهما.