شروق عوض (دبي)
تولي دولة الإمارات اهتماماً خاصاً لقطاع الثروة الحيوانية عبر التركيز المباشر على كل ما يتعلق به من خلال العمل الدؤوب على تجاوز كل العقبات التي تعترض العمل على تنميتها، وتحرص على التعامل بإيجابية من خلال التشجيع على الاستمرار من أجل تطوير هذا القطاع الحيوي المهم، الذي يعمل على توفير الأمن الغذائي والاقتصادي والاجتماعي للدولة، حيث تتمتع الإمارات بثروة مهمة على هذا الصعيد.
وتقدر إحصائية صادرة عن الهيئة الاتحادية للتنافسية والإحصاء للعام 2017 بأن إجمالي رؤوس الماشية في الدولة بلغ 4.567.000 رأس، منها مليونا رأس من الأغنام، ومليونا رأس من الماعز، و500 ألف رأس من الإبل، و67 ألف رأس من الأبقار والجاموس، فيما تظهر أحدث إحصائية صادرة عن هيئة أبوظبي للزراعة والسلامة الغذائية مؤخراً استحواذ إمارة أبوظبي على النصيب الأكبر من قطعان الماشية، حيث تقدر الثروة الحيوانية فيها بـ3,5 مليون رأس من الأغنام والأبقار والإبل موزعة على مناطق الإمارة الثلاث بنسبة 65% في العين و35% في كل من الظفرة وأبوظبي.
«الاتحاد» تفتح ملف الثروة الحيوانية، ودورها المحلي في دعم الأمن الغذائي وتحقيق الاستقرار لهذا القطاع الحيوي من خلال دعم المربين، وتوفير الرعاية البيطرية اللازمة لتلك الثروة، وقد ثمن عدد من المسؤولين والخبراء ومربي الثروة الحيوانية حرص الحكومة على تقديم الدعم لمربي الماشية بصور متعددة، منها دعم الأعلاف التي يحصل عليها مربو الأغنام والماعز، حيث تبلغ قيمتها السنوية 660 درهماً تقريباً لكل رأس من الماشية، والأمر نفسه يصدق على ما يقدم من دعم للأعلاف لمربي الإبل، حيث تصل قيمة دعم العلف المقدم لكل رأس 1600 درهم تقريباً، كما تحرص الجهات الاتحادية والمحلية المعنية بهذه الفئة على تشجيع المزارعين المواطنين للاهتمام بتربية ورعاية المواشي، وتوفير خدمات طبية بيطرية وغذائية وإرشادية لهم بأساليب علمية حديثة، وإمكانيات فنية وتقنية عالية في تربية المواشي، وتوفير الأعلاف للمربين بأسعار رمزية، وكذلك تشخيص مختلف الأمراض السارية وغير السارية التي تهدد الثروة الحيوانية، وتقديم العلاج المناسب للحيوانات المريضة، وتحصينها ضد الأمراض الوبائية المختلفة وغيرها.
استراتيجية متكاملة لتنمية الثروة الحيوانية
أكد الخبراء على أهمية دور وزارة التغير المناخي والبيئة -من واقع عملها كجهة اتحادية مكلفة بتنفيذ توجهات الدولة والحكومة الرشيدة- في تطوير سياسات المحافظة على هذه الثروة وتنظيم عملية الاستغلال التجاري لها لتعزيز مساهمتها في تحقيق الأمن الغذائي وفي تنويع الاقتصاد الوطني، وذلك من خلال تطوير وتطبيق استراتيجية الإدارة المتكاملة لحماية وتنمية الثروة الحيوانية، ورفع معدلات الأمن الحيوي وتطوير وتنفيذ برامج الوقاية من الأمراض والأوبئة الحيوانية ورصدها، وتطوير آليات ومعايير التفتيش والمراقبة في المزارع المحلية وعبر المنافذ الحدودية، إضافة إلى تطوير وتعزيز آليات تبادل المعلومات على المستويين المحلي والعالمي.
وقالت الدكتورة كلثم كياف، رئيس قسم الصحة الحيوانية في الوزارة: يحظى قطاع الثروة الحيوانية برعاية واهتمام كبيرين من القيادة الرشيدة لدعم وتشجيع مربي المواشي الحية في الدولة من خلال تقوية كافة الجهود المبذولة في شأن إصدار وتطوير التشريعات اللازمة لتنظيم عمل هذه المزارع، وتنفيذ برامج الوقاية من الأمراض الحيوانية الوبائية والمعدية ورصدها ومكافحتها، وتنفيذ برامج الوقاية والعلاج للمربين من خلال توفير خدمات بيطرية مجانية وتشمل العلاج والتحصين والإرشاد لملاك المواشي في الدولة، بالإضافة إلى إعداد خطط رقابية للتعامل مع هذه المزارع بالتعاون مع السلطات المحلية المختصة، وتطوير آليات ومعايير التفتيش والمراقبة في المزارع المحلية وعبر المنافذ الحدودية للوقاية من دخول وانتشار الأمراض، إلى جانب تطوير وتعزيز آليات تبادل المعلومات على المستويين المحلي والعالمي.
وذكرت كياف أنه وفقاً لأحدث إحصائية صادرة عن الهيئة الاتحادية للتنافسية والإحصاء، فإن دولة الإمارات تمتلك أعداداً كبيرة من الثروة الحيوانية، والتي شهدت نمواً كبيراً خلال السنوات الماضية، إذ تقدر هذه الإحصائيات عدد الخرفان بنحو مليوني رأس، وعدد الماعز بنحو مليوني رأس، وعدد الإبل بنحو 500 ألف رأس، فيما تقدر عدد الأبقار والجاموس بنحو 67 ألف رأس.
طبيعة البيئة الصحراوية القاسية
ولفتت رئيس قسم الصحة الحيوانية في الوزارة إلى أن من أهم التحديات التي تواجهها الثروة الحيوانية في الدولة طبيعة البيئة الصحراوية القاسية التي تتصف بها معظم مناطق الدولة، بالإضافة إلى محدودية الموارد المائية وتزايد آثار التغيّر المناخي، ما أدى إلى شح كمية الأعلاف المنتجة محلياً، ومع انخفاض الإنتاج المحلي للعلف على مدى العقد الماضي مما تطلب التوجه لزيادة الواردات من الأعلاف والماشية لتغطية احتياجات السوق المحلي، كما يعتبر ارتفاع أسعار الأعلاف الحيوانية عالمياً تحدياً كبيراً للدول المستوردة كافة بسبب زيادة الطلب عليها كمحاصيل علفية أو كمصدر مستحدث لإنتاج الطاقة مثل الذرة.
وأضافت: كما تعتبر الزيادة السكانية أحد العوامل المحركة والقوى الدافعة التي تؤثر على زيادة حجم احتياجات السوق المحلي من الحيوانات الحية والمواد الغذائية ذات المنشأ الحيواني، ويعتبر تعدد الجنسيات المقيمة على أرض الدولة فرصاً تتطلب توفير منتجات متنوعة تلبي متطلباتهم واحتياجاتهم الغذائية الخاصة وفقاً لسلوكياتهم الغذائية.
وحول أهم الجهود التي تبذلها وزارة التغير المناخي والبيئة في شأن المحافظة على هذه الثروة وتنظيمها ذكرت الدكتورة كلثم كياف أنه استجابة لاهتمام دولة الإمارات بالثروة الحيوانية، قامت الوزارة بإصدار جملة من التشريعات النافذة والمنظمة للصحة والتنمية الحيوانية والحجر البيطري التي تعتبر القاعدة الأساسية في التنمية المستدامة للثروة الحيوانية في الدولة وتطويرها، وتتركز جهود الدولة في هذا المجال على تطوير سياسات المحافظة على الثروة الحيوانية وتنظيم عملية الاستغلال التجاري لها، حيث قامت في السنوات القليلة الماضية باستكمال وتطوير القاعدة التشريعية المنظمة للصحة والتنمية الحيوانية والحجر البيطري، منها القانون الاتحادي رقم 9 لسنة 2017 بشأن المستحضرات البيطرية، والذي يهدف إلى تنظيم إجراءات تسجيل المستحضرات البيطرية وشركاتها لضمان اعتماد منتجات ذات جودة وفعالية تعمل على حماية صحة الحيوان، والقانون الاتحادي رقم (8) لسنة 2013 بشأن الوقاية من الأمراض الحيوانية المعدية والوبائية ومكافحتها ولائحته التنفيذية، ويهدف إلى الحفاظ على صحة الحيوان من خلال تنفيذ برامج الوقاية من الأمراض الحيوانية، ومكافحتها وتحديد الأدوار والمسؤوليات للسلطة المختصة والجهات الأخرى.
وكذلك القانون الاتحادي رقم (8) لسنة 2017 الصادر بتعديل بعض أحكام القانون الاتحادي رقم (10) لسنة 2002 في شأن مزاولة مهنة الطب البيطري والذي يهدف إلى المحافظة على انضباط الممارسات الصحية لمهنة الطب البيطري ورفع كفاءة العمل بهذه المهنة طبقاً لأفضل الممارسات والمعايير العلمية والدولية، والقانون الاتحادي رقم (18) لسنة 2016 الصادر بتعديل القانون الاتحادي رقم (16) لسنة 2007 في شأن الرفق بالحيوان، والذي يهدف إلى ضمان الرفق بالحيوانات، وذلك في أي مكان تحتفظ أو تحتجز أو تستولد أو تربى أو تذبح أو تعالج فيه الحيوانات، وتشمل المساكن، إضافة إلى القوانين الاتحادية السارية المفعول، مثل القانون الاتحادي رقم (6) لسنة 1979 بشأن الحجر البيطري وتعديلاته، والعديد من القرارات الصادرة تنفيذاً لتلك القوانين وغيرها.
دراسة تقييم الأثر البيئي
وأكدت كياف، أن الوزارة تقوم أيضاً بتنظيم ترخيص المنشآت البيطرية العلاجية والتشخيصية ومزارع الإنتاج الحيواني التجارية، استناداً لجملة من الشروط الفنية والصحية، لضمان حماية البيئة من التلوث الذي قد ينجم جراء المسببات المرضية والمواد البيولوجية والمخلفات الحيوانية ونفايات هذه المنشآت، وذلك للتحكم بها ومنع تأثيراتها على البيئة وعلى صحة الحيوان والإنسان، حيث يشترط الحصول على تصريح/ ترخيص بيئي (دراسة تقييم الأثر البيئي) من قبل الجهة المحلية المختصة لهذه المنشآت قبل البدء في الإنشاء أو التعديل أو التوسعة.
وذكرت أنه وفقاً لمجال المحافظة على التنوع البيولوجي للغطاء النباتي في دولة الإمارات، فقد حرصت وزارة التغير المناخي والبيئة على إنشاء حديقة نباتية تحتوي على أشجار وشجيرات وأعشاب وحشائش من البيئة المحلية للدولة ليصل عدد تلك النباتات لأكثر من 100 نوع تنتمي لعوائل مختلفة منها أشجار «السمر» و«الغاف» و«السدر» و«الشوع» و«الفرفارة»، وغيرها من نباتات البيئة المحلية، وتم إدخال بعض من تلك النباتات، وخصوصاً الحشائش كعلف بديل كونه متحملاً للحرارة، ولا يتطلب كميات عالية من الماء بخلاف الأعلاف الأخرى المستوردة، مثل «الليبد» و«الثمام» و«الضعي»، وغيرها من الحشائش المحلية، وتم توزيعها لدى مربي المواشي، وذلك منذ التسعينيات حتى الآن.
وقالت رئيس قسم الصحة الحيوانية في الوزارة: تقوم الوزارة من خلال كوادرها العاملة في مراكز الإرشاد البيطري والموزعة في المناطق الشمالية وعددها 20 مركزاً مختصاً بتقديم خدمات الإرشاد والتحصين والعلاج المجانية للمواشي الحية، ومن اللقاحات المطبقة (لقاح الحمى القلاعية، لقاح طاعون المجترات الصغيرة، لقاح جدري الأغنام والماعز، لقاح الالتهاب الرئوي البلوري في الماعز، ولقاح التسمم الدموي والمعدي)، كما تشمل خدمات العلاجات الأمراض السارية غير الوبائية ومنها (أمراض الجهاز التنفسي، أمراض الجهاز الهضمي، أمراض الجهاز البولي، التهاب الضرع، أمراض سوء التغذية، معالجات الطفيليات الداخلية والخارجية وطفيليات الدم، الأمراض الجلدية)، لافتة إلى أن الوزارة لا تقدم دعماً للأعلاف، حيث تقوم بعض الجهات المحلية بهذه المسألة.
وأشارت إلى أنه وفقاً لتعزيز هذا التوجه العام لدى وزارة التغير المناخي والبيئة حيال تنمية الثروة الحيوانية في الدولة، جاءت الخطة الوطنية للصحة الحيوانية (2016-2025) التي تستهدف السيطرة والقضاء على أربعة من الأمراض الوبائية ذات الأولوية والتأثير الاقتصادي، وهي (الحمى القلاعية، طاعون المجترات الصغيرة، البروسيلا وجدري الضأن والماعز)، حيث تتضمن الخطة أنشطة تحصين الحيوانات، والتقصي عن الأمراض، وتقييم عملية التحصين، وهيكلية عملية المكافحة، واستيفاء متطلبات المنظمة العالمية للصحة الحيوانية لإعلان الدولة خالية من هذه الأمراض، حيث تعتبر المنظمة هي المرجعية العلمية العالمية للصحة الحيوانية.
تعزيز الأمن الحيوي والغذائي
ومن المؤسسات الحكومية التي تولي اهتمامها بمربي الماشية هيئة أبوظبي للزراعة والسلامة الغذائية من خلال دعمها المستمر لهذه الفئة عبر تواصلها الدائم معهم والعمل على تذليل العقبات التي تعترضهم، فلقد أوضح راشد محمد بن رصاص المنصوري، المدير التنفيذي -الثروة الحيوانية- هيئة أبوظبي للزراعة والسلامة الغذائية، قائلاً: «يمثل إنشاء هيئة أبوظبي للزراعة والسلامة الغذائية أحد جوانب اهتمام الحكومة الرشيدة بالثروة الحيوانية بصفة خاصة والزراعة والأمن الغذائي والحيوي بصفة عامة، وتسعى الهيئة لتطوير قطاع ذي تنمية مستدامة في مجال الزراعة والسلامة الغذائية وحماية صحة النبات والحيوان بما يسهم في تعزيز الأمن الحيوي وتحقيق الأمن الغذائي، انطلاقاً من مسؤوليتها عن إعداد الخطط والبرامج والأنشطة في مجال الزراعة والسلامة الغذائية والأمن الغذائي».
وأضاف المنصوري: بهدف تشجيع المربين على تبني أفضل الممارسات في مجالات تربية الثروة الحيوانية، وضمان التطبيق الأمثل لمتطلبات الأمن الحيوي والرفق بالحيوان، ورفع كفاءة إنتاجية الثروة الحيوانية في الإمارة، أطلقت الهيئة مؤخراً جائزة التميز في تربية الإبل والمواشي، لتفعيل عنصر التميز والإبداع بين المربين في إدارة عزبهم وقطعانهم، كما نحرص على إثراء الجانب المعرفي لدى المربين والمنتجين وتمكينهم بأهم وأحدث التكنولوجيا المستخدمة في مجال إدارة الثروة الحيوانية، وترجمة لهذا الحرص استقطبنا معرض «يوروتير الشرق الأوسط» أكبر معرض على مستوى العالم متخصص في مجال الثروة الحيوانية، ومن المقرر أن ينطلق في العاصمة أبوظبي خلال الفترة من 2- 4 سبتمبر المقبل لنقدم لهم نظرة شاملة حول المواضيع والاتجاهات العالمية للطرق الحديثة لتربية الحيوانات المنتجة والمدخلات الخاصة بعمليات التربية والإنتاج والسلالات الأكثر كفاءة، ونعرف المربين والمنتجين والمصنعين بأهم التقنيات المتطورة الخاصة برقمنة إدارة الثروة الحيوانية، واستغلال تقنيات الذكاء الاصطناعي وتكنولوجيا المستقبل.
مكافحة الأمراض العابرة للحدود
وتابع المنصوري: بتوجيهات سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير شؤون الرئاسة رئيس مجلس إدارة الهيئة، وتأكيداً على أهمية ترسيخ منظومة الأمن الحيوي في الدولة والمنطقة، استطعنا بالتعاون مع المنظمة العالمية لصحة الحيوان والدول الأعضاء اعتماد العاصمة أبوظبي لتكون مقراً للمكتب شبه الإقليمي للمنظمة، الأمر الذي سيسهم في تعزيز قدرات الخدمات البيطرية في السيطرة على الأمراض الحيوانية ومكافحتها خاصة الأمراض العابرة للحدود.
وقال المنصوري: يُعرف الأمن الغذائي بأنه ضمان حصول المواطنين والمقيمين على احتياجاتهم الغذائية السليمة والجيدة، وتمثل اللحوم الحمراء ولحوم الدواجن والحليب وبيض المائدة أهم وأكثر المنتجات الحيوانية استهلاكاً، ومن هنا يمثل الاهتمام بالثروة الحيوانية ضمانةً للأمن الغذائي بالإمارة والدولة.
وأكد أن الهيئة تقدم لمربي الحيوانات ومزارع الإنتاج الحيواني التجارية مجموعة متنوعة من الخدمات تبدأ بالخدمات العلاجية والوقائية من خلال عيادات ومستشفيات الهيئة التي يبلغ عددها 22 عيادة ومستشفى موزعة في مناطق الإمارة الثلاث (أبوظبي، العين، الظفرة)، حيث بلغ عدد العلاجات المقدمة للثروة الحيوانية العام الماضي أكثر من 561.3 ألف علاج، إضافة إلى ما يزيد عن تقديم أكثر من 5 ملايين جرعة تحصين ضد الأمراض التي تصيب الثروة الحيوانية، والتي تتضمن طاعون المجترات الصغيرة للضأن والماعز والحمى القلاعية والكفت خلال حملة التحصين التاسعة، وتجدر الإشارة إلى نجاح الهيئة في القضاء على مرض الجدري في إمارة أبوظبي بنسبة 100% من خلال برامجها الوقائية السنوية.
دعم الأعلاف لمربي الثروة الحيوانية
وأشار إلى أن الهيئة تعمل على تنفيذ برنامج لدعم الأعلاف لمربي الثروة الحيوانية المواطنين، والذي يستفيد منه أكثر من 18 ألف مربٍّ، من خلال 15 مركز توزيع تابعة للهيئة في إمارة أبوظبي، حيث يبلغ إجمالي كميات الأعلاف المدعومة التي يتم صرفها سنوياً نحو 1.3 مليون طن، والتي يتم صرفها من خلال الخدمات الإلكترونية والتطبيق الذكي الخاص بالهيئة، الأمر الذي يجسد حرصها على التطوير المستمر لمنظومتها الخدمية لتحقيق أرقى درجات السعادة والرضا للمتعاملين، كما تسعى الهيئة إلى تمكين المربين والعاملين في مجال الإنتاج الحيواني على الصعيدين التجاري والخاص من خلال تقديمها حزمة من الخدمات الإرشادية والتوعوية باستخدام وسائل تواصل فعالة لإرشاد وتوعية مربي الثروة الحيوانية والعمال بأفضل الممارسات المتبعة في هذا المجال، وصولاً لتنمية قطاع الثروة الحيوانية والارتقاء بعملية التربية ورفع كفاءة الإنتاج وتعظيم مساهمة المنتجات الحيوانية في الاستهلاك المحلي، بما يعزز منظومة الأمن الغذائي الوطني، ورفدها بمزيد من الموارد والممكنات المحلية، وفي الوقت ذاته، الحفاظ على فعالية نظام الأمن الحيوي، وتعزيز الصحة العامة في الإمارة، من خلال تقديم الهيئة لخدمات التفتيش الدوري، وإصدار شهادات عدم الممانعة للترخيص.
المزارع التجارية
وأكد راشد محمد بن رصاص المنصوري: يمتلك مربو الثروة الحيوانية والمزارع التجارية بإمارة أبوظبي أكثر من 3.5 مليون رأس من الأغنام (ماعز وضأن) والأبقار والجمال موزعة على مناطق الإمارة الثلاث، بنسبة 65% في العين و35% في كل من الظفرة وأبوظبي، وتمثل الأغنام (ماعز وضأن) النسبة الغالبة من هذه الأعداد، حيث يتجاوز عددها 3 ملايين رأس، أما المزارع التجارية فقد تجاوز عددها 30 مزرعة في نهاية الربع الأول من 2019 منها 16 مزرعة لإنتاج الحليب ومشتقاته، و12 مزرعة لإنتاج الدجاج اللاحم، و10 مزارع لإنتاج بيض المائدة، و4 مزارع لإنتاج أمهات الدواجن، وبالإضافة إلى ذلك يوجد نحو 159 مزرعة لصغار المنتجين تعمل في إنتاج الدجاج اللاحم وبيض المائدة.
وأشار إلى أن إنتاج المزارع التجارية ومزارع صغار المنتجين يغطي نسبة كبيرة من احتياج الإمارة والدولة من لحوم الدواجن وبيض المائدة والحليب ويتم فقط تغطية نسبة قليلة من الاستهلاك لهذه المنتجات عن طريق الاستيراد مع تنوع وتعدد مصادر المنتجات الحيوانية وتمثل التنافسية العالية أحد أهم التحديات التي تواجه المنتجين والمربين لجذب المستهلكين لمنتجاتهم، ووفقاً لدراسة أجريناها مؤخراً بالتعاون مع شركائنا في مركز الإحصاء بأبوظبي لتقدير إنتاجية الثروة الحيوانية من اللحوم الحمراء في الحيازات التقليدية المسجلة، كشفت النتائج عن إجمالي أعداد الحيوانات المذبوحة في عام 2017 والتي تقدر بنحو 772 ألف رأس، استحوذت الضأن والماعز على 95% منها، بينما بلغت كميات اللحوم الحمراء المنتجة أكثر من 14 ألف طن، منها 64% من لحوم الضأن والماعز.
وتوقعت الدراسة من خلال استخدام النمذجة الإحصائية أن تصل أعداد الولادات في الضأن والماعز للعام الجاري 2019 أكثر من 1.1 مليون رأس، والذبيحات نحو 688 ألف رأس، إلى جانب وصول أعداد الولادات للجمال إلى نحو 123.6 ألف رأس والذبيحات 30.3 ألف رأس، كما توقعت نتائج الدراسة أن يصل عدد المواليد للأبقار قرابة 7.4 ألف رأس.
وذكر أن الهيئة وفقاً لقانون إنشائها رقم 7 لسنة 2019 تعمل على تشجيع المستثمرين والقطاع الخاص للاستثمار في مجالات عمل الهيئة والإشراف على الخطط والبرامج المتعلقة بها، والتأكد من مواءمتها مع التوجهات الحكومية.
خبراء: مردود اقتصادي واجتماعي وأمن غذائي في آن واحد
من جانبهم، اعتبر عدد من خبراء الثروة الحيوانية والأمن الغذائي أن دعم الدولة لمربي الماشية، يأتي نتيجة إدراكها مساهمة قطاع الثروة الحيوانية في تحقيق مردود اقتصادي واجتماعي وأمن غذائي في آن واحد، ومن هؤلاء حسن الكثيري، خبير في الغذاء وشؤون المستهلك، الذي قال: لا شك أن دعم دولة الإمارات لقطاع الثروة الحيوانية، سواء من خلال توفير أعلاف لمربي الماشية بأسعار رمزية، أو تقديم خدمات وفحوص بيطرية لمواشيهم، وغيرها من خلال مؤسساتها الاتحادية والمحلية يصب أولاً في مصلحة الدولة الخاصة بتحقيق الأمن الغذائي من خلال منتجات هذا القطاع، وتحقيق المردود الاقتصادي لمربي الماشية في المقام الثاني، إضافة للمردود الاجتماعي لفئة هواة تربية الحيوانات والمحافظة على مهن تعد تراثية، والتي اعتاد عليها أبناء الدولة.
وأكد أن مهنة تربية الماشية رغم اختلاف أهداف المربين إلا أنها تصب كلها في تحقيق هدف تنمية الثروة الحيوانية، مع العلم أن أهداف تربية الماشية تختلف بأهداف المربين، فهناك فئة تتعامل مع التربية لتحقيق أرباح مالية، وفئة أخرى تنطلق بتربية الماشية كهواية تدر عليها مردوداً اجتماعياً، مثل تربية الإبل، حيث تسعى إلى إشراكها في سباقات الهجن التراثية التي اعتاد عليها الهواة.
وبدوره، أشار إبراهيم البحر، خبير اقتصادي في شؤون المستهلك وتجارة التجزئة إلى أن الجهات الاتحادية والمحلية تسعى إلى تنفيذ توجهات الدولة الخاصة بالمحافظة على الثروة الحيوانية التي تنعم بها دولة الإمارات، فعلى سبيل المثال، تقدم بلدية دبي الدعم البيطري وصرف أدوية مجانية مرتين بالأسبوع لماشية المربين في الإمارة، في حين تقدم هيئة أبوظبي للزراعة والسلامة الغذائية لمربي الماشية في مناطق الإمارة أعلافاً مدعومة بأسعار مخفضة جداً، وغيرها من الخدمات، أما وزارة التغير المناخي والبيئة، فتعمل على تقديم خدماتها لمربي الماشية في المناطق الشمالية.
مربو الماشية: توفير الدعم والرعاية البيطرية ينعش القطاع
أما مربو الماشية، فقد أكدوا أهمية الدعم الذي يتلقونه من الجهات الاتحادية والمحلية ودورها في تشجيعهم على الاستمرار في مهنتهم، ومن هؤلاء سيف الكعبي، مالك 6 مزارع للماشية موزعة في مختلف إمارات الدولة، الذي قال: إن دعم الدولة لمربي الماشية يسهم في تحقيق عدة أهداف، منها الأمن الغذائي للدولة، ودفع عجلة الاقتصاد المحلي، وتوفير المردود المالي لمربي الماشية في المقام الأول والسوق المحلي في المقام الثاني، وتشجيع مربي الماشية على الاستمرار بمهنتهم التي تدر عليهم أرباحاً مالية، مشيراً من واقع تجربته إلى أنه يتلقى الدعم من جهتين الأولى تتمثل في وزارة التغير المناخي والبيئة، حيث تقدم لماشيته خدمات بيطرية، أما الثانية، فتتمثل في هيئة أبوظبي للزراعة والسلامة الغذائية، حيث تقدم أعلافاً مدعومة بنسبة 80% وبحصص محددة كل أربعة أشهر.
وكذلك الأمر بالنسبة إلى سعيد الكتبي، مالك مزرعة للماشية (الضأن والماعز والجمال) في إمارة عجمان، حيث أكد تلقيه الدعم على أعلاف ماشيته كل 4 أشهر من هيئة أبوظبي للزراعة والسلامة الغذائية، بالإضافة إلى خدمات الوزارة المتمثلة في الفحوص البيطرية والتطعيم لماشيته، وغيرها من الخدمات، الأمر الذي ساهم في توفير مردود مالي لتجارته.
بدوره، أكد علي إبراهيم، مالك مزرعة للماشية في دبي، أن التحديات تطال المجالات كافة، ولكن الذكاء يكمن في صاحب المشروع الاقتصادي وقدرته على تطويع التحديات إلى إيجابيات، وهو أمر مارسه بعض مربي الماشية، حيث نجحوا في تطوير سلالات من الماشية، كما باتوا يتحلون بفكر تسويقي، واستفادوا من وسائل التواصل الاجتماعي بالترويج لماشيتهم، لافتاً إلى أن الدولة تمتلك ثروة حيوانية محلية، وهو أمر تحقق نتيجة دعمها لهذا القطاع الحيوي والعاملين فيه، كما يتوجب تأسيس جمعيات لمربي الماشية في كل إمارة على حدة على غرار جمعيات الصيادين.
اللحوم المحلية في المقدمة
أكد موردو اللحوم تفضيل المستهلكين للحوم المحلية، حيث تشهد الأسواق إقبالاً على اللحوم المحلية، سواء كانت من الماشية المحلية أو من الماشية المستوردة من الخارج بهدف تربيتها في الدولة، وفي هذا السياق قال علي فارس، مدير مجموعة ملاحم في دبي: إن آلية عمل المجموعة تعتمد على شراء اللحوم المحلية من أصحاب المزارع والشركات، وتشهد المجموعة إقبالاً كبيراً من قبل المستهلكين المواطنين والوافدين على شراء اللحوم، سواء كانت محلية رغم ارتفاع ثمنها وندرتها نسبياً، أو مستوردة حية من دول مثل السعودية أو البرازيل أو الهند أو الأردن وغيرها، فيما يعد الإقبال على شراء لحوم الجمال قليلاً رغم توافرها بكثرة.
وقال طلال عبد الكريم، مالك محال لبيع اللحوم: تشهد لحوم الضأن والماعز والأبقار المحلية إقبالاً كبيراً من قبل المستهلكين، وتتفاوت الأسعار تبعاً لوزن الرأس وحجمه.
اللحوم الحمراء أعلى مصدر للبروتين
قالت لطيفة راشد، رئيس قسم التغذية في وزارة الصحة ووقاية المجتمع: تعتبر اللحوم الحمراء أعلى مصدر للبروتين والمعادن والفيتامينات التي يحتاجها جسم الإنسان، كما أنها تحتوي على نسبة مرتفعة من الدهون المشبعة، وهو أمر يدعو إلى عدم الإفراط بتناولها طوال أيام الأسبوع، ومن المستحسن الاكتفاء بيومين فقط، لافتة إلى أن القوانين الاتحادية بشأن الثروة الحيوانية، وتحديداً ما يتعلق بنسب المبيدات المضافة على الأعلاف وغيرها، تعد إيجابية كونها تسهم بتناول الفرد للحوم حمراء، أو مشتقاتها من الحليب والأجبان، صحية وخالية من أية نسب مرتفعة من المبيدات.