دعا باحثون وعلماء إلى فتح قنوات التواصل والتعاون المشترك بين الجامعات التكنولوجية والقطاع الصناعي، بهدف إتاحة الفرصة أمام الباحثين لابتكار منتجات جديدة تلعب دوراً على صعيد تخفيف انبعاثات الكربون وتوفير فرص لتحقيق نتائج ملموسة في قطاع الطاقة المتجددة.
وأشار هؤلاء خلال جلسة نقاش عقدت في أبوظبي على هامش القمة العالمية لطاقة المستقبل إلى أن النتائج الحية المتوافرة على أرض الواقع سواء في أميركا أو أوروبا تبرهن على نجاح هذه الخطوات وخير دليل عليها الاختراعات والمنتجات الكهربائية والإلكترونية التي ما كانت لتوجد لولا التعاون بين الباحثين والصناعيين.
وطالبت الجلسة التي عقدت أمس بعنوان “تبني الابتكار والدور الرئيسي الذي تلعبه عمليات البحث والتطوير” الحكومات بتطوير معاييرها التشريعية الاقتصادية في سبيل خدمة قطاع التكنولوجيا المستدامة، لما لها من قدرة على توفير فرص عمل واسعة في المستقبل.
وقال رضا أبهاري مدير مركز الطاقة في المعهد السويسري الفيدرالي للتكنولوجيا إن فرصاً حقيقيةً للاستثمار في قطاع الطاقة المتجددة باتت متوافرة وبقوة خلال الفترة الراهنة.
وأشار إلى أن الحكومات مطالبة في الوقت ذاته باستحداث قوانين وقواعد جديدة فيما يتعلق بالطاقة لتيسير أعمالها.
وتبلغ قيمة عمليات التصنيع المتعلقة بأنشطة خفض الانبعاثات في أوروبا نحو 15.5 مليار يورو، أي ما يزيد على 77 مليار درهم، بحسب أبهاري.
واعتبر أن تعزيز الصناعات القائمة على الطاقة المتجددة يحتاج توفير عدد من العناصر الرئيسية لتنجح في تحقيق أهدافها.
وتتمثل هذه العناصر في تعزيز وإثراء المصادر العلمية المتوافرة، فضلاً عن تنظيم سوق للشركات المتخصصة، واستبدال البنية التحتية الحالية، إلى جانب الدعم الحكومي المتمثل في السياسات الاقتصادية والصناديق الاستثمارية.
وأشار أبهاري إلى أن تشجيع الابتكار سيوفر طرقاً مختلفةً يمكن جميع الأطراف من تحقيق الأرباح.
كما اعتبر أن التعاون بين الجامعات والمصانع خطوة أساسية في سبيل الحصول على الابتكارات لتبادل المعلومات والتدريب.
وفي السياق ذاته، قال البروفيسور إيرنست مونيز المدير في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا إن الابتكار هو عنوان الإبداع.
وأضاف “نحن نتحدث عن الانتقال والتطور في إطار زمني ضيق لا يتجاوز 10 سنوات مقارنة بالفترات التي تحركنا خلالها سابقاً والتي امتدت إلى نحو نصف قرن”.
وزاد “يجب ألا ننسى في الوقت ذاته أننا نبحث عن تغيير جذري في الطاقة”.
واعتبر أن الحل المتوافر في المرحلة الحالية يتمثل في الحاجة الملحة للدمج بين الإبداع التكنولوجي والمهني.
ووصف مبادرة مصدر ممثلة بمدينة مصدر أنها مثال حي وواقعي يسلط الضوء مباشرة على هذه الحاجة.
وأشار إلى أن مدينة “مصدر” تستثمر في هذا المستقبل من خلال بناء جامعات تقوم بدورها ببناء عالم يجمع بين الأعمال والإبداع التكنولوجي في قالب واحد.
وتبلغ قيمة الاستثمارات التي تم إنفاقها على الأبحاث الصناعية بهدف الإبداع التكنولوجي في الطاقة نحو 13 مليار دولار، بحسب مونيز.
من جانبه، اعتبر الدكتور طارق علي نائب رئيس الأبحاث والعلاقات الصناعية في معهد مصدر أن الجامعات التقنية في أميركا أوجدت شركات ومصانع تصل رؤوس أموالها إلى نحو 20 مليار دولار، بعد توفيرها نحو 150 ألف وظيفة في الاقتصاد الأميركي. وأضاف “أبوظبي تسعى إلى بناء اقتصاد مبني على المعرفة لتكون الطاقة المتجددة تمثل نحو 7% من إجمالي طاقاتها المستخدمة بحلول 2020”.
وزاد “مدينة مصدر هي المنصة القادرة على إيجاد الحلول المطلوبة إلى جانب أمن الطاقة، ومعهد مصدر سيكون أول المنجزات الملموسة والحقيقية في المدينة”.
وأضاف نعمل على تطوير مراحل بناء مدينة مصدر، من حيث الكهرباء والتكنولوجيا والتبريد”.
وطرح المعهد سبعة برامج ماجستير هي ماجستير في الهندسة وإدارة النظم، وماجستير في تقنية المعلومات، وماجستير في علوم وهندسة المواد، وماجستير في الهندسة الميكانيكية، وماجستير هندسة المياه والبيئة، والأنظمة الدقيقة، وهندسة الطاقة الكهربائية.
ورصدت حكومة أبوظبي نحو 4 مليارات درهم للاستثمار في المعهد لفترة أولية تمتد خمس سنوات، تشمل رأس المال وتكاليف التشغيل، في خطوة يسعى المعهد من خلالها لأن يصبح مركزاً رائداً لأبحاث الطاقة المتجددة والاستدامة، ويستقطب أبرز العلماء والباحثين من جميع أنحاء العالم، من خلال توفير بنية تحتية حديثة للأبحاث.
وتصل مساحة مبنى معهد مصدر إلى نحو 67 ألف متر مربع، من أصل 6 كيلومترات مربعة هي المساحة الإجمالية لمدينة مصدر.
ويتوقع أن تنتهي الأعمال الإنشائية والبنية التحتية في مدينة مصدر بحلول العام 2013 في حين تستمر أعمال الإنشاء في المدينة حتى العام 2020.
وتعتبر مدينة مصدر جزءاًَ من مبادرة مصدر التي أطلقتها حكومة أبوظبي في العام 2006 باستثمارات تصل إلى نحو 22 مليار دولار.
ومن جانب آخر، قدم البروفيسور نايجل براندون مدير مختبر طاقة المستقبل في جامعة إمبيريال البريطانية ورقة عمله خلال الجلسة بطرح جانب عملي حدث على أرض الواقع، مشيراً إلى أن مفتاح النمو الاقتصادي يتمثل باستخدام شركات توفر الحلول التكنولوجية.
وأضاف “علينا الوصول إلى أهدافنا بالكربون التي ستوفر اختراعات جديدة”.
ووصف تجربة جامعة امبيريال التي قدمت الفرصة لباحثيها من خلال مشاريع تجارية وصناعية سخرت نفسها لخدمة أفكارهم، حيث وفرت الجامعة الفرصة لنحو 600 باحث.
وأضاف “سوق الابتكار في بريطانيا تصل قيمته إلى نحو 200 مليون جنيه استرليني (1.3 مليار درهم) في أكثر من 83 شركة”.
وأشار إلى شركة سيريس باور باعتبارها مثالا حقيقيا لأوجه التعاون العلمي والصناعي، حيث قامت الشركة التقنية بصناعاتها من خلال أبحاث إمبيريال، ليصبح رأسمالها اليوم 50 مليون جنيه استرليني (325 مليون درهم) وتشتمل أعمالها على 100 موظف، حيث تحافظ الشركة على تخفيف انبعاثات الكربون بمقدار 1.5 مليون طن.
وأشار براندون إلى أن الجامعات ومعاهد التكنولوجيا في أميركا تمثل القوة الدافعة للعلوم والتكنولوجيا، كما قدمت بريطانيا دعماً مشهوداً خلال السنوات العشر الماضية لهذا القطاع