دبي (الاتحاد)
صدر حديثاً عن مؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية، وضمن سلسلة أعلام من الإمارات للباحث مؤيد الشيباني كتاب جديد بعنوان «راشد الخضر، خمس وسبعون عزلة مع الشعر 1905 ـ 1980» الذي يرصد جوانب من حياة راشد الخضر ويوثق لقصائده، ويقرأ الباحث مؤيد الشيباني الكثير من المعاني مستعيناً بمصادر مختلفة لتأكيد ما ذهب إليه من تحليل لشعر الخضر.
وجاء في مقدمة الكتاب: «راشد الخَضَر.. صعبٌ تعريف هذا الشاعر في الذاكرة الشعرية الإماراتية.. إنه بُعدٌ تجديديٌ صريح وثابت في القصيدة الشعبية، ملأ سنوات عمره خلال ثلثي القرن الماضي (1905 ـ 1980) بالشعر، وليس غير الشعر! فهل كان يعلم بما سنقوله من بعده بعشرات السنين؟ هذا هو ديوانه الذي نحاول قراءته والغوص فيه لاستخراج لآلئ خياله، وهي كثيرة وممكنة في أول نزول للبحر، فكيف الحال عندما نبدأ بملامسة الأعماق؟
كان الشاعر الخَضَر منصرفاً بصدق وعفوية وليس بقصد متعمَّد، يمارس تلقائيته، وينتج ما ليس ينتظره، والشكر كل الشكر للرواة والجامعيين والباحثين الذين استطاعوا جمع ديوانه بين دفتي كتاب، وهل غير الباحث والشاعر الراحل حمد خليفة أبوشهاب؟ الذي منه بدأت معرفتي بالخَضَر، وبسببه تعاظمَ البحثُ والسؤالُ عنه إلى درجة الجرأة بأن يصار ذلك الإعجاب إلى كتاب.. إن من حق الخَضَر على الأجيال اللاحقة أن يخرجوه إلى حيز واسع في مجال التراكم القرائي العربي، بحيث لم يعد مجرد شاعر شعبي خاص ببقعة جغرافية معينة، إنه لائق بكل هذا الحضور الواسع في المشهد الشعري العربي، ونقصد التجربة الشعرية الشعبية المماثلة لعدد كبير من أشهر الشعراء العرب أمثال بدر بن عبد المحسن وعبد الرحمن الأبنودي ومظفر النواب وحسين المحضار وخالد الفيصل وعشرات الشعراء من ذوي القصيدة الشعبية، الذين قدّموا جمالية مهمة للأغنية العربية والذاكرة الشعرية عموماً.
عند راشد الخَضَر قيمة إبداعية عالية تتلخص باشتغاله التلقائي على تجديد المضامين في ذلك الوقت (منتصف القرن الماضي)، وابتكاره القوافي الصعبة، والاشتقاقات اللغوية، واستخدام الرموز بكل أبعادها التاريخية والمكانية والأسطورية والدينية. وهي العناصر التي شغلتنا في هذا البحث ومحاوره أكثر من حياته الخاصة وتفاصيلها، باستثناء موضوعة واحدة هي من الأهمية بحيث كانت عصب التجربة الشعرية، وهي العزلة الدائمة من الطفولة حتى الوفاة.