الأربعاء 16 يوليو 2025 أبوظبي الإمارات 34 °C
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

علماء: الابتلاء تطهير للنفس وكفارة للذنوب

علماء: الابتلاء تطهير للنفس وكفارة للذنوب
8 مايو 2014 20:06
الابتلاء سُنة الله تعالى الجارية في خلقه، فمن الناس من يُبتلى بنقمة، أو مرض، أو ضيق في الرزق، أو حتى بنعمة، فقد قدر الله عز وجل على كل إنسان نصيباً من البلاء، ومنهم من يفهم حكمة الله تعالى في ابتلائه، فيصبر، ويهون عليه الأمر، ويكون جزاء ذلك نعيماً عظيماً في الآخرة، ومنهم من يجزع ويتسخَّط، ولا يصبر على ابتلائه، فيزداد الأمر سوءاً عليه، ويكون له جزاء من جنس عمله. أحمد مراد (القاهرة) البلاء في حق المؤمن كفارة وطهور، هذا ما أكده الدكتور أحمد كريمة الأستاذ بجامعة الأزهر، في إشارته إلى قول الرسول صلى الله عليه وسلم: «ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم حتى الشوكة يشاكها إلا كفَّر الله بها من خطاياه»، وعن أم سلمة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله يقول: «ما ابتلى الله عبداً ببلاء وهو على طريقة يكرهها، إلا جعل الله ذلك البلاء كفارة وطهورا ما لم ينزل ما أصابه من البلاء بغير الله عزَّ وجلَّ أو يدعو غير الله في كشفه»، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله: «لا يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة في نفسه وولده وماله، حتى يلقى الله وما عليه خطيئة». الصبر والبلاء دليل حب الله للعبد، والمُحِب لا يتضجر من فعل حبيبه أبدًا، قال رسول الله: «إذا أحب الله قوماً ابتلاهم، فمن صبر فله الصبر، ومن جزع فله الجزع»، وتلقي البلاء بالرضا بقضاء الله وقدره من أعظم ما يُعين العبد على المصيبة، فالبلاء من قدر الله المحتوم، وقدر الله لا يأتي إلا بخير، قال ابن مسعود: «لأن أعض على جمرة أو أن أقبض عليها حتى تبرد في يدى أحب إلى من أن أقول لشيءٍ قضاه الله: ليته لم يكن». ويوضح الداعية الإسلامي الدكتور منصور مندور من علماء الأزهر أن الله تعالى خلق الدنيا وجعلها دار ممرٍ وليست بدار مقر، وحفّها بالمحن والابتلاءات وغمرها بالمصائب والفتن، لحكمة جليلة ذكرها الله تعالى في قوله: (الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ)، «سورة الملك، الآية 2»، والدنيا هي دار التكليف والعمل وليست بدار النعيم والأمل، ومع ذلك فقد غفل كثير من المسلمين عن تلك الحقيقة، فإذا أقبلت المصائب والابتلاءات «والدنيا لا تخلو منها» ترى الناس يفزعون، بل ويتسخّطون على قدر الله، وذلك لأنهم لم يتحصنوا بالإيمان عامة، وبالإيمان بالقضاء والقدر خاصة الذي هو أصل من أصول الإيمان. آلام الدنيا ويقول: من تأمل أحوال الخلائق علِم علْم اليقين أنه ما من مخلوق إلا وكان له نصيب من آلام الدنيا وأحزانها، كما قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه «لكل فرحةٍ ترحة، وما مُلئ بيت فرحاً إلا وملئ ترحاً»، والمؤمن هو الذي يعلم أنه مسافر إلى الله، وأن كل ما هو من حطام الدنيا فسوف يتركه لا محالة، إما بالفقر أو بالموت. ويضيف: والمؤمن يعلم أن الدنيا مزرعة للآخرة، وأن ما يزرعه هنا يحصده هناك، وعندما يصل المؤمن إلى تلك الحقيقة، ويوقن بأنه موقوف بين يدي الله - جل وعلا - في يوم مقداره خمسون ألف سنة، فإن الدنيا لو سجدت بين يديه لركلها برجليه طامعاً في ساعة واحدة يناجي فيها ربّه لعل الله يكتب له بها النجاة من تلك النار التي أُوقد عليها ألف عام حتى ابيضت، وألف عامٍ حتى احمرّت، وألف عامٍ حتى اسودّت، فهي الآن سوداء قاتمة، فيعلم المؤمن أن كل نعيم دون الجنة سراب، وكل عذاب دون النار عافية. هنا تهون المصائب كلها على المؤمن. الإيمان بالقدر الدكتور منصور أشار إلى أن الصبر على البلاء يجعل المسلم يرتقي في درجات الجنة، فقد قال صلى الله عليه وسلم: «إن الرجل ليكون له المنزلة عند الله فما يبلغها بعملٍ، فلا يزال الله يبتليه بما يكره حتّى يبلّغه إيّاها»، كما يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لو أن الله عذّب أهلَ سماواته وأهلَ أرضه لعذّبهم وهو غيرُ ظالمٍ لهم، ولو رحمهم لكانت رحمته لهم خيراً من أعمالهم، ولو أنفقت مثل أُحُدٍ ذهباً في سبيل الله ما قبله الله منك حتى تؤمن بالقدر، فتعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطأك لم يكن ليصيبك، ولو متّ على غير هذا لدخلت النار»، ويقول الله تبارك وتعالى: (وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ , الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ)، «سورة البقرة: الآيتين 155 - 156». وأضاف: وليعلم كل مسلم أن المصيبة نوعان: مصيبة في الدين ومصيبة في الدنيا، ومن المصيبة في الدين أن يُبتلى الرجل بترك الصلاة أو شرب الخمر أو بإضاعة فرض من فرائض الله أو ارتكاب معصية من المعاصي هذه المصيبة في الدين، والكفر أعظم المصائب وأشدها كالذي إذا غضب سبّ الله أو الملائكة أو الأنبياء أو الدين وكالذي إذا أصابه الحزن اعترض على الله وعلى تقدير الله، أو سبَّ ملك الموت عزرائيل، أو نسب الظلم إلى الله والعياذ بالله، وكالذي إذا فرح أطلق لسانه بالاستهزاء بالله أو دينه، أو الأنبياء، أو الصلاة، أو غير ذلك من أحكام الدين الظاهرة، وكل هذا من المصائب المهلكة التي تؤدي بالإنسان إلى الخلود في النار والعياذ بالله تعالى لذلك المصيبة في الدنيا أهون، والمصيبة في الدنيا هي البلاء الذي يصيب المسلم في جسمه أو ماله أو أولاده. والمسلم الذي يصاب بماله أو بجسمه الله يعوّض عليه بها الثواب في الآخرة، هذه المصيبة تكون تكفيراً لسيئاته، أو ترفعه درجات يعوض الله عليه. سيرة الأنبياء أما الدكتور عبد المقصود باشا أستاذ التاريخ الإسلامي بجامعة الأزهر فقال : من نظر في تاريخ وسيرة الأنبياء عليهم السلام علم حكمة البلاء وجزاء الصبر عليه، فعلى سبيل المثال نبي الله أيوب عليه السلام رزقه الله تعالى مالاً كثيراً وأولاداً ثم ابتلاه الله في جسده، وفي ماله وفي أولاده وتلفت أمواله الكثيرة وسلّط الله على أولاده البلاء، فماتوا وسلّط الله البلاء على جسده ثمانية عشر عاماً حتى جافاه القريب والبعيد، فقال رجلان من ناحيته أحدهما قال للآخر إن أيوب أذنب ذنباً ما أذنبه أحد، لذلك لم يرفع الله عنه هذا البلاء، فأُخبر أيوب بذلك، فقال الله إخباراً عن أيوب عليه السلام (... أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ)، «سورة الأنبياء: الآية 83»، فلم يقل كلمة تسخط الله تعالى، صبر وسلّم لله تسليماً لم يتسخط بقلبه على ربه، لم يعترض على الله ولم يقل لِمَ ابتلاني الله تعالى بهذه البلايا في مالي وفي جسدي وفي أهلي لِمَ أُبْتلى ماذا فعلت، بل كان يحمد الله تعالى، وذات يوم خرج لقضاء الحاجة، وكانت له امرأة بقيت معه تخدمه صبرت معه ما جَفَتْه ولا ابتعدت عنه طيلة هذه المدة وكانت تأخذه بعدما كان يقضي حاجته إلى البيت فأبطأ عليها. وأوحى الله إليه أن اضرب برجلك الأرض فركل الأرض برجله فنبع له ماءٌ فأوحى الله إليه هذا مغتسل بارد وشراب أي اغتسل منه واشرب منه فاغتسلَ وشربَ منه فعاد كما كان ثم أقبل يمشي فلقيته امرأته فلم تعرفه قالت: هل رأيت نبي الله أيوب هذا المبتلى، وقد كان أشبه الناس بك حين كان صحيحاً، فقال: أنا هو. ثم أمطر الله تبارك وتعالى له سحابتين سحابة أفرغت ذهباً فصار عنده بيدر ذهب وسحابة أفرغت له فضة فصار عنده بيدر فضة ورزقه الله تعالى بعد ذلك من الأولاد مثل أولاده وزيادة مثل عددهم، وما كان هذا كله إلا جزاء الصبر على البلاء.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2025©
نحن نستخدم "ملفات تعريف الارتباط" لنمنحك افضل تجربة مستخدم ممكنة. "انقر هنا" لمعرفة المزيد حول كيفية استخدامها
قبول رفض