سعيد ياسين (القاهرة)
تكتسي السينما الوثائقية أهمية كبيرة في الدول العربية، وخصوصاً أن التاريخ المعاصر لغالبيتها شهد العديد من الأحداث المهمة، التي من الضروري تصويرها، ليتم حفظها في سجلات التاريخ. وقد تعالت الأصوات المطالبة بضرورة الاهتمام بهذا النوع من السينما، بعد النجاح الكبير الذي حققه فيلم «الممر» لأحمد عز، والذي يعرض حالياً، وحقق نجاحاً لافتاً على المستويين النقدي والجماهيري، ورغم أنه محسوب على السينما الروائية، إلا أن الإقبال عليه من جمهور عريض من مختلف الأجيال، جعل الكثيرين ينادون بضرورة الاهتمام بالسينما الوثائقية، لتعريف الناس ببطولات منسية، وذلك لخلق رأي عام يحرك المسؤولين لتكريم هؤلاء الأبطال وأمثالهم في شتى المجالات، على أن تخصص قاعات سينمائية لعرضها للجمهور، ولا يقتصر عرضها على بعض المهرجانات السينمائية.
وقال المخرج يوسف أبو سيف: إن السينما الوثائقية أكثر أمانة وصدقاً من الأفلام الروائية، لأن المشاهد يعرف أن الروائية تعتمد أكثر على الخيال لا الواقع والحقيقة، وهو ما يعطي السينما الوثائقية تفوقاً أمام الروائية، إلى جانب إمكانية طرح أي موضوع، مهما كانت حساسيته من خلال فيلم وثائقي.
وقال الناقد حسام حافظ: إنه في أعقاب حرب أكتوبر، وخلال عام 1974 انطلق مركز الفيلم التسجيلي التابع لوزارة الثقافة، وقام بتصوير عدد من الأفلام التسجيلية الخالدة، التي حفظت لأجيال كثيرة بعضاً مما حدث من بطولات لجنود مصر، ومنها أفلام «أبطال من مصر» للمخرج أحمد راشد، و«صائد الدبابات» لخيري بشارة، و«تحية لمقاتل مصري» لصلاح التهامي، وطالب بأن يرسل المركز القومي للسينما بعض المخرجين الشباب إلى محافظات وقرى مصر، للتسجيل مع من بقوا علي قيد الحياة من أبطال حرب أكتوبر، وأشار إلى أن السينما الوثائقية ليست مقصورة على أبطال الحروب، ولكنها أيضاً تهتم بصناع الحياة الذين يعيشون بيننا، ولكل منهم قصة وحكاية عن حياة صعبة عاشها أو تجربة فريدة مر بها، أو حلم كان يسعى لتحقيقه، وأنه من الممكن أن يكون لاعب كرة من جيل الخمسينيات، أو فنان كبير لم يعد قادراً على العمل، ولكن له تجربته التي تستحق أن يحكيها ويستمع إليها الشباب.
وتتمنى الناقدة ماجدة موريس، أن تلتفت المراكز السينمائية المتخصصة وغيرها، إلى هذه النوعية من الأفلام، مؤكدةً وجود طابور من الأبطال، سواء من بقوا من حرب أكتوبر، أو أبطال معركة استرداد طابا السياسية بعد الحرب، ثم أبطال معاركنا ضد الإرهاب الدائرة في سيناء والداخل حتى الآن، وقالت: نريد أفلاماً تبقى للزمن والتاريخ والأجيال الجديدة، وليس مجرد كليبات فقط.
وبدوره، قال الكاتب رياض سيف النصر: إن الأبطال الذين صنعوا ملحمة صمود السويس من المدنيين، خلال حرب الاستنزاف، سجلها في كتاب بعنوان «ناس من مدن المواجهة»، وكتاب «يوميات المقاومة الشعبية في السويس»، وأن ما ضمه في كتابيه لم يحظ باهتمام السينمائيين، رغم أنه سجل شهادات موثقة لهؤلاء الأبطال، وتمنى إعادة طبع كتابيه على الأقل لتعريف الأجيال الجديدة ببطولات منسية كثيرة.
وقال الناقد كاظم مرشد: إنه مقتنع بأهمية السينما الوثائقية بقدر أهمية السينما الروائية، فالسينما الوثائقية يتابعها الجمهور اليوم، حيث إن الفيلم الوثائقي، يكشف عن أشياء ربما لم تصلها العين البشرية، خاصةً في عالم الحروب والبحار والكوارث الطبيعية واستخدام الإلكترونيات في متابعة أدق الكائنات الحية.