13 ديسمبر 2009 22:53
لم يكد تمر ثمانية أسابيع فقط على تولي الحكومة الاشتراكية الجديدة في اليونان إلا وباتت مصداقيتها على المحك. فالسندات اليونانية تعرضت إلى هزة عنيفة خلال الأسابيع الماضية، وتراجع التصنيف الائتماني للمؤسسات المالية اليونانية من قبل مؤسسة “فيتش”، وشهد سوق أثينا المالي هبوطاً حاداً، مما يدلل على وجود أزمة حقيقية في الاقتصاد اليوناني، الذي يعد الأضعف في منطقة اليورو.
ويسعى جورج باباكونستنتينو وزير المالية اليوناني جاهداً لإقناع الدائنين الأجانب بأن في مقدور اليونان تقليص عجز الموازنة من 12,7 إلى 9,1 % من الناتج المحلي الإجمالي العام المقبل، دون فرض تخفيضات ضخمة على الإنفاق وإقناعهم بأن اقتصاد اليونان ليس متوجهاً إلى الهاوية.
ويقول باباكونستنتينو “نحن لسنا أيسلندا جديدة، وصحيح أن الوضع صعب، ولكن الواضح أيضاً أننا لن ندع الأمور تخرج عن سيطرتنا”، مع تسليمه في الوقت ذاته أنه قد تظل الأسواق مضطربة خلال الأشهر القليلة المقبلة. ومن شأن عدم تحقيق اليونان أهداف ميزانيتها وعدم الوفاء بوعود الإصلاح الهيكلي أن يضع الاشتراكيين في مأزق كبير.
وبدأت الضغوط الدولية في التزايد، بعد أن تجاهلت الحكومة اليونانية مؤخراً، ودون أي تعليق منها، تحذيراً وجهته وكالة التصنيف الدولية “ستاندرد اند بورز” يفيد بترجيح تنزيل تصنيفها الائتماني. وبعد ذلك قررت وكالة “فيتش” تنزيل تصنيف قدرة اليونان على تسديد ديونها إلى الدرجة (BBB)، للمرة الأولى منذ عشر سنوات التي تعطي فيها وكالة تصنيف بارزة اليونان تصنيفاً يقل عن درجة (A).
وخرج باباكونستنتينو عن صمته بعد إعلان “فيتش” وتعهد باتخاذ كل ما يلزم للوفاء بأهداف الميزانية المالية متوسطة الأجل بما يشمل اذا اقتضى الأمر تقديم موازنة إضافية معدلة عام 2010. إلا أن أسعار الأسهم اليونانية سجلت تراجعاً جديداً بنحو 3,4%، في مقدمتها أسهم البنوك التي نزل تصنيفها هي الأخرى.
وفي إجراء يشير إلى الترقب الدولي القلق للوضع في اليونان، أعلن إكسل ويبر رئىس بوند سبنك الألمانية وأحد أبرز صانعي سياسات البنك المركزي الأوروبي أن على أثينا أن تستعيد سيطرتها على المالية العامة وإلا ستتعرض لحرمان سنداتها من استخدامها كضمان من قبل البنوك التي تقترض سيولة من البنك المركزي الأوروبي. ولاضطراب السوق المالية اليونانية تداعيات غير مباشرة على الوضع الداخلي، نظراً لأن معظم السندات تشتريها بنوك محلية ومؤسسات استثمارية أجنبية وحتى نهاية الأسبوع قبل الماضي كان مستثمرون أجانب يملكون أكثر من 50 في المئة من الأسهم المدرجة في البورصة. وكان من شأن عناوين الصحف ونقاشات التلفزيون عما إن كانت اليونان (تواجه إفلاساً) إثارة الإحساس بعدم الأمان.
ويقول كونستنتين ميكالوس رئيس غرفة التجارة والصناعة في أثينا إن جو النشاط التجاري الراهن هو الأكثر سلبية في تاريخ اليونان الحديث، وإن هناك اعتقاداً قوياً بأن الأمور ستزداد سوءاً قبل أن تنفرج. ويذكر أن اقتصاد اليونان قد تراجع خلال الأشهر الثلاثة الماضية بنحو أشد وأسرع من اقتصادات دول منطقة اليورو الأخرى. وكان الازدهار الاستهلاكي الذي قاد إلى صعود معدلات نمو الناتج الإجمالي المحلي في اليونان إلى متوسط 4,2% سنوياً بين عام 2002 وعام 2007 (ما يعد ضعف متوسط الاتحاد الأوروبي) قد انتهى فجأة هذا العام. ومن المنتظر أن ينكمش الاقتصاد اليوناني بنحو 1,3% خلال العام الحالي وبنسبة 0,3% خلال 2010، بالإضافة إلى أن نسبة البطالة في اليونان ارتفعت إلى 18%.
ويتأهب اليونانيون لأوقات عصيبة. فقد تراجع اقتراض المستهلكين نظراً لتقليص الأسر من إنفاقها، كما شددت البنوك من شروط الحصول على قروض، بحسب إيرسي أثاناسيوس الباحث في “كيبي” إحدى وكالات صنع القرارات الاقتصادية. وقال إن توفيرات الأسر كانت بالسالب منذ عام 2000 ولكن المرتقب أن نشهد زيادة التوفيرات الأسرية هذا العام. ولا يشاهد غير حفنة صغيرة من المتسوقين المتجولين في جولدن هول أحد مراكز التسوق في ضواحي أثينا.
وتقول أماليا مسؤولة المبيعات المساعدة في أحد متاجر الملابس: “كنا نأمل في حضور الزبائن هنا تفادياً للمظاهرات التي جرت في نهاية الأسبوع قبل الماضي في وسط المدينة، ولكن للأسف لم يحدث ذلك”.
عن “فايننشيال تايمز”
المصدر: أبوظبي