محمد عبدالسميع (الشارقة)
تثير الندوة التخصصية التي سينظمها المجلس الأعلى لشؤون الأسرة بالشارقة في سبتمبر المقبل، بمشاركة رابطة أديبات الإمارات، ضمن فعاليات جائزة الشارقة لإبداعات المرأة الخليجية، تحت عنوان «النقد الأدبي الغائب الحاضر»، مجموعة من الأسئلة التي تتداعى إلى الذهن بمجرد ذكر كلمة «نقد»، نظراً لما تنطوي عليه اللفظة من إشكاليات على الساحتين المحلية والعربية، ولما يواجهه مصطلح «نقد» من سوء فهم أحياناً أو رفض أحياناً أخرى.. هنا محاولة لاستمزاج آراء عدد من المبدعين والمبدعات حول مفهوم النقد ودوره ومدى حضوره أو غيابه وجدواه في دعم التجربة الإبداعية والثقافية.
بداية تشير صالحة عبيد غابش، مدير عام المكتب الثقافي والإعلامي بالمجلس الأعلى لشؤون الأسرة، إلى أن الندوة تأتي من منطلق التساؤلات حول النقد الأدبي، وجدواه في دعم التجربة الابداعية، وغيابه قياساً لتفاعله الملحوظ في الساحة الإماراتية الأدبية، في السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي.
وسوف تسلط الندوة الضوء على عدة محاور، أهمها غياب النقد الأدبي في ظل ازدهار النشر، والنقد بين الموضوعية من ناحية، وبين التجريح أو المديح من ناحية أخرى، إضافةً إلى ضعف حضور النقد الأدبي في الصفحات الثقافية في الصحف اليومية، مع التركيز على تجربة السبعينيات والثمانينيات في هذا المجال.
وأضافت غابش: ستقام ورشة للكتّاب الشباب، تطرح فيها عدة تساؤلات، حول قبول النقد الموضوعي لدى الشباب، وتحديات هذا النقد، في ظل التفاعل الإلكتروني، وما ينتجه الشباب من كتابات، وما يؤلفون من كتب.
وعلقت الأديبة بهيجة إدلبي، قائلةً: «هناك شكوى من المبدعين، تتمثل بغياب النقد، وعدم متابعته للحراك الإبداعي، إلا أن هذه الشكوى لا ترتهن في المجمل إلى الواقع النقدي، فثمة حضور نقدي بمستويات مختلفة، يوازي أو يقارب الحراك الإبداعي، وإن لم يكن بالمستوى الذي يطمح إليه المبدعون. وهنا لا بد من القول: إن النقد، كرؤية واستبصار للنص، يحتاج إلى محرض إبداعي، وهذا المحرض يتمثل في الإبداع المختلف، وفي التجارب الجديدة التي تطرح رؤى مختلفة، وبالتالي: إن حضور النقد لا بد وأن يسبقه حضور إبداعي محرض ومختلف، يضع النقد في مختبر الإبداع النقدي، لأن النقد الحقيقي هو حالة تأمل وتماس مع النص الإبداعي.
ومن هنا، فحضور النقد لا يقرأ بميزان الحضور الإبداعي، وإنما بميزان المنجز النقدي العميق في هذا المجال، وهذا الميزان يشير إلى حضور نقدي متميز، سواء على مستوى الإصدارات أو الندوات والمؤتمرات، واللقاءات المختلفة».
وقالت الأديبة، إيمان اليوسف: «نشهد بالفعل فترة ضعف في الأدب، فالأكاديمي لم يتمكن من اللحاق بالقفزة السريعة الحاصلة في النشر الأدبي، سواء على صعيد دور النشر، أو ازدياد عدد الكتب، الذي نختبره في الأعوام العشرة الأخيرة».
وأضافت: «كذلك، لا يزال الكثيرون غير واعين لنوع النقد الحديث، القائم على وسائل التواصل الاجتماعي، والصالونات الأدبية، وقراء المواقع الأدبية الفاعلة، والتي لها، اليوم، التأثير الأعظم في بِنَاء ردة فعل أدبية صادقة، إلى حد كبير إزاء الأدب، والتي تلعب دوراً هاماً، إنما خفياً إلى حد ما في تحديد سير النشر».
وأوضحت: إن النقد له الدور الأهم في تشذيب وتهذيب وتوجيه ما يحتاجه الكاتب الحقيقي والنشر الإماراتي، الذي بات قادراً على المنافسة العالمية، بالإضافة إلى بناء مشهد أدبي إماراتي، واضح المعالم، وقادر على وضع إصبعه، حيث يحتاج التطوير.
بينما أكدت الأديبة، أسماء الزرعوني، أن النقد الأدبي، اليوم، غائب، وليس شبه غائب فقط!، وقالت: «نلاحظ وجود قلة فقط من النقاد، وكثيراً ما لا يرتقي النقد للأسف لمستوى ما نشر، وكثيراً ما نجد النقد للأسف وقد قلل من قيمة كتاب، رغم ما يحمله من قيمة ثقافية عالية، وبالعكس نجد نقداً وقد رفع من قيمة كتاب، وهو لا يستحق هذا الاهتمام، فالنقد اليوم إن وجد، هو نقد غير بناء، نقد بعيد عن الموضوعية والمصداقية للأسف، هدفه إما المجاملة أو العكس التشويه!».
الأديب حارب الظاهري، تحدث عن الموضوع قائلاً: «يحتاج الأدب عادةً لنقد بنّاء من نفس البلد، وهذا بالفعل ما نفتقده في الإمارات، هنا لدينا أدباء وكتّاب وإنتاج أدبي، ولكن ليس لدينا نقاد بنفس هذا المستوى، فعندما نقارن واقع النقد لدينا، بما هو موجود في دول أخرى، نجد أن عدد النقّاد لا يزال بسيطاص جداً، لهذا نحن بالفعل نحتاج لندوات ومؤتمرات ثقافية تختص بالنقد، وتعزز دوره وأهميته».
وأكد الظاهري، أن تطور النقد، يحتاج لتعاون بين الجامعات والمؤسسات الثقافية، فما نحتاجه بالفعل هو تطوير هذه المنظومة المتكاملة وتحقيق تماسكها، مع أهمية وجود دور للإعلام، لتطوير كافة جوانب النقد البنّاء.
واعتبرت الشاعرة الهنوف محمد، أن النقد المطروح، اليوم، «يعتبر نقداً شخصياً، أو افتراضياً، أي هو نقد بعيد كلياً عن النقد المتخصص الموضوعي، وقد نجد نقداً حقيقياً وبنّاءً في الصحف الثقافية مثلاً، ولكنها كذلك قد لا ترتقي عادةً لمستوى الإنجاز الأدبي، أو قد تبالغ في تضخيمه، ومنحه أوسمة لا يستحقها في الحقيقة».