25 ابريل 2011 20:27
التعليم بمنطقة الخليج في الماضي لم يكن يعرف سوى تسطير الحروف وقراءتها، وذلك بما جادت به عقول الدارسين أيامها، من خلال تعلمهم القرآن الكريم، حيث كان الأجداد، في سلطنة عمان قديماً، يبدأون مراحل الحياة التعليمية بالمدارس القرآنية التي كانت تعرف بالكتاتيب، والتي انتقلت إلى العصور المتقدمة، وما زالت في العصر الحديث تقاتل حتى تبقى وسط تحديات الإنترنت والتكنولوجيا.
يقتصر دور الكتاتيب في عمان اليوم على تعليم الصغار القرآن الكريم، ويقول راشد المالكي، أحد معلمي المدارس القرآنية المعروفة بالكتاتيب «أجدادنا كانوا يدركون أن العلم في الصغر كالنقش في الحجر، إلا أن أسفارهم طلباً للرزق كانت كثيرة وطويلة وربما يغتربون أكثر مما يقتربون من أبنائهم، فكانت الأم هي المدبر الأول لأمور الأبناء الذين كانت تعمل على إلحاقهم بمدارس تحفيظ القرآن الكريم المعروفة بـ»الكتاتيب»، والتي لا تكاد تخلو منها قرية عمانية، فيذهب الأبناء إلى معلم «الكُتَّاب» فور بلوغهم السادسة، ليدرسوا على يديه مبادئ القراءة والكتابة وقراءة القرآن الكريم وحفظه، كما يتعلمون كذلك مبادئ الحساب».
نشر العلم
يقول إبراهيم البوسعيدي إن «تجسيد الكتاتيب في الفعاليات كونها من عادات المجتمع العماني أمر مهم، حيث تجد سنوياً في القرية التراثية بمهرجان مسقط نموذجاً لإحدى تلك الكتاتيب، وكان لهذه الكتاتيب الفضل الكبير في نشر العلم في السلطنة قديماً في مختلف أنحاء البلاد، ويلتحق بها الصبية والبنات لتعلم مبادئ الحساب وحفظ القرآن الكريم والأحاديث النبوية».
ويقول بدر مراد، من وزارة التربية والتعليم، إن «الكتاتيب في الحاضر تتمثل في مدرسة القرآن الكريم، حيث يجلس الطلبة حول معلمهم ويرددون خلفه وبين يدي كل واحد منهم مصحف ينظر فيه، وتارة يبدأ الطلبة واحداً تلو الآخر بالجلوس أمام المعلم مباشرة فيسأله المعلم عن السورة التي وصل إليها في الحفظ قائلاً: «ما سورتك؟» فيجيب الطالب ليبدأ المعلم بعد ذلك تحفيظه إياها بطريقة التلقين.
وبعد أن ينتهي يذهب الطالب ويأتي غيره في مشهد علمي، أما الباقون فمشغولون بالحفظ والمراجعة وكل من تزيغ عينه عن مصحفه أو يشتغل بشيء آخر يجد عقاب المعلم بالمرصاد». ويضيف «تستمر العملية التدريسية في مدرسة القرآن الكريم حتى يختم الطفل القرآن الكريم بأكمله تلاوة أو حفظاً».
مسابقة كبيرة
حفاظاً على هوية الكتاتيب وحفظ القرآن الكريم في سلطنة عمان أنشأت وزارة الأوقاف والشؤون الدينية مسابقة كبيرة تعم ولايات عمان لحفظ القرآن الكريم، تهدف إلى خدمة كتاب الله، والاهتمام به حفظاً وفهماً وعملاً، ومرت بمراحل عدة من التطور، ويتم التقييم فيها عن طريق لجان في التصفيات الأولية، ولجنة واحدة في التصفيات النهائية. ويؤخذ من التصفيات الأولية الثلاث الأوائل من كل مستوى من المستويات الخمسة فيما يؤخذ من النهائية العشرون الأوائل.
وتقام سنوياً هذه الكتاتيب في عدد من المراكز تتمثل في جوامع السلطان قابوس بكل من (صحار ودبا والبريمي وعبري والرستاق ونزوى وادم وابراء)، وبإدارة الجوامع والمساجد والمدارس بصلالة، وتهدف المسابقة إلى حث العمانيين على حفظ القرآن وتعظيمه والسير وفق منهجه وتعاليمه، وتربية الناشئة على مائدة كتاب الله وعلى مبادئ الدين الإسلامي الحنيف.
وإيجاد جيل قرآني حامل كتاب الله يكون داعياً إلى الخير وعنصراً فاعلاً في إصلاح المجتمع والأمة، وصقل المهارات القرآنية لدى الناشئة بإجادة مخارج الحروف عند حفظ القرآن الكريم، ?بالإضافة إلى تعزيز حضور سلطنة عمان بمتسابقيها في حفظ كتاب الله العزيز في المسابقات الدولية.
تقييم المتنافسين
يتم التقييم عن طريق لجان المسابقة، ففي التصفيات الأولية هناك لجنة لكل مركز من مراكز المسابقة الست عشرة، وفي التصفيات النهائية لجنة واحدة فقط لجميع المراكز، وفي كلتا التصفيتين يسأل المتسابق ستة أسئلة فقط، كل سؤال يتناول صفحة من صفحات القرآن الكريم، ويتم تقييم المتسابق من خلال هذه الأسئلة في الحفظ والتلاوة والتجويد، فليست هناك أسئلة تفصيلية للتجويد، وإنما يقيم المتسابق من خلال قراءته. ومرت المسابقة بمراحل عدة من التطور، كل مرحلة كانت توطئة لما بعدها إلى أن وصلت إلى هذه المرحلة.
والتطورات التي مرت بها هذه المسابقة في مجال المراكز مثلاً، كانت في بداياتها الأولى تجرى في مركزين اثنين فقط، أحدهما في مسقط، والآخر في صلالة، ثم أضيف إليها ثلاثة مراكز، أحدهما في صحار، والآخر في نزوى، والثالث في إبراء.
فلما ذاع صيت هذه المسابقة، وانتشر خبرها في مناطق شتى في السلطنة، أخذت الولايات ترسل رسلها مطالبة بفتح مراكز جديدة فيها لهذه المسابقة، وما كان للمركز إلا أن يستجيب لهذه النداءات، وأخذ يفتح المركز تلو الآخر، إلى أن وصل عدد المراكز 16 مركزاً، في مختلف مناطق السلطنة.
تطور المسابقة القرآنية
بدأت المسابقة القرآنية بثلاثة مستويات فقط، هي حفظ خمسة أجزاء مع تفسير جزء واحد، والثاني حفظ خمسة أجزاء مع التجويد فقط، والثالث حفظ ثلاثة أجزاء مع التجويد، ثم أضيف إلى هذه المستويات الثلاثة، أربعة مستويات، فمستويان اثنان، إلى أن وصل عدد المستويات إلى تسعة مستويات ابتداءً بحفظ القرآن الكريم كاملاً، وانتهاءً بحفظ جزء عم.
المصدر: مسقط