دينا محمود (لندن)
أكدت مصادر إعلاميةٌ غربيةٌ، أن الولايات المتحدة لا تزال عازمةً على فرض عقوباتٍ صارمةٍ على نظام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، عقاباً له على تشبثه بإتمام صفقة شراء صواريخ الدفاع الجوي الروسية المتطورة من طراز «إس - 400»، وذلك على الرغم من محاولات أردوغان طمأنة مواطنيه، بأن لا تدابير عقابية أميركية منتظرة في الأفق.
وشددت المصادر، على أنه لم يطرأ أي تغيير على موقف واشنطن الحازم في هذا الصدد، رغم اللقاء الذي جمع الرئيس التركي بنظيره الأميركي دونالد ترامب، على هامش قمة مجموعة العشرين الأسبوع الماضي في اليابان، وأدلى أردوغان بعدة بتصريحاتٍ متفائلةٍ بإفراط، زعم فيها أن نظامه لن يتعرض لأي عقوبات أميركية، حتى إذا بدأ تسلم المنظومة الدفاعية الروسية خلال الأيام المقبلة.
وأشارت المصادر الغربية - في تقريرٍ نشره موقع «ميدل إيست أون لاين»، الذي يتخذ من العاصمة البريطانية لندن مقراً له - إلى أن وصول بطاريات هذه الصواريخ من موسكو إلى أنقرة، ما زال يعني فرض الولايات المتحدة عقوباتها على تركيا، بما يشمل طردها من المشاركة في برنامج تصنيع وتجميع أجزاء من المقاتلات الأميركية المتطورة من طراز «إف - 35» المعروف باسم «الشبح»، وحرمان الأتراك كذلك من شراء أيٍ من هذه الطائرات الحربية، بخلاف ما كان مُتفقاً عليه من قبل.
وفي التقرير الذي حمل عنوان «الولايات المتحدة لا تزال تعتزم صفع تركيا بالعقوبات»، قال الموقع إن موقف الإدارة الأميركية حيال مسألة حصول نظام أردوغان على الـ «إس - 400»، لم يتأثر على الإطلاق باجتماع ترامب - أردوغان، أو بإحجام الرئيس الأميركي عن التأكيد علناً عقب اللقاء، على أن العقوبات ستُفرض لا محالة.
ونقل التقرير، عن مسؤولين كبار في وزارة الخارجية الأميركية، تأكيدهم على أن «الولايات المتحدة أوضحت، بجلاء وبشكل ثابت، أن تركيا ستواجه عواقب حقيقيةً للغاية وسلبيةً بشدة، إذا واصلت جهودها للحصول على الـ إس - 400، بما يشمل تعليق مشتريات (أنقرة) من مقاتلات إف - 35، وتعليق مشاركة شركاتها في البرنامج الخاص بهذه المقاتلات» كذلك.
وأشار المسؤولون الأميركيون، إلى أن هذه التدابير ستُتخذ بموجب قانون «مكافحة أعداء أميركا من خلال العقوبات» الذي يشدد مُشرّعون بارزون في الكونجرس، على ضرورة تفعيله ضد النظام التركي دون إبطاء، رغم تحفظ أوساطٍ في الإدارة الأميركية على ذلك.
وقال «ميدل إيست أون لاين»، في تقريره، إن هذه التأكيدات من جانب الخارجية الأميركية، تتماشى مع تصريحاتٍ مماثلةٍ، أدلى بها متحدثون باسم سلاح الجو في البلاد، وأكدوا فيها أن «لا شيء تغير» على صعيد العقوبات المرتقبة، ضد تركيا بسبب صفقتها المشبوهة مع روسيا.
وشدد هؤلاء المتحدثون، على أن شراء أنقرة لبطاريات الصواريخ الدفاعية الروسية، لا يتوافق مع البرنامج الخاص بمقاتلات «الشبح»، وهو ما يعني أنه لن يُسمح للأتراك - بأي وجه من الوجوه - بـ «الاستحواذ على النظامين معاً» في الوقت نفسه.
ووصف الموقع، في تقريره العقوبات التي يُنتظر أن تُفرض على أنقرة، بأنها ستشكل «أحد أسوأ الصدوع» في العلاقات بين الولايات المتحدة وتركيا في العصر الحديث، مُشيراً إلى أن أي محاولةٍ لإعفاء الأتراك من تلك الإجراءات العقابية، لن تلقى رضا الكونجرس، بأعضائه الجمهوريين والديمقراطيين.
وحذر التقرير، من أن أي تدابير من هذا القبيل، ستقود إلى انهيارٍ جديدٍ في قيمة الليرة التركية، التي كانت قد هوت بنسبة 30% خلال العام الماضي، مما أسقط الاقتصاد في هوة الركود. ولم يختلف الحال خلال هذا العام، في ضوء خسارة العملة المحلية في تركيا 10% إضافية من قيمتها، لتتفاقم بذلك الأزمة الحادة التي تضرب اقتصاد البلاد.
وشدد الموقع، على صعوبة أن تتراجع واشنطن عن المضي قدماً، على طريق معاقبة أنقرة على شراء الـ «إس - 400»، خاصةً أن استحواذ الجيش التركي على هذه المنظومة، سيشكل مساساً بأمن وسلامة مقاتلات الـ «إف - 35».
وقال: إن أميركا أكدت جديتها على صعيد فرض العقوبات، عبر القرار الذي أصدرته وزارة الدفاع (البنتاجون) مؤخراً، بوقف استقبال المزيد من الطيارين الأتراك، للتدريب على مقاتلات «الشبح» في الولايات المتحدة، بعدما كان يُفترض أن تشهد الشهور المتبقية من العام الجاري، تدريب 34 طياراً آخر منهم عليها.
ونقل «ميدل إيست أون لاين»، عن خبراء أميركيين في مجال السياسة الخارجية، تأكيدهم على أن أي استثناء مؤقت قد يُمنح لأنقرة من العقوبات الأميركية، لن يمنع دون حرمانها من شراء مقاتلات «إف - 35»، بعدما أنفق نظام أردوغان مئات الملايين من الدولارات، لتهيئة شركات القطاع العسكري في تركيا، للمشاركة في البرنامج الخاص بتصنيع بعض أجزائها.