دبي - عبد الجليل السعد:
ضمن فعاليات مهرجان الإمارات الأول لمسرح الطفل المنعقد حاليا في الشارقة، أقامت اللجنة العليا المنظمة للمهرجان ورشة خاصة لتدريب الأطفال، بدعم من وزارة الإعلام والثقافة ومجلس دبي الثقافي، تتضمن عدة محاور تتعلق بالعمل المسرحي، وهي بادرة رائدة في هذا الإطار تتيح لهواة المسرح من اطفالنا التعرف على مفردات العمل المسرحي واسراره والتقنيات التي يستخدمها المسرحيون، فضلا عن الشغف الذي تخلقه عملية اكتشاف اسرار المسرح وراء الكواليس في أذهان براعمنا الواعدة قبيل ان تعتلي خشبة المسرح·
فضلا عن هذا كله فان ثمة هدفا مباشرا يتمثل في تقديم عرض مسرحي مخصص للأطفال سيكون بمثابة خلاصة تطبيقية للمعارف التي تلقاها المشاركون طيلة فترة الدورة، حيث سيعرض كعرض ختامي للمهرجان برغم انه خارج المسابقة، وسيخرج 'النورس والقط' -وهو اسم العمل- الفنان عدنان سلوم من سوريا، ويساعده الفنان الإماراتي محمد جمعة عضو جمعية المسرحيين والمسرح الحديث بالشارقة، حول الورشة والعرض المسرحي المنتظر كان هذا اللقاء·
مجموعة جادة وملتزمة
يقول الفنان عدنان سلوم عن الورشة وظروف إقامتها: 'الورشة امتداد لمشروع بدأته في سوريا وبعض الدول العربية بعنوان 'الأطفال يعدون مسرحهم'، يكتب الأطفال فيه نصهم ويتدربون عليه ويقدمونه -من النص الى العرض- ولضيق وقت الورشة، بدأنا بنص جاهز ومعد، مع هذا تشمل الورشة مجموعة تمارين كاللياقة البدنية والتنفس والتركيز والتخيل والحركة والصوت والفضاء المسرحي، وهي تمارين عملية وليست نظرية، اما عن الدارسين فهم مجموعة من الأطفال والشباب التحقوا بالورشة بعد الإعلان عنها اضافة إلى بعض من مارسوا التمثيل ليتم فرزهم وانتقاء الأكثر رغبة والتزاما منهم· ويختص عمل الورشة بالتدريب على كافة المهارات والمستلزمات المسرحية من ديكور واضاءة وملابس واكسسوارات اضافة للتمثيل، وضمن الفترة الزمنية القصيرة لدينا، ليقدم العمل او جزء منه-في نهاية الأمر- كعرض ختامي للمهرجان، وأعني كنتاج ورشة وليس كعمل مسرحي متكامل، وقد ساعدنا وجود النص المعد وتنفيذ الموسيقى والأغاني والرؤية الإخراجية، وقد استفدت شخصيا من وجود محمد جمعة لمعرفته بالمكان والناس، إضافة لخبرته المسرحية، فضلا عن وجود الفنان عادل الراي اداريا وتنسيقيا'·
حقوق الطفل
ü قدمت عدة ورش مسرحية سابقة، حدثنا عن زمنها وكيفية اقامتها؟
üü قدمت آخر ورشة في سوريا الصيف الماضي وكانت مدتها ثلاثة أشهر، وجمعت مجموعة تراوحت أعمارها من 6 الى 17 سنة، اشتركت في ابتكار فكرة العمل وكتابته وتمثيله وتقديمه، إضافة للتدريبات المسرحية وتقنيات المسرح ومفهومه، كتهيئة اولى قبل فكرة النص وابتداعه ضمن المجموعة وأسميتها 'ورشة عمل حول اتفاقية حقوق الطفل' من خلال اتفاقية اليونسيف لحقوق الطفل في المشاركة بتكوين ثقافته، دون تحديد الجنسية واللون والطائفة·
ü الا تتجاوز في تجربتك هذه مفهوم الخلط بين الأطفال والكبار؟
üüالخلط في هذا المفهوم موجود في مجمل الدول العربية بين المسرحيين ومسرح الدمى وخيال الظل وسينما الطفل، والكثير مما يتعلق بالأعمال الفنية المقدمة للطفل، إن كانت تقدم للطفل او تعالج مشاكله، وحاولت منذ تسلمي مسرح الأطفال تقويم الهيكلية التعريفية لمسرح الطفل من خلال التعريفات والمفاهيم لمسرح الطفل الثابت والمتجول وفن الدمى وخيال الظل الملون، واحاول توجيه طاقم العمل نحو التخصص وعدم الخلط، كي يؤدي كل فن رسالته بالشكل الصحيح، كما ان النص يفرض عليك العمل مع فئات عمرية مختلفة، كما يحدث في النص المقدم في الورشة، وليس ثمة خلط بين المفهومين·
ü كيف ترى النص المقدم إذاً، كنص وفكرة؟
üü النص مأخوذ من رواية سبالبيدا 'القطط التي علمت النورس الطيران' حول نورس تعلق ببقعة نفط تطفو حتى تصل الشاطئ، حيث يلتقي هناك بقطط الميناء ويوصيها ببيضته والفرخ الموجود بداخلها ورعايته وتعليمه الطيران، ثم يموت النورس لتقوم القطط بالمهمة من خلال مواقف وتساؤلات تنشغل باحتضان النورس وتعليمه الطيران، حتى يتم اختيار شاعر لهذه المهمة، استناداً إلى وعي الشاعر بالطبيعة الكائنة في كل مخلوق ووظيفته وطبيعة تكوينه، والحكاية تطرح مفاهيم ومشكلات انسانية متواجدة في كل المجتمعات الإنسانية اليوم، من خلال شخصيات متعددة المواهب والتخصصات، تشكل بمجموع صراعاتها بنية العمل·
من جانبه يقول محمد جمعة الذي يقدم تجربته الأولى في مسرح الطفل كمساعد مخرج، بعد تجارب وتاريخ مسرحي طويل يعود إلى عام 1982 كممثل: 'هذه الورشة تفيديني، واجواؤها ليست بعيدة عن اهتمامي الأثير، فقد شاركت ممثلا في اعمال قُدّم بعضها لمسرح الطفل مع مرعي الحليان وحسن رجب وغيرهما، فضلا عن تجربة يتيمة -كمساعد مخرج- كانت مع الفنان ابراهيم سالم'· ويضيف: 'العمل المقدم رواية للكاتب لويس سبلبيدا بعنوان النورس والقط الذي علمه الطيران، قامت بإعدادها آنا عكاش، وهو عمل يتطلب استعداداً مميزا من المشاركين فيه، وبالتالي كان على الورشة ان ترتكز على تدريب الممثل، والحمد لله فالمجموعة المختارة مشجعة وراغبة في التعلم والتطور وفوق هذا كله فهي مجموعة ملتزمة، تعمل ضمن دورتين، تبدأ الأولى من الخامسة حتى الثامنة في دبي، وتبدأ الثانية من الثامنة حتى العاشرة في الشارقة، بعدئذٍ وصلنا الى البروفات، فتم دمج المجموعتين لتلتقيا في الشارقة، للعمل على بروفات المسرحية، وهذه هي الورشة الأولى من نوعها التي تشارك بنتاج عملها في مهرجان، انه أمر أشبه بالتحدي، وأعني تحدي الذات، ولهذا السبب فلدي تفاؤل بثمرة الورشة، واتمنى في الوقت نفسه لمثل هذه الورش ان تتكرر بمعدل شبه دوري لإثراء الحركة المسرحية في الإمارات'·