5 ديسمبر 2009 01:15
لا شيء يبرّر الكذب، فهو خطيئة ما لم يكن هدفها الإصلاح، ومع ذلك فقد برّرت بعض الأمثال والمقولات كذب الرجال من دون عذر بوصفه «ملحاً» يرشّه الرجل في جلساته لينفش «ريشه» أمام الآخرين، ويتجمل به أمام الأخريات، انطلاقاً من مقولة أن لا شيء يعيب الرجل سوى جيبه، وبذلك فإنه يحق له أن يفعل ما يحلو له وأقلّه الكذب.. أما المرأة، فهي مخلوق ناعم كجنسها، وجمالها يزداد بصدقها وعفويتها، ولكن هذه الاعتقادات والمقولات لم تثن بعض النساء عن استخدام الكذب، أو اتخاذه وسيلة لتحقيق غايات ربما تكون نبيلة.
وبعيداً عن كذب الرجال، يرى كثيرون بأن نساء اليوم معظمهن يلجأن للكذب، بل إنه من النادر أن تلتقي بامرأة صادقة في كلّ شيء، والأدهى من ذلك ما راح إليه بعض الرجال بأن المرأة نفسها قد تصدّق الكذبة التي صنعتها لتوّها، وهو أمر يدفعهم للحيرة من أمر المرأة أكثر وأكثر، فلماذا تكذب النساء؟ وهل هنالك ما يبرر ذلك؟
كلّهن يكذبن
تعترف منى، 30 عاماً، بأنها تلجأ للكذب لتحقيق بعض الغايات، فالغاية تبرر الوسيلة بالنسبة لها، وهي ترى أن هذا الكذب يصلح الأمور بينها وبين زوجها، فالرجال لا يجدي معهم سوى الكذب، أما الصدق فإنه لا يجدي نفعاً معهم، وإذا صدقت المرأة فإن الرجل لا يصدّقها.
ومن خلال تجربتها في التعامل مع نوعيات عديدة من النساء، تقول سماح أحمد، وهي بائعة في محل للألبسة النسائية: «نعم، كلّ النساء كاذبات، فالمتزوجات يكذبن على أزواجهن، وقد يكون لذلك ما يبرره، فهي تريد أن تمّشي أمورها مع زوجها لأن الرجل لا ينفع معه سوى الكذب، أما الصدق والصراحة فلا يجدي معه نفعاً».
وتضيف سماح: «من خلال تجربتي مع النساء في العمل، أصادف يومياً أصنافاً عديدة من النساء اللواتي يحترفن الكذب من دون مبرّر، فعلى سبيل المثال تأتي صديقتان إلى المحل في الوقت نفسه وتتفقان معاً على شراء موديل ولون معيّن، ثم بعد أن تغادران تبدأ كلّ واحدة بالاتصال على حدة لتنقض عهدها مع الثانية، واحدة تطلب مني أن أقول لصاحبتها إن الموديل نفذ وأن اللون الذي تريده غير موجود، وهكذا، والثانية تتصل أيضاً وتطلب مني أن أكذب على صاحبتها بشأن السعر وهكذا، فهن يكذبن على بعضهن البعض وتريدان إشراكي معهما في الكذبة، وكلّ ذلك من أجل ماذا، فستان أو قطعة ملابس».
تتابع قائلة: «الأمثلة التي تؤكد على كذب النساء كثيرة بالنسبة لي من خلال تعاملي معهن، وأنا أعتبره مشيناً وليس له ما يبرّره، فإذا كان ثمة ما يبرّر كذب المرأة على زوجها من أجل درء المشاكل والعيش بسلام، فإن كذب المرأة على صديقتها أو على الآخرين ليس له ما يبرره لا سيما في أمور تافهة مثل هذه، لأنه يصبح عادة وهواية تمارسها المرأة باستمتاع ودون أدنى شعور بالذنب، ومن تكذب في أمور صغيرة قد تكذب في أمور كبيرة جدا، وهي لا تؤتمن على شيء».
وتقول زميلتها في العمل، فاطمة الزهراء: «إذا كان الكذب ينجّي من المشاكل فالصدق أفضل لأنه سيوصلك في النهاية إلى برّ الأمان، وإذا كذبت المرأة في أمور صغيرة تعرف عندها أن الكذب يجري في دمها وهي لن تتوانى عن الكذب في أي شيء». مضيفة إن المرأة جميلة بعقلها وصدقها وذكائها وطيبة معدنها، أما الكذب فهو يشوّه مظهرها ويقبّح وجهها، وأي علاقة في الدنيا يجب أن تقام على الوضوح والصراحة حتى تنجح وتستمر.
غيرة وعقدة نقص
وتقول ريما عبد الله: «هنالك الكثير من النساء اللواتي يكذبن في مجالس النساء، وهن نساء مدّعيات يقمن بالتباهي بأشياء لا يملكنها بالفعل لأنهن يشعرن بالغيرة كما يعانين من عقدة نقص أمام الأخريات، وليست لديهن ثقة بأنفسهن، وفي هذه الأمثلة فالكذب وسيلة لكيد الأخريات و»فلفلتهن»، وهذه النوعية من النساء تركّز على المظهر ولا تحفل بالمخبر أو الجوهر، وبالنسبة لي فإني أتحاشى إقامة علاقات مع مثل هذه النوعية من النساء حتى لا أتأثر بهن تدريجياً، ولكي لا أستسيغ الكذب مثلهن».
بدوره يقول محمد صادق، من منّا لا يكذب في هذه الأيام، الجميع يكذب رجالا ونساء، ولا شك أن ظروف الحياة تضطر الواحد منا للكذب في مواقع ومواقف كثيرة، وبالنسبة لكذب النساء، يعلّق قائلا: «فموجود منذ بدء الخليقة، إن المرأة تكذب وتمثّل على الرجل، وقد تدّعي أنها مظلومة وهي الظالمة، وتدّعي الصدق وهي كاذبة.. أما عندي فلا شيء يبرر كذب المرأة».
من جهته يقول خالد ابراهيم الدريزي، متزوج منذ 14 عاما: الجميع يكذب في هذه الأيام رجالا ونساء، ربما بسبب الحياة الصعبة والقاسية التي يعيشها الناس والتزاحم على كلّ شيء على السكن والعمل ومواقف السيارات.
يضيف الدريزي: «بحياتها زوجتي لم تكذب عليّ ولو لمرة واحدة، ولو كانت كذبت لما استمرت حياتي معها ولما سارت سفينة حياتنا بسلام، فالمرأة الكذابة لا تريح الرجل ولا يأمن الرجل مكرها وغدرها».
مرض الكذب
ويقول الدكتور بشير أسعد، أخصائي الطب النفسي، إن الكذب من أسلحة المرأة التقليدية التي استخدمتها عبر الأزمنة من أجل أن تعيش بمأمن وسلام مع الرجل وتأمن هيمنته وسيطرته وجبروته عليها، فالرجل حباه الله بقوة جسدية كبيرة في حين خلقت هي ضعيفة، ولكي تدرأ الخطر الكامن من قوة الرجل عليها فإنها تستخدم سلاحاً أشدّ فتكاً وهو سلاح المكر والدهاء وقد تلجأ للكذب أحياناً كثيرة كجزء من هذا المكر والدهاء وذلك من أجل تحقيق نوع من المكاسب والتغلب على المشكلات التي تواجهها.
ويضيف أسعد أن للكذب أنواعاً منها: الكذب لحماية النفس وهو الذي تحدّثنا عنه سابقاً والنابع من خوف المرأة، والكذب لحماية شعور الآخرين كأن تكذب المرأة على زوجها في مشاعرها نحوه وتقول له إنها تحبه وذلك لكي لا تجرح مشاعره، وهنالك الكذب المرضي وهو الكذب من دون سبب، وهو ظاهرة مرضية تستدعي العلاج، فالمرأة التي تكذب بلا مبرّر هي مريضة تحتاج إلى علاج، مشيراً إلى أن كذب المرأة لا يضرّها وحدها بل يضر الأسرة كلّها لأن الأم هي المدرسة الأولى لتخريج الأجيال، ويجب أن تعدّ وتصنع هذه الأم جيدا قبل أن تلتحق ببيت وأسرة، عملاً بقول الشاعر: الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعباً طيب الأعراق.
أما الشيخ حامد عبّاس، إمام مسجد، فيؤكد أن الكذب حرام شرعاً، ولا يرخص في شيء منه إلا لضرورة أو حاجة، ويجب أن يكون ذلك في أضيق الحدود، بحيث لا توجد وسيلة أخرى مشروعة تحقق الغرض سوى هذا الكذب. وقد صح في الحديث جواز الكذب لتحقيق مصلحة دون مضرّة للغير، حيث روى عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال: «ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس فينمي خيراً أو يقول خيراً». وفي رواية أنه لم يرخص في الكذب بشيء مما يقول الناس إلا في ثلاث: الحرب، والإصلاح بين الناس، وحديث الرجل امرأته، وحديث المرأة زوجها، والمراد بالحديث بين الزوجين هو عن الحب الذي يساعد على دوام العشرة، أما خلاف ذلك فهو حرام ويعاقب فاعله.
ويضيف الإمام حامد إن كذب المرأة غير محمود كون المرأة هي رمز الصدق والوفاء والمودة ومن الجميل أن تحافظ نساؤنا على صدقهن، لاسيما أنهن مربيات الأجيال، فالمرأة الكاذبة تخرّج أجيالاً كاذبة مثلها، والمرأة الصادقة تربي أطفالها على الصدق، وهو ما نأمله من جميع نساء المسلمين
المصدر: أبوظبي