الأربعاء 23 يوليو 2025 أبوظبي الإمارات 34 °C
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

تطوير شامل لمنهاج التربية الإسلامية يواكب العصر

23 نوفمبر 2005

عرض - الســيد سلامــة:
تتصدر أزمة التعليم في الدولة أجندة الاهتمامات الوطنية، وتطغى هذه الازمة على أدبيات العمل العام واهتمام معظم المؤسسات الرسمية، ومنذ سنوات يعيش المواطن والمقيم حالة من الهم العام بشأن التعليم وضرورة تطويرة بحيث يواكب العصر ويتفاعل مع تحدياته التقنية والعلمية والثقافية، بل ويؤهل مخرجاته من الكوادر البشرية للتعامل مع هذه التحديات ومجابهتها بصورة مناسبة·
تجارب كثيرة مرت على نظامنا التعليمي لم يكتب لها النجاح وبحسب خبراء في الشأن التعليمي فأن النجاح لم يحالف هذه التجارب لاعتبارات كثيرة فى مقدمتها أن العلاج كان يتم جزئيا فى حين أن المرض كان يستفحل يوميا ، إذ لاتكاد مدرسة حكومية فى الدولة تخلو من مشكلة ما ، فهذه المدرسة بنيت قبل نصف قرن وتلك متهالكة الجدران وثالثة تفتقر الى البنية التحتية المناسبة للانشطة التربوية ، ومعظم المدارس بلا مختبرات أو مكتبات ، وبعضها يعاني من نقص فى أعداد المعلمين·
وهكذا يبدأ كل عام دراسي وينتهى بنفس المشاكل التى يعاني منها ، بل إن هذه المشاكل تتكرر بنفس السيناريو سنويا نقص فى أعداد المعلمين ، مدارس خشبية لاتزال تستقبل الطلبة، مختبرات غير موجودة ، مكتبات فقيرة فى مصادر المعلومات، وسائل تعليمية شحيحة، مرافق مدرسية لاتواكب العصر، هذا بالاضافة الى الصداع اليومي المزمن الذى يعاني منه الطالب والمتمثل فى ضيق الفصل الدراسي وعدم تجهيز البيئة التعليمية ، وكذلك سوء الباصات المدرسية ، وسوء التغذية أيضا· ومنذ اللحظة الاولى لتعيين معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان وزيرالتربية والتعليم أكد على أن علاج مشاكل التعليم سيكون جذريا ولن تكون هناك مسكنات فالمشاكل واضحة المعالم والكل يدرك حجم الازمة التى يعانى منها نظامنا التعليمي، وبالفعل تم إنجاز دراسات مسحية فى جميع المدارس الحكومية ومعظم المدارس الخاصة وتمخض عن هذه الدراسات ذلك المشروع الشامل لتطوير التعليم ، وقد عرض هذا المشروع على عدد من كبار المسؤولين فى الدولة ومجلس الوزراء الموقر·
واليوم تنفرد' الاتحاد' بنشر هذا المشروع الذى يجسد حرص الدولة على النهوض بالتعليم وتوفير الموارد المالية والبشرية اللازمة لتنفيذ نهضة تعليمية شاملة تواكب العصر وتتفاعل مع القرن الواحد والعشرين ، وتجعل المخرجات التعليمية من الطلبة المواطنين على مستوى عالمي من حيث الاعداد والتأهيل والمنافسة واكتساب المهارات التقنية، وهذه كلها متطلبات يصر سوق العمل من خلال هيئاته المتنوعة على ضرورة وجودها لدى الخريجين·
تقدم' الاتحاد' اليوم هذا المشروع الوطنى من خلال قراءة متأنية لمحاوره وعدد من التفاصيل الخاصة بكل محور منها، وفى مقدمة هذه المحاور الطالب الذى يستهدفه التطوير حيث يؤكد المشروع على أن أصلاح التعليم والوصول الى نظام تعليمي فعال لايمكن له أن يتحقق بدون جعل الطالب محورا للعملية التعليمية، وفى هذا الصدد يؤكد المشروع على أن التطوير المنشود سيلبي تطلعات دولة الامارات العربية المتحدة فى الوصول الى اقتصاد متنوع ومساهمة كاملة فى الثورة التكنولوجية التى يشهدها القرن الواحد والعشرين، وذلك من خلال تطوير معايير تربوية وفق أسس عالمية، والانتقال الى بيئة تعلم متطورة تركز على الطالب وتجعله محورا للتعلم، أقرار نظام حديث للمباني التعليمية، تهيئة البيئة التعليمية وتزويدها بالبنية التحتية المناسبة من الانترنت وتقنية المعلومات، إقرار كادر خاص بالمعلمين والعاملين فى التربية والتعليم ورفع مكانة المعلم، وكذلك تطوير شامل لقطاع التعليم الخاص وفق أطر قانونية ·
يؤكد مشروع التطوير أن تحديث نظامنا التعليمي يتطلب استثمارات جوهرية حيث تشير التقديرات الحالية الى أن الانفاق على التعليم فى المدارس الحكومية دون المستويات العالمية بمقدار 6% أو أكثر·
تنشر' الاتحاد' اليوم هذا المشروع بحيث تتاح للميدان التربوي فرصة الاطلاع عليه ودراسة محاوره بصورة تخدم الميدان وتنهض بنظامنا التعليمي، وتخلصه من علله التى يعاني منها منذ سنوات· وفيما يلي ملامح المشروع·
كما يتطرق مشروع التطوير الى دراسة حول التربية الاسلامية حيث تكتسب التربية الإسلامية في مدارس الدولة أهمية خاصة تنبع من مكانة الإسلام في تنظيم الحياة اليومية للفرد والمجتمع، ودوره الأساسي في تشكيل العلاقات والمعاملات بين الأفراد والجماعات·
بل إن مرحلة التطور التي يمر بها العالم الآن، إنما تتطلب أن يكون الطالب واعياً بتعاليم دينه، محيطاً بتراث الأمة وتقاليدها، عارفاً بدور الإسلام في تشكيل السلوك وبناء الحضارة الإنسانية، بل ومدركاً لأهمية التعامل السمح مع الثقافات والديانات والأجناس الأخرى - وأن يكون الطالب في هذا كله، على درجة من الفهم والنضج، تحميه من الانقياد السهل وراء ادعاءات غير سليمة، أو تفسيرات مضلله لتعاليم الدين الحنيف· ومن هنا يكون من الضروري أن يكون تدريس التربية الإسلامية في مدارس الدولة على نحو يؤكد كافة هذه المبادئ والأهداف، وأن يتم ذلك بالاعتماد على مناهج فعالة، وطرق تدريس ملائمة، ومواد وأنشطة تعليمية تتفق مع قدرات الطالب واحتياجاته، بالإضافة إلى وجود مدرسين يتسمون بالمعرفة والكفاءة وسعة الأفق· ويتألف التقرير الحالي من جزئين: الجزء الأول: يقدم وصفاً لخصائص الواقع الحالي للتربية الإسلامية في مدارس الدولة· الجزء الثاني: يقدم الأطر العامة لمنهج جديد ومطور للتربية الإسلامية، ويقترح خطة عمل للتنفيذ· وقد تم إعداد هذا التقرير من جانب مجموعة من المتخصصين في الدراسات الإسلامية والمناهج وطرق التدريس·
واقع التربية الاسلامية
الجزء الأول: الواقع الحالي للتربية الإسلامية في مدارس الدولة بعد دراسة تحليلية للمنهج الحالي للتربية الإسلامية في مدارس الدولة، والاطلاع على الكتب الدراسية المقررة، والرجوع إلى دراسة كان قد قام بها الدكتور نصر عارف، الاستاذ بجامعة زايد، حول هذا الموضوع، فإنه يمكن ابداء الملاحظات التالية:
أولاً: إن منهج التربية الإسلامية يسوده درجة عالية من الارتجال والعشوائية، بحيث أنه قد تم وضعه - على ما يبدو - بدون خطة سابقة أو تم نقله من مناهج دول عربية مختلفة، بحيث لا يؤدي تسلسله في سنوات التعليم الأثنتي عشرة إلى بناء عقلية متسقة متناغمة، بل على العكس يؤدي إلى مزيد من التشويه والتشويش، حيث لا يتحقق في هذا المنهج نوع من التراكم المنطقي، أو التراتب المنهجي، فعادة ما يتم التكرار والاجتزاء لمجموعة محددة من القضايا والموضوعات دون التفكير في انتظامها وتراتبها·
فعلى سبيل المثال، تمت معالجة موضوع الصلاة مع اختصار شديد لموضوع الوضوء في الصف الأول الابتدائي، بينما في الصف الثاني تمت التوسعة في موضوع الوضوء مع الصلاة أيضاً·
ومنطقياً كان ينبغي أن يتم العكس· كذلك حدث الأمر نفسه مع موضوع الأسرة، حيث تمت معالجة موضوع الاسرة وأهميتها في الصف الأول وهو موضوع نظري لا يتسق مع عمر الطفل في ذلك المستوى التعليمي، ثم بعد ذلك تمت معالجة موضوع بر الوالدين في الصف الثاني· ومن ناحية ثانية لا يظهر من خلال مراجعة موضوعات المنهج انه منهج يؤطره هدف يتجاوز مجرد سرد الموضوعات المتعلقة بالصلاة ثم بباقي العبادات وسيرة الرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم بالتفصيل والتكرار غير الموظف في اطار أهداف محددة إضافة إلى حفظ القرآن الكريم· ومن ناحية ثالثة، هناك تكرار لعديد من الموضوعات خصوصاً المتعلقة بالصلاة، بل إن الصف السادس الابتدائي كان في معظمه تكراراً لموضوعات سبق تناولها في الفصول الخمسة السابقة بصورة تتجاوز أكثر من 70 في المئة من محتوى منهج الصف السادس، وحدث الشيء نفسه مع الصف الثالث الإعدادي حيث تم تكرار العديد من موضوعات الصف السادس الابتدائي· فتكرر الحديث عن صلاة المسبوق وعن موضوع الحج وعن اليوم الآخر وعن الجنة والنار وعن القضاء والقدر وغيرها·
ثانياً: إن هذا المنهج يشتمل على قيم يهدم بعضها بعضاً، بحيث أن بعض هذه القيم يدفع إلى الايجابية والفعالية، وبعضها يقود إلى التواكل والتراخي والسلبية، كذلك بعضها يدفع إلى التفاعل الايجابي مع 'الآخر'، وبعضها يغرس مفاهيم العداء للآخر والرغبة في استئصاله· وهكذا في مختلف الموضوعات هناك أنماط متعاكسة من القيم التي يهدم بعضها بعضاً أو ان شئت فقل إنها تؤدي إلى إنتاج إنسان محايد قابل للاستخدام في أي تجاه فإذا ما وجد من يدفعه إلى العنف استجاب، وإذا ما وجد من يدفعه إلى الانحراف الأخلاقي في الاتجاه المعاكس استجاب كذلك·
ثالثاً: يقوم المنهج على انتاج عقلية غير مبدعة تفتقد إلى قدرات التفكير والنقد وتقتصر على مجرد الحفظ والاستيعاب السلبي، فتبتلع كل ما يعرض عليها دون نظر أو تدبر أو فهم، أو على الجملة فقل إنه منهج ينتج عقلية تقليدية جامدة، غير قادرة على التعامل مع مستجدات الحياة وغير قادرة - بالأحرى - على الإبداع والتطوير ومسايرة العصر· حيث يركز المنهج في غالب موضوعاته على الحفظ والتكرار، وحيث معظم موضوعات هذا المنهج تقدم معلومات وليس أفكاراً، وحيث لا تظهر الموضوعات ذات الطبيعة الفكرية الا في الصفين الثاني الثانوي والثالث الثانوي وعلى استحياء شديد·
رابعاً: إنه منهج يؤدي إلى إحداث اختلالات عقلية أو تشوهات نفسية عند الناشئة، لأنه يركز في مراحله الأولى على قيم التخويف والتهديد والوعيد حيث يكثر الحديث عن الموت وعن أهوال يوم القيامة وعن النار والعذاب مع انه من المفترض أن يكون العكس· أو بعبارة أخرى أنه منهج لا يأخذ الطبيعة النفسية للفئات العمرية للمتعلمين في الاعتبار·
ففي صف الرابع يبدأ الحديث عن الجنة والنار وعن تعذيب المشركين للمسلمين على عهد النبي، ثم في الصف الخامس يتم العودة مرة أخرى لموضوع الجنة والنار ويضاف اليها موضوع عجيب لا يمكن تصور انه يناسب ذلك العمر وهو موضوع 'شتم الوالدين من الكبائر'·
خامساً: إنه منهج يقوم على الوعظ والخطاب العاطفي الزاعق المستنفر دائماً، وهذا النوع من الخطاب غير قادر على بناء عقلية مستقرة ترسخ القيم فيها بصورة منطقية قائمة على الاقتناع وليس على الاثارة العاطفية·
سادساً: إنه منهج يغيب بالكلية عن الواقع المعاصر وقضاياه، فكل ما يتم مناقشته يعود إلى التاريخ وكأن الاسلام ظاهرة تاريخية حدثت وانتهت وليس لها امتداد في الوقت المعاصر·
فمعظم الموضوعات والشخصيات التي يتم دراستها أو تناولها تعود إلى القرون الأولى للإسلام، حيث غلب على المنهج المنحى التاريخي، فغالب الموضوعات تركز على سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وبتفصيل جعل منهج التربية الإسلامية وكأنه منهج في التاريخ الإسلامي، حيث تم تكرار كل أحداث حياة الرسول وبصورة تاريخية تعطي انطباعا بأن الإسلام ظاهرة تاريخية·
سابعاً إنه منهج تغلب عليه العقلية الفقهية، حيث أن معظم التركيز فيه الأحكام الفقهية سواء منها ما يناسب المتعلم أو ما لا يناسبه، ولا يجدر بمثله أن يعرفه في هذا السن، حيث يسيطر على المنهج رغبة ملحة في تحويل كل قضايا الاسلام الى قضايا فقهية لابد أن يصدر فيها حكم بالحل أو بالحرمة·
ثامناً: إنه منهج ذكوري يركز على دور الرجل ويتجاهل إلى حد كبير قضايا المرأة ودورها· بحيث ينتج عقلية غير قادرة على تقبل المرأة في المجتمع· وهو في هذا الإطار يجتر الفقه الإسلامي في العصور الأخيرة التي سادتها عقلية قبلية جامدة في كل ما يتعلق بقضايا المرأة·
فمن بين ست سنوات دراسة تم فيها دراسة شخصيات إسلامية لم تتم دراسة الا أربع نساء هن نساء النبي صلى الله عليه وسلم، السيدة خديجة، والسيدة عائشة، والسيدة أم حبيبة، والسيدة أم سلمى· بينما تمت دراسة ثماني عشرة شخصية من الرجال ·
تاسعاً: إنه منهج يتجاهل القضايا المعاصرة، مثل التفاعل مع غير المسلمين أو التفاعل مع قضايا البيئة والمجتمع أو التفاعل مع الجماليات الكونية أو التفاعل مع القضايا الاجتماعية المستجدة التي لابد أن يؤهل المتعلم للتفاعل معها بعقلية مستقرة تعرف موقع هذه الظواهر المستجدة ومنهج الإسلام فيها·
أضف إلى كل ما سبق، أن الكتب الدراسية لا تتسم بدرجة كافية من العمق، كما أن طرق التدريس المستخدمة هي طرق تقليدية تعتمد على التلقين والحفظ، بل إن المدرسين أنفسهم غير مؤهلين بدرجة كافية لتدريس منهج حديث ومتطور في التربية الإسلامية·
خطة مقترحة للتطوير
يجب أن يكون الهدف من تطوير منهج جديد للتربية الإسلامية في المدارس هو تزويد الطالب بالمعارف والمهارات التي تسهم في البناء المتكامل لشخصيته، وتعريفه بقواعد السلوك الأخلاقي في الإسلام، وتعويده على ممارسة شعائر وتعاليم دينه، في عصر يتسم بالحاجة إلى التعارف بين الثقافات، والحوار بين الحضارات، والتعايش السلمي بين الأفراد من مختلف الأقطار والأجناس·
وعلى الرغم من الحاجة الملحة للبدء فوراً في تطوير منهج جديد للتربية الإسلامية في المدارس، فإنه لا يجب بأي حال أن يتم ذلك بمعزل عن عملية تطوير شامل لكافة جوانب التعليم في المدارس، وذلك للأسباب التالية:
- أن المشكلات القائمة حالياً في التربية الإسلامية إنما هي أعراض لمشكلات عامة يعاني منها نظام التعليم في الدولة، وتظهر بشكل أو آخر في كافة المواد الدراسية الأخرى، ولا يمكن منطقياً تطوير منهج التربية الإسلامية دون إحداث تغييرات شاملة في كافة جوانب العملية التعليمية، وتطوير المواد الدراسية الأخرى في نفس الوقت·
وبالتالي، فإنه من المقترح أن يتم تطوير التربية الإسلامية في المدارس في اطار مشروع شامل لتطوير التعليم في الدولة· وهنا تجدر الإشارة إلى مشروع الخطة العشرية لتطوير التعليم في الدولة، والذي أعدته اللجنة الوزارية، إن هذا المشروع يهدف الى احداث نقلة حقيقية في نظام التعليم بالدولة، لقد حان الوقت للنظر بجدية في امكانية تنفيذ ما جاء في هذا المشروع، ولو بشكل تدريجي، على مجموعة مختارة من المدارس، أو على مدارس منطقة تعليمية واحدة، وأن يتم في إطار ذلك تطوير تدريس التربية الإسلامية، جنباً إلى جنب مع تطوير تدريس المواد الأخرى·
واذا ما تم الأخذ بهذا الاقتراح، وتمت عملية تطوير التربية الإسلامية في المدارس، جنباً إلى جنب مع عملية التطوير الشاملة في نظام التعليم، فإن تطوير منهج التربية الإسلامية ينبغي أن يتم في إطار مجموعة من العوامل الأساسية هي:
أولاً: طبيعة مجتمع الإمارات، وهو مجتمع إسلامي أصيل، يتاح فيه للطالب، من قبل التحاقه بالمدارسة وخلال سنوات نموه ونشأته، فرصة المعرفة بالعبادات والممارسات الدينية، سواء من خلال الأسرة، أو المسجد، أو من خلال قيم المجتمع وعاداته، أو من خلال تطبيق القوانين والتشريعات، وبالتالي لابد أن يؤخذ ذلك في الإعتباار عند تصميم المنهج الجديد، حتى لا يكون هناك تكرار أو تناقص - بل إن الأمر قد يتعدى هذا، إلى السعي نحو تحقيق نوع من التنسيق بين المدرسة والأسرة، والمجتمع المحيط في مجال التربية الإسلامية للتلاميذ - وربما يؤدي ذلك مثلاً، إلى التقليل من تدريس العبادات في المدارس، والتركيز بدلا من ذلك، على تدريس القيم الإسلامية التي تحكم العلاقات والمعاملات بين الأفراد والجماعات·
ثانياً: أهداف المنهج: حيث يجب أن تكون نقطة البدء دائما هي تحديد الأهداف المرجوة من تدريس التربية الإسلامية في مدارس الدولة، وضرورة أن يتم ذلك في ضوء الساعات المتاحة في اليوم المدرسي لتدريس هذه المادة، بل وفي ضوء العلاقة بين التربية الإسلامية والمواد الأخرى، مثل اللغة العربية والتاريخ·
ثالثا: طرق التدريس: حيث تتسم طرق التدريس الحالية في التربية الإسلامية بالاعتماد الشديد على التلقين والحفظ، وهي أساليب لم تعد تتفق مع أهداف التربية في العصر الحديث، ومن هنا فإن عملية التطوير يجب أن تهتم بتحسين طرق التدريس وتدريب المدرسين على الطرق الحديثة، وربط الأنشطة التعليمية بواقع حياة الطالب، بل وأن يكون أسلوب معاملة الطالب في المدرسة، وعلاقاته مع زملائه وأساتذته، تجسيداً للقيم الأخلاقية التي يسعى اليها المنهج الجديد·
رابعاً: المواد التعليمية والكتب الدراسية المقررة: والتي يجب أن تدعم التوجه الى أساليب متطورة في طرق المنهج وتدريسه، يجب أن يكون الاهتمام كبيراً بالقرآن الكريم والسنة، باعتبارهما مصدري المعرفة في التربية الإسلامية، وأن يتم الاعتماد عليهما بشكل يحقق أهداف المنهج، دون التركيز فقط على مجرد حفظ الآيات والأحاديث بشكل سلبي·
خامساً: علاقة التربية الإسلامية بالمواد الدراسية الأخرى، حيث يلاحظ أن المواد الدراسية مثل اللغة العربية والعلوم الاجتماعية والتاريخ تهتم بتدريس الثقافة الإسلامية ضمن منهاجها - وهنا يجب تحقيق التنسيق المطلوب بين كافة المناهج، هناك كذلك مجال في العلوم والرياضيات لعرض ومناقشة اسهامات العرب والمسلمين في تطوير تلك العلوم·
سادساً: الدعم المجتمعي للتطوير: حيث إن التطوير المنشود سوف يؤدي إلى تغييرات جذرية في الأساليب الحالية لتعليم الدين والتي استقرت على مر عصور طويلة، وهذا بدوره يتطلب توعية المجتمع بأهمية هذا التطوير، والسعي للحصول على دعم فعاليات المجتمع له واسهامهم النشط في كافة جوانبه، بل إن الأمر كذلك يتطلب الحصول على دعم مديري المدارس والمدرسين وأولياء أمور الطلبة، ويأتي هذا الدعم بالطبع بناء على تفهم المجتمع للنتائج المطلوب تحقيقها وللخطوات اللازمة لتحقيق ذلك·
تجارب اخرى
سابعاً: الإفادة من تجارب الآخرين، حيث يلاحظ أن مشكلات تدرس التربية الإسلامية تكاد تكون متطابقة في جميع الدول العربية والإسلامية، وربما يكون من المفيد الاطلاع على ما يتم في بلدان العالم الأخرى، أو الممارسات المتبعة في تدريس الديانات الأخرى، والإفادة من ذلك في تصميم وتنفيذ المنهج الجديد·
ثامناً: الخصائص المرجوة في المنهج الجديد: يجب أن يتلافى المنهج الجديد كافة المشكلات التي يعاني منها المنهج الحالي والتي سبق الإشارة إليها في الجزء الأول من هذا التقرير، وهناك اتفاق تام بين المختصين على أن أي منهج فعال للتربية الإسلامية في المدارس يجب أن يحقق الخصائص التالية، بصفة خاصة:
1 - التركيز على مجموعة من القيم الاجتماعية التي تصنع إنساناً مسلماً سوياً، وتصميم المنهج بهدف تحقيق هذه القيم لدى الطالب·
2 - النظر الى المنهج باعتباره أداة هامة في تشكيل شخصية الطالب وتعويده على التفكير السليم، والابتعاد تبعاً لذلك من مجرد حشو عقل الطالب بالمعلومات، أو التركيز على مجرد حفظ الآيات القرآنية والأحاديث النبوية دون وعي أو فهم·
3 - الابتعاد عن أسلوب الخطابة والوعظ، والابتعاد كذلك عن المنهج الفقهي في معالجة قضايا الإسلام·
4 - الأخذ بمبدأ التعليم بالأهداف، بمعنى ضرورة تحديد أهداف محددة يتم العمل على تحقيقها، من خلال منهج ملائم، وطرق تدريس متطورة، وكتب دراسية تتسم بالعمق، ومدرسين على قدر كبير من الكفاءة، بالإضافة الى طرق لتقييم مدى تحقيق تلك الأهداف·
5 - أن يكون المنهج متوازناً في محتواه وطريقة عرضه، وأن ينمي لدى الطالب القدرة على التعامل مع الرأي والرأي الآخر، ويعوده على النظرة الهادئة للأمور· وفي هذا السياق، يتم التركيز في المنهج على عملية بناء النفس بالإضافة الى بناء العقل، ويتم كذلك الارتباط بقضايا العالم، مثل قضايا العولمة، قضايا البيئة، قضايا الأسرة، قضايا التعامل مع غير المسلم، بالإضافة الى تذوق الفنون والأدب·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2025©
نحن نستخدم "ملفات تعريف الارتباط" لنمنحك افضل تجربة مستخدم ممكنة. "انقر هنا" لمعرفة المزيد حول كيفية استخدامها
قبول رفض