27 يونيو 2010 21:20
تشير تقارير صحفية إلى أن الممثلين السعوديين الذين ينتجون أعمالهم على حسابهم الخاص، يتدخلون في كل تفاصيل العمل صغيرة وكبيرة، ويفرضون رؤيتهم على مخرجي أعمالهم، ويحاولون إبراز أنفسهم على حساب بقية الممثلين، وذكرت هذه التقارير صراحة أسماء عبدالله السدحان وناصر القصبي وحسن عسيري وفايز المالكي وفهد الحيان، لكن حسن عسيري الذي يدير أضخم شركة إنتاج فني نفى اتهامه بأنه يتدخل في كل صغيرة وكبيرة في العمل الكوميدي الرمضاني “بيني وبينك” وذلك على خلفية بعض الأقاويل التي ظهرت مؤخراً. وقال: “أنا لا أتدخل في أي شيء.. أنا ممثل أقوم بدوري والفريق المسؤول عن إنتاج المسلسل محترف ويقوم هو الآخر بدوره”. معتبراً أن تدخل الممثل فيما لا يعينه مضر بالعمل ككل، وقد يخرجه عن سياقه الطبيعي.
يرى الممثل ناصر القصبي أنه لا يوجد شيء اسمه المخرج الذي يفرض سطوته على العمل خاصة مع عمل قائم وناجح منذ سنوات مثل طاش، وأضاف: “لو جاء المخرج إلى عمل جديد يمكن القول إن المشروع هو بيد المخرج، وبالنسبة للمخرج القدير هشام شربتجي الذي جاء خلفاً للمخرج عبدالخالق الغانم العام الماضي، فكان يدرك ذلك ويعرف تماماً حدود العمل في طاش ويعرف أنه عمل مؤسس له منذ سنوات طويلة وأنه قائم على عبدالله السدحان وناصر القصبي وخصوصاً أنه حينها كان يحضر للمملكة للمرة الأولى ولا يعرف طبيعة كثير من الأشياء وكل هذه عوامل تفرض أن تكون هناك لغة تفاهم بين أفراد فريق العمل وفي كل الأحوال نحن لا نقبل من أحد أن يفرض سطوته لأننا نؤمن أنه لا يوجد شيء اسمه “سطوة” وأن وجود ذلك يعني أن العمل سيكون فاشلاً”، وتابع: “إن العمل الناجح هو نتاج تناغم بين فريق العمل وأي تحكم من المنتج أو المخرج أو الممثل سيؤدي إلى نتائج سيئة”.
إضافات أو حذوفات
أما عبدالخالق الغانم “مخرج طاش ما طاش السابق” فعلق بالقول: “كنا نعمل كفريق واحد ونركز على قراءة موضوع الحلقة ونستمع للأفكار الجديدة من قبل الجميع وقد عملت مع ناصر وعبدالله لمدة 13 سنة ووجدت منهما كل التقدير والاحترام ولم يتدخلا في يوم من الأيام في الإخراج بل العكس يسمعان للتوجيهات والتي أطلقها مابين وقت وآخر إذا ما وجدت”.
وتدخلات الممثلين في عمل المخرجين يقابله أيضاً تدخل المخرجين في نصوص المؤلفين، وهو ما يعلق عليه المؤلف السوري هاني السعدي بقوله: “يجب التأكيد على أن المخرج لا يحق له أن يتبنى عملاً إلا إذا كان مقتنعاً به وعندها يجب أن ينفذه كما هو، أما إذا كان غير مقتنع به كما هو فيجب أن يتحاور مع الكاتب بشأن الإضافات أو الحذوفات أو التعديلات لتبقى الرؤية الإخراجية الإبداعية مهمته الأساسية”.
ويضيف: “المخرج نجدة أنزور مثلاً وفي كل الأعمال التي تعاونّا فيها لم يضف مشهداً واحداً إليه، وكان يستدعيني لأكون معه في جنوب إفريقيا والمغرب والإمارات واللاذقية بهدف إضافة مشاهد هو بحاجة إليها. إن الإضافات يجب أن تكون من قِبل الكاتب تحديداً، في حين يبقى موضوع الحذف أقل شأناً من الإضافات، وأنا ككاتب ليست لديّ مشكلة على هذا الصعيد ولم يطلب مني مخرج تعديلاً إلا وتعاونتُ معه، والمخرجون شهود على كلامي، وقد تعاونتُ مع كل المخرجين السوريين تقريباً بعد 42 مسلسلاً كتبته حتى الآن، وبالتالي فإن خلافي الدائم هو مع المخرجين الذي يعطون لأنفسهم حق التدخل دون استشارتي”.
خلافات دراما مصر
والخلاف فى وجهات النظر بين المخرجين والمؤلفين والمنتجين المسؤولين عن دراما رمضان المصرية 2010، تسببت فى تعطيل العديد من الأعمال – وفقاً لتقارير صحفية - فقد شهدت لجنة الطوارئ فى نقابة السينمائيين وصول أكثر من خمس شكاوى خلال أسبوع تسببت فى خروج مسلسل “الضاحك الباكى” من المنافسة بعد اعتراض المخرج محمد أبوسيف على النص الذى كتبه محمد الغيطى، الذى اعترض بدوره على لجوء الأول لكتابة سيناريو جديد.
كما توقف تصوير مسلسل “مملكة الجبل” لفترة طويلة بعد خلافات بين مخرجه مجدى أحمد علي ومنتجه ممدوح شاهين الذى اتهمه المخرج بالتدخل فى اختصاصاته، كما أثرت الخلافات على مسلسلات “ملكة فى المنفى” و”مذكرات سيئة السمعة” و”منتهى العشق”. ومن المتوقع أن تزداد الشكاوى خلال الفترة المقبلة بشكل أصبح ظاهرة.
لكن الغريب أن بعض أطراف تلك المشكلات نفوا تماماً وجودها رغم تأكيدات مسؤولين فى نقابة السينمائيين وصول شكاوى فى هذا الصدد.
وشهدت كواليس مسلسل “مذكرات سيئة السمعة” خلافاً في وجهات النظر بين مؤلفه محمد مسعود ومخرجه الدكتور خالد بهجت، وصل صداها إلى لجنة الطوارئ فى نقابة السينمائيين حيث تقدم مسعود بشكوى أكد خلالها أن المخرج تجاوزه وتدخل فى تعديل النص بالحذف والإضافة دون الرجوع إليه ودون موافقته، وأن هذا يتنافى مع حقوق الملكية الفكرية كما طالب بحقه فى الدخول للبلاتوه وحضور كواليس التصوير.
وكانت لجنة الطوارئ قد اجتمعت برئاسة المخرج إبراهيم الشقنقيرى وعضوية كل من مهدي القماطى والمخرج عبدالحكيم التونسى، وقررت تأجيل مطابقة نص السيناريو الذى كتبه مسعود بما تم تصويره لحين انتهاء بهجت من التصوير والمونتاج، وذلك حرصاً من النقابة على سير العمل دون تعطيل من أجل اللحاق برمضان، كما قررت اللجنة تحويل طلب مسعود بالحضور إلى البلاتوه لمتابعة كواليس التصوير إلى الجهة المنتجة للعمل باعتبارها المعنية بهذا الطلب لأن هذا شأن إنتاجى لا يخص النقابة. وفى حين رفض مسعود التعليق على الموضوع رفض بهجت أيضاً الحديث فى تفاصيل الخلاف بينهما واكتفى بالتأكيد على أنه تعامل مع مؤلفين كبار أمثال يسرى الجندى ومحسن زايد ومحمد جلال عبدالقوى وغيرهم ولم يختلف معهم بهذا الشكل.
وأوضح: “المخرج له رؤيته التلفزيونية الخاصة وليس مجرد منفذ لنص بحذافيره، وكل من فى المهنة يتفهمون ذلك، المهم أن النقابة أنصفت العمل واتخذت الإجراءات التى تضمن مواصلة تصويره دون مشكلة”.
“بروفات الطاولة”
كبار مخرجى ومنتجى وكتاب الدراما التلفزيونية يقترحون العودة إلى ما يسمى “بروفات الطاولة” بين المخرج والمؤلف قبل بدء التصوير حتى يصلان لصيغة تفاهم ويضعان حدوداً للتعامل يحترمها كل منهما طوال مدة التصوير، كما ينصحون بعقد موحد للمؤلفين بالشكل الذى يلزم المنتجين بسداد الدفعات فى مواعيدها دون تأخير.
الكاتب يسرى الجندى يرى أن الخلاف بين المخرج والمؤلف لا ينبغى أن يحدث من الأساس، خاصة إذا كانت هناك جلسات عمل، وإذا لم يحدث تفاهم بينهما قبل بدء التصوير سوف تدب الخلافات بينهما لأن لكل منهما رؤية مختلفة، وفى هذه الحالة يصبح كل منهما مخطئاً، لكن إذا كانت هناك جلسات عمل تحضيرية بينهما واتفقا على جميع التفاصيل ثم خالف المخرج تلك الاتفاقات فى التنفيذ فيصبح المخرج فى هذه الحالة هو المخطئ الوحيد ويحق للمؤلف اتخاذ الإجراءات التى يراها مناسبة للحفاظ على حقه كمؤلف للعمل.
فى حين يرى المخرج إسماعيل عبدالحافظ أن تدخل المخرج فيما كتبه المؤلف ظاهرة خطيرة بدأت تظهر فى الفترة الأخيرة لأن معظم المؤلفين ليسوا مؤلفين ومعظم المخرجين ليسوا مخرجين على حد وصفه، وقال: النص يصبح مقدساً بعد أن ينتهى منه الكاتب ويراجعه المخرج حلقة بحلقة، ويتفق الاثنان على كل التفاصيل الصغيرة والكبيرة فى العمل، وإذا طرأ جديد من قبل الطرفين فيجب على كل منهما أن يرجع إلى الآخر لمعرفة وجهة نظره لأنهما مكملان لبعضهما، ويجب أن يتفقا سوياً لأن المخرج يتحمل مسؤولية العمل بعد ذلك وفى هذه الحالة لا تحدث مشاكل، وفى الأعمال الخالدة كان المخرج والمؤلف إما صديقين أو على خط فكرى وثقافى موحد، وإذا حدث عكس هذا نرى ما يحدث من ضياع أخلاقيات الدراما والمهنة.
المصدر: الرياض