أشرف جمعة (أبوظبي)
خبر محزن في الصباح الباكر أو في آخر المساء يلهب الروح، ويجعل القلب مضطرباً.. خبر عابر في زاوية على مواقع التواصل الاجتماعي بثه أحدهم عن موت صديق حميم أو قريب، وخبر آخر كتب بدموع كثيرة عن مصاب بالسرطان لزميل أو زميلة عمل أو قريب، وأخبار كثيرة محزنة عن حوادث سيارات يرقد ضحاياها في غرف المستشفيات، وتتنوع الأخبار التي يبثها العابرون على حسابات التواصل الاجتماعي، لكن أقساها على الإطلاق أخبار الموت التي تكدر النفس، وتجعل لسان المرء يقول: بالأمس كنت معه وكان يضحك ملء شدقيه... هكذا الأخبار السيئة تفاجئنا في الليل والنهار، وتترك غصة في القلب، ودمعة لا تنزوي، مثلما نفرح بالأخبار السارة، فكيف أضحت مواقع التواصل محطة لتناقل الفواجع والإعلان عن موت الأحباء؟!
غرفة العناية
يقول غالي أحمد (37 عاماً) استيقظت كعادتي من النوم مبكراً من أجل الذهاب لعملي، وبعد أن ارتديت ملابسي وتناولت الإفطار قرأت بعض الأخبار الخفيفة وتصفحت حساباتي على مواقع التواصل، وإذ بـ«بوست» نشرته ابنة أختي على «فيسبوك» تطلب فيه الدعاء لخالها الذي يرقد منذ ساعات الصباح الأولى في غرفة العناية المركزة للاشتباه في ذبحة صدرية، ساعتها ارتجف قلبي وتساقطت دموعي فلم أكن أعرف أن شقيقي الأكبر يمر بمحنة فارقة فهو بين الحياة والموت، ولم أدر كيف أتصرف خصوصاً أني في قارة وهو في قارة أخرى فسارعت بالاتصال للاطمئنان عليه وأنا في حالة حزن عميقة.
مشاعر حزن
أما حسن إمام (45 عاماً) فعرف خبر وفاة أحد أقاربه من خلال «تويتر»، عندما غرد صديق له معلناً أن «عبدالرحمن في ذمة الله»، ويشير إلى أنه شعر بغصة في القلب وانتابته مشاعر حزن عميقة، حيث كان الفقيد صديق عمره، وكان دائماً ينظر له على أنه رمز الشهامة والكفاح، ويرى أن مثل هذه الأخبار المفاجئة تسبب آلاماً رهيبة كونها غير متوقعة وتأتي من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، التي تتحول في لحظة إلى سرادق للعزاء يترحم فيه الناس على من فقدوا من أحبائهم، ويشير إلى أن هذه الحسابات مثلما تنقل الأخبار السارة فإنها أيضاً مصدر للأخبار المحزنة.
إخفاء الخبر
وتبين نبيلة إبراهيم (55 عاماً)، أنها علمت بخبر رقود والدها في المستشفى من مواقع التواصل الاجتماعي، حيث طلب أحد الأقارب الدعاء له بسبب تعرضه لحادث واكتشفت أن الأسرة أرادت أن تخفي عنها هذا الخبر كونها خارج الدولة، لكنها علمت من خلال ما يتداوله البعض على «فيسبوك» فكانت صدمتها أكبر، وهو ما جعلها تتواصل مع أشقائها وهي غاضبة معلنة رفضها لهذه الطريقة خصوصاً أن المصاب هو والدها، وتشير إلى أن الأخبار السيئة عبر مواقع التواصل تكون آثارها أعنف بكثير من الخبر الذي يتم تناقله عبر التواصل المباشر، وتتمنى أن يتمهل رواد هذه الحسابات قبل نشر مثل هذه الأخبار المفجعة.
جراح عميقة
يورد الفنان الإماراتي، إيهاب درويش، أنه لا ينشر أخباراً غير سارة على مواقع التواصل الاجتماعي تخص عائلته أو الأصدقاء، وكذلك المقربين لأنه يرى أن هناك ضرورة أخلاقية وإنسانية تمنعه من هذا التصرف، خاصةً أن مثل هذه الأخبار تحدث جراحاً عميقة في نفوس الذين لم يكن لديهم سابق معرفة بأخبار موت أحد الأشخاص، أو من تعرضوا لحادث أو أصيبوا بأمراض على سبيل المثال، مشيراً إلى أن هذه المواقع أصبحت في هذه الأيام بمثابة إذاعة وتليفزيون وكاميرا لاقطة لكل ما يحدث في المجتمع، ويجب مراعاة الخصوصية والنظر بعمق في الآثار التي تترتب على نشر الأخبار بكل مستوياتها، ويتمنى لو أن كل رواد مواقع التواصل انتبهوا لهذا الأمر، حيث إن نشر الفجائع يجعل المحيطين في حالة نفسية سيئة، لأنها تمثل صدمة غير متوقعة ومن مصادر مختلفة، في ظل تواصل الناس بشكل مباشر، وتناقل مثل هذه الأخبار بطريقة مفاجئة، حيث يستيقظ المرء من نومه فيجد أن أعز الناس لديه قد شيع في جنازة، أو أن عزيزاً لديه بين الحياة والموت، وما إلى ذلك من أخبار حارقة تؤذي النفس وتحرق القلب.