السبت 23 نوفمبر 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أزمة اليمن... نقص الغاز والغذاء

أزمة اليمن... نقص الغاز والغذاء
22 ابريل 2011 22:29
قامت قوات الأمن اليمنية ومسلحون بالزي المدني، بفتح نيران البنادق الآلية على آلاف المتظاهرين الذين كانوا يسيرون في تظاهرة عبر شوارع العاصمة صنعاء، مساء يوم الأحد الماضي، مما أسفر عن إصابة 15 شخصاً على الأقل بأعيرة نارية وذخائر حية... وذلك حسب شهادات الأطباء العاملين في المستشفى الميداني الذي أقامه متطوعون في ساحة الاعتصام الرئيسية بوسط صنعاء. كما تلقى مئات آخرون العلاج من تأثيرات حادة لاستنشاق غازات مسيلة للدموع. ويقول محمد علي السناري، الذي كان يتلقى العلاج بعد أن تعرض للضرب على أيدي قوات الأمن بواسطة العصي: "كنا نمشي بالآلاف في مسيرة سلمية عندما فتح البلاطجة والجيش نيران بنادقهم علينا، من الشوارع المجاورة والأسطح المطلة على المكان الذي كنا نتواجد فيه". ويأتي المشهد الفوضي الملطخ بالدم في منطقة الاحتجاجات في صنعاء، بعد أزيد من شهرين مرا حتى الآن على المأزق السياسي الذي أصبح يهدد استقرار البلاد؛ حيث قتل أكثر من 100 شخص منذ أن بدأ المحتجون المطالبة برحيل الرئيس علي صالح في يناير الماضي. غير أن ما قد يمثل تهديداً آخر لأمن اليمن هو التدهور السريع لأوضاعه الاقتصادية والأحوال المعيشية لسكانه. فاليمن هو أفقر بلد في المنطقة العربية، حيث يعيش قرابة نصف شعبه البالغ تعداده نحو 24 مليون نسمة، تحت خط الفقر، ويعاني ما يزيد على 35 في المئة منهم من البطالة. وفي وقت الذي يتركز فيه معظم الاهتمام حالياً على المسألة السياسية، يبدو أن الوضع المالي للبلاد، وهو وضع هش أصلا، قد أخذ ينهار . لكن، ونظراً لاستمرار الاحتجاجات المعارضة للحكومة، والتي تواصل الازدياد كل أسبوع، فإن البعض يعتقد أن تأثيرات تدهور الاقتصاد يمكن أن تدفع صالح إلى التعجيل باتخاذ قرار التنحي والرحيل. وفي هذا السياق، يقول عبد الغني الإيرياني، وهو محلل سياسي مستقل بصنعاء: "إن الاقتصاد يوجد في صلب أزمة كبيرة، وحالما تختفي الضرورات السياسية التي تجعل الناس لا تركز عليه، سيصبح الاقتصاد هو المشكلة الرئيسية". ومنذ يناير الماضي، انخفضت احتياطيات العملة الصعبة لليمن بـ13 في المئة، حسب البنك المركزي اليمني. كما انخفضت قيمة الريال اليمني خلال الأشهر الأخيرة بنسب كبيرة أيضاً. فإذا كانت قيمة الريال مثبتة رسميا في 216 ريالا للدولار الأميركي الواحد، فإن هناك المئات من محال الصرافة المنتشرة عبر أنحاء صنعاء وغيرها من المدن اليمنية تقوم بمقايضة الريال بمعدلات تفوق 240 ريالا للدولار الواحد، وذلك أساساً بسبب نقص العملة الأجنبية، كما يقول التجار، والذي يؤدي إلى انهيار قمية الريال. وفي هذه الأثناء، تروج في البلاد إشاعات على نطاق واسع بأن المسيرات الضخمة المؤيدة لصالح، ومخيمات أنصاره المتناثرة عبر المدينة، يتم تمويلها مباشرة من ميزانية الحكومة. ويقول أستاذ العلوم الاقتصادية بجامعة صنعاء علي سيف: "المشكلة تكمن في أننا لا نملك أسسا اقتصادية صلبة، ما يعني أن احتياطي البنك المركزي لا يخضع بالضرورة للمراقبة من قبل البنك المركزي أو غيره من الجهات، وإنما من قبل الرئيس وإدارته فقط"، مضيفاً: "وبالتالي، فإن سحب المال من الاحتياطي أمر لا يمكن معارضته أو حتى ملاحظته بسبب غياب الهيكلة المؤسساتية، الأمر الذي يجعل الإنفاق غير الرسمي وخارج المساطر القانونية أمراً في غاية السهولة. وبالتالي، فإنه من المستحيل رصد تدفق أي أموال غير شرعية". وإذا كانت المؤشرات الرسمية للمشاكلة الاقتصادية متعذرة، فإن التأثيرات بدأت تظهر في الشارع. ففي العاصمة، ينتظر اليمنيون أياماً متواصلة من أجل إعادة تعبئة قنينة الغاز المنزلي؛ كما أن العديد من المطاعم في المدينة اضطرت لإغلاق أبوابها نتيجة نقص الغاز. وإضافة إلى ذلك، تمتد طوابير طويلة للسيارات التي تنتظر دورها في محطات الوقود، ولمئات الأمتار، من أجل التزود بالبنزين. وفي هذا الإطار يقول إيرياني: "لقد انخفض إنتاج النفط 120 ألف برميل يوميا، بل بتنا اليوم نستورد جميع المواد النفطية"، مضيفا قوله: "لدينا انخفاض ضخم في مداخيل النفط وعائداته". والجدير بالذكر هنا أن حتياطيات اليمن النفطية، والتي يتوقع أن تنضب في غضون خمسة أعوام قادمة، تشكل الآن قرابة 60 في المئة من العائدات الحكومية، حسب تقارير صندوق النقد الدولي. وبالنظر لاستمرار الاحتجاجات الشعبية المعارضة للحكومة، وكونها في حالة ازدياد من أسبوع لآخر، يعتقد البعض أن ما يترتب عليها من تدهور اقتصادي يمكن أن يدفع صالح إلى الرحيل عاجلا وليس آجلا. وفي هذا السياق، يقول محمد السعيد، وهو متظاهر من مدينة عدن الساحلية الجنوبية: "مازال ثمة بعض الأشخاص الذي لا يكترثون للسياسة، لكنهم حين لن يجدوا غاز الطهي والمواد الغذائية، فإن ذلك سيمثل بداية ثورة حقيقية". ومما يزيد من تعقيد الوضع الاقتصادي لليمن، ارتفاع أسعار المواد الغذائية، إذ يشير برنامج الغذاء العالمي إلى أن أسعار المنتجات الغذائية الأساسية، مثل الزيت النباتي والأرز والقمح، ارتفعت بنسب 11 و22 و45 في المئة على التوالي منذ شهر مارس الماضي. ويقول جان كارلو تشيري، ممثل برنامج الغذاء العالمي في اليمن: "إننا لا نقول إن أزمة غذائية قد حدثت فجأة الآن في اليمن، بل نقول إن ثمة أزمة مستمرة منذ سنوات، لكنها تفاقمت الآن". وحسب "تشيري"، فإن 12 في المئة من سكان البلاد (أي قرابة 3 مليون شخص) هم أصلا دون الحد الأدنى من المعايير الغذائية بـأكثر من 500 سعرة حرارية. فمنذ وقت طويل، وقبل الانتفاضة السياسية التي تشهدها اليمن حاليا، كان هذا البلد يصنف كموقع طوارئ من قبل برنامج الغذاء العالمي. ويضيف "تشيري" قائلا: "إن التحديات التي يواجهها اليمن جد كثيرة ومتجذرة، لدرجة أنه ستكون ثمة حاجة ملحة للتغلب على هذه الأزمة السياسية، وبسرعة كبيرة حتى يتسنى الشروع مجدداً في التعاطي مع هذه المشاكل المركبة". لكن الرئيس صالح مازال يتحدى الدعوات إلى تنحيه؛ حيث فشلت مفاوضات بدأت قبل أسابيع مع مجموعات المعارضة في تحقيق نتائج ملموسة. وكان صالح قد عبَّر علنا عن استعداده لنقل السلطة، لكنه لم يشر بعد إلى كيف أو متى سيحدث انتقال السلطة. هذا في حين يقول المحتجون إنهم لن يرضوا بأقل من الرحيل الفوري للرئيس. وبينما يتواصل العنف ويستمر خطر الانهيار الاقتصادي في الازدياد، تواجه حكومة صالح ضغطاً متزايدا لإيجاد حل سريع للمأزق السياسي. وقد سافرت وفود من الحزب الحاكم وأحزاب اللقاء المشترك، وهو ائتلاف أحزاب المعارضة اليمنية، إلى الرياض يوم الأحد من أجل مفاوضات يرعاها مجلس التعاون الخليجي. لكن المحادثات انتهت بدون التوصل لأي حل، كما قال مسؤول حكومي مطلع على مجريات الجهود المبذولة. إيريك ستاير - صنعاء ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©