رشا العزاوي، أبوظبي (عواصم، وكالات)
قالت جهات إيرانية معارضة، أمس، إن النظام الإيراني بدأ بتسريح عشرات القضاة بتهمة الفساد، مشيرين إلى وجود انقسامات حادة في الجهاز القضائي وتصفيات سياسية تحت مظلة محاربة الفساد، واستشهدت المعارضة ببيان للمعاون الأول للسلطة القضائية الإيرانية غلام حسين محسني إيجه في 18 يونيو، أكد فيه أنّه في غضون 48 يوماً سرح الجهاز القضائي 60 قاضياً بمستويات مختلفة من غير أن يحدد سبب التسريح.
وكان رئيس المحكمة العليا الإيرانية أحمد مرتضوي قد أقر في تصريحات صحفية بوجود ممارسات لاأخلاقية في الجهاز القضائي في إيران سببها الفساد المالي، وأن لديه توجيهات من علي خامنئي بإقالة المزيد من القضاة، غير أنه لم يوضح فيما إذا كانت هذه الممارسات السبب وراء إقالة القضاة الـ60. هذا في وقت أكدت فيه المعارضة أن القضاة الذين تم تسريحهم لم يتلقوا أي تبرير عن أسباب التسريح، ولم توجه لهم اتهامات بالفساد. وبدأ النظام الإيراني حملة جديدة في إقالة القضاة فور تعيين إبراهيم رئيسي رئيساً للسلطة القضائية في السابع من مارس العام الجاري بأمر من خامنئي.
وقالت دراسة لمعهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، إن خامنئي اتجه إلى تعزيز سيطرة «الحرس الثوري» على الجهاز القضائي وتسريح جميع الأصوات المخالفة لهذا التوجه. وقال مُعد الدراسة مهدي خُلجي المتخصص في الشؤون الإيرانية، إن غالبية القضاة الجدد الذين يعينهم خامنئي قد بدؤوا حياتهم الوظيفية في «الحرس الثوري»، موضحاً أن خامنئي يفرض رقابة دقيقة على السلطة القضائية الإيرانية، فهو لا يعين رئيسها فحسب، بل يقدم أيضاً توصيات دورية لمسؤولين كبار آخرين في السلطة القضائية. وغالباً ما يعمل بمثابة «مدير مسؤول» من خلال «الإدارة الجزئية الدقيقة»، كما يُعرف بتجاوزه لرئيس السلطة القضائية، وقد تمثل ذلك من خلال الأمر الذي أصدره في 2009 بإغلاق مركز اعتقال «كاهريزاك» في طهران، وهي خطوة تتطلب عادة الحصول على أمر محكمة. ويقول المنتقدون، إن قرار الإغلاق كان يهدف لمنع القيام بإجراء تحقيق حول سوء معاملة السجناء في هذه المنشأة التي خُصص أغلبها للمعتقلين في أعقاب المظاهرات التي حدثت في مرحلة ما بعد الانتخابات.
ويضيف خُلجي: «ورغم أن الدستور الإيراني يوضح بصراحة أن السلطة القضائية تشرف على جميع الإجراءات القانونية والقضائية، تعمل بعض الهيئات، مثل «المحكمة الخاصة لرجال الدين»، تحت إشراف مباشر من خامنئي، وخارج إطار السلطة القضائية. وعلاوة على ذلك، فإن لـ«الحرس الثوري» و«المحكمة الخاصة لرجال الدين» العديد من مراكز الاعتقال التي لا تخضع لصلاحيات السلطة القضائية. كما أن خامنئي هو القاضي النهائي من الناحية الدستورية في أي خلاف يقع بين المسؤولين الحكوميين، حيث يتمتع بالحق في نقض الشريعة الإسلامية - عند الضرورة - لحماية مصالح النظام. وعلى هذا النحو، تستخدم السلطة القضائية القانون الإسلامي أساساً لقراراتها، فقط عندما يرى خامنئي بأن هذا الاستخدام لا يتعارض مع مصالح النظام كما يعرّفه». ويتابع خُلجي: «ولا تتمتع السلطة القضائية بالنفوذ الذي يمكّنها من تجاهل الشريعة الإسلامية التي يدعي النظام الإيراني اتباعها فحسب، بل إنها تتجاوز القانون الجنائي للبلاد، وخاصة في الحالات ذات الطابع السياسي. وقد أدى ذلك إلى توجيه انتقادات حادة خلال العقدين الأخيرين من قبل محامين علمانيين ورجال دين على حد سواء». وتقول الدراسة، إن جهاز السلطة القضائية في إيران يستخدم في تعزيز صلاحيات وسيطرة الحرس الثوري أكثر من استخدامه في تحقيق العدالة للإيرانيين. ويرى الباحث أن إصرار النظام الإيراني على تعيين شخصيات مرتبطة بالحرس الثوري وجهاز الاستخبارات الإيراني رؤساء للسلطة القضائية أمثال: علي لاريجاني وإبراهيم رئيسي يعد سبباً كافياً للاعتقاد بأن الهدف هو تعزيز تعاون الأجهزة الثلاثة لتكريس قمع أي انقسامات أو احتجاجات محتملة. وكانت منظمات حقوقية ومدنية دولية تابعة للأمم المتحدة أدانت تعيين إبراهيم رئيسي رئيساً للسلطة القضائية بوصفه مسؤولاً عن عمليات إعدام جماعية بعد أن خدم في ما يعرف بـ«لجان الموت» التي أشرفت على إعدام آلاف السجناء السياسيين الإيرانيين عام 2008. وأشارت المنظمات إلى أن تعيين رئيسي لقيادة جهاز القضاء يعكس تدهور حالة حقوق الإنسان في البلاد.