عرض - الســيد سلامــة:
تتصدر أزمة التعليم في الدولة أجندة الاهتمامات الوطنية، وتطغى هذه الازمة على أدبيات العمل العام وأهتمام معظم المؤسسات الرسمية، ومنذ سنوات يعيش المواطن والمقيم حالة من الهم العام بشأن التعليم وضرورة تطويرة بحيث يواكب العصر ويتفاعل مع تحدياته التقنية والعلمية والثقافية، بل ويؤهل مخرجاته من الكوادر البشرية للتعامل مع هذه التحديات ومجابهتها بصورة مناسبة·
تجارب كثيرة مرت على نظامنا التعليمي لم يكتب لها النجاح وبحسب خبراء في الشأن التعليمي فأن النجاح لم يحالف هذه التجارب لاعتبارات كثيرة فى مقدمتها أن العلاج كان يتم جزئيا فى حين أن المرض كان يستفحل يوميا ، أذ لاتكاد مدرسة حكومية فى الدولة أن تخلو من مشكلة ما ، فهذه المدرسة بنيت قبل نصف قرن وتلك متهالكة الجدران وثالثة تفتقر الى البنية التحتية المناسبة للانشطة التربوية ، ومعظم المدارس بلا مختبرات أو مكتبات ، وبعضها يعاني من نقص فى أعداد المعلمين·
وهكذا يبدأ كل عام دراسي وينتهى بنفس المشاكل التى يعاني منها ، بل أن هذه المشاكل تتكرر بنفس السيناريو سنويا نقص فى أعداد المعلمين ، مدارس خشبية لاتزال تستقبل الطلبة، مختبرات غير موجودة ، مكتبات فقيرة فى مصادر المعلومات، وسائل تعليمية شحيحة، مرافق مدرسية لاتواكب العصر، هذا بالاضافة الى الصداع اليومي المزمن الذى يعاني منه الطالب والمتمثل فى ضيق الفصل الدراسي وعدم تجهيز البيئة التعليمية ، وكذلك سوء الباصات المدرسية ، وسوء التغذية أيضا· ومنذ اللحظة الاولى لتعيين معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان وزيرالتربية والتعليم أكد على أن علاج مشاكل التعليم سيكون جذريا ولن تكون هناك مسكنات فالمشاكل واضحة المعالم والكل يدرك حجم الازمة التى يعانى منها نظامنا التعليمي، وبالفعل تم أنجاز دراسات مسحية فى جميع المدارس الحكومية ومعظم المدارس الخاصة وتمخض عن هذه الدراسات ذلك المشروع الشامل لتطوير التعليم ، وقد عرض هذا المشروع على عدد من كبار المسؤولين فى الدولة ومجلس الوزراء الموقر·
واليوم تنفرد' الاتحاد' بنشر هذا المشروع الذى يجسد حرص الدولة على النهوض بالتعليم وتوفير الموارد المالية والبشرية اللازمة لتنفيذ نهضة تعليمية شاملة تواكب العصر وتتفاعل مع القرن الواحد والعشرين ، وتجعل المخرجات التعليمية من الطلبة المواطنين على مستوى عالمي من حيث الاعداد والتأهيل والمنافسة وأكتساب المهارات التقنية، وهذه كلها متطلبات يصر سوق العمل من خلال هيئاته المتنوعة على ضرورة وجودها لدى الخريجين·
تقدم' الاتحاد' اليوم هذا المشروع الوطنى من خلال قراءة متأنية لمحاوره وعدد من التفاصيل الخاصة بكل محور منها، وفى مقدمة هذه المحاور الطالب الذى يستهدفه التطوير حيث يؤكد المشروع على أن أصلاح التعليم والوصول الى نظام تعليمي فعال لايمكن له أن يتحقق بدون جعل الطالب محورا للعملية التعليمية، وفى هذا الصدد يؤكد المشروع على أن التطوير المنشود سيلبي تطلعات دولة الامارات العربية المتحدة فى الوصول الى اقتصاد متنوع ومساهمة كاملة فى الثورة التكنولوجية التى يشهدها القرن الواحد والعشرين، وذلك من خلال تطوير معايير تربوية وفق أسس عالمية، والانتقال الى بيئة تعلم متطورة تركز على الطالب وتجعله محورا للتعلم، أقرار نظام حديث للمباني التعليمية، تهيئة البيئة التعليمية وتزويدها بالبنية التحتية المناسبة من الانترنيت وتقنية المعلومات، إقرار كادر خاص بالمعلمين والعاملين فى التربية والتعليم ورفع مكانة المعلم، وكذلك تطوير شامل لقطاع التعليم الخاص وفق أطر قانونية ·
يؤكد مشروع التطوير أن تحديث نظامنا التعليمي يتطلب استثمارات جوهرية حيث تشير التقديرات الحالية الى أن الانفاق على التعليم فى المدارس الحكومية دون المستويات العالمية بمقدار 6% أو أكثر·
تنشر' الاتحاد' اليوم هذا المشروع بحيث تتاح للميدان التربوي فرصة الاطلاع عليه ودراسة محاوره بصورة تخدم الميدان وتنهض بنظامنا التعليمي، وتخلصه من علله التى يعاني منها منذ سنوات· وفيما يلي ملامح المشروع·
يتسم نظام التعليم العام في الدولة بانخفاض شديد في مستويات الأداء في المدارس الحكومية، وما صاحب ذلك من ضعف ملموس في قدرات الطلبة الدارسين فيها، وفقدان ثقة المجتمع في هذه المدارس الحكومية، وانتشار المدارس الخاصة ونموها بمعدلات سريعة، بل وتزايد الضغوط المجتمعية لاصلاح التعليم العام، والرغبة الملحة في ايجاد نظام متطور وفعال، يليق بسمعة الدولة، ويواكب الفعل لا بالقول، انجازاتها الواضحة في كافة مجالات الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية الأخرى·
إن هذه الأزمة الحقيقية التي يمر بها التعليم العام بالدولة، لها أعراض واضحة، يشعر بها الجميع، ولا يمكن تجاهلها بأي حال· ويمكن تلخيص هذه الأعراض غير الجيدة في عدة نقاط هي:
؟ النقطة الأولى:
عدم صلاحية المناهج التعليمية، فالمناهج كلها تقليدية، تتسم بالحشو والتكرار، وتشجع في كثير من الأحيان على الانغلاق والتشدد- ولا تعكس نظرة متكاملة لما يجب أن يتعلمه الطالب، أو رؤية وطنية لما يجب أن تكون عليه المناهج - بل هي للأسف مجموعة متناثرة من المعلومات التي يلجأ الطالب إلى حفظها دون فهم أو تمحيص، ودون أن يكون لها علاقة بواقع المجتمع، أو طبيعة مسيرته - وقد أدى هذا إلى حدوث فراغ تعليمي في المدارس، يفسح المجال لانتشار أفكار وممارسات غير مرغوبة·
؟ النقطة الثانية:
طرق التدريس غير فعالة تتركز على دفع الطالب لحفظ الكتاب المدرسي، دون اهتمام بتنمية قدرته على التفكير أو التحليل، أو البحث عن المعلومات بنفسه، أو تعليمه اللغات الأجنبية، أو تعويده على مهارات التعبير والاتصال، أو إعداده الجيد للتعليم العالي· الكتاب المدرسي ذاته، جامد وجاف، يفتقر إلى الابتكار، ولا يعكس المبادئ التربوية الحديثة في إعداد الكتب المدرسية·
؟ النقطة الثالثة:
نظم الامتحانات سيئة للغاية تشجع على الحفظ بدون فهم، ولا تحفز على التعلم الحقيقي، ولا تقيس القدرات الواقعية للطالب· كما تؤدي إلى انتشار ظاهرة الدروس الخصوصية في مدارس الدولة·
؟ النقطة الرابعة:
الاعتماد على الحاسبات الآلية والتقنيات الحديثة في مدارس الدولة ضعيف جداً أو غير متاح أصلاً· فأجهزة الحاسب الآلي القليلة والموجودة في المدارس قديمة ومتهالكة، لا تستخدم، أو تستخدم فقط في أنشطة شكلية لا تخدم العملية التعليمية·
؟ النقطة الخامسة:
المكتبات، إن وجدت، هي فقيرة للغاية، ومحتوياتها غير ملائمة، ولا تمت للعملية التعليمية بأي صلة، فضلاً عن أن المعامل والمختبرات مهملة وغير نظيفة، وفي وضع سيء لا يشجع على الاستخدام·
؟ النقطة السادسة:
اليوم الدراسي قصير، وعدد الأيام الدراسية خلال العام قليلة، بالإضافة إلى قصر المرحلة الالزامية في التعليم - حيث يلاحظ مثلاً أن عدد الأيام الدراسية في الدولة لا يزيد عن (130) يوماً في العام، وذلك بعد خصم أيام الأجازات منها، بينما نجد أن صافي هذا العدد يبلغ (180) يوماً في بلدان العالم المتقدم· إن الطالب في دولة الإمارات يقضي في التعليم العام ما لا يزيد عن نصف الزمن الذي يقضيه نظيره في العالم المتقدم، وهذا أمر له خطورته لأنه يؤدي إلى فقدان الفاعلية في نظام التعليم، بل وإلى عدم قدرة هذا النظام على إعداد طالب قادر على التنافس الحقيقي في مجالات التطور العالمي·
؟ النقطة السابعة:
انضباط الطلبة في المدرسة ضعيف، يعانون من عدم توافر التغذية السليمة لهم أثناء اليوم، كما أن معدلات التسرب بينهم كبيرة، خاصة بالنسبة للذكور، مما يمثل هدراً خطيراً لموارد المجتمع· وربما يعود ذلك إلى البيئة التعليمية المحيطة بالطالب، وهي التي تتسم بعدم الفاعلية في كل شيء، بل وعدم الحرص بالذات علًى احتوائه، أو توفير الأنشطة له، أو جعل اليوم المدرسي شيقاً بجذبه ويثير اهتمامه·
؟ النقطة الثامنة:
معظم المباني والمرافق في حالة سيئة - تصميمها لا يتفق مع متطلبات التعليم الحديث، تعاني من مشكلات خطيرة في النظافة والصيانة، التجهيزات والخدمات الأساسية فيها بدائية بشكل عام، تفتقر إلى وجود مرافق لممارسة الأنشطة الرياضية والثقافية، كما أن الكثير منها قد أكمل عمره الافتراضي، وأصبحت في حالة متردية تعرض سلامة وصحة الطالب للمخاطر - ومن المحزن حقاً، أن أياً من مدارس الدولة لا يمكن اعتبارها مثالاً للتراث المعماري المرموق·
؟ النقطة التاسعة:
المعلمون في وضع سيء: رواتبهم منخفضة للغاية، ظروفهم المعيشية سيئة، ويلجأ الكثير منهم للعمل بعد الدوام، في مهن لا تليق بالمعلم - ومع ذلك، لا تسمح الميزانيات المتاحة بتعيين الأعداد المطلوبة منهم، هناك عجز دائم في أعدادهم، كما أن قدرة الدولة على استقطاب معلمين متميزين تتناقص، عاماً بعد عام، وبشكل ملحوظ - النظم البيروقراطية لا تشجع المعلم على الابداع أو الابتكار، لا توجد نظم للتدريب المستمر أو للإثابة على العمل المتميز، المعلمون في معظمهم لا يجيدون استخدام الحاسبات الآلية ويعتمدون على طرق تقليدية في التدريس - لا يعتمدون على المكتبات أو مصادر للمعلومات خارج الكتاب الدراسي، ولا يكترثون كثيراً بتطوير العمل، كما أن هناك انخفاضاً شديداً في درجة الولاء والانتماء للمدرسة أو للطالب·
؟ النقطة العاشرة:
الهياكل التنظيمية ونظم الإدارة المدرسية غير فاعلة، وتتسم بالتضخم الوظيفي في الوزارة والمناطق التعليمية وبالبيرقراطية الشديدة، وبدرجة عالية من المركزية، بل وبغياب رؤية واضحة لمستقبل التعليم العام في الدولة - كل هذا لا يسمح بأية مبادرات حقيقية على مستوى المدارس أوعلى مستوى المعلم· كما أن مديري المدارس يحتاجون إلى برامج تدريبية مكثفة ومتابعة مستمرة كي يكونوا قادرين على أداء مهامهم، ويكونوا بالفعل قادة ورواداً في مدارسهم·
؟ النقطة الحادية عشرة:
الميزانيات المخصصة للتعليم العام في الدولة تسهم في إبقاء هذه الأوضاع السيئة دون تغيير، فالميزانيات منخفضة للغاية، ولا تتناسب مع طموحات المجتمع في نظام تعليم متطور - إن مستويات التمويل في الدولة تصل فقط إلى حوالي ثلث المستويات العالمية - بل إن الجزء الأعظم من ميزانية الوزارة يتم انفاقه على الرواتب والأجور، دون وجود ميزانيات كافية، للإنفاق على العناصر الأخرى، اللازمة لتحقيق الفاعلية المرجوة، في البرامج والأنشطة التعليمية·
خطط العمل والحل
كما يتضح مما سبق، أن مدارس الدولة تعاني من أزمة حقيقية، وأن الحاجة ملحة إلى بناء نظام تعليمي جديد، وذلك بهدف تخريج أجيال مستنيرة، قادرة على خوض مسار التعليم العالي بنجاح، ومستعدة للتعامل بكفاءة مع متطلبات العصر، بل ومؤهلة لتحمل المسؤوليات التي تتطلبها خطط التنمية الشاملة في كافة المجالات· لقد قامت وزارة التربية والتعليم خلال الشهور الثلاثة الماضية بدراسات مستفيضة لهذا الوضع، اشترك فيها مديرو المدارس والعاملون فيها، بالإضافة إلى عدد من خبراء التعليم في العالم - وتم إعداد خطط تفصيلية، تهدف إلى بناء نظام تعليمي جديد في الدولة، يليق بسمعتها، ويتسق مع انجازاتها الواسعة، ويحقق للطلبة والطالبات فرص التعلم والتحصيل على أعلى المستويات العالمية المرموقة·
وتحدد الخطط المقترحة خطوات واجراءات واضحة، لعلاج الوضع القائم، وذلك من خلال التحرك على عدد من المحاور المتداخلة والمترابطة هذه المحاور هي:
المحور الأول:
أن التعليم في هذا العصر، ليس مجالاً لتحصيل المعارف فقط، بل هو الطريق لإعداد الشخصية المتكاملة، التي تتسم ببعد النظر، والقدرة على التحليل، وتفهم الرأي الآخر، بل والالتفاف حول قيم المجتمع وأهدافه· إن التعليم هو الوسيلة الأكيدة لتنمية معاني التسامح، وقيم التعايش، والحث على الابتعاد عن العنف، ونبذ الأفكار الهدامة·
وفي هذا الإطار فإننا في وزارة التربية والتعليم، نأمل أن تتغير نظرة الجميع إلى دور التعليم في المجتمع، وأن ينعكس ذلك في دعم التوجه الضروري، في أن يكون التعليم في الدولة ذا وظيفة اجتماعية واضحة: يتم من خلاله، إعداد المواطن السوي الملتزم، القادر على المساهمة النشطة في انجازات العصر، والمدرك لدوره في تطوير وطنه ومجتمعه - بل وينعكس أيضاً، في النظر إلى الانفاق على التعليم، باعتباره استثماراً مهماً في مستقبل الدولة - إن هذه كلها أمور ذات أهمية عليا، في إطار سعي الدولة نحو تحقيق الأمان والاستقرار في ربوعها، بل وسعيها كذلك للحفاظ على مكانتها المرموقة بين أمم العالم·
المحور الثاني:
رفع مستوى التوقعات للأداء التربوي في الدولة، وعلى كافة المستويات، بما يتفق مع المستويات العالمية، ويعكس طبيعة واحتياجات المجتمع، وهو ما يتضمن الانتقال فوراً إلى نظام للتعليم، يكون فيه الطالب عن حق، هو محور العملية التعليمية بما يتطلبه ذلك من:
- مناهج دراسية جديدة·
- طرق تدريس حديثة·
- نظم امتحانات فاعلة·
- مكتبات ثرية وملائمة·
- مختبرات ومعامل جيدة·
- استخدام مكثف للتقنيات الحديثة·
- اهتمام باللغات الأجنبية·
- برامج للطلبة المتفوقين، وللطلبة ذوي الاحتياجات الخاصة·
- أنشطة رياضية وثقافية مفيدة·
- زيادة عدد أيام الدراسة خلال العام·
- زيادة عدد ساعات اليوم الدراسي وتوفير غذاء صحي يومي لكل طالب·
- مد مرحلة الالزام لتبدأ من رياض الأطفال وحتى نهاية المرحلة الثانوية·
- استقطاب نوعيات متميزة من المدرسين·
- نظم جديدة لاعداد المعلمين، وتعيينهم وتحديد رواتبهم وحوافزهم·
- نظم جديدة لاختيار وإعداد مديري المدارس·
- برامج للتعليم والتنمية المستمرة للمدرسين ومديري المدارس وكافة العاملين·
- مدارس نظيفة، يتم صيانتها بشكل فعال·
- نظام لتحقيق الاعتماد الأكاديمي لكل مدرسة في الدولة·
- قواعد تنظيمية وإدارية تحقق اللامركزية وتعمق دور المدرسة في إدارة شؤونها·
- إجراءات لتعميق علاقة المدارس مع الآباء وأولياء الأمور·
المحور الثالث:
ضرورة إطلاق خطة قومية، لاجراء فحص كامل، ومراجعة شاملة لمباني ومرافق كل مدرسة، واتخاذ كل ما يلزم، كي تكون هذه المباني، على مستوى يضارع المستويات العالمية المتعارف عليها، وعلى نحو يوفر للطالب يوماً دراسياً حافلاً، ويشجع على ممارسة الأنشطة الرياضية والثقافية، التي تحقق النمو المتوازن في الشخصية·
لقد قامت الوزارة بإعداد خطة عشرية، يتم بنهايتها تجديد أو إعادة بناء جميع المدارس في الدولة، وبحيث تصبح كل مدرسة بيئة جاذبه للتعلم، ونموذجاً رائداً للتصميم المعماري المتميز، والمرتبط بتاريخ وتراث المجتمع، وحتى تكون مدارس الدولة جزءًا مضيئاً في الثروة العقارية بالدولة·
المحور الرابع:
إعادة تنظيم العلاقة بين الوزارة والمناطق التعليمية والمدارس، وفي هذا السبيل، فإنه يقترح مايلي:
1- إعادة تشكيل الوزارة، وتحديد صلاحياتها بوضوح، والتخلص من التضخم الوظيفي بها، والاكتفاء بمقر واحد لها، سواء في أبوظبي أو دبي، وذلك منعاً للتكرار وحرصاً على سير العمل على نحو سليم·
2- الغاء المناطق التعليمية، باعتبار أن ما تقوم به هذه المناطق حالياً هو في غالبه تكرارا لعمل الوزارة·
3- توفير قدر من الاستقلالية في القرار للوزارة، ومنحها سلطات تمكنها من وضع وإصدار اللوائح التنظيمية والإدارية والمالية الخاصة بها، والتي تكفل حسن سير العمل على جميع المستويات·
4- تفعيل دور المدرسة بحيث تصبح فعلاً أساس عمليات التطوير، وبحيث يتاح لمدير المدرسة وكافة المعلمين فيها، القدرة على أخذ المبادرات المطلوبة، وتطويع الممارسات التعليمية الجيدة، وذلك في اطار من اللامركزية، والاستقلالية، وتحمل المسؤولية·
5- دمج المدارس التي يقل فيها عدد الطلبة بشكل ملحوظ، وبحيث يكون عدد الطلبة في كل مدرسة كبيراً بدرجة كافية، تسمح بتوفير كافة الخدمات اللازمة على نحو جيد·
المحور الخامس:
وهو المحور الضروري لتحقيق كل ما سبق، ويتمثل في ضرورة توفير الميزانيات المالية اللازمة لدعم التعليم العام في الدولة·
طموحات المجتمع
واشار المشروع في دراساته المسحية الى اهتمام وزارة التربية والتعليم بالتأكيد على وجود رؤية واضحة تماماً لمواجهة كافة المشكلات التي تواجه النظام التعليمي في الدولة، وللسير قدماً نحو إيجاد نظام جديد يفي بآمال وطموحات المجتمع·
اذ أن نجاح هذا الأمر يستلزم وجود دعم سياسي ومجتمعي قوي، يؤكد على موقع التعليم في مسيرة المجتمع ، ويتجسد في توفير الموارد المالية اللازمة لتحقيق التطوير الشامل المطلوب·
كما يهم الوزارة كذلك، أن تؤكد على أن الموقف سيء للغاية، ولم يعد يحتمل التأجيل أو الانتظار، أو بقاء الحال على ما هو عليه، لأن المشكلات قد تراكمت على نحو اصبح معه من المستحيل تقريباً تقديم الخدمات التعليمية لأبناء وبنات الوطن، على النحو المرجو·
وتقترح الوزارة، أن يكون هناك نظام يسمح بتوفير مستويات مستقرة للتمويل من عام لآخر· وقد يتطلب الأمر انشاء وقف للتعليم، يتم دعمه بمبالغ كافية، ويكون السحب منه للانفاق على الخطط المقررة، وفق اجراءات وضوابط تكفل الانفاق الرشيد والسليم·
التعليم والاقتصاد
كما ترصد الدراسات الميدانية التي اجراها المشروع تطلع دولة الإمارات العربية المتحدة إلى اقتصاد منوع قوي ومساهمة كاملة في الثورة التكنولوجية للقرن الحادي والعشرين ومجتمع عربي إسلامي منفتح· وهذا كله لابد له من نظام تربوي بدرجة عالمية يشمل:
1- تطوير معايير تربوية بدرجة عالمية مناسبة للإمارات العربية المتحدة·
2- الانتقال إلى بيئة تعلم متمركزة على الطالب·
3- إعادة تنظيم النظام التربوي مع زيادة جوهرية في السلطة والمسؤولية والمؤهلات والقابلية للمحاسبة في المدارس ووضع المدارس في محور الاصلاح التربوي·
4- دمج التكنولوجيا مع التعلم وتوظيفها لإدارة ومحاسبة النظام التربوي·
5- تطبيق برنامج ملح لترقية وإعادة بناء وتجهيز أبنية المدرسة·
6- مراجعة التوظيف والمكافآت والتطوير الحرفي وبرامج التقويم المعلمين والمدراء والحرفيين الآخرين في المدارس مراجعة درامية·
7- زيادة الاستثمار العام والقابلية للمحاسبة زيادة جوهرية من أجل نجاح المدارس الحكومية·
إضافة لذلك، سوف يعمل النظام التربوي الجديد لضمان كون المدارس الخاصة آمنة وتعمل ضمن الاطار القانوني وتوفر القيمة لأولياء الأمور، كما ستوفر أيضاً نظاما محدثا لتعليم الكبار الذين يحتاجون لتعليم محو أمية ومعادلة دراسة عليا وتدريب تقني أو تعليم أكثر للتوظيف·
إن تطوير نظام تربوي بدرجة عالمية يتطلب استثمارا جوهرياً· وتشير التقديرات الحالية إلى أن الانفاق على التعليم في المدارس الحكومية دون المستويات الدولية بمقدار 6 في المئة أو أكثر·
بدون لغة أو تكنولوجيا
يرى المشروع أنه في حالة عدم توفر هذه الاستثمارات في التعليم فإن دولة الإمارات ستكون أمام:
؟ جيل من الخريجين المواطنين من المدارس الحكومية إعدادهم سيئ للمساهمة في الاقتصاد الدولي بسبب الإعداد غير الكفء في اللغة الانجليزية وتكنولوجيا المعلومات ومهارات الاتصال، والقدرات القيادية، وتحصيل تعليمي متدن للطلاب الذكور·
؟ زيادة أعداد الطلاب المواطنين الملتحقين بالمدارس الخاصة المكلفة على أولياء أمورهم وتوفر تعليم غير متسق وغير مراقب·
وفي حالة توفر الاستثمارات فإن النتائج او المحصلات المتوقعة هي: طلاب ممن هم:
يتكلمون العربية والإنجليزية بطلاقة وناجحون علي مستوى المعايير درجة عالمية في الرياضيات والعلوم، واكفاء في تكنولوجيا المعلومات، ومعدون لتعليم عال وتوظيف ولديهم المعرفة والمهارات الضرورية للنجاح وتأسيس قوي في تراثهم العربي والإسلامي·
ولتغيير المحصلات لابد من تغيير المدخلات يجب أن يكون لدى الطلاب المزيد من الوقت للاهتمام بالعلوم الأكاديمية، ويجب زيادة الــ 130 يوماً الحالية من التدريس إلى 180 يوماً أو أكثر، وزيادة الأيام المدرسية لتلبية المعايير الدولية، وأن يكون التعليم الزامياً من السنة الأولي حضانة وحتى الصف الثاني عشر· فاليوم المدرسي الحالي والسنة الدراسية والتعليم الالزامي في الفصول الأول وحتى التاسع تقلص زمن الدراسة المدرسية بمقدار حوالي 50 في المئة أو أكثر بالمقارنة مع المعايير الدولية، ومن هنا يجب زيادة هذه المدة بحيث يحصل الأطفال على فرصة كافية للتعلم، ولذلك هناك ضرورة لوجود:
أبنية مدارس مقبولة تشمل تكييف الهواء الفعال والمقاصف والتسهيلات للتربية العلمية والفنية والموسيقى والتربية البدنية، وتكنولوجيا متقدمة، ومعلمين ومدراء ومتخصصين تربويين معدين إعداداً جيداً، وتشكيلة غنية من مصادر التعلم·
كما يمكن استخدام هذه المدخلات المحسنة لتحسين العمليات: التعليم المركز على الطالب، والتنظيم والاتصالات التي تدعم الوزارة والمدارس عاملين معا، ومشاركة أولياء الأمور في تعليم اطفالهم، والأهم مشاركة الطلاب في تعلمهم، وقياس ما يعرفه الطلاب وما يقدرون عليه بأساليب متطورة ومتعددة تشجع على التعلم وتبديل اختبارات الدرجات العالية التي لا تنتج الا قلق الطالب·
الوزارة والمدرسة
إن إعادة التنظيم المقترحة لوظائف الوزارة والمناطق والمدارس، العنصر الهام بهذه التوصيات هو دور إعادة نظر جذرية في كيفية عمل العناصر المتعددة في النظام التربوي معاً، ويجب أو يكون تركيز اصلاح المدرسة على المدرسة لانها المكان الذي يتم في التعليم والتعلم· وهكذا ستقوم الوزارة بتطوير سياسة ومعايير محددة وتشرف على اعتماد المدارس الحكومية والخاصة، وسوف تستبعد المناطق ويطور في مكانها 'مراكز خدمة اقليمية' لتقديم الدعم للمدارس في المائل اللوجستية وضمان تلبية الأهداف الوطنية، وسيكون للمدارس استقلالية جوهرية لتطبيق اصلاح المدرسة وتحديد البرنامج التعليمي والعمل عن كثب مع أولياء الأمور··
وحول إعادة التنظيم المقترحة للنظام التربوي أكد المشروع على أن دور الوزارة 'وزارة التربية والتعليم' يشمل: وضع المعايير الوطنية لتحصيل الطالب، وتأسيس اطار المنهاج والمواد المساندة، وتطور وتطبق تقديرات الطالب والنظام، وتؤسس الميزانية التربوية، وتأسيس قاعدة بيانات لمصادر البشرية والتمويل وانظمة سجل الطالب (بما في ذلك النسخ طبق الأصل)، وتأسيس معايير للشهادات المهنية، وتشرف على عملية اعتماد المدارس الحكومية والخاصة، وتمارس مسؤولية الاشراف على تطبيق جميع المعايير الوطنية، وتضع تقويم المدرسة، والعمل مع اللجنة الاستشارية الوطنية للمدارس الحكومية·
مدراء مراكز الخدمة الاقليمية
يحل هذا المصطلح محل مصطلح مدراء المناطق التعليمية إذ ستتحول المناطق التعليمية في ضوء المشروع الجديد إلى مراكز للخدمة التربوية التعليمية وضمان جودة الأداء في المدارس، ووفقاً لهذا المفهوم يصبح دور مدير مركز الخدمة 'مدير المنطقة التعليمية سابقا' كالتالي:
يشرف على استقطاب وإنهاء خدمات مدراء المدارس الخاضعة لوزارة التربية، وكذلك الاشراف على تقديم الخدمات المساندة للطالب في المدرسة ومنها النقل والتغذية وغيرها من مستلزمات البيئة التعليمية الخارجية، وتطوير تقويمات رسمية لنتائج تعلم الطالب، وصياغة خطة التسهيلات للمنطقة، ومراقبة تنفيذ الميزانية للمنطقة والمدارس، وتطبيق نظام صور طبق الأصل للابلاغ عن تحصيل الطالب، ومسؤولية اشراف لتوظيف اركان المدرسة، والعمل مع اللجان الاستشارية للمراكز الاقليمية·
مدراء المدارس
وهؤلاء يرتبط دورهم بالآتي:
تطوير خطة الهيئة العاملة في المدرسة، وإدارة ميزانية المدرسة، وتطوير برنامج التدريس، وتطوير ومراقبة برنامج المنهاج الإضافي للطلاب، وتأسيس برنامج لمشاركة أولياء الأمور والمجتمع في أنشطة المدرسة، وتقويم المدرسين والعاملين الآخرين في المدرسة، وابلاغ أولياء الأمور بتقدم الطلاب، والعمل مع اللجان الاستشارية المدرسية من أولياء الأمور وأعضاء المجتمع·
نظام تعليمي بلا أهداف
ويرصد مشروع التطوير عدداً من المشاكل الأكاديمية الخاصة بالقياس والتقويم للطالب والتي يجب مواجهتها بخطط وبرامج علمية دقيقة منها:
أن النظام التربوي الحالي يفتقر للأهداف المحددة ولا يضع قياسات منهجية للطالب في ضوء المعايير الدولية، ومن هنا لا توجد معايير قياس واضحة حول نتائج تعلم الطالب مما يجعل النظام التربوي مخفقاً في إعداد مخرجاته التعليمية لمواكبة تحديات الاقتصاد العالمي والذي يقوم على المعرفة·
كما يعتمد نظام الاختبار الحالي على فحص التخرج من المدرسة اعتماداً عالياً مما يشجع الاستذكار ويستنزف الزمن التدريسي لاعداد الاختبار، ويشجع التدريس الخصوصي ويدفع تدريس الفصل بصورة غير مناسبة باتجاه الرتابة ويخفق في تلبية المعايير الدولية ولا يوفر تغذية راجعة على صعيد المدرسة أو المنطقة أو على مستوى البلد حول تعلم الطالب·