24 يونيو 2010 21:11
أرجع مؤلف الدراما الدينية محمد أبوالخير، انصراف جهات الإنتاج عن تقديم الدراما الدينية إلى أن المؤلفين لم يستطيعوا جذب الجمهور نظراً لتقديم نماذج من الأعمال الدينية بشكل جاف وغير موثق، كما كانت اللغة العربية فيها غير موحية ولم يكن أصحاب هذه الأعمال يدركون ما يلزم الدراما وعرض الأحداث والمواقف من تشويق وإثارة للفكر والوجدان ورغبة في المشاهدة.
وقال أبوالخير في حواره مع « الاتحاد»: أصبحت نماذج الدراما الدينية التي ترتفع الى مستوى رغبات المشاهدين وأفكارهم وأحاسيسهم قليلة بل ونادرة، ثم جاء دور المنتج الذي يبحث عن الربح وإن كان كثير من المنتجين أضروا بجميع النماذج الدرامية سواء أكانت تاريخية أودينية أو اجتماعية، لأنهم غالباً ما يكونون على قدر كبير من الثقافة المالية والتجارية في حين أن كثيرين منهم ليس لهم نصيب من الاهتمام بالقيم والأخلاق.
دراما دينية ناجحة
وقد أثرى محمد أبوالخير الساحة الفنية بالعديد من الأعمال الدرامية الدينية الناجحة وقدم طوال تسعة أعوام متتالية تسعة أجزاء من مسلسل «القضاء في الإسلام» الذي يعتبره هبة من الله، إلى جانب جزءين من مسلسل «المرأة في الإسلام» و»الطريق إلى سمرقند» وعشر سهرات منها «مهاجر الى الله» و»بين الفقه والجمال والسياسة» و»محاكمة عالم» و»وراء الستار» ولديه أكثر من عمل جاهز للتصوير في مقدمتها مسلسل يتناول قصة حياة سعيد بن المسيب.
وطالب أبوالخير كتاب الدراما الدينية بالثبات ومقاومة أعداء الفن والإبداع والدين.
وأوضح أن مسلسل «القضاء في الإسلام» الذي شارك في بطولته العديد من الفنانين والفنانات من بينهم يحيى شاهين وأحمد مظهر وعبد الله غيث وشكري سرحان وزهرة العلا واشرف عبد الغفور ومحسن سرحان وأنور إسماعيل وحمدي أحمد ومحمد وفيق وجلال الشرقاوي ومحمد الدفراوي وسميرة عبد العزيز وعبد الغفار عودة، كان طريقه الحقيقي نحوالأعمال الدينية الإسلامية. وقال : دخلت مجال الدراما الاجتماعية بدافع إثبات نفسي فيها ونجحت كل أعمالي الاجتماعية ومنها « زغاريد في غرفة الأحزان» و»أصيلة» و»رفاعة الطهطاوي» وبعدها عدت الى أصلي وأذكر أنه في بداية الثمانينيات من القرن الماضي كانت وزارة الثقافة المصرية تصدر مجلة تسمى «الجديد» كان يرأس تحريرها الكاتب الراحل رشاد رشدي الذي طلب مني مجموعة مقالات، وذهبت إليه مع الفنان زكريا سليمان وطلبت منه ألا ينشر إلا المقال الذي يفرض نفسه، وخصص لي باباً سميناه « لمحات من تاريخنا « ونشرت فيه نحو 120 مقالة كان من بينها مقالات عن بعض القضاة في الإسلام أعجب بها المخرج فائق إسماعيل الذي طلب مني تحويلها إلى حلقات تلفزيونية، وعرضنا الموضوع على ممدوح الليثي الذي كان يشغل وقتها منصب رئيس قطاع الإنتاج بالتلفزيون المصري واتفقنا على تقديم « القضاء في الإسلام « في ثلاثين حلقة.
ويضيف: كتبت 12 حلقة فقط من الجزء الأول ثم توقفت لأبحث عن باقي الحلقات ومن التجربة والخطأ تعلمت كيف أبحث عن الكتب الخاصة بالقضاء إلى أن أكملت الثلاثين حلقة وكنت أخشى ألا يحقق العمل النجاح المأمول، ولكن النجاح جاء مدوياً حين عرض العمل في رمضان، الأمر الذي جعل الليثي وفائق يطلبان مني كتابة الجزء الثاني، وكنت خائفاً من عدم وجود شخصيات جديدة، ولكنني غامرت وبحثت وهداني حظي لدخول مكتبة « إسلام باشا « في بني سويف ووجدت فيها مراجع لم أكن أحلم بها، ثم تحولت المسالة الى حرفة حيث كنت أحضر القاضي واخلق له توليفة تعمدت ألا تكون ثقيلة مع سهولة في اللغة والعمق في المعنى، خاصة وأنه كان يشاهد المسلسل جميع المستويات، وكانت المشكلة الكبرى أنني كنت أكتب في الفقه والقانون والدراما.
رفض الأزهر
وكشف أبوالخير عن أن مسلسل «القضاء في الإسلام» الذي قدم في 9 أجزاء أخرج 4 منها فائق إسماعيل، في حين أخرج أحمد طنطاوي ثلاثة، وتوفيق حمزة جزءين، عن أن الحلقات رفضت في البداية من قبل عالمين في الأزهر الشريف كتباً تقريراً مفاده أن أسلوب المؤلف لا يرتقي الى مستوى الموضوع الذي له جلاله ووقاره، وأن هناك أخطاء تاريخية كثيرة، الى جانب استعمال عنصر الجواري بطريقة لا تليق بالإسلام ولا بالقضاء فيه.
وقال إنه ذهب مع المخرج الى شيخ الأزهر وقتها الشيخ جاد الحق على جاد الحق وطلب منهما الذهاب الى وكيله الدكتور محمد حسام وشرح له وجهة نظره وتكونت لجنة برئاسة عبد العزيز غنيم كتبت تقريراً فوق مستوى الخيال.
ويتوقف أبوالخير أمام معايشته للقضاء والقضاة عبر أزمنة إسلامية مختلفة وقارنه بما يحدث من تخبط من فتاوى بين فقهاء الوقت الحالي وقال : لا كلمة لي فيما يحدث، ومن يود أن يرى القضاة في الإسلام فليشاهد المسلسل وما يحدث حالياً ويقارن.
دور المرأة المسلمة
وقال: لم يتم تغيير حرف واحد في كلمة كتبتها وكنت أتخيل أحياناً أنهم يوافقون على المسلسل لمجرد وجود اسمي عليه لثقتهم الكبيرة بي خاصة وأنه لم تكن لي انتماءات أو أهداف سياسية ولم يكن على بالي حاكم أومحكوم، وكنت فقط أمام القضاء في الإسلام وقضاته بصفتهم حماة للمجتمع وحراساً على حسن تسيير أموره وإنصاف المظلوم والقصاص من الظالم حتى ولوكان المظلوم عبداً والظالم سيداً، وكيف كانت كلمه الله وشريعته هي العليا، وكيف أوجد الإسلام نظاماً عادلًا لا يفرق بين غني وفقير، وكيف كان لهؤلاء القضاة دستور لا يحيدون عنه، خاصة وانه توجد في تاريخنا الإسلامى صفحات مشرقة تجسد معاني العدل ممثلة في قضاة الشريعة حيث كانوا يستمدون أحكامهم من القرآن والسنة منذ بداية الإسلام، وعبر عصري الدولة الأموية والعباسية ظهر رجال اتصفوا بالعدل والورع والعفة ومناصرة الحق والوقوف في وجه كل ذي سلطان جائر، إضافة إلى هذا فقد جمع بعضهم بين القضاء والفقه والعلم وقياده الجيش في بعض الأحيان.
وحول مسلسل «المرأة في الإسلام» الذي شاركت في بطولته عفاف شعيب ومنى عبد الغني وليلي طاهر ومديحة حمدي وفايزة كمال ومنال سلامة، قال إنه كان يفكر في تقديم عمل على غرار « القضاء في الإسلام» وتصادف ذلك مع طلب تلفزيون دبي منه تقديم مسلسل ديني فعرض عليهم حلقات «المرأة في الإسلام» فوافقوا وقدم معهم 33 حلقة أخرجها وفيق وجدي، ثم فوجيء بآمال مراد التي كانت تتولى إنتاج الفيديو في التلفزيون المصري تطلب منه مسلسلاً دينياً واتفق معها على تقديم الجزء الثاني من المسلسل وتولى إخراجه توفيق حمزة، وتم تعطيل تقديم باقي الأجزاء لأسباب لا يعلمها.
وأكد أن المسلسل عكس دور المرأة المسلمة في المجتمع ومشاركتها في مختلف جوانب الحياة من خلال تقديم تعريف تاريخي موجز للسيرة الذاتية لأكثر من ثلاثين نموذجاً من النساء المسلمات لإبراز جانب القدوة والريادة في حياتهن من خلال منظور إسلامي ركز على القيم الدينية والأخلاقية والاجتماعية.
«فقيه الفقهاء»
وعن مسلسل «سعيد بن المسيب» الذي حصل على جميع الموافقات الرقابية ومجمع البحوث الإسلامية في الأزهر الشريف، وكان مقرراً تنفيذه منذ أكثر من عشرة أعوام لمصلحة قطاع الإنتاج بالتلفزيون المصري ولكنه توقف لأسباب تسويفية لا يعرف حقيقتها، قال إنه اختار شخصية مهمة في التاريخ الإسلامي لا يعرف عنها الكثير وهي لسعيد بن المسيب الذي لقب بـ «فقيه الفقهاء» الذي تزوج ابنة الصحابي الجليل أبي هريرة فكان أعلم الناس بحديثه، وروى عن عدد من الصحابة وبعض أمهات المؤمنين وكان أعلم الناس بقضايا الإسلام وقضاء أبي بكر وعمر بن الخطاب وجمع بين الحديث والفقه والزهد والورع، وكان واسع العلم وقوراً يغلب عليه الجد معتزاً بنفسه وله هيبة عند مجالسيه عفيفاً لا يقوم لأحد من أصحاب السلطان ولا يقبل عطاياهم ولا هداياهم ولا التملق لهم، فقد طلب عبد الملك بن مروان والي المدينة المنورة آنذاك يد ابنته فلم يوافق عليه زوجاً لها وفضًل عليه رجلاً فقيراً يدعى «كثير بن أبي وداعة» على مهر قدره درهمان، وكيف كانت علاقته بالولاة والحكام يشوبها التوتر والتربص الى أن توفى سنة 94 من الهجرة في المدينة المنورة بعدما شهد له كبار الصحابة والتابعون بعلو المكانة في العلم، لدرجة أن عبد الله بن عمر الذي كان المقدم في الفتوى بالمدينة آنذاك، كان إذا سئل عن مسألة صعبة في الفقه يقول: سلوا سعيداً فقد جالس الصالحين.
المصدر: القاهرة