الإثنين 28 يوليو 2025 أبوظبي الإمارات 34 °C
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«زايد للكتاب».. غنى معرفي وتنوع إبداعي

«زايد للكتاب».. غنى معرفي وتنوع إبداعي
29 ابريل 2014 19:33
تفترق الكتب الفائزة بجائزة الشيخ زايد للكتاب عن سواها من الجوائز، التي تُمنح إماراتيا وعربيا في أنها متنوعة، إذ لا تقتصر على حقل معرفي واحد، بل تتعدد هذه الحقول ليجد قارئها نفسه كل عام بإزاء عدد من الكتب شديدة الخصوصية بحكم أنها تعالج اختصاصات غير متوقعة في أغلبها، فتتجاور العلوم الاجتماعية مع علم السياسة بتفريعاته المختلفة مثلما مع الأنثروبولوجيا الثقافية، وكذلك هي الحال مع جائزة الترجمة التي تتنقل في الإبداع بين الدراسة النقدية والسرد التاريخي، الأمر الذي ينطبق على الكتب في الحقول الأخرى. لهذا العام، أي الدورة الثامنة للجائزة، تم حجب الجائزة في أحد حقولها: جائزة الشيخ زايد للكتاب للفنون والدراسات النقدية «نظراً لأن الدراسات المقدمة لا تستوفي شروط الفوز بالجائزة»، بحسب ما جاء في إعلان الأمانة العامة، ما أعطى الجائزة مصداقية واسعة في مستوى جديتها، وجعلها تليق باسم صاحبها وحاملها معاً. فيما يلي من سطور نعرض لأبرز الأفكار التي حملتها الكتب الفائزة: الاتحاد الثقافي يُنظر إلى المؤرخ الإيطالي ماريو بيفراني (صاحب “تخيل بابل” الكتاب الحائز جائزة “الثقافة العربية في اللغات الأخرى)، بوصفه أحد ألمع المؤرخين الإيطاليين الذين عملوا في حقل الدراسات الآركيولوجية الخاصة بالشرق الأدنى القديم، أي المنطقة العربية ومحيطها الجغرافي والثقافي، بل إن بعض قارئيه ومتابعيه في غير لغة، ليس من بينها العربية التي لم يُتَرجم إليها أي من كتبه، ينظرون إليه على أنه “المؤرخ الإيطالي الأعظم” في هذا الحقل المعرفي الشائك، والذي ما زال يثير إشكاليات وحساسيات بين الثقافات على ضفتي المتوسط تحديدا، بل داخل الثقافة الواحدة ذاتها، وتحديدا الأوروبية. وبالاطلاع على ما كتبه الرجل، وتوفر عبر الإنترنت، فإن مسألة المنهج الذي يتبعه الرجل في قراءة التاريخ القديم للمنطقة يأتي من منطلقات تأويلية تستند إلى ثقافة موسوعية في هذا الحقل، مصحوبة بجرأة معرفية عالية في دحض فرضيات تأويلات لمؤرخين وآثاريين غربيين، بمَن فيهم الإسرائيليون سواء الغربيين أم القدامى، قائمة على مزاعم دينية مسبقة بالأساس، أي على تأويل النص التوراتي القديم بوصفه نصا أدبيا وتاريخيا ثم دينيا معا. في هذا السياق يأتي كتابه الأخير “تخيل بابل” - دار نشر إيديتوري لاتيرزا (2013) روما - باري، كأنما ليقول للثقافة العربية: “أنا ماريو ييفراني، فانتبهوا، وترجموني إلى لغتكم: اقرأوني جيدا”. والكتاب، وربما لحداثته لم يجد ترجمة إلى الإنجليزية حتى الآن أو أنه لم يتم إنجازها، لذلك فقد خلت المواقع الثقافية الإلكترونية الخاصة بمتابعة عروض الكتب حديثة الإصدار، من أي عروض تمنح قارئه فكرة عنه باستثناء عرض قصير هو ترجمة عن الإيطالية على ما يبدو للكتاب وفكرته، ننقلها كما جاءت في ذلك الموقع: “إذا كانت بابل أسطورة توراتية بالفعل، فالحقيقة هي أن المدن الكبرى والتجمعات البشرية العملاقة في الشرق الأدنى القديم قد انهدمت وسُوِّيت بالأرض تماما، ومسحوق التراب الذي صارته هو- فحسب- اليقين التاريخي. وذلك على الرغم من أن وجودها الملحّ- أي تلك المدن - يمثل قطعة فسيفساء جوهرية في تاريخ الجنس البشري، وبعد هذا كله، فإن “المدينة” نفسها هي اختراع شرقي. إنما، بوضوح، كيف نستطيع أن نتعرف إليها إذا لم تكن هناك أية بقايا تدل؟ (على هذا النحو) يصف مؤرخ إيطاليا الأعظم في الشرق الأدنى ماريو ييفراني كيف عادت المدن الشرقية - بابل ونينوى أولا وقبل أي مدينة أخرى - إلى الحياة ثانية، إنما في مخيلتنا فقط. وذلك بناء على مقاطع توراتية والأدب الكلاسيكي ومصادره، ولاحقا، من لمحات سطرها رحالة سعوا وراء برج بابل الذي تمثل لهم في لوحات تخص مشهدا طبيعيا جرى تنقيطه بخرائب مشوهة وعديمة الشكل؛ وأخيرا بناء على ما تم التنقيب عنه ووصْفه ودرسه وتصنيفه وتأويله استنادا إلى ميول ثقافية تخص علماء وآركيولوجيين قاموا بقراءة تلك المدن وتحليلها. وفي كل حادثة، اتفقوا جميعا- أي العلماء والآركيولوجيين- في النظر إلى المدينة الشرقية باعتبارها “نوعا - ضدا” أو طرازا مضادا ومغايرا للمدينة الغربية: الأحدث عهدا، التي تأسست على المواطنة، والديمقراطية، والتجارة الحرة، وعلى أنقاض ثيوقراطية الحكم الشمولي والقابلية للتوجيه، والعبودية واسعة الانتشار. (ومن خلال هذا الكتاب) والآن، وبعد قرنين من حداثة العهد هذه، أصبح من الممكن، أخيرا، بناء صورة أكثر وضوحا ليس لفعالية البحوث وتأثيرها وحدها فقط بل أيضا للنتائج التي تمخّضت عنها، وكذلك بناء صورة أكثر وضوحا عن إعادة إحياء المدن في الشرق القديم بمساهمة من مفاهيم متنوعة مثل الفقه القديم للغة والتجمعات الحضرية وتاريخها والغرافيك الكمبيوتري وما يمنحه من رسومات معمارية وفنية، والحياة الاقتصادية والاجتماعية الراهنة التي تستغل حاليا لأغراض سياحية”. وقد ورد في خطاب منح كتاب “تخيل بابل” الجائزة: “جاء قرار الفوز لما يقدمه المؤلف في هذا الكتاب من مسحٍ موسعٍ لبابل باعتبارها إحدى أهم المدن القديمة في العالم العربي، ويعيد رسم المدينة معماراً وفكراً ومؤسسات وتصوراً للعالم، ناهيك عن دعم البحث في كل فصل بالوثيقة التاريخية والكشف الأثري الدقيق. ويمثل الكتاب عملاً ضخماً في علم الآثار أو الآركيولوجيا والتاريخ القديم”. من بين إصدارات ماريو ييفراني التي صدرت بالإنجليزية: “تاريخ إسرائيل والتاريخ قبل إسرائيل” و”آركيولوجيو الشرق الأوسط”. ملحمة التطور البشري يرصد كتاب “ملحمة التطور البشري” الحائز على جائزة بناء الدولة “الاختلاف” من وجهة نظر أنثروبولوجية. وهو كتاب ضخم من ألف ومائة صفحة من القطع الكبير. يمكن القول بأنه يمثل ثمرة جهد دؤوب للإحاطة بنشأة و”الإنسان” وسعيه في تحسين ظروف حياته المعيشية والحفاظ على استمرارية النوع البشري من وجهة نظر علم الأنثروبولوجي إنما بتركيز على جملة المكتشفات العلمية التي أتاحت لهذا العلم والعلوم المتصلة به فيما يتصل بالتجربة الإنسانية عموما في المنطقة العربية. وذلك في فصوله الأولى. في “ملحمة التطور البشري” بوصفها تشمل الأجناس والأعراق والثقافات و”الملل والنحل” إذا جاز التوصيف، محاولة نظرية جادة لفهم الاختلافات بين البشر من جهة وسعي هؤلاء، من جهة أخرى، إلى أن يكون هناك نوع من التعايش الإنساني سواء عبر فكرة الحرب بكل أشكالها ونزعاتها أو التجارة بسائر أنماطها وذلك من خلال أدوات وأساليب علم الأنثروبولوجيا الذي يرى المؤلف الدكتور سعد عبدالله الصويان: “نقلة نوعية ساهمت في تشكيل الفكر المعاصر وتحديد مسيرته على الطريق الصحيح نحو فهم الطبيعة البشرية والتعايش الإنساني وتحرير العقل من العنجهيات المذهبية والعنصرية والشوفينيات العرقية بل إلى ربط الإنسان بالطبيعة بعدما كان ينظر إلى نفسه ككائن متعالٍ على الطبيعة”. بهذا المعنى، ينطوي الكتاب على إعادة نظر في طريقة فهمنا للعالم وللصراعات بين البشر وأصل هذه الصراعات والأفكار التي أسست لها وجملة “السلوكات” التي تتبناها المجتمعات والتي لا تخلو من تناقض واشتباك فيما بينها، وأيضا مآلات هذه الصراعات ذاتها التي تتضح في البعض أو الكثير مما يصفه الكاتب الدكتور الصويان بـ “العنجهيات المذهبية والعنصرية” وخطابها القائم بالأساس على فوقية ثقافية مزعومة وغير صحيحة، وذلك بالنظر إلى أن هذا العلم – أي الأنثروبولوجيا – هو علم لا يتقبل الانغلاق على ثقافة جنس أو عنصر بعينهما على اعتبار أنهما الجنس أو العنصر الذي بإمكانهما اختزال التجربة البشرية كلها في ذاتهما، بل هي أوسع من ذلك بكثير ولا تحتمل سوى الانفتاح على الآخر وتقبله مثلما هو كائن على ما هو كائن عليه واختلافه وحقه في هذا الاختلاف. وجاء في خطاب فوز كتاب “ملحمة التطور البشري” بجائزة الشيخ زايد للكتاب في حقل التنمية وبناء الدولة، إنما هو مكافأة “للمجهود الضخم الذي بذله المؤلف في جمع المادة العلمية والاطلاع على طيف كبير من المناهج المستخدمة في العلوم الاجتماعية كما يظهر في الكم الضخم من المراجع، ولقدرة الكتاب على تتبع فكرة التطور ونقل منهجها من الميدان البيولوجي إلى الميدان الاجتماعي والاقتصادي والثقافي واللغوي والربط بين هذه الأبعاد، إضافة إلى تعزيز الدراسات الأنثروبولوجية في المكتبة العربية وهي دراسات قليلة مقارنة بالدراسات الاجتماعية. هذا واعتبر الكتاب امتداداً للجهود العلمية التي تهدف إلى تعميق التحليل الأنثروبولوجي، الذي رصد مفهوم التطور وتابعه في جوانب التغير في المراحل كافة، وسعى بقدر كبير من الدقة إلى رصد التطور في الأنساق المختلفة وبهذا فإن البحث يمثل إضافة للمكتبة العربية”. ويضيف الخطاب: “يقدم هذا الكتاب دراسة تفصيلية تحتوي على مقاربة شاملة لمراحل التطوّر البشري، وأبرز الإسهامات التي وفّرها علماء الأنثروبولوجيا في هذا المضمار، على مرّ العصور”. وفي هذه اللحظة بالذات، ولأن الكتاب، من وجهة نظر ما، هو قراءة في مجمل الجهود العلمية في الحقل الأنثروبولوجي فهو يحتاج إلى إعادات قراءة من زوايا أخرى من أبرزها القراءة من وجهة نظر عــلم التاريخ حيث من الممكن أن يؤدي مثل هذا النوع من القراءات إلى إحياء الجدل حول تصورنا، نحن العرب، عن أنفسنا في هذه المرحلة التاريخية وما تتأثر به الشخصية العربية” من انعطافات حادة سياسيا واجتماعيا وبالتالي ثقافيا. الرسيس والمخاتلة “الرسيس والمخاتلة.. ما تركته ما بعد الكولونيالية من أثر” هو الكتاب الحائز الجائزة في حقل المؤلف الشاب، ويأتي هذا الكتاب في حقل الدراسات الكولونيالية وما بعدها، هذا الحقل المعرفي الذي لا يزال غضّا وبكرا في الثقافة العربية، إذ لم يتأسس بعد اتجاه نقدي في الدرس النقدي الثقافي العربي، والأدبي منه على وجه الخصوص، يرتكز إلى جملة المقولات التأسيسية التي جاء بها هذا الاتجاه وكبار مثقفيه في العالم بدءا من فرانز فانون وليس انتهاء بنعومي بابا ومرورا بإدوارد سعيد. وبهذا المعنى يكون كتاب: “الرسيس والمخاتلة: خطاب ما بعد الكولونيالية في النقد العربي المعاصر” محاولة لاستجلاء ما تركه ذلك الحقل المعرفي من أثر في النقد العربي المعاصر، وخاصة تأثير إدوارد سعيد الذي ترجم كاملا إلى العربية بعيدا عن كون هذه الترجمات أمينة للنص الأصلي أم لا. أتاح ذلك للمؤلف رامي أبو شهاب أن يرصد مدى “قدرة النقد العربي على استلهام وفهم نظرية الخطاب ما بعد الكولونيالية وتوظيفها في السياق النقدي العربي، ولهذا، فإن الدراسة تتحدد في اتجاهين: الأول اتجاه تحليلي يتصل بخطاب ما بعد الكولونيالية في مرجعياته وآلياته وتصوراته، بينما يتمثل الاتجاه الثاني بتتبع خطاب ما بعد الكولونيالية في الدراسات النقدية العربية عبر التحليل والاستقصاء والمساءلة والنقد على المستويين النظري والتطبيقي”. وذلك بحسب ما كتب المؤلف أبو شهاب في مقدمة كتابه. ومما ورد في خطاب فوز “الرسيس والمخاتلة: خطاب ما بعد الكولونيالية في النقد العربي المعاصر”: أن الجائزة قد فاز بها الكتاب لأنه “يقدم وعياً عميقاً بأبعاد الدراسات الخاصة بما بعد الحقبة الاستعمارية، والإحاطة بالأصول النظرية لهذه الدراسات واستيعاب مصطلحاتها، والتوفق في اختيار عينة متن النقد العربي المعاصر الممثلة لهذا التيار النقدي الجديد، واتباع طريقة واضحة في بناء الموضوع، إضافة إلى نجاح المؤلف في إبراز أهمية تيار الدراسات النقدية لما بعد الحقبة الاستعمارية وامتداده في الثقافة العربية الحديثة وما تفتحه من آفاق للبحث في مستقبل الدراسات العربية. ويندرج الكتاب في حقل النقد ويعمل على إبراز أهمية دراسات ما بعد الحقبة الاستعمارية على المستويين النظري والتطبيقي. ومجاله خاص بالبعد النقدي المعاصر كما تجلى في دراسات إدوارد سعيد، وتيار الثقافة ما بعد الاستعمارية في العالم العربي. وقد تتبع المؤلف هذا المجال من خلال الوقوف على أصول الدراسات من خلال مصطلحاتها وأسسها النظرية. وهو ما يجعل من الكتاب خطوة جديدة في مجال رصد أثر دراسات ما بعد الكولونيالية في خارطة النقد العربي المعاصر”. مصر الأربعينات تمتاز “بعد القهوة”.. وجه مصر الأربعينات” الرواية الحائزة جائزة الشيخ زايد للآداب بالنفس الملحمي طويل، عبر رحلة تمتد لأربعة عقود متتالية، وتستعرض مسيرة بطلها المغترب الذي وُلد ونشأ في إحدى قرى شمال مصر، وتلقى تعليمه الأول في الإسماعيلية، إحدى مدن القناة، لينتقل بعدها إلى أوروبا، في رحلة عمل دبلوماسية طويلة في بلد الموسيقى الكلاسيكية والسيمفونيات العالمية، النمسا، مسقط رأس بيتهوفن وموتسارت بحسب ما كتب الشاعر والصحفي المصري محمد الحمامصي. وعبر الرحلة التي تمتد زمنيّا لما يقرب من نصف القرن، وتُراوح مكانياً بين بلاد الشرق والغرب، يعالج المؤلف بحس روائي مرهف ورصد اجتماعي وثقافي للمتغيرات والتحولات الخارجية التي ستلعب دورها في تشكيل وجدان وعقله البطل، الكثير من الإشكاليات والثنائيات المتعارضة في حياة الإنسان، مثل الروح والجسد، الداخل والخارج، المحسوس والمجرد، التفاصيل والكليات. وعن فوز رواية “بعد القهوة”، جاء في حيثيات الخطاب الخاص به وأسبابه لأن “الرواية تستلهم التقاليد السردية الكلاسيكية والعالمية الأصيلة وتبرز مهارة السرد وسلاسة في الانتقال ودقة في تجسيد الشخصيات من الطفولة إلى الكهولة، بالإضافة إلى تجسيد دقيق للعالم الروائي ورسم فضاءات وتحليل الشخصيات في حالة تقلباتها بين الأمل والانكسار والجمع بين الواقع والأسطوري في إهاب واحد. وتتناول رواية ما بعد القهوة، النسيج الاجتماعي والطبيعة الطبوغرافية والملامح الأنثروبولوجية للقرية المصرية في الأربعينات من القرن الماضي. أما على الصعيد الأسلوبي ففيها تزاوج بين فصحى السرد والحوار البسيط الذي يكشف عن طبيعة الشخصيات الروائية”. شعر يبتهج بطفولته في كتابه الشعري الأول في حقل أدب الطفل “ثلاثون قصيدة” الحائز جائزة الشيخ زايد لأدب الطفل والناشئة، يبتهج الشعر بالطفولة، مثلما يبتهج بطفولته؛ أو بالأحرى بطفولة اللغة الشعرية وسلاستها وما ينطوي عليه الإيقاع الموسيقي من ترقيص وتطريب. يحاول الشاعر جودت فخر الدين، المتأمل الذي ينتمي إلى جيل السبعينات وصاحب المشروع النقدي في الشعر العربي الذي أنجزه في أثناء عمله الأكاديمي، أن يؤسس لبساطة في اللغة الشعرية تنقل للطفل الصورة والمعنى بلا لُبس في أي منهما إنما دون أن يخسر الطفل ملكة الخيال وطرح الأسئلة، بل يغامر الشاعر في لغته وشعره على المراهنة بتنميتهما لديه ولعل هذا هو السبب في منحه الجائزة، هو الذي لا رصيد في إبداعه في هذا الحقل سوى “ثلاثون قصيدة”. يكتب فخر الدين في قصيدة “الصفر”: “ليس يساوي شيئا حين يكون وحيدا، لكنّ الأرقام جميعا تحتاج إليه، تزداد به عشرات عشرات. وبصفر آخر تزداد مئات ومئات وبأصفار أكثر تزداد بلا حدّ... الصفر هو الرقم السحري، بماذا يشعر حين يكون وحيدا؟” يدور شعر فخر الدين في هذه القصائد حول مفردات ذلك العالم البسيط والصغير المحيط بالطفل وبيئته الأولى، ويستخدم لغة يريد لها أن تحبب الطفل في لغته العربية وببنيتها التركيبية والنحوية ذلك أن هذه القصائد “من شأنها أن تجذب الطفل وأن توسع آفاق تفكيره ومخيلته. من شأنها أن تحبب إليه الشعر واللغة العربية”. مثلما ورد في الغلاف الأخير للكتاب. وقد ورد في خطاب الفوز: “فاز بها جودت فخر الدين عن كتابه “ثلاثون قصيدة للأطفال”، من منشورات دار الحدائق (2013) لما يحويه من معانٍ شعرية في القصائد تحفز على التفكير الإيجابي وتفضي في الوقت نفسه إلى التأمل واستخدام الخيال، إضافة لبساطة اللغة وجمال الإيقاع الذي يصنع إحساسا إنسانيا يؤدي إلى صفاء النفس ونقاء الطبيعة، وتنوّع القصائد والأفكار مما يؤدي إلى زيادة الحصيلة المعرفية والتأملية لدى الأطفال، ناهيك عن طباعة الكتاب الأنيقة ورسومه الجميلة وخطوطه السهلة والمكبّرة. ويتألف هذا الديوان الموجه للأطفال من ثلاثين قصيدة قصيرة كتبت بلغة سهلة ومنسابة وسليمة تلائم مراحل الطفولة كما أنها تنطوي على رسائل جمالية وتربوية وتتوقف عند مظاهر يراها الطفل ببصره وحواسه وخياله”.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2025©
نحن نستخدم "ملفات تعريف الارتباط" لنمنحك افضل تجربة مستخدم ممكنة. "انقر هنا" لمعرفة المزيد حول كيفية استخدامها
قبول رفض